الشرق الأوسط الجديد لن يمر بصمود المقاومة ومجتمعها
في ظل استمرار حزب الله في رفع وتيرة نيرانه، ومواصلته إطلاق الصواريخ والمسيرات نحو شمال الكيان الغاصب ووسطه، وتصديه للعملية البرية التي يُنفذها جيش العدو الصهيوني في جنوبي لبنان، دفع بالمزيد من السياسيين والخبراء والمعلقين الصهاينة للتحذير من خطورة الوضع الحالي، وقتامة التوقعات المستقبلية لمسار المواجهة بين الكيان المؤقت وحزب الله الذي بدأ بالتعافي، بشكلٍ رفع فيه من فاتورة الأثمان التي يُكبدها للجيش الصهيوني ومنعه من تحقيق هدف الحرب، أيّ إعادة سكان الشمال إلى منازلهم، في هذا السياق وحول صمود المقاومة ومنعها جنود العدو الصهيوني من دخول الأراضي اللبنانية والبقاء فيها ومواجهة العدو لهذا الصمود بقصف تدميري يطال الناس ومنازلهم ومدنهم في محاولة فاشلة لإرهاب الناس وإبعادهم عن المقاومة، حاورت صحيفة الوفاق عضو المجلس المركزي في حزب الله الشيخ حسن البغدادي، وفيما يلي نصه:
يشير عضو المجلس المركزي في حزب الله الشيخ حسن البغدادي بأنه:” يجب بدايةً أن نعرف الهدف من عملية «طوفان الأقصى» في ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ م، ومن ثم نراقب ماحدث في اليوم الثاني فسوف نفهم بسرعة أنّ العملية هي مجرد ذريعة. وكانت أهداف العملية: أولاً تحرير الأسرى الذين يرزحون منذ سنين طويلة في ظروف قاسية ووحشية من السجانين بما لايتصوره عقل، فكان لابد للمقاومة من عمل شيء لتخليصهم من هذه المعاناة التي لاتُوصف؛ الهدف الثاني للعملية محاولة فك الحصار الخانق عن القطاع، أمّا الهدف الثالث: هو كشف أكاذيب المشروع الأمريكي والدول المطبعة الذين عملوا على إنهاء القضية الفلسطينية على البارد. إذاً هذه أهداف العملية وإذا أراد العدو الإنتقام من هذه العملية كان يُمكن أن يقتل مايحلو له من الفلسطينين ويهدم عدة مباني وينتهي الأمر؛ بينما شاهدنا الرد على هذه العملية كان بشكل آخر وكأن العالم الغربي كان ينتظر ذريعة للإنقضاض على غزة والعمل على إنهاء القضية الفلسطينية، ولذا حضر فوراً بايدن وماكرون وغيرهم لإعطاء ضوء أخضر لنتنياهو بالبدء بالمشروع القديم الجديد وهو«الشرق الأوسط الجديد» الذي فشل تحقيقه في عدوان تموز ٢٠٠٦م، وجاؤوا بأساطيلهم لتخويف حزب الله وإيران من مد يد العون لفلسطين، وبناء على ماتقدم نفهم ومن دون شك أنّ الحرب الدائرة في فلسطين وعلى لبنان غير مرتبطة بعملية «طوفان الأقصى» ولا بجبهة الإسناد.
لن يهزمنا التدمير الممنهج للضاحية ومناطقنا
يشير الشيخ البغدادي بأن: «الصهاينة والأمريكيان يقيسون الأمور على أنفسهم وعلى شعوبهم، ولم يلتفت هؤلاء الأغبياء أن مجتمعاتنا لديها عقيدة راسخة بمقداساتها ومعتقداتها والدفاع عن أوطانها وهي حاضرة لبذل المال والمُهج في سبيل ذلك، ومايحدث اليوم ليس جديداً علينا ونحن ننتظره في كلّ عدوان، والأعداء ربما يعتبرونها نقطة ضعف سوف تفرض علينا الخنوع والإنكسار، ولهذا هؤلاء لا يستخلصون العبر، فنحن لدينا تجارب كثيرة مع هؤلاء وقد هجرنا مراراً ودمرت بيوتنا ولم نخضع وانتصرنا، وحتى في زمن بداية الدعوة الإسلامية المشركون حاصروا المسلمين في شعب أبي طالب إلى حد الجوع ومن ثم تمت الهجرة إلى المدينة المنورة وهناك الكثير من التنكيل والتعذيب والقتل والتهجير وفي كلّ مرة كان الإنتصار حليف المسلمين، كذلك نحن في لبنان اعتدنا على العدوان الصهيوني الأمريكي وكنا ننتصر بالصبر وبتفشيل أهداف العدو، إلاّ أنّ الفارق في هذه الحرب أننا نعامل العدو بالمثل فنقتل جنوده وضبّاطه ونقصف مستعمراته ونهجرهم وندمر قواعده العسكرية وكلّ مكان في داخل الكيان من حيفا إلى تل أبيب وكلّ الشمال ولهذا سيكون هذا الانتصار عزيزاً وقوياً وواضحاً مهما حاول الأعداء في الخارج والداخل أن يُخففوا من وهج الإنتصار، لكن شعبنا بعقيدته الراسخة والقوية وبعزيمته وإرادته سوف ينتصر ويرجع إلى بلاده مرفوع الرأس لا تهزه العواصف ولن يتأثر بهذا الكلام السخيف فهو الذي عايش مقاومته وخبرها وهو بيئتها الحاضنة وسينتصر بثباته ولن ينهزم أمام التدمير والقتل.
توازن ردع يفوق حرب تموز
يعتبر الشيخ البغدادي بأن: «الردع مع الصهيوني يأتي ضمن مشروع تراكم القوة وتسجيل النقاط على العدو حتى تتحقق الذروة، كما حدث في الإنتصار على عدوان تموز ٢٠٠٦ م واستمر هذا الردع حتى بداية فتح جبهة مساندة غزة، وبقي الردع قائماً ضمن قواعد إشتباك جديدة، حتى شن العدو عدوانه على لبنان بشقيه الأمني والعسكري وهنا يمكن القول أنَ الصهيوني خرج بالكامل من قواعد الإشتباك وبدأ بحربه المفتوحة للقضاء على حزب الله وإعلان مشروعه الشرق الأوسط الجديد، ولكن الذي فاجأ الجميع هو محافظة حزب الله على قدراته العسكرية التي منعت العدو من تحقيق أهدافه وألحقت بجسمه العسكري وبمستعمراته قواعده إصابات بليغة، ولن يمضي وقتاً طويلاً حتى يتوسل العدو وقفاً لإطلاق النار مع هذه المقاومة التي لايمكن أن تنكسر بإذن الله (سبحانه وتعالى)، وحينئذ سوف تقف الحرب ضمن توازن حقيقي للردع مع هذا العدو وبشكلٍ أقوى من الردع الذي تحقق بعد الانتصار على عدوان تموز.
أصوات الداخل المعارضة للمقاومة
يشير الشيخ البغدادي بأن: «هذه الأصوات الداخلية ليست جديدة وهي لم تكن في أي يوم تبحث عن كرامة اللبنانيين ولا عن سيادة لبنان، بل على العكس كانوا دائماً مع المشروع الأمريكي والصهيوني منذ ١٩٨٢م وإلى اليوم فكل كلامهم ومشاريعهم تصب في خدمة مشروع الأعداء، من الوقوف إلى جنب التكفيريين إلى ضرب الإقتصاد اللبناني لإخضاع اللبنانيين وإلى الوقوف مع المشروع الأمريكي الصهيوني، وهؤلاء كان عيدهم الأكبر باستشهاد سيد شهداء الأمة سماحة الأمين العام لحزب الله وبعض القادة، وهم فرحوا بهذا التدمير الممنهج، للقرى والمدن اللبنانية وكل ظنهم أنّ حزب الله انتهى وانتهى الأمر وانتصر أسيادهم، ولذلك دعوا إلى إنتخاب رئيس للجمهورية وباتوا يتصرفون وكأن الأمر حُسم لصالح العدو الصهيوني، وهؤلاء الأغبياء يستمعون إلى كلام الأعداء ولاينظرون إلى الجبهة وخسائر العدو في الميدان وكيف يُقصف الكيان وعليهم أن ينتظروا الهزيمة المذلة لهم ولأسيادهم فالأمور مرهونة بخواتيمها.
ستعود أجمل مما كانت
يؤكد الشيخ البغدادي : «لا يوجد مشكلة في إعادة الإعمار وهناك تجربة حرب ٢٠٠٦ حيث تم إعادة إعمار ماهدمه العدوان والمقاومة لم تتفرج على أهلها ولم تُحمل شعبها فوق طاقته، وهذه تجربة فريدة من نوعها أنّ مقاومة تُقاتل وتقدم خيرة قيادتها وشبابها وفي الوقت نفسه تحمل همّ شعبها وتقف إلى جانبه في السراء والضراء، وإعادة إعمار ماهدمه العدو أن سيكون جزءاً من قرار وقف النار، وسيكون هناك تعهد في ذلك، وبالتالي عندما تقف الحرب ستكون على قواعد جديدة وواضحة والعدو هو المنكسر ولولا إنكساره لن يوقف الحرب ولن يُجبره أحد على ذلك، بل سيجد من يُشجعه ويساعده ويدعوه في السر والعلن إلى الصمود والتحمل لتنكسر المقاومة؛ ولكن عندما يصل العدو إلى حائط مسدود ويبدأ جيشه بالتفكك حينئذ يتحدثون جميعاً عن ضرورة وقف النار ويبدأ الحديث عن الإنسانية والمهجرين وضرورة الإعمار، وبناءً عليه سيتم وقف إطلاق النار ضمن ضوابط ومنها إعادة الإعمار”.
فتنة داخلية فاشلة
وفيما يتعلق بالفتنة الداخلية أجاب سماحة الشيخ البغدادي ضاحكاً: «أن المعارضين في الداخل يشتاقون إلى هذه الفتنة تلبيةً لرغبة أحقادهم وتنفيذاً لمشروع أسيادهم، إلاّ أنَ الذي حدث ويحدث أنَ الفريق الأقوى بما لايُقاس وهو نحن لا نرغب بمقاتلة إلاً الأسياد وعندما ننتصر عليهم لاتبقى هناك حاجة للصراع الداخلي، فنحن دائماً نفكر كيف نوفر الأمن والهدوء والراحة لبلدنا، وهناك تجارب كثيرة مررنا بها ولم ننزلق إلى الفتن الداخلية ونحن لسنا بحاجة إليها ولم نعتبر في أي يوم أنّ ثأرنا الحقيقي مع الصعاليك الصغار، فنحن نحب مبارزة الكبار والأسياد وعندما ننتصر عليهم فلا تبقى هناك حاجة للإلتفات للوراء».
صمود النازحين وثباتهم
يختم الشيخ البغدادي بالقول: «أقول لأهلنا النازحين اصبروا وتوكلوا على الله (سبحانه وتعالى) وسوف تعودون إلى قراكم ومدنكم وأنتم مرفوعي الرأس، والصبر على هذا التهجير المؤقت سوف يضمن لكم البقاء في أرضكم بعزة وكرامة، ونحن شاهدنا ما حدث مع الشعب الفلسطيني الذي ارتكبوا بحقه أبشع المجازر وهجروه وأذلوه ولم تنفعه قرارات دولية ولا كلاماً معسولاً عربياً، نحن يا أهلنا الذين انتصرنا في حرب تموز وأفشلنا مشروع التهجير الكامل والأبدي، اليوم مجدداً بمزيد من الصبر والثبات سوف ننتصر إن شاء الله ولن يمر مشروع الشرق الأوسط الجديد وسوف نعود إن شاء الله إلى بلادنا أعزاء ونحن نحمل راية المقاومة والعزة والكرامة، وكما عبرّ عنكم سيد شهداء القدس السيد حسن نصر الله: «ياأشرف الناس وأكرم الناس» ونحن على العهد والوعد وإلى اللقاء بالإنتصار.