قصة تشييد الحرم الرضوي الشريف للإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام
نقل أحد المشرفين على العتبة الرضوية المطهرة، أنّ الشيخ البهائي وضع خريطة لبناء الحرم، حيث أشرف على جميع مراحله، واتفق للشيخ سفرٌ مهمٌ قبل الإنتهاء من تشييد الحرم، فأوصى المهندسين القائمين على بنائه، بضرورة استمرار العمل، عدا الباب الرئيسي المطل على المقام من ناحية الرأس الشريف. وكان في نيّة الشيخ البهائي، أن يضع طلسماً فوق الباب ــ كما أخبرهم لاحقاً ــ وعندما عاد من سفره، وجد أنّ البناء أنجز بالكامل، ممّا أثار غضبه، وقال لهم: لماذا لم تنتظروا قدومي؟ فقالوا له: إن سادن الحرم هو من أمر بذلك، وعندما أخبرناه بضرورة انتظارك، وأنك أمرت بوجوب ذلك، أجابنا: لقد أمرني بذلك من هو أسمى من الشيخ وأعظم، وعندما ألحّوا عليه بضرورة الإنتظار، قال: لا نقدر، لأنّ الذي طلب مني هو أعظم من الشيخ البهائي! ولما سمع الشيخ هذا الكلام استشاظ غضباً، وكلّ ظنه أنّ أحد المسؤولين هو الذي أمر بذلك، معتبراً ذلك إهانة كبيرة لا يمكن السكوت عنها، وأنها خلاف مصلحة العمل، فقال لهم: لنذهب إليه لنرى الأمر، وعندما عاتبه الشيخ البهائي على ذلك، قال له سادن الحرم: إن الإمام الرضا (عليه السلام) هو الذي أصدر الأمر بإتمام العمل، حيث أنّي رأيت في المنام، خلال ليالٍ متوالية، الإمام (عليه السلام) يطلب مني عدم تعليق، تشييد الباب لحال حضورك، فبابُ داري لا تغلق أبداً، ويدخلها من يريد.
ولما سمع الشيخ هذا الكلام، انهمرت دموعه، واتجه نحو الضريح، وهو يقول: يا ستار العيوب، يا باب رحمة الله الواسعة، وانكبَّ على الضريح يبكي بكاءً شديداً حتى غُشي عليه، ولما أفاق، قال: أردت أن أضع طلسماً وأعلقه على الباب من ناحية الرأس الشريف، كي يحول دون دخول الناس غير اللائقين بدخول الحرم الشريف، ولكن الإمام (عليه السلام) أبى ذلك؛ فبابه مفتوحٌ لكل الزوار، وهو باب الرحمة الإلهية، ولا يمكن إغلاقه في وجه أحد، بل على العكس، فإنّ الحرم المطهّر هو أحد عناوين هداية الناس، وجَعلِهم يتقرّبون من المولى عز وجل، وما أراد صنعه الشيخ البهائي، لم يكن خارج هذا التفكير، ولكن كانت نظرته إلى خصوص الذين منعهم الله تعالى من دخول هكذا أماكن، وهم غير لائقين بدخول الحرم الشريف، بينما الإمام (ع) الذي هو امتداد للرحمة الإلهية، أراد أن تكون داره، معبراً لعناية الإمام (ع) بزواره، وباباً من أبواب الهداية لهم.