عندما شتم الذات المقدسة  حرّم على الناس الشراء منه

28/02/2024

عندما شتم الذات المقدسة حرّم على الناس الشراء منه

 

صاحب الكرامات والمناقب، فقيه جبل عامل الشيخ عبد الله نعمة (الكبير)، المتوفى في (جباع) سنة 1303هـ. كان سماحتُه - مُضافاً لعلمه وفقاهته، وكونه من أوائل من حاز على درجة الإجتهاد وعلى شهادة من العالم الكبير الشيخ محمد حسن النجفي صاحب (جواهر الكلام)- كان (رحمه الله) أستاذ الأخلاق، وحاز على ثقة علماء وأهالي جبل عامل، حتى أنّ المرأة ما كانت لتمدّ يدها على كيس الطحين، قبل أن تقول: يا بركة الله وبركة الشيخ عبد الله، فكان الناس يتباركون به ويُطيعونه إيماناً واعتقاداً به، ويرون حرمة مخالفته.

ذات يوم، كان هناك قصّاب في مدينة النبطية، اختلف مع أحدهم واشتدّ النزاع بينهما، فما كان من القصّاب إلاّ أن شتم الدين والذات المقدسة، وعندما وصل الخبر إلى الشيخ عبد الله نعمة في (جباع)، حرّم على الناس أن يشتروا منه، وأنّ عليهم أن يذهبوا إلى قصّابٍ آخر، وبقي هذا القصّاب لعدة أيام لا أحد يدخل إلى (ملحمته)، وكان اللحم يخرب في آخر النهار، وعلم أنّ الذي منع الناس من الشراء منه، هي فتوى الشيخ عبد الله، وهنا أدرك هذا القصاب عظيم جرمه، وبأنّ عليه التراجع عن هذا الذنب، وحتى ترجع الأمور إلى طبيعتها، عليه أن يذهب إليه ويعتذر منه، ويتوب.. وهكذا حدث، ذهب إلى (جباع) مطأطئاَ رأسه، معتذراً نادماً منكسراً، فقال له الشيخ عبد الله نعمة: "عليك أن تتوب توبةً نصوحاً، على أن لا تعود إلى ذلك، وإذا ظهر منك الندم، فحينئذٍ سوف نطلب من الناس أن يرجعوا إلى ما كانوا عليه معك قبل الحادثة". وبالفعل، وصل الخبر إلى الناس في (النبطية)، أنّ الشيخ عبد الله قَبِل اعتذاره، وأنّ القصاب أعلن الندامة والتوبة، فعاد وفتح (ملحمته) من جديد، ورجعت الأمور إلى ما كانت عليه قبل حُكم الشيخ عبد الله.

هذه الكرامة والمناقبية التي حاز عليها الشيخ عبد الله نعمة، كانت رصيده عند الناس، فهو لم يمنع الناس من الشراء من الملحمة بقوة السلاح ولا بقوة الدولة، فهو مجرّد شخص لا يملك أية قوة مادية، فهو خارج السلطة الزمنية، وإنما قوته وتأثيره، نتيجة موقعه الديني والعلمي والقداسة التي حاز عليها عندما تطابقت أقواله مع أفعاله، فعندما يرى الناس صلاح هذا العالم، يتقربّون منه ويسمعون كلامه، وفي نفس الوقت يكشف عن حُسن سلوك الناس المؤمنين والمطيعين، الذين يبحثون عن الحكم الشرعي وهمّهم مرضاة الله تعالى.


 

 

 

 

اخبار مرتبطة