مناسبات الشهر
مناسبات الشهر
1 |
الشيخ حبيب آل إبراهيم المعروف (بالمهاجر): ولد في بلدة )حنويه( من قرى جبل عامل سنة 1304هــ الموافق سنة 1886م تقريباً، وهي البلدة التي عرفت بمدرستها الدينية الشهيرة التي أسّسها العالم الفاضل الشيخ محمد علي عز الدين، وتوفي الشيخ حبيب في بعلبك، في شهر شوال /1383هـ موافق سنة 1963م، ونقل جثمانه الطاهر إلى النجف الأشرف. |
2 |
السيد علي بن السيد محمود الأمين: ولد في بلدة (شقرا) من جبل عامل سنة 1276هـ, وتوفي ليلة السبت, في الليلة الحادية عشرة من شهر شوال سنة 1328هـ, عن عمر اثنتين وخمسين سنة, وعرف عنه مضافاً للعلم، السعي في قضاء حوائج المؤمنين، وإصلاح ذات البين, وحلّ الخصومات، وكان قد قرأ في (حنويه) في مدرسة الشيخ محمد علي عز الدين، ثم توجه إلى النجف الأشرف، وقرأ على جماعةٍ من العلماء، منهم الشيخ أحمد بن الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر. |
3 |
الشيخ زين الدين بن علي بن أحمد بن محمد بن علي بن جمال الدين بن تقي بن صالح بن مشرف العاملي الطلوسي الجباعي, المعروف (بالشهيد الثاني), ولد في 13 شوال سنة 911هـ, ودرس على والده الشيخ علي في جباع, وبعد وفاته انتقل إلى بلدة ميس الجبل, فدرس على زوج خالته الشيخ علي الميسي (المعروف بالمحقق الميسي), مدة ثماني سنوات, وتزوج كريمته, ثم طاف على علماء المذاهب الإسلامية, وأصبح شيخ الوحدة الإسلامية, وزار عاصمة الدولة العثمانية, سنة 952هـ, ليصبح مدرساً في المدرسة النورية في بعلبك, واستشهد في إسطنبول في 8 شعبان سنة 965هـ, نتيجة مؤامرةٍ حيكت ضده, من بعض الجهلة والحساد. |
4 |
الشيخ محمد بن الشيخ حسين عبد الصمد الحارثي العاملي المعروف بالشيخ البهائي: ولد في بعلبك سنة 953هـ, وهاجر به والده الشيخ حسين عبد الصمد إلى إيران على إثر مقتل أستاذه الشهيد الثاني, وأصبح شيخاً للإسلام, بعدما ترك والده إيران وذهب وسكن في البحرين, وتميزّ الشيخ البهائي عن غيره من علماء جبل عامل, بكثرة العلوم والفنون, وبالفرص السياسية والإجتماعية التي أتيحت له في إيران أيام العهد الصفوي, توفي في أصفهان في شوال سنة 1031هـ, ودفن فيها بعد تشييعٍ مهيب, ثم نقل جثمانه الطاهر إلى مشهد ليدفن إلى جوار ضريح الإمام علي الرضاQ |
السنة الأولى - العدد التاسع/ أيلول 2012م - شوال 1433هـ
لاستفساراتكم واقتراحاتكم يرجى التواصل على العنوان التالي:
Toorath@ live.com
71/592407
شخصية العدد
سماحة الإمام المظلوم
السيد موسى الصدر أعاده الله تعالى
ولد السيد موسى في مدينة قم المقدسة، في 4 حزيران سنة 1928م.
وأُخفي في عمليةٍ إرهابيةٍ دوليةٍ عن ساحة جهاده، ووطنه في الواحد والثلاثين من آب عام 1978م، أثناء زيارته في دعوةٍ رسميةٍ إلى ليبيا حيث رأس النفاق معمر القذافي.
آل الصدر:
السيد موسى ينحدر من سلسلة علماء كبار ومجاهدين، لهم أيادي بيضاء على الفكر الشيعي في العالم الإسلامي، وهم سادةٌ يعود نسبهم إلى الإمام موسى الكاظمQ.
السيد موسى الصدر، ابن السيد صدر الدين، ابن السيد إسماعيل، ابن السيد صدر الدين، ابن السيد صالح، ابن السيد محمد، ابن السيد إبراهيم الملقّب بشرف الدين، ابن زين العابدين، ابن علي نور الدين، ابن نور الدين علي، ابن عزالدين الحسين، ابن محمد إلى موسى ابن إبراهيم المرتضى، ابن الإمام موسى الكاظمQ.
ويشترك آل الصدر، وآل شرف الدين:
بالسيد محمد بن إبراهيم الملقّب بشرف الدين، فالسيد محمد ولد في قرية جباع، من قرى إقليم التفاح، وكان من العلماء الأفاضل، وله مؤلفاتٌ في الفقه والحديث، والنوادر المستطرفة، كلّها ذهبت إلى أفران عكا أيام محنة الجزار، وتوفي في بلدة شحور سنة 1139هـ، تاركاً ولدين هما، السيد صالح والسيد محمد.
السيد صالح:
هو جد عائلة آل الصدر، والسيد محمد جد آل شرف الدين, حيث ولد السيد صالح في بلدة شحور سنة 1122هـ, وكان من العلماء الأفاضل، ومن الذين نالوا نصيبهم في نكبة الجزار، التي فتكت بعلماء ومكتبات جبل عامل، وبكل التكوين الإجتماعي سنة 1198هـ، على إثر انتقام الشيخ حمزة بن محمد النصّار من آل علي الصغير، وكان معه الشيخ علي الزين من بلدة شحور، حيث هجموا على والي الجزار في مركزه في بلدة تبنين وقتلوه، وزحف جيش الجزار عليهم إلى شحور، وبعد معركةٍ ضاريةٍ قتل فيها ما يزيد على المئتي رجل، عمد الجيش إلى نهب شحور، وقتلوا السيد هبة الله نجل السيد صالح، البالغ من العمر 21سنة أمام والده، وكان فاضلاً صبيح الوجه وطليق اللسان, واقتادوا السيد صالح إلى سجن عكا، وبعد أشهرٍ من السجن تمكن من الهرب مع جماعة, بعد الدعاء والتوسل، فهرب إلى العراق، واستقّر في النجف الأشرف، وكانت عائلة آل الصدر منه, و بقي أخوه السيد محمد في شحور، من جبل عامل، وآل شرف الدين منه.
السيد صدر الدين نجل السيد صالح:
وإليه تنتسب عائلة آل الصدر، فبعدما بلغ مرحلة الإجتهاد، وتزوج من كريمة المجتهد الأكبر الشيخ كاشف الغطاء، قرّر الذهاب إلى أصفهان في إيران، وهناك أنجب خمسة أولاد أصغرهم السيد إسماعيل، الذي هو الجد المباشر للسيد موسى، وكان قدس سره عالماً فاضلاً مجتهداً، درس الفقه على المجتهد الأكبر الميرزا الشيرازي المتوفي سنة 1894م, والشيرازي هو الذي قاد حركة التمرد ضدّ الشاه في إيران سنة 1891م, عندما قرّر الشاه اعطاء شركة بريطانية وكالة حصرية للتبغ في إيران، وأصدر العلامة الشيرازي، فتواه الشهيرة بحرمة تسليمه، ووجوب مقاطعة هذه الشركة, وما كان من الشعب المسلم في إيران إلا أن إلتزم بهذه الفتوى، وهذه قيمة المرجعية الدينية عند المسلمين الشيعة, وأصبح السيد إسماعيل الصدر مرجعاً للشيعة حتى وفاته عام 1919م، وكان عالماً زاهداً حتى أنه كان يرفض استلام الأموال الطائلة التي تأتي إليه، بل عهد إلى شخصين معروفين بالأمانة، للقيام بهذه المهمة.
أنجب السيد إسماعيل أربعة أولاد:
السيد صدر الدين وهو والد السيد موسى، والسيد حيدر وهو والد الشهيد السيد محمد باقر الصدر، والسيد محمد جواد، أعقب بنات, والسيد محمد مهدي وهو والد السيد محمد صادق الصدر جدّ السيد مقتدى، وكان من المشاركين في ثورة العشرين ضد الإحتلال البريطاني للعراق سنة 1920 م.
السيد صدر الدين نجل السيد إسماعيل:
تزوج والد السيد موسى من كريمة المرجع المعروف السيد حسين القمي، ثم صمم على الذهاب إلى مشهد لمجاورة الامام الرضاQ, إلاَّ أن أستاذه الشيخ عبد الكريم اليزدي, طلب منه العودة إلى حوزة قم المقدسة، ولم يجد السيد صدر الدين بداً من الإستجابة، وبعد وفاة أستاذه الشيخ عبد الكريم, ألحّ عليه الفضلاء والطلاب في الحوزة للتصدي لإدارة المرجعية الدينية العامة، ولكنه رفض بشدة، وينقل الإمام السيد عبد الحسين شرف الدين، أنه وبعد الإصرار عليه قبلها، ولكنه استمر على حالته من دون أي تغيير، من صلاة الجماعة والخطابة، والعلاقة الطيبة المباشرة بالناس, وكان رضوان الله عليه من المشاركين الأساسيين في دار التقريب في القاهرة, الذي ضم كبار علماء الإمامية، وعلماء بقية المذاهب، حيث كُلَّف بمتابعة الأحاديث المشتركة الصادرة من طرق السنة والشيعة عن رسول اللهP، وبالفعل صدر مجلدان بهذا الخصوص، هنا يُسجّل لعائلة الصدر الحضور الفاعل في كل الميادين، العلمية والفكرية والثقافية والإجتماعية والسياسية والجهادية, فالإمام السيد موسى ولد في هذا البيت الطاهر العامل والمجاهد, الحاضر في أكثر من ساحة، وبالفعل كان السيد الصدر حاضراً في كل هذه الميادين، ومنذ البداية هيّأ نفسه لهذه المهمة الشاقة والصعبّة.
منهجيته في الدرس:
جمع الإمام الصدر بين المنهج الحوزوي، والمنهج الأكاديمي، من المدرسة الإبتدائية في مدينة قم المقدسة، حتى الجامعة في طهران، ولعلّه كان المعّمم الوحيد الذي دخل الجامعة بعمامته.
الحوزات العلمية لم تهتم بفكرة الجامعة:
حيث لم تجد نفسها بحاجةٍ إلى هذا المنهج، فالذي يحصل عليه الطلبة في الحوزة العلمية, في مختلف الفنون، يجعل كبار الأكادميين يجلسون بتواضعٍ بين أيديهم، نعم في هذا الزمن إختلف الأمر، أصبحت الدراسة الأكاديمية ضروريةً لطلاب العلوم الدينية، فلربما فَهِمَ البعض أن الإلتحاق بالحوزة العلمية, هو هروبٌ من العلم إلى مركز العلم، ولكي يثبت العكس، لابد من تقديم شهادات أكاديمية، نعم السيد موسى لم يكن بهذه الخلفية، بل كان يتطلع إلى مشروعٍ فكريٍّ وسياسيٍّ، يحتاج معه أن يكون رجل الدين قريباً من الشباب الجامعيين، وبالفعل هذا ماحدث في إيران أيام ثورة المشروطة التي قادها المرجع الكبير الشيخ الأخوند قدس سره، فالثورة كانت مركبةً من الحوزة والجامعة والبازار، فهذه العناصر الثلاثة تشكل العمود الفقري للمجتمع في كل حركاته.
في قم المقدسة:
درس السيد موسى على العديد من العلماء الأفاضل، وقد درس بشكلٍ مركّزٍ على والده السيد صدر الدين، كما ودرس الفلسفة على أخيه العلامة السيد رضا، ودرس على العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي صاحب تفسير الميزان، كما ودرس على العديد من السادة، السيد سلطاني، السيد العلوي الأصفهاني، والمحقق الداماّد، والسيد أحمد الخونساري، والسيد محمد رضا الكلبيكاني، ودرس أيضاً على حضرة الإمام السيد روح الله الخميني طاب ثراهم.
زواج الامام الصدر:
تزوج السيد موسى كريمة الشيخ عزيز الله خليلي، ورزق بأربعة أولاد, السيد صدر الدين، والسيد حميد، والسيدتان حوراء ومليحة، وتأخر زواجه إلى سنة 1955م, بسبب مرض والده السيد صدرالدين الذي توفي سنة 1953م, ودفن بالقرب من مقام السيدة فاطمة المعصومةQ إلى جنب كبار العلماء.
النجف الأشرف:
في ذلك الزمن كانت الحوزة العلمية في النجف الأشرف لها نكهتها الخاصة، وتعتد بنفسها، وتُعتبر من الحوزات المتقدّمة في العالم الإسلامي، وكان علماؤها مطلعون بشكلٍ عميقٍ على الكثير من العلوم والفنون، وخصوصاً المباني الفقهية, لدى المذاهب الإسلامية الأخرى، فعلى سبيل المثال، وصل الخبر أيام الحكم العثماني إلى السلطة العليا في إسطنبول، أن المرجع الديني الشيخ الأخوند الخرساني، هو من المتصدّين للشأن العام, ويلفت النظر, فوضعت له السلطة في إسطنبول عيوناً لمراقبته, كي يرسل تقارير عنه، ومع ذلك لم يكفها ذلك, بل قرّرت أن ترسل شيخ الإسلام إلى العراق, ليراه عن قربٍ بحجة زيارة قبر أبي حنيفة ببغداد، وعندما وصل شيخ الإسلام إلى النجف الأشرف، كان الشيخ الأخوند يدرّس في مسجد الشيخ الطوسي، وقد زاد الطلاب على الألف ومئتي طالبٍ بين مجتهدٍ ومراهقٍ للإجتهاد، وكان صوته جهورياً لا يحتاج إلى ميكرفون، وعندما وصل شيخ الإسلام، جاء من يهمس في أذن الشيخ الأخوند عن وصوله، وبينما هو يستعرض الأدلة على مبنى الفقه الجعفري، واذا به فوراً ينتقل لاستعراض أدلة مباني أبي حنيفة، بشكلٍ يصعب أن تكون بهذا الشكل حاضرةً في ذهن عالمٍ سنيٍّ متخصصٍ بأبي حنيفة، مما أدهش الحاضرين، وبالأخص شيخ الإسلام العثماني، هذا نموذجٌ عن حوزة النجف الأشرف، وهذا لايعني أن هناك مشكلة في حوزة قم المقدسة، ففيها الفطاحل وكبار العلماء، والقادة، لكن نحن ننقل فكرةً كانت موجودة، لهذا كان علماء قم يذهبون إلى النجف الأشرف، للتشرف بزيارة العتبات المقدسة, ولأجل التباحث والتذاكر واكتشاف القدرة العلمية.
السيد موسى ممن ذهبوا إلى النجف الاشرف:
وفي سنة 1956م، تشرف بزيارة العتبات المقدسة، وكان يرغب في زيارة أقاربه من آل الصدر، وبالخصوص ابن عمه السيد محمد باقر الصدر, والسيدة أم جعفر حرم السيد الصدر, وهي شقيقة السيد موسى، وكان للسيد موسى حضورٌ فاعلٌ في النجف الأشرف رغم قصر المدة, وكانت هذه المحطة ضروريةً في النجف الأشرف, قبل الدور الذي قام به في لبنان، والذي لم يكن يعلم به، فشارك في درس بحث الخارج على كبار الفقهاء، كالسيد محسن الحكيم، والسيد أبي القاسم الخوئي، والشيخ محمد رضا آل ياسين، والشيخ حسين الحلي والسيد عبد الهادي الشيرازي، كما تعاون مع مؤسّسي كلّية منتدى النشر, كالشيخ محمد رضا المظفر، والسيد محمد تقي الحكيم، فشارك في العديد من الأنشطة, من محاضراتٍ وندوات، كما كان وجوده فرصةً لإتقان اللغة العربية.
زيارته الأولى إلى لبنان:
وقبل النجف الأشرف كان قد زار لبنان سنة 1955م و 1957 للتعرف على بلد الآباء والأجداد «شحور», ولزيارة الأقارب من آل شرف الدين، وهذه الزيارة كانت فرصةً ذهبيةً للتعرف عليه عن قرب، حيث لفت نظرهم، وأسسّت هذه الزيارة للتفكير الجدي باستقدامه إلى لبنان بعد وفاة المقدس السيد عبد الحسين شرف الدين، ثم عاد إلى قم المقدسة, لمتابعة التحصيل العلمي، والتدريس في الحوزة، والعمل مع علماء تلك المرحلة، لمواجهة الإنحراف الفكري والسياسي, وخصوصاً المخاطر التي كانت تأتي من اليسار, الذي حمل راية مواجهة الدين، من خلال التصويب على الحوزة العلمية, والتشهير بعلمائها بالتحديد.
في عام 1957م:
توفي ذلك العملاق السيد عبد الحسين شرف الدين قدس سره,ودفن في النجف الأشرف في1/1/1958،فكان لا بُدَّ من استقدام شخصيةٍ بديلةٍ عنه تكون بمستوى حضوره وفعاليته, الذي تجاوز مدينة صور وجبل عامل وكلّ لبنان إلى العالم الإسلامي، وأن يكون البديل بمستوى ما حمله وخلّفه الإمام شرف الدين، من قضية فلسطين، والعدوان الإسرائيلي المستمر على جنوب لبنان، إلى الاستقلال الموهوم، وما نتج عنه من خللٍ بالتركيبة الطائفية، وصولاً إلى مشروع الوحدة الوطنية والإسلامية، هذا ناهيك عن هموم الجنوبيين، والمؤسسات الإجتماعية والتربوية، وعليه لابد من شخصيةٍ وازنةٍ تحمل هذا الإرث الكبير.
وبالفعل بعد التشاور بين عائلة شرف الدين وبعض الفعاليات، تمَّ التوافق على دعوة السيد موسى الصدر إلى لبنان، وهنا السيد موسى حضر إلى لبنان سنة 1959م، وكان مدركاً لحجم المسؤولية الملقاة على عاتقه، وأنَّ عليه أن يدرس خطواته بعنايةٍ فائقة، وخصوصاً أن النيلَّ منه سيكون أسهل بكثيرٍ من النيل من السيد شرف الدين، فهو شابٌ وغريبٌ عن المنطقة، وبالتالي لا سنّه ولا حجمه يتناسب، ولأول وهلة، مع حجم ومكانة السيد عبد الحسين شرف الدين،وعاد إلى إيران و بقي هناك سنةً للتحضير للإنتقال الكامل إلى لبنان، حيث كان حضوره النهائي في لبنان سنة 1960م.
الخطوة الأولى:
كان لابُدَّ من التعرف المباشر على الناس، وتعرّف الناس عليه، حيث كان يرى ضرورة العلاقة المباشرة بالناس، وأن الشاشة على قدر أهميتها، لا تغني عن الخطاب المباشر، وهذا ما أكده سماحة الإمام القائد السيد الخامنئي دام ظله، عندما تحدث عن دور المبلغين في عملية التأثير والتأثر، لذلك كان السيد موسى يؤمّ الناس في مسجد السيد شرف الدين في مدينة صور، وكان يتنقّل في مساجد وحسينيات جبل عامل, وصولاً إلى بيروت وكل لبنان، وكما ينقل أحد مرافقيه، أنه كان يقطع في اليوم مسافة أكثر من 300 كلم، وطبعاً هذه الهمة العالية ناتجةٌ عن إدراكه لحجم المسؤولية الملقاة على عاتقه, مما جعله ينسى عائلته، وهمومه الخاصة، ويستنزف كل وقته في التبليغ الديني.
التبليغ الديني عند الإمام الصدر:
لم يختلف السيد موسى, من حيث طريقة التبليغ الديني، عن الأكثرية الساحقة من علماء الدين، فهناك المنهج التقليدي الذي اعتمده هؤلاء الأجلاء من الوعظ والإرشاد، والصلاة جماعة، وإحياء المناسبات الدينية، وإقامة مجالس العزاء، وحلّ الخصومات، وإصلاح ذات البين، حيثُ شكلت هذه العناوين عند الإمام الصدر, معبراً لبناء الشخصية الإسلامية الهادفة، الباحثةِ عن العزةِ والكرامة، تلك المحاضرات والخطب الرنّانة, التي كانت تُلامس الوضع المعيشي، فتُغضب قوماً، وتُفرح آخرين، وتُلهب المشاعر.
هذا مضافاً لمجالس عاشوراء:
في الماضي كانت مجالس العزاء، لا تخرج عن الروتين، فلا تُحَمِّل أحداً مسؤولية، ولا تهيّج المشاعر، كان الناس يأتون إلى مجالس العزاء، ويعودون إلى بيوتهم، من دون تأثير وتأثر، بينما أراد الإمام الصدر من مجالس العزاء، أن تكون ملهبةً للمشاعر، تجعل المستمع يرتقي إلى مستوى كربلاء، من خلال البكاء والتفكر، مضافاً إلى طريقة إلقاء المحاضرات العاشورائية الهادفة، وتسليط الضوء على أبعاد كربلاء، وعرض الأحداث المرتبطة فكرياً ومنهجياً، كان الإمام الصدر، يستغل هذه المناسبات لطرح القضايا الأساسية والمصيرية، سواءٌ الحديث عن المخاطر التي تهدد البلد من خلال العدوان الإسرائيلي المستمر، أو من خلال إهمال الدولة وتقصيرها، أو الحديث عن القضايا ذات الصلة بتحصين المجتمع، كالوحدة الوطنية الإسلامية.
الخطوة الثانية:
بناء المؤسسات الإجتماعية والتربوية، لسدّ بعض الثغرات، الناتجة عن إهمال الدولة وكانت على الشكل التالي:
1- أعاد تنظيم جمعية البر والإحسان في صور، لمواجهة حالة التسوّل.
2- شيّد بيت الفتاة: لتعليم بنات الفقراء الأشغال اليدوية، كالخياطة وغيرها.
3- أقام معهداً للتمريض: وهو خاصٌ بالنساء، للحصول على شهادات رسمية بالتمريض.
4- شيّد المهنية العاملية: في برج الشمالي(صور), وكانت تضم المئات من الطلاب، وخرّجت هذه المهنية، العديد من الكوادر، وبعضهم استشهد في طريق المقاومة.
5- شيّد مؤسسة لحياكة السجاد: فقد استفاد من هذه المؤسسة أكثر من ثلاثمائة أخت، وكانت المؤسسة تُقدم أدواة الحياكة لكل متخرجةٍ كهدية, وكمساهمةٍ معها من قبل المؤسسة.
6- شيّد الإمام الصدر معهداً علمياً للدراسات: كان الهدف تخريج مبلغين من العلماء على امتداد الوطن وحتى خارج لبنان، وبالفعل خرّج هذا المعهد العشرات من العلماء، ومن بينهم سيد شهداء المقاومة الإسلامية السيد عباس الموسوي قدس سره, أراد السيد موسى من خلال هذه المؤسسات أن يبني الإنسان المسؤول، الذي يبحث عن الخالق والرسول، والضمير والسلوك الإنساني، والوحدة البشرية على قاعدة «كلكم راعٍ وكلكم مسؤولٌ عن رعيته» وهذا ما عبّر عنه السيد في سنة1975م، في كنيسة الكبوشية: الإنسان هو هدف الوجود، وبداية المجتمع، والغاية منه، والمحرك للتاريخ.
أراد الإمام الصدر مخاطبة الإنسان كما أراده تعالى، من إنسانٍ حرّ، ومتعلمٍ ومحبٍّ للحياة، لأجل الحصول على السعادة الأبدية، أراد أن ينتزع منه عقدة الخوف والتبعية، كي يكون حراً على قاعدة «لا تكن عبداً لغيرك وقد خلقك الله حراً».
الخطوة الثالثة:
الإصلاح عند الإمام الصدر:
وهو بناء مجتمعٍ سليم، يقوم على ركائز إنسانيةٍ وإسلاميةٍ لمواجهة الأخطار المحدقة، التي كانت تسلب الفرد المسلم إرادته وشخصيته، من خلال عناصر ثلاثةٍ اعتمدها المنافقون:
الأولى: التشكيك بالله تعالى.
الثانية: عدم إيجاد قضيةٍ جامعةٍ ذات قيمةٍ عالية.
الثالثة: زعزعة الثقة بالقيادة.
هذه الركائز الثلاث، اعتمدها اليسار في لبنان والمنطقة كلها، وكانت ترافقها حملة التشكيك برجال الدين، وتشويه سمعتهم، مضافاً لتحميل الإسلام كل تبعات مايقوم به المنافقون، كما حدث في نهاية الحكم العثماني، وبروز الحركة التبشيرية المتصهينة، عندما حاولوا أن يقدّموا مشروعاً بديلاً عن الإسلام، الذي زرع الموت والرّعب والقلق، والأمّية والفقر... الخ.
مستغلين السياسة الخاطئة للعثمانيين، إذ أرادوا تحميل الإسلام، تبعات هذه السياسة التي تستّرت خلف المذهبية البغيضة.
من هنا كان لابُدَّ للإمام الصدر من وضع خطةِ مواجهةٍ لهذه الأفكار, تحفظ وحدة المجتمع، وتسقط هؤلاء المنافقين لوحدهم و تعتمد على نفس هذه الركائز الثلاث.
في مواجهة الركيزة الأولى وهي التشكيك بالله سبحانه وتعالى.
فشعبنا مؤمنٌ ومسلمٌ بالفطرة، إنما يحتاج فقط إلى من يأخذ بيده، إلى طريق النور والهداية، ويرفع عنه الأوهام والأضاليل، ويُبعد عنه أولاد الحرام, وهنا جاء دور التبليغ الديني، من الوعظ والإرشاد، والمحاضرات التي تذكّر وتدلّل وتزرع الوعي وترفع الجهل، فعمل الإمام الصدر، ومعه كل علماء الدين على إمتداد الوطن، على نشر الوعي والثقافة، وتحملوا في سبيل ذلك المشقة البالغة، وكان هذا على حساب راحتهم، وعوائلهم بالكامل، وكانت دائماً المصلحة العامة عندهم مقدّمةً على المصلحة الخاصة، فنجد الشيخ حبيب آل إبراهيم، يسكن في جنوب العراق عشر سنوات، موفداً من قبل المرجع السيد أبي الحسن الأصفهاني، ليواجه الحركة التبشيرية المتصهينة، ثم بعد ذلك يسكن البقاع، وما أدراك ما البقاع في ذلك الزمن، ثم يستدعي صهره العلامة الشيخ موسى شرارة ليسكن منطقة الهرمل، في الوقت الذي كان بإمكان هؤلاء الأجلاء أن يسكنوا مناطق في جبل عامل، أكثر جمالاً وراحةً ورفاهية, لكنهم كانوا دائماً يقدمون مصلحة المسلمين على مصالحهم الشخصية, وهكذا البقية، وفي الطليعة سماحة السيد موسى الصدر، كان يستيقظ عندما ينام الآخرون، وكان يجوع عندما يشبع الآخرون، وكان يخاف، عندما يطمئن الآخرون.
الركيزة الثانية: هي إيجاد قضيةٍ جامعةٍ
لقد عمل هؤلاء المنحرفون طوال الوقت، على تفتيت المجتمع، وجعله يتمسك بالعصبيات العائلية والعشائرية، والحزبية، والكانتونات الطائفية، بعيداً عن قضاياه المركزية.
هنا نجد الإمام الصدر عمل على إخراج الناس من هذا التشّتت، وجعلهم يلتفّون حول قضيةٍ جامعةٍ لهم فكانت قضية فلسطين، والمقاومة المسلحة في جنوب لبنان التي وحدها تستطيع حماية لبنان، ووضع حدٍّ لكل الأطماع الإسرائيلية.
وهذا ما عبّر عنه الإمام الصدر في أكثر من موطن، وخصوصاً في تلك الرسالة الشهيرة التي وجهها للمفتي الشيخ حسن خالد، يحثّهُ فيها على البحث الجدّي لإيجاد إطارٍ يجمع مشاعر المسلمين، وكان يعتبر أن قضية فلسطين والدفاع عن الجنوب، تصلح أن تكون عنواناً جامعاً، وهذا ماسماه برفاق السلاح، وهنا تشيع الثقة، وترتاح النفوس حيث تتجلى وحدة العقيدة.
الركيزة الثالثة: الإيمان بالقيادة الحكيمة
وبالفعل هذا ما عمل عليه اليسار لفترةٍ طويلة, وهي زعزعة الثقة بالقيادة، من خلال التشهير بالقادة والكيد لهم وحملات التضليل، ولهذا كان من الواجب على رجال الدين الوازنين، أن يعملوا على مواجهة هذه الأكاذيب والأضاليل، من خلال الأفكار والسلوك والتصدي الكامل والشامل لشؤون المجتمع، فلا يكفي أن يقوم رجال الدين بدور المبلّغ الديني من وعظٍ وإرشاد، فالمجتمع بحاجةٍ إلى من يرشده في كل قضاياه، ويتصّدى لإدارة شؤونه ومنها المؤسسات التربوية، والإجتماعية، والثقافية، وهذا هو الذي جعل المجتمع يرتبط بهؤلاء العلماء، ويبتعد عن سياسة التضليل والكذب، فالسيد محسن الأمين، لم يصبح مرجعاً للمسلمين الشيعة في سوريا، لمجرد أنه صلى بهم جماعة، أو صلى على جنائزهم وما شاكل، بل تصدى لكل شؤون حياتهم الإجتماعية، كذلك السيد عبد الحسين شرف الدين، والشيخ حبيب آل إبراهيم...الخ.
وفي سنة 1958م جاء الإمام إلى لبنان, ليكمل مسيرة هؤلاء القادة الفاعلين, ويزيد عليهم تبعاً للظروف والتطورات، والرؤى التي كان يمتلكها السيد موسى في إيران, لهذا استطاع بفترةٍ وجيزة, أن يُشكِّل حوله حالةً شعبيةً كبيرةً تتأثر بسلوكه وبشخصيته، وبأفكاره، لقد وجدوا فيه القائد المخلص الذي يبحث(في السراج والفتيل)عن مصلحة الناس، إذاً هذه الركائز الثلاث
هي التي عمقت العلاقة بين الناس والإمام الصدر، وإنَّ أهّم عوامل التفوق والإنتصار عندما تكون حالة ذوبانٍ بين القائد وبين شعبه، وهذا ما شهدناه خلال عدوان تموز 2006م، فإن الثقة التي وضعها الناس بقائد المقاومة, سماحة السيد حسن نصرالله, كانت من أهم عوامل النصر والثبات, إذاً هذا القائد الذي استطاع أن يوجد قضيةً جامعة, لابُدَّ وأن يوجد لها مؤسساتٍ راعيةً وداعمة.
المؤسسة الأولى: «المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى»
فرغم أنّ الإمام الصدر لم يكن طائفياً, ولكن لبنان بلدٌ طائفي، فكان لا بُدَّ من إنشاء مؤسسةٍ رسميةٍ ترعى شؤون الطائفة وتدافع عن حقوقها, فأقّر المجلس النيابي هذا الإقتراح في 16/5/1967م، وأصبح السيد الصدر رئيساً للمجلس الشيعي في 23/5/1969م, وعيَّن له نائباً, وهيئةً عامة, وهي تشمل أكبر قدر ممكن من الفعاليات الشيعية العلمائية وغيرهم, وطبعاً هناك هيئةٌ شرعية, وهيئةٌ تنفيذية، ودوائر: دائرة التبليغ الديني، دائرة الأوقاف...الخ.
المؤسسة الثانية: «تشكيل هيئة نصرة الجنوب»
حيث حَثَّ السيد موسى، رؤساء الطوائف على المشاركة في هذه الهيئة، ومهمّتها الدفاع والمطالبة بحقوق الجنوبيين، وبالفعل اشترك العديد من الفعاليات العلمائية، الشيعية والسنية والمسيحية، في هذا اللقاء وكان السيد الصدر رئيساً, والمطران خريش نائباً له، وكان لهذه الهيئة الحضور الفاعل والمميّز، ولعل أهمية هذه المؤسسة، أنها جعلت كل الطوائف وعلمائها، تشعر بمظلومية الجنوبيين، وبظلم العدو الإسرائيلي.
المؤسسة الثالثة: بتاريخ 6/5/1970م أقر المجلس النيابي مؤسسة «مجلس الجنوب» والذي مهمته التعويض على المتضررين من العدوان الإسرائيلي، طبعاً هذا ناهيك عن المطالبة الدائمة للدولة بضرورة رفع الحرمان، وتشييد المشاريع، وبناء السدود.
المؤسسة الرابعة: الإهتمام بالعمل الكشفي وتربية النشئ الصاعد، فكانت «كشافة الرسالة الإسلامية».
طبعاً هذه المؤسسات الراعية كلها, تبقى بلا قيمةٍ إن لم تكن هناك (قوةٌ) تحمي هذه المشاريع, وتواجه الإحتلال, وترفع الظلم عن كاهل الجنوبيين, فكانت أفواج المقاومة اللبنانية أمل، ففي خطابٍ عاشورائي في20/1/1977م، دعا الإمام الصدر الشعب اللبناني إلى تشكيل مقاومةٍ لبنانية، ومما جاء في كلمته (إنني أعتقد أنّ من واجب كل إنسانٍ في لبنان أن يتسلح, أرادت السلطة أم لم ترد، وأن يتدرب، نعم، وأن يتسلح كعلي بن أبي طالبQ، وأقولها بلسان الحسينQ، أن نكون مقاومةً قبل أن نُشرَّد من أرضنا.
عمل الإمام الصدر على التقريب بين المذاهب
حيث كان يعتقد أنَّ الخطر الحقيقي على هذه الأمة، هو النيل من وحدتها، عبر إثارة الحسّ المذهبي، وأن العناوين الجامعة لوحدة المسلمين، هي العناوين التي تستطيع لمّ الشمّل وجمع المشاعر, وهذا ما عبّر عنه (بالهموم المشتركة), ويمكن قراءة المشروع التقريبي عند الإمام الصدر من خلال الرسالة التي وجهها في 9/10/1969م، إلى مفتي الجمهورية سماحة الشيخ حسن خالد، وهي رسالةٌ مطولة، ننقل بعض مقاطعها مراعاةً للوقت، فبعد مقدمةٍ مطولةٍ حول الأخطار المحدقة بالمنطقة يقول السيد: إنّ توحيد الطاقات من أشرف الغايات الدينية وهي وصية نبينا الأعظمP، وبالتالي هي تتصل بوجودنا وكرامتنا, وبوجود أجيالنا، إنها مشكلةٌ حياتية، ولا يجوز أن يبقى الكلام عن وحدة الكلمة مجرد «شعار».
طبعاً تحدث الإمام عن الفقه المقارن، وعن توحيد الفقه، وعن القضايا المشتركة مثل الأذان، والأعياد، وعن تجربة دار التقريب في القاهرة الذي أُنشأ في أواسط القرن الماضي، والذي كان لوالده السيد صدر الدين الصدر دوراً أساسياً فيه، حيث أوكلت إليه مهمة (الأحاديث المشتركة التي صدرت من الطرفين من السنة والشيعة عن رسول اللهP)
خاتمة: بعض الشهادات الصادرة بحقه من زملائه
وهناك إجماعٌ على الثناء على دوره الريادي والجهادي ممن عرفه مباشرةً أو سمع عنه, وأنه كان رجلاً مجتهداً, عالماً بالأمور ولا يوجد في الحوزة العلمية من هو أعرف منه بقضايا الناس والمشاكل التي تحيط بالمنطقة،لذا لم يكن بقراراته بحاجة إلى مرجعيةٍ يعود إليها، فهو ليس مقلداً وبالتالي هو الأعرف و المؤسس والرائد، والرافد للمؤسسات الدينية، وهناك شهاداتٌ علميةٌ صدرت عن أقرانه المجتهدين، وممن تصدى للمرجعية الدينية.
آية الله السيد موسى الزنجاني
زميله وصديقه، وكانت تربطهما علاقةٌ حميمة، وكان قصير القامة, ويضحك في بعض الأحيان ويقول عندما أمشي مع السيد موسى نصبح رقم عشرة.
وتصدى الزنجاني للمرجعية ويقول عنه: دراستنا الحوزوية كانت سوياً وانفرد السيد الصدر عن أقرانه بمميزاتٍ ملفتةٍ كانت تضفي حَيويةً خاصةً على أجواء الدرس، سرعة الفهم - الإستيعاب - حدة الذكاء - دقة النظر - نبرة صوته كانت تتميز بالهدوء والرقة والعذوبة عندما يشرح المطالب العلمية والإجتماعية، لا يشعر المستمع بالملل وفي مناقشاته العلمية لم يعلُ صَوتُهُ ولم يستعمل لفظةً حادةً أو جارحة, ولم يوجه إهانةً إلى أحد، وكان منصفاً بالمباحثة العلمية، دائماً هدفه الوصول إلى الحقيقة، وعندما يرى أن الآخر لا يريد أن يسمع، كان يمُسك عن الكلام، وكان بعيداً عن التعصب لا يرى إلا المصلحة العامة، فعلى سبيل المثال عندما توفي المرجع السيد أبو الحسن الأصفهاني، لمع اسم شخصين، السيد البرجوردي في إيران والسيد حسين القمي في النجف، فقال السيد موسى أنا أؤيد البرجوردي لسببين:
الأول: أنه يجوز تقليد أيٍّ منهما
الثاني: هو قريبٌ مني في إيران، وجدي السيد القمي بعيدٌ عنا في العراق، وهذا يدل على بعد نظر الإمام الصدر البعيد عن التعصب.
أماالعلامة الشيخ محمد مهدي شمس الدين
وهو ممن عرفوا الإمام الصدر عن قُرب فقد قال بحقه: إنّ مواقف الإمام السيد موسى الصدر من القضايا العربية والإسلامية واللبنانية والفلسطينية وغيرها، أثبتت الأيام صدقها ودقتّها وهذا لا يحتاج إلى بيانٍ ودليل، أما كونه عالم دينٍ فالسيد الصدر يُمثِّل أحد أنقى وأبرز التعابير الحديثة للرؤية الدينية المستنيرية على قاعدة الإجتهاد المتفاعل مع قضايا الناس والحياة المعاصرة, فالسيد الصدر هو من جيل الفقهاء الذين عملوا على تفاعل النصوص الشرعية مع الحياة من خلال المكونات الذاتية للنصوص، ومن دون إستعارة مناهج وأفكارٍ غريبةٍ عن اللغة العربية أو على طبيعة الشريعة الإسلامية.
أما ما قاله بحقه آية الله الشيخ ناصر مكارم وهو من زملاء السيد موسى وأحد مراجع إيران يقول: في ذلك الزمن كان هناك نشاطٌ حيويٌّ لليسار في إيران وكانوا يسيؤون للدين، حتى أنهّم أصدروا كتاباً تحت عنوان حراس السحر والشعوذة ويقصدون بهم علماء الدين.
يقول الشيخ ناصر: اجتمعنا مع السيد موسى الصدر والسيد الشهيد بهشتي وآخرين وقررنا المواجهة، والحق أقّول: إنّ السيد موسى في هذه الإجتماعات كان كالنجم يتلألأ، وتمكنَّا من تطوير هذا النشاط ونشرنا العديد من الكتب ضد اليسار، والسيد موسى لم يكتفِ بهذا المقدار بل عمد إلى إصدار مجلةٍ باللغة الفارسية اسمها (مكتب إسلام) أي المجلة الإسلامية،
وكان ينشر فيها العديد من المواضيع الإقتصادية والفكرية والإجتماعية،وانتشرت هذه المجلة وأصبحت من أكثر المجلات انتشاراً وساهمت في نشر أفكار علماء الدين.
أما زميله آية الله الشيخ علي المشكيني وهو رئيس مجلس الخبراء في الجمهورية الإسلامية، وإمام جمعة قم، وأحد أساتذة الحوزة العلمي،, فقد قال: كان السيد موسى الصدر من تلاميذ المرحوم السيد الداماد وحضر درسه العديد من العلماء الأعلام، وكان السيد موسى أحد أعلام هذه الصفوة وكان في ساعات الدرس (ماهراً محققاً باحثاً متحدثاً وكان بارزاً في مجموعة من إنضمّ إليهم في الدرس والتحصيل، وكان متفوقاً ولم يتقدمه أحد، وكان يحتل مكانةً علميةً مرموقة، ومضافاً للحوزة العلمية كان يتابع الدرس الجامعي وهذه ميزةٌ أخرى تسجّل له، وأنا كنت واثقاً أنه يتمتع بقدرةٍ كبيرةٍ على استنباط الأحكام الشرعية.
أما زميله آية الله السيد موسى الأردبيلي الذي كان رئيس القوة القضائية في الجمهورية الإسلامية، وأحد أئمة الجمعة في طهران، ومن المتصديّن للمرجعية الدينية، يقول عنه: تعرفتُ على السيد موسى سنة 1942م، وكان يتمتع بسماتٍ خاصةٍ من الذكاء وقوة الفهم والكفاءة والأهلية، والتأمّل والعمق ودقة النظر، وكان يتميزّ بدراية المسائل الإجتماعية وكان مطلعاً على الكثير من المسائل السياسية والإجتماعية التي لا تعرفها الحوزة العلمية وكان محبوباً وجذاباً، الكل يحب صداقتهُ، وأصبح أحد المدرسين في الحوزة العلمية...إلخ الشهادات،لذا اكتفينا بهذا القدر حرصاً على الوقت.
متفرّقات
نظمت جمعية الإمام الصادقQ وبالتعاون مع بلدية شحور, لقاءً فكرياً بمناسبة الذكرى الرابعة والثلاثين لتغييب الإمام السيد موسى الصدر, ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب, والصحافي عباس بدر الدين، وذلك في حسينية بلدة شحور الجنوبية.
حضر اللقاء جمعٌ من العلماء, ونخبٌ فكريةٌ وثقافية, وفعالياتٌ إجتماعية, والمستشار الإعلامي لسفير الجمهورية الإسلامية الدكتور غضنفر ركن آبادي, السيد سعيد أسدي, والقاضي الجعفري الشيخ حسين درويش, ومدير المدرسة الدينية في صور الشيخ حسن حريري, والمدير العام للمؤسسة الإسلامية للتربية والتعليم الشيخ مصطفى قصير.
بدايةً رحَّب رئيس البلدية الحاج كامل خليل بالحاضرين, منوهاً بالدور الريادي الذي أوجده الإمام السيد موسى الصدر, وأكَّد على المضي في هذا الطريق والنهج, حتى تحقيق الأهداف السامية التي لطالما طمح للوصول إليها.
وألقى عضو المجلس المركزي في حزب الله سماحة الشيخ حسن بغدادي باسم الجهة المنظمة مداخلة:الإصلاح عند الإمام الصدر: اعتبر فيها أن الإمام الصدر هو واحدٌ من رجالات الإصلاح, وكان الشخصية الأبرز في ستينات القرن الماضي, حيث حلَّ مكان المصلح الإمام السيد عبدالحسين شرف الدين, وقد واجه السيد الصدر الفكر اليساري المنحرف, القائم على التشكيك بالله, وإفقاد الأمة قضيتها الجامعة, والتشهير برجال الدين, لزعزعة الثقة بالقيادة, لقد تمكن الإمام الصدر من وضع خطةٍ محكمةٍ من خلال قضية فلسطين, ومشروع المقاومة ضد الإحتلال, ممَّا عزَّز ثقة الناس به, وظهرت أثار هذا المشروع بعد الإنتصار الذي حققته المقاومة الإسلامية على العدو الإسرائيلي في تموز 2006م, عندما برز الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله, أحد أهم عوامل الإنتصار الإلهي, وهذا اللغز - ثقة الناس بالقائد - لم تتمكن كل مراكز الدراسات في الغرب أن تدرك حقيقته, معتبرةً أن المشكلة هي نفس شخص القائد, لذا يراهنون دائماً على موته, من دون إدراك أن الأمة ترتبط بمنهج هذا القائد وبسلوكه, وليس بشخصه.
وألقى النائب عبد المجيد صالح مداخلة «المقاومة في فكر الإمام الصدر»: استعرض فيها أكثر من حادثةٍ تبيِّن الوعي السياسي الكبير لدى الإمام الصدر، ومدى تضحيته لبناء المجتمع السليم الذي يضمن الحرية والعدالة والمساواة لجميع أبناءه, مؤكداً أنه « لم يكن للإمام المغيَّب من أعداء سوى العدو الإسرائيلي، بما يشكله من جرثومةٍ وغدةٍ سرطانيةٍ، والإقطاع السياسي, وأن الإمام لم ينطلق في عدائه لهما من فراغٍ أبدا إنما لوجود العلل الكثيرة فيهما».ورأى « أن المؤامرة التي تعرض لها الإمام الصدر إنما هي نفسها التي تتعرض لها المقاومة اليوم». وخلص إلى القول: «بوحدتنا سننتصر وسنرسم الطريق نحو ما كان يطمح الإمام الصدر إليه في بناء الوطن».
وتحدث النائب الدكتور علي فياض عن الفكر الشيعي السياسي المعاصر عند الإمام الصدر: وتطرق إلى بعض المسائل السياسية التي عايشها وعالجها السيد الصدر» معتبراً أن الفكر السياسي لدى سماحة الإمام ينشدُّ باستمرارٍ وعلى نحوٍ جوهري, باتجاه التغيير والمقاومة, في مواجهة الحرمان كما في مواجهة الإحتلال, وكلتاهما تشكلان لديه بنية الرؤية السياسية في تلك المرحلة الحساسة من تاريخ لبنان»، متطرقاً إلى الوضع الحالي بالقول «إن المقاومات في المنطقة العربية تطورت تجربتها مع الوقت مما أفضى بها إلى الدخول إلى السلطة نتيجةً لما تفرضه الضرورات»، مضيفاً في لحظةٍ من اللحظات، يبدو ذلك خيارٌ لا مناص منه في سبيل تحقيق هذه الأهداف عندما تتراكم تعقيدات الواقع وتتعرض هذه المقاومة لانكشاف قد يعرضها للخطر وتتسع جماهيريتها لتصبح مطالبةً بأن تجيب على تحدياتٍ وحاجاتٍ يحتاجها جمهورها».
وبالنسبة للوضع في سوريا، رأى فياض أنه «في سوريا من يستغل الحاجة إلى الإصلاح والتقدم والتغيير، ليطيح بمعادلة المقاومة والتحرير التي يحتاجها المجتمع»، مردفاً «إننا من داعمي الاصلاح السياسي وتقدم المجتمع في سوريا وأن يستطيع شعبها أن يبني دولته الحديثة المستقرة والقادرة على أن تسلك مسالك النمو والتقدم على النحو الأمثل، وأنه لا يمكن اختزال المسألة العربية المعاصرة فقط في مسألة الديموقراطية».
حصل لقاءٌ في منزل الشيخ حسن حريري بحضور أحد علماء القطيف, وبعض السادة العلماء, حيث تم استعراض التاريخ العلمائي, وبعض المناهج التي انفرد بها بعضهم, ونقل سماحة السيد محمد حسن ترحيني, عن المرحوم السيد محمد إبراهيم في عبا, نقلاً عن العلامة الشيخ محمد جواد مغنية, قوله إن معظم المقابر في جبل عامل, هي ليست وقفاً شرعياً, وإنما أصحابها تخلُّو عنها لصالح الشأن العام, بمعنى أنهم قالوا, هذه مقبرة, وهذا بيدر, وهذه لرمي النفايات مثلاً, ولا توجد صيغةٌ شرعيةٌ بخصوص الوقف, وعليه فيجوز حينئذٍ, الإستفادة من المقابر لشيءٍ آخر, ما لم يؤدِ إلى هتك حرمة الميت.
تقيم جمعية الإمام الصادقQ وبالتعاون مع بلدية عدلون
إحتفالاً تكريمياً لسماحة العلامة السيد علي إبراهيم (طاب ثراه)
نهار الجمعة الواقع في 21/أيلول/2012 م
الساعة الخامسة والنصف مساءً في حسينية بلدة عدلون
الشيخ محمد بن علي بن حسن بن حسين بن محمود بن محمد آل مغنية العاملي