أغلى أمنية على قلبي أن يفاجئني الأجل، وأنا أكتب داعياً إلى الله والحق والعدل

11/08/2020

أغلى أمنية على قلبي أن يفاجئني الأجل، وأنا أكتب داعياً إلى الله والحق والعدل

إنّه العلامة العلم الذي لم يملّ ولم يكلَّ في الدفاع عن الدين ونشر شريعة سيد المرسلين، العلامة المجاهد الشيخ محمد جواد مغنية، الذي ولد سنة 1904م في قرية (طيردبا)، قبل الحرب العالمية الأولى بعشر سنوات، توفي ودفن في النجف الأشرف في الصحن الشريف سنة 1979م.
كان عالماً فقيهاً، ومفكراً إسلامياً، وأحد رجالات الإصلاح، ولطالما دعا إلى إصلاح المؤسسة الدينية، وإصلاح القضاء الجعفري، ودعا المظلومين للوقوف بوجه الظالم، واعتبرهم شركاء للظالم إذا سكتوا عنه، وكان من المدافعين، عن الوحدة الإسلامية والوطنية، والقضية الفلسطينية.
لم يترك الشيخ مغنية لحظة من دون أن يكون داعية حق، آمراً بالمعروف وناهياً عن المنكر، وهذه منقبة نسجّلها له (قده)، وممّا قاله في هذا الصدد: "وأغلى أمنية على قلبي أن يفاجئني الأجل، وأنا أكتب داعياً إلى الله والحق والعدل، بل أسمى الرغائب لدي، أن أدخل الجنة لأقرأ فيها وأكتب، وأنا خالي الذهن من الأشغال، وهموم العيال، وكم مرة فكرت إذا أنعم الله عليّ وكنت من أهل الجنة، فهل أكون فيها، بطَّالاً؟! وهل يتسنى لي أن أقرأ فيها وأكتب؟! وأجيب نفسي: أجل، إنّ فيها ما تلذ الأعين وتشتهيه الأنفس، حتى لو اشتهت القراءة والكتابة، ويعود السؤال، ولكن بصيغة ثانية، ولمن أكتب؟ وأهل الجنة كلهم على غاية الكمال".

أقول: ما الذي دعا الشيخ محمد جواد مغنية إلى هذا التمني، والموت هو راحة للمؤمن، والجنة هي جزاء الأعمال؟ مع العلم أن الذي سار عليه الشيخ مغنية، هو نفسه الذي سار عليه وأسّس له سيد العلماء والعظماء الإمام علي (ع) الذي قال:" إنّ الجلوس في المسجد أحبّ إليّ من الجلوس في الجنة". وبالتأكيد لا قياس على أمير المؤمنين(ع)، لكن يمكن أن نستفيد من نفس المناط، فالشيخ مغنية الذي يرى أنّ خدمة الناس، هي بوعظهم وإرشادهم، وإيصال الأفكار الصالحة لهم، والتي تعود بالنفع عليهم في دنياهم وآخرتهم، هي التي دعته ليكون أجله في لحظة حمله للقلم، وأن تكون خاتمة لحظات حياته، وهو يقوم  بما فيه مصلحة لعباد الله تعالى. هذا الإنسجام التام مع النفس، وبلوغ المراتب السامية في العلم والكمال، والإنقطاع إلى الله تعالى، هو الذي جعل الشيخ محمد جواد مغنية، لا يرى لذة في الحياة إلا مع الله عز وجل، وخدمة عيال الله هي من أهم الأعمال المقرّبة إليه تبارك وتعالى، وكما تكون خدمتهم في قضاء حوائجهم المادية والدنيوية، كذلك تكون في تعليمهم وإرشادهم ووعظهم، ليحصلوا على مرضاة الله تعالى، والفوز بالجنة، وقضاء أمثال هذه الحوائج من أبواب الهداية، تُحقّق للإنسان السعادة في الدارين. من هنا كان طالب العلم هو الأفضل من بين أفراد البشر، بعد الأنبياء والأوصياء، كونه يحمل مهام الأنبياء والأوصياء، وإن لم يكن في مرتبتهم.

اخبار مرتبطة