أقسم على الله أن لايترك المكان إلاّ تحت المطر

21/04/2021

أقسم على الله أن لايترك المكان إلاّ تحت المطر

وهذه من الحكايات المشهورة التي أشار إليها السيد، وأضاف عليها بعضُ من كان حاضراً، وهذه الصلاة التي هي ملجأٌ إلى الله تعالى، عند منع سقوط المطر، حيث يعتبر الناس ذلك غضباً إلهياً، بأن تحبِسَ السماءُ ماءها، فكان الناس يلجأون إلى علمائهم، كي يُصلوّا بهم صلاة الإستسقاء، ومنشأ إقبالهم على العلماء هو الثقة بهم، وأنهم الأقرب إلى الله تعالى وهم الصادقون المخلصون، والله تعالى لا يردّ دعاءهم، وهنا يشير السيد الأمين إلى هذه الصلاة فقال: "ممّا اتفق لنا من العناية الربانية والألطاف الإلهية في جبل عامل، حيث وقع قحط وانقطع المطر، فدعونا الناس إلى موافاتنا إلى (سهل الخان) قرب تبنين، وصمنا الأربعاء والخميس والجمعة، وخرجنا يوم الجمعة، من شقراء إلى السهل، حافين مشمّرين ثيابنا بالخضوع والإستكانة، وذكره تعالى فوجدنا الناس مجتمعة هناك من القرى المجاورة، فأخذنا بالدعاء والتضرع، ولما زالت الشمس صلّينا الجمعة، وأمرنا الناس بالتوبة ودعونا وتضرعنا ومعنا المشايخ والأطفال، وبقينا مشتغلين بالدعاء والتضرع والبكاء إلى آخر النهار طلباً لاستجابة الدعاء في آخر ساعة من يوم الجمعة، ثم أفطرنا وصلينا العشائين، وكان ذلك اليوم صاحياً ليس في السماء شيء من الغيم، وقد آذانا الحرّ في النهار، فما عدنا إلاّ وقد انتشر الغمام في السماء ومطر الناس تلك الليلة مطرا أحيا الزرع وبعد بأعوام انقطع المطر وقحط الناس، فاستسقينا في ذلك المكان وقمنا بنفس الأعمال التي قمنا بها المرة الماضية من الصوم ثلاثة أيام والدعاء والحمدلله هطل المطر بشكل كافٍ".

في إحدى هاتين الصلاتين، هناك تفاصيل لم يُشر إليها (رضوان الله تعالى عليه)، وإنّما نقلها من كان حاضراً، وحدثني بها العلامة السيد محمد علي الأمين، وهو إمام بلدة شقراء، وملخصها: أنّ السيد الأمين ذهب إلى صلاة الإستسقاء في المنطقة المعروفة بـ (سهل الخان)، وهي منطقة تقع بين صفد البطيخ وتبنين وبرعشيت، وكان في سهل الخان محطة ينزل بها المسافرون، وهناك آثار مبنى للمسافرين، كانوا يأتون من مصر إلى لبنان وفلسطين، وبما أنّ المنطقة واسعة وهي تقع في وسط البلاد، اختار السيد الأمين أن تكون الصلاة فيها، وبعدما فرغ من الصلاة والدعاء والتهجّد والتضرّع، لم تمطر السماء، ويئس المصلّون من نزول المطر، وطلب أهالي (تبنين) من السيد أن يُشرّفهم ليستريح

عندهم، ثم يرجع إلى مكان الصلاة ويحاول مرة ثانية، لكن السيد رفض ذلك بشدة وأقسم يميناً أن لا يخرج من هذا المكان إلاّ تحت المطر، وكان أحد كبار السن من (شقراء)، من جملة الحاضرين وقد ذكر إسمه السيد محمد علي ولكن غاب عني وهو الذي أخبر السيد محمد علي بالحادثة، وقد توفي قبل سنوات قليلة.

مقتطف من كتاب المنهجُ العلمي والإصلاحي في فكر العلامة المُجتهد السيّد مُحسن الأمين" (طاب ثراه)، الجزء الأول، تصنيف العلامة الشيخ حسن البغدادي العاملي

اخبار مرتبطة