المؤتمر الفكري السابع. جبل عامل وعهد الجزار بين النكبة والنهضة

25/09/2014

المؤتمر الفكري السابع. جبل عامل وعهد الجزار بين النكبة والنهضة

صور مؤتمر الجزار



أقامت جمعية الإمام الصادق (ع) لإحياء التراث العلمائي بالتعاون مع إتحاد بلديات جبل عامل، المؤتمر الفكري السابع تحت عنوان

"جبل عامل وعهد الجزار بين النكبة والنهضة"

في حسينية بلدة (مجدل سلم) الجنوبية.


رعى المؤتمر رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد، وبحضور عضو كتلة "التحرير والتنمية" النائب قاسم هاشم، ممثل السفير الإيراني المستشار السياسي مسعود صابري زادة، رئيس إتحاد بلديات جبل عامل علي الزين، عضو المجلس المركزي في "حزب الله" سماحة الشيخ حسن بغدادي، مسؤول منطقة الجنوب الأولى في "حزب الله" السيد أحمد صفي الدين، مسؤول إقليم جبل عامل في "حركة أمل" محمد غزال، رئيس مجلس الأمناء في "تجمع العلماء المسلمين" الشيخ أحمد الزين، رئيس "جمعية منتدى الوحدة للتعاون الاجتماعي" الشيخ عادل التركي، رئيس "لقاء علماء صور" الشيخ علي ياسين ورؤساء وأعضاء مجالس بلدية وإختيارية وعلماء وشخصيات وفاعليات.

مؤتمر الجزاروألقى النائب الحاج رعد كلمة قال فيها: "ننظر بتقدير كبير إلى كل جهد معاصر يهدف إلى تأريخ وتقييم الوقائع والاحداث والأدوار التي تزخر بها مرحلتنا الراهنة وحفظها والإكثار من تداولها والإحاطة بها من مختلف الجوانب، من أجل أن تصل إلى أجيالنا المقبلة عن طريقنا، بدل من أن تصل إليهم مزورة ومفبركة ومشوهة عن طريق خصومنا وأعدائنا".

ورأى أن "الحاضر هو امتداد للماضي وأن ما نواجهه اليوم من تهديدات ينبغي ان نحولها الى فرص للانتصار والتقدم، إذ أنه لا مجال للتردد والتهاون في التصدي للغزاة والمتآمرين على وطننا لبنان. واننا وبالاستناد الى الخصائص العاملية، تمكنا وسنتمكن من مواجهة الاستهدافات الراهنة ومن يقف وراءها ومن يستخدم فيها، وفي الوقت الذي تستنزف فيه قدرات امتنا العربية بنزاعات جانبية خارج دائرة المواجهة للعدو الحقيقي للأمة، يبقى المقاومون من ابناء جبل عامل ونظراؤهم من كل لبنان الدرع الحصين الذي يقي البلاد والمنطقة من شرور الاعتداءات الاسرائيلية".
وأكد أن "معادلة الشعب والجيش والمقاومة ستبقى هي الاقدر على مواجهة كل التهديدات والاعتداءات، خصوصا بعدما اثبتت هذه المعادلة جدواها في الصراع وحفظت لبنان ودحرت مشروع الغزو الصهيوني المدعوم من قوى الاستكبار الغربي والنظام العربي المتواطئ، وان بلدا يمتلك مثل هذه المعادلة لمواجهة العدو لا شك ان ابناءه الوطنيين يزدرون المشهد الرسمي للنظام العربي الذي ظهر مؤخرا في الدوحة، حيث انعقد هناك مؤتمر للذل والعار والبؤس والهزيمة واستبدلت قضية فلسطين بقضية السلام مع العدو الصهيوني ولوث الزيف والتآمر نضالات شعوب المنطقة واحرارها".
واعتبر ان "هذا المشهد يكشف حجم الوهن الذي اصاب انظمة الخنوع"، مؤكدا "ضرورة حفظ المقاومة في لبنان لصون الروح الوطنية واذكاء الامل في نفوس الشرفاء من العرب والمسلمين"، وقال: "ان استنزاف سوريا ومحاولة اسقاط موقعها سيرتد سلبا على كل بلدان المنطقة، واللبنانيون مدعوون، خصوصا بعد مستجدات الوضع الحكومي الاخيرة وغياب التوافق على قانون الانتخاب، الى مستوى المسؤولية التاريخية الوطنية والقومية ومواجهة هذه المرحلة بمزيد من الحرص على التفاهم والتماسك وتجاوز الشأنيات والطموحات والمكتسبات الخاصة والفئوية والتشبث بأسباب الانتصارات التي حققها لبنان في السنوات الماضية ضد العدو الصهيوني وأسياده الدوليين".
وشدد على ان "أية حكومة مقبلة ايا يكن رئيسها المكلف تشكيلها مطلوب منها ان تعيد ترسيم الثوابت الوطنية المتمثلة بالحفاظ على معادلة القوة التي تقوم على ثلاثية الشعب والجيش والمقاومة، اعتماد قانون انتخاب يؤمن تمثيلا عادلا يضمن مناصفة حقيقية بين المسلمين والمسيحيين، تحقيق مشاركة واقعية تسهم في تعزيز الاستقرار الداخلي وتسقط ادعاءات الاستهداف عند البعض وتحفظ الاوزان الحقيقية للقوى الاخرى، التأكيد على ان اسرائيل هي العدو الاساسي بل الوحيد للبنان وترجمة ذلك عمليا وبشكل جدي وواضح في السياسات الداخلية والخارجية، وحماية السيادة الوطنية ورفض الخنوع لأي ابتزاز اقليمي ودولي يمس لبنان في سيادته الوطنية وخياراته السياسية وكرامة ابنائه اللبنانيين".

ثم ألقى عضو المجلس المركزي في حزب الله سماحة الشيخ حسن بغدادي كلمة الجهة المنظمة، فرحب بالمشاركين وشكر جهود المحاضرين، ثم تطرق إلى بحث حول "النهضة العلمية لجبل عامل بعد النكبة"، فرأى أن جبل عامل "لم يستقل في تلك المرحلة عن حوزة النجف رغم ان فيها وفرة بعلماء كبار، ليس لأن هناك علة فيهم بل لأنهم لم يجتمعوا في مكان واحد، ولم يعلنوا حوزة واحدة ولم يتفرغوا الى العلم كما تفرغ علماء النجف، بل كانوا دائما يعملون بالتبليغ وحل الخصومات والارشاد واصلاح ذات البين"، معتبرا أن "هذا دينهم فهم وحتى عندما كانوا في النجف كانوا يرسلون مراجع الدين الى جنوب العراق للتبليغ الديني، في الوقت الذي ما كان أبناء العراق يذهبون بل كانوا يجلسون في النجف الاشرف للدراسة".

الجلسة الأولى:
وافتتحت الجلسة الأولى من المؤتمر بكلمة لرئيسها الشيخ علي ياسين، فاعتبر أن "هذه الارض ظلمها كتاب التاريخ والسيرة واتهم أهلها بالتعصب وأهملوا تاريخها وهي التي كانت الوحيدة في ايام الاحتلالات تعيش شبه اسقلال ذاتي"، عازيا السبب في ذلك إلى "أنها كانت معارضة للماليك والعثمانيين ورافضة لظلمهم، فجهلوا تاريخها وأحرق ما كتب عنها في مكتبات علمائها ورجالها".
وقال "ان هذا المؤتمر قد يضيء على هذه النقطة والحقبة المهمة جدا التي تناهز تلك الحقبات، حيث سجلت المقاومة انتصارات حتى لا يكتب التاريخ غدا عن مقاومينا وشهدائنا أنهم قطاع طرق كما فعل البعض بصادق حمزة وادهم خنجر".
وتحدث أستاذ التاريخ واللغة التركية في الجامعة اللبنانية الدكتور محمد نور الدين عن "جبل عامل في العهد العثماني"، مستعرضا مرحلة أحمد باشا الجزار كنموذج، ومعتبرا أنه "لم يكن لجبل عامل خصوصية كيانية محددة عندما دخل العثمانيون، واستمر في ما يشبه الحكم الذاتي يؤدي الضريبة للدولة العثمانية من دون الهيمنة عليه مباشرة لا من قبل المعنيين ولا الشهابيين خلال فترات محدودة في هذا الاطار، وقد وصلت ذروة الحكم الوطني في جبل عامل في الفترة التي وصل فيها الشيخ ناصيف النصار شيخ مشايخ هذه المنطقة، وهي الفترة التي ظهر فيها ايضا ظاهر عمر الزيداني في فلسطين، حيث بلغ شأنا عاليا في الاستقلال عن الدولة العثمانية، وقد جمع عامل الاستقلالية بينهما فتحالفا بل وصل الامر الى عقد معاهدة تحالف بينهما".
وقال ان تعامل الدولة العثمانية "كان مذهبيا الى حد كبير، وكانوا يتعاملون على اساس الاقطاع ويحكمون من خلاله، ورغم الاستقلال الذاتي الذي كان يعيشه العامليون كانوا واعين لحجمهم الاقلوي في الدولة العثمانية والمنطقة، ولذلك لم يكن لديهم مشكلة في التعامل والتعاهد مع الدولة لحماية الوجود وانتظار فرصة للحكم من جديد".

وناقش الأستاذ الجامعي الدكتور محمد كوراني في "الظروف التي عاشها جبل عامل إبان محنة الجزار"، فرأى أن "سياسية الأتراك في بلاد العرب كانت تدور على إضعاف قوى الأمة وإذلالها وتعرية مدنها من ذخائر العلم والبضاعة، وأن ما اصاب العامليين من بلاء انما اكثره من انعكاس للحروب بين الترك والصفويون، لا لشيئ، ولكن لكون اهل عامل على نفس المذهب الذي كانت عليه الدولة الصفوية، فخاضوا الحروب وذرفوا الدماء واستماتوا في الدفاع عن وطنهم، وقد تركت هذه الحروب في نفوسهم شعبا باسلا يهزأ بالمنايا ويرى الموت حياة خالدة تحت شفار السيوف، كما وكان الولاة العثمانيين عبر حكام المناطق المجاورة لا يتركون للعامليين بارقة استقرار لارغامهم على ترك مناطقهم واضعافهم والقضاء عليهم".

وتطرق رئيس اتحاد بلديات جبل عامل علي الزين إلى "العوامل التي أدت إلى سقوط جبل عامل بيد الجزار"، فرأى أن "ما حصل سابقا هو نفسه ما يحصل الآن، ولو حذفنا بعض الاسماء والتواريخ والحوادث التي حصلت سابقا ووضعنا اسماء وتواريخ وحوادث تحصل الآن لما اختلفت الصورة كثيرا، إذ أنه ليس هناك من فارق بين احمد باشا الجزار آنذاك واحمد داوود اوغلو اليوم، سوى ان تركيا حاولت استعمال قوتها الناعمة التي اكتسبتها من اتصالها بالحضارة الغربية، إلا أنها وعندما فشلت عادت سريعا الى جوهرها الاصلي. ولو نظرنا الى انماط عمل بعض القوى الوطنية وقارنا بينها وبين سلوكيات وتصرفات لامارات المعنية والشهابية للهيمنة على جبل عامل، لما وجدنا فارقا جوهريا سوى اختلاف الاسماء والالقاب".

وتحدثت الباحثة والمتخصصة في الفلسفة الدكتورة جويدة غانم عن "المهمة التاريخية للجزار في لبنان"، فقالت ان "تشويها لصورة المقاومة لوحظ في الدراسات التاريخية لتاريخ العامليين، وذلك بوصف حركة الطياحة التي كانت حركة مقاومة، بمجموعة عصابات استفزت المواطنين"، معتبرة "أننا إذا سلمنا بهذا الأمر، فعلى المقاومة في لبنان السلام، لأن المقاومة يجب ان يكون لها قاعدة في التاريخ، وإذا لم تستند الى المقاومات السالفة فلا يوجد قاعدة متأصلة لها في التاريخ". أضافت "أن قضية الجزار والتواجد التركي وحكمه في المنطقة تشترط علينا ان نقرأ التاريخ قراءة تراثية وحداثية تستجمع بقراءة استراتيجية، واذا لم نفعل ذلك فإننا لن نفقه من الواقع شيئا".

الجلسة الثانية
وترأس السيد حسين حجازي الجلسة الثانية، فقال "اننا في جبل عامل حيث يشكل كل يوم تاريخا مستقلا، يحتاج الى جملة من الكتاب في الاختصاصات كافة، في هذا التاريخ العريق الذي اقترن فيه القلم بالدم، وجميل في تاريخ الشعوب ان يقترن القلم بالدم والجهاد في سبيل الله، ولو أننا استبقنا الظلم والتزوير والتحريف المتوقع حصوله في هذا الزمان وبدأنا بالكتابة عن انجازات حرب تموز حتى لا نقع في المحظور اكثر من مرة".

وقدم الأستاذ في الجامعة اللبنانية الدكتور مصطفى بزي مداخلة حول "الخسائر التي مني بها جبل عامل جراء حكم الجزار"، فقال أن "الموقع الجغرافي لجبل عامل الذي يحتله منذ القدم حتى اليوم كان له اكبر الاثر في تطور حياته السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية، وخصوصا انه يحتل منطقة مركزية في الصراع بين سوريا وفلسطين وجبل الدروز سابقا، وأنه تبعا لتطور الظروف العسكرية والسياسية في هذه المنطقة كلها فان جبل عامل كان حكما يتأثر والى حد كبير بتقلبات موازين القوى في المحيط والجوار".
أضاف "أن هناك العديد من الحركات الإستقلالية التي ظهرت أواخر الدولة العثمانية، وأنه قد أعطي للعامليين نوع من الاستقلال الذاتي والتصرف الحر في تقسيم مقاطعاتهم بين الزعماء، في الوقت الذي كانت فيه سياسة الدولة العثمانية تحاول القضاء على هذا الجبل، فوجدت أن الجزار هو خير من يقوم بهذه المهمة في حين أنه كان ينتظر الفرصة السانحة له للانقضاض على هذه المنطقة".

وتطرق الأستاذ في الجامعة اللبنانية الدكتور منذر جابر إلى مسألة "جبل عامل في مواجهة الجزار"، فقال أن "حركة الطياحة العاملية قد ارتدت الى مواقف داخلية تنال من سلطة آل الصغير، خاصة بعدما رأت هذه الجماعة العاميلة ان وجودها مهدد جراء تواجد الاغراب الذين استقدمهم الجزار كالاكراد وارناؤوط، وان اول عمل اقدم عليه الجزار بعد احتلال جبل عامل هو المجيء بشذاذ آفاق الدولة العثمانية العسكر المرتزقة واسكانهم في جبل عامل، ما أدى إلى امتعاض العامليين ... في طياحة مقاومة مسلحة".

.

اخبار مرتبطة