ترك بلدته (شحور) للإبتعاد عن ساحة المنكر فاستقبله زميله الشيخ موسى شرارة في بنت جبيل وشاركه في جميع أعماله
هذا ما حدث مع العلامة السيد يوسف شرف الدي، والد الإمام السيد عبد الحسين شرف الدين، وكان إماماً لبلدة (شحور) من جبل عامل، عندما عاد من العراق سنة 1298هـ، قام بعدّة أدوار، منها تدريس الطلاب وإصلاح ذات البين، وفصل الخصومات. وبينما هو على هذا المنوال، وإذ وقع نزاع داخل البلدة، ولم يتمكن السيد من الإصلاح، فكان تكليفه الشرعي الخروج من ساحة المنكر، فلجأ إلى صديقه وزميله العلامة الشيخ موسى أمين شرارة في (بنت جبيل)، وعندما سمع الشيخ موسى بقدوم السيد شرف الدين، خرج مع جماعة لاستقباله خارج بنت جبيل، إحتراماً له، وتقديراً له على موقفه الشرعي وتأييداً له.
وما كان من الشيخ موسى إلا أن طلب من السيد شرف الدين، أن يقوم معه بكل أعماله، من التدريس في المدرسة الدينية، إلى الإصلاحات والوعظ والإرشاد، وعندما عادت الأمور إلى طبيعتها سنة 1303هـ، عاد السيد يوسف إلى شحور.
هنا يجب التوقف أمام أمرين:
الأول: موقف السيد يوسف شرف الدين، من قرار ترك شحور، بسبب التكليف الشرعي، فلم يجلس في بيته، بل اعتبر أنّ الخروج من ساحة المنكر هو الموقف الشرعي، وهذا قرار شجاع، لم يراع فيه أحداً أو يُساوم، فكان منسجماً مع نفسه، وصلباً في ذات الله.
الثاني: موقف الشيخ موسى، فلم يزعجه مجيء عالم آخر إلى ساحة عمله، ولم يُفكّر بحصاره، وإسكانه كلاجئ في بنت جبيل، بل استقبله مع الأعيان، ليكون ذلك تأييداً لموقفه، وفاتحاً الطريق له للعمل من دون حدود، معتبراً أنّ هذه الأعمال ما دامت لله تعالى، فأحب شيء على قلبه أن يأتي من يُساعده ويحمل معه الأعباء، وهذا لا يمكن أن يكون وفي القلب بعض الأنا، وهذا يكشف أن الشيخ موسى شرارة، قد بلغ الدرجة القصوى في تصفية الذات وحسن السريرة.