خافوا إذا مات السيد أن لا يجدوا ماءً  لتغسيله، وبينما هوفي حال النزع فتح  عينيه وقال لهم:

08/03/2021

خافوا إذا مات السيد أن لا يجدوا ماءً لتغسيله، وبينما هوفي حال النزع فتح عينيه وقال لهم: "لا تقلقوا ستروون من الماء"

 

كان من علماء جبل عامل الأجلاء، وصاحب كرامات، عاش في القرن الرابع عشر هـ، واشتُهر بعلمه وزهده، وكان ثقة العامة والخاصة. بعد دراسته المقدمات، غادر العلامة الحجة السيد صدر الدين فضل الله جبل عامل، متوجهاً إلى الحوزة العلمية في النجف الأشرف؛ ليكمل دراسته على أساطينها، منهم الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء، وعاد إلى جبل عامل سنة 1350هـ، فسكن في بلدته (عيناثا)، وكان الناس يرجعون إليه في مسائلهم الشرعية وفصل الخصومات، وله مواقف جليلة، منها إصدار فتوى بحرمة بيع الأراضي لليهود، فبيع الأراضي أخطر من حرمة بيع (السلاح). وهنا يُمكن أن نوسّع في مناط هذا الحكم، ليشمل بيع أيّ شيء يُضعّف من حضور المؤمنين، ويقوّي من حضور الخصم، حتى لو لم نكن في حالة حرب.

ذات يوم، أصيب بوعكة صحية، فوصفوا له دواء، وكان قد رُكّب بطريقة خاطئة، ممّا سبّب له بتسمّم، فأصيب بالحمّى، وأخذ ينازع، والناس مجتمعون من حوله، وكان ذلك في فصل الصيف، والماء شحيح، إلى حدّ أنّ أحد الحاضرين قال: "من أين سنأتي بالماء لنغسّل السيد؟ ففتح (رضوان الله عليه) عينيه وقال لهم: لا تقلقوا فسوف تروون من الماء بعد رحيلي. هنا قال بعض الحضور: " إنّ السيد أثّرت به الحمى وكلامه بات غير دقيق، ولكن مجرّد أن فاضت روحه الطاهرة، كانت السماء صافية، وإذ بالجو تغيّر، وتلبّدت السماء بالغيوم، وهطل المطر بشكل غزير، وحمل السيل، حتى أنّ البئر في ساحة الدار امتلأ، ممّا أثار دهشة الناس، وزاد إيمانُهم بهذا السيد الجليل الذي عُرف عندهم بزهده وتقواه، وكانت هذه الحادثة معبراً لتقوية إيمانهم، وصاروا يتناقلونها ككرامة لسيّدهم الجليل.

ومن نعم الله تعالى على هذا السيد الجليل السيد صدر الدين وعلينا، أنّ من أولاده العلامة المقدس السيد عبد المحسن فضل الله، وهومن العلماء الأجلاء، والزهاد الأتقياء، لم تأخذه في الله لومة لائم، كان آمراً بالمعروف وناهياً عن المنكر، وكان راعياً وأباً للمجاهدين، فزوجته كريمة المقدس السيد عبد الرؤوف فضل الله، استشهدت على أيدي الإسرائيليين، جراء هذا الموقف من سماحة السيد المُساند للمقاومة.

كان (رحمه الله) إمام بلدة خربة سلم، من جبل عامل، طلبَهُ أهاليها من مراجع النجف الأشرف، وكان قد سبقه إلى إمامة البلدة العلامة المقدس السيد حسن محمود الأمين، وقبله كان العالم الزاهد الشيخ محمد خليل دبوق، وقبورُ هؤلاء الأعلام في نفس مقبرة الخربة وقد شيّد على كل قبر(قبة) تليق بمقامه.

وقد جمع هؤلاء الأعلام إلى العلم، العمل الصالح، وكانوا قدوة في مسلكهم، ومنارات لمن ضلّوا الطريق في حياتهم، وبابَ هدايةٍ بعد مماتهم، فالإستفادة منهم، والإقتداء بهم، لا تتوقّف عند حدود رحيلهم، بل تستمر معهم. وعلى الدوام يُقيّض المولى عز وجل، من يُظهر فضلهم، ويُسلّط الضوء مُجدداً على سيرتهم ومسلكهم، وهذا هو الذي وفقنا الله تعالى له في هذا الكتاب.

 

اخبار مرتبطة