1-8 copy_1.psd

مناسبات الشهر

(بطاقة عالم)

الشيخ علي بن الشيخ محمد بن الشيخ حسن صاحب المعالم {، ولد في الثالث عشر من شهر ربيع الأول سنة 1014هـ.

هو صاحب الكتاب المعروف (الدر المنثور) وصاحب فضيلة وكرامات، عاش تداعيات شهادة الشهيد الثاني على أيدي العثمانيين وكان يقول: إنّ أهل البغي في (جباع) حرقوا لي ولأبي الشيخ محمد ولجدي الشيخ حسن صاحب المصالح ولأبيه الشهيد الثاني ما يقرب من ألف كتاب ومخطوطة كانت من أنفس المخطوطات.

والمضايقات التي مرّ بها جبل عامل في تلك الفترة جعلت والده الشيخ محمد يغادر جبل عامل والشيخ علي إبن الست سنوات، فعاش ما يشبه اليتم بل أشدّ من ذلك، ونتيجة المضايقة إنطقلت أمهم إلى كرك نوح في البقاع.

درس الشيخ علي على العديد من الأفاضل، منهم: الشيخ نجيب الدين وأخوه الشيخ زين الدين والسيد نور الدين والشيخ حسين إبن ظهير والشيخ محمد الحرفوشي. وبعد وفاة والده الشيخ محمد في مكة المكرمة سنة 1032هـ كان له من العمر ستة عشر سنة، فاضطر للذهاب إلى مكة ليقف على وفاة والده ووصيته.

وبعد عمرٍ قضاه في العلم والجهاد توفي سنة 1104هـ عن عمرٍ ناهز التسعين عاماً.

السنة الرابعة - العدد السابع والثلاثون - كانون الثاني 2015/ ربيع الأول 1436هـ

استحداث موقع الكتروني

لجمعية الامام الصادق Q

لاحياء التراث العلمائي

www.toorath.com

www.toorath.org

لاستفساراتكم واقتراحاتكم يرجى التواصل على العنوان التالي:

toorath@hotmail.com

70 - 61 68 08

2-3 copy.psd

شخصية العدد

السيد هاشم عباس الكبير

ولد السيد هاشم عباس الموسوي في بلدة (جبشيت) من قرى جبل عامل سنة 1200هـ.

نسبه الشريف: هو السيد هاشم بن السيد محمد بن السيد عبد السلام بن السيد زين العابدين بن السيد عباس (صاحب نزهة الجليس) بن السيد نور الدين علي بن السيد علي نور الدين الموسوي.

فجدّه الأعلى السيد علي نور الدين الموسوي، كان صهراً و تلميذاً للشهيد الثانيقده. السيد علي أنجب السيد محمد الموسوي (صاحب المدارك) من كريمة الشهيد الثاني، وبعد استشهاده في 8 شعبان965هـ في اسطنبول، تزوج السيد علي أم الشيخ حسن (صاحب المعالم) فأنجب منها السيد علي الموسوي الذي منه تشعبت وانتشرت عائلات كآل الموسوي وآل عباس وآل هاشم وآل أبو الحسن وآل الصدر وآل شرف الدين.. كلهم من هذا السيد الجليل وجدّتهم هي أم الشيخ حسن نجل الشهيد الثاني تلك المرأة الجليلة.

والد السيد هاشم هو السيد محمد، أيضا ولد في قرية (جبشيت) سنة 1181هـ وتوفي فيها سنة 1221هـ عن أربعين سنة، وكان من العلماء الفقهاء عابدا زاهدا منقطعا إلى مولاه، مراقباً لنفسه في الليل والنهار.

السيد هاشم كان علي سرّ أبيه من الزهد والتقوى ومراقبة النفس، وكما عبّر عنه الإمام السيد عبد الحسين شرف الدين: «كان زاهدا، عابدا، مجتهدا، من حفظة القرآن العظيم، حسن الخط، كريم الأخلاق، سخيّ الكف، مستجاب الدعوة، يستسقى الغمام بوجهه، ويستدفع البلاء بدعائه».

فالعلم وحده من دون مراقبة النفس والتحلّي بمكارم الأخلاق لا ينفع، بل يكون عيباً على صاحبه، وهنا من خلال كلمات السيد عبد الحسين شرف الدين نجد تلك الصفات الكريمة قد اجتمعت في تلك الشخصية، مما جعلها شخصية نموذجية تصلح لتكون القدوة، فنراه قد بدأ بتربية نفسه من عدم التعلّق في الدنيا والتمسك بها، وكان قد أعطى قسطاً من وقته للعبادة والتهجّد، مخالفاً لنظرية أنّ العبادة تأخذ من طريق تحصيل العلم، متمسكا بالحديث الشريف (ليس العلم بكثرة التعلّم، وإنما العلم نور يقذفه الله في قلب من يشاء). كما أولى اهتماماً لوصية نبينا محمدP بالقرآن الكريم، من التلاوة والتدبر، ثم كان السيد هاشم يطبّق صفات مكارم الأخلاق من سخاء الكف وحسن الأخلاق والتواضع وحبّ الآخرين..

أما الآغا بزرك الطهراني، فامتدحه مستنداً في ذلك إلى شهادة السيد عبد الحسين شرف الدين فقال عنه: «كان عالماً صواماً قواماً مستجاب الدعوة».

وهنا يجب أن نقف عند كلمة (مستجاب الدعوة)، فإنّ استجابة الدعاء من قبل المولى عز وجل، متوقفة على صفاء السريرة وصدق النية، فاستجابة الدعاء تحتاج إلى شروطٍ أهمها الإخلاص والصدق، وهذه الشروط كانت متوفرة في شخصية السيد هاشم عباس.

إنتقلت العائلة إلى دير سريان حيث قدّر لوالده السيد محمد أن يترك (جبشيت) وينتقل بالعائلة إلى قرية (دير سريان) ليكون إماماً لها وللقرى المجاورة. وكانت هذه طريقة العلماء بالسكن، فإنهم لم يبقوا في بلادهم دائماً، كانوا يسكنون في المدن والقرى حسبما تقتضي الحاجة إلى ذلك، لهذا نرى هذا الإنتشار الواسع للعلماء في الكثير من القرى، والسبب كان دعوة أهالي هذه القرى لهؤلاء العلماء ليكونوا أئمة لهم كي يعلّمونهم الأحكام الشرعية ويعظونهم ويحلّون لهم مشاكلهم، وكانت هذه ميزة الناس أنهم كانوا مرتبطين بعلمائهم في كل قضاياهم، وكانوا يستشكلون من الناحية الشرعية بالعودة إلى المحاكم المدنية.

السيد هاشم أنجب السيد حسن الذي توفي بحياة والده في النجف الأشرف، عندما كان يسكن فيها للتحصيل العلمي والإستفادة الروحية من مجاورة الإمام أمير المؤمينQ، فوافته المنيّة وهو في ريعان شبابه، ودفن في الغرفة من جهة باب القبلة إلى جوار أستاذ الفقهاء الشيخ مرتضى الأنصاري سنة 1273هـ.

المرحوم السيد حسن أنجب السيد محمد، والسيد محمد أنجب السيد هاشم، وكان الناس يميّزونه عن جده، حيث يطلقون على جدّه (السيد هاشم الكبير)، وأحفاده صاروا يعرفون بآل هاشم وآل أبو الحسن في معركة.

السيد محمد حفيد السيد هاشم الكبير، كان فاضلاً حيث درس العلوم على الشيخ جعفر مغنية، ثم انتسب إلى مدرسة آل خاتون في (جويا) ثم درس في مدرسة الشيخ عبد الله نعمة في (جباع) وعاد ليدرس في مدرسة الشيخ محمد على عز الدين في (حناويه). وكان شاعراً ومن شعره يخاطب به ولده:

لا تصحبنّ لئيماً فاللئيم له

طبعٌ على اللؤم والفحشاء قد طُبعا

ولا تمدّن طرفاً للغنى وإن

أضحى ذوو الجهل من جهلٍ له تبعا

ولا تطلبنّ من ضنينٍ حاجة أبداً

إنّ الضنين بسوء الظن قد ولعا

السيد هاشم سكن قرية (دير سريان) من جبل عامل، واستمر قائماً بشؤونها بعد وفاة والده السيد محمد. وزهده وعبادته لم تمنعه من التصدي للشأن العام، وهذه ميزة علماء الإمامية عن غيرهم، فبينما نجد عبّاد بني إسرائيل ورهبان النصارى يبتعدون عن مجتمعاتهم ويشتغلون بأنفسهم، في الوقت الذي يدعو الزهد والعبادة حافزاً لعلمائنا للإنخراط أكثر في مجتمعاتهم وتحمّل مسؤولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وحلّ مشاكل الناس وتعليمهم الأحكام الشرعية والمواظبة على صلاة الجمعة والجماعات وإحياء المناسبات الدينية. فهم على طريقة ومنهج الإمام علي بن أبي طالب Q، الذي كان يُضرب المثل بزهده، ومع ذلك تصدّى لخلافة المسلمين والدفاع عنهم. ولو تركوه يحكم لحملهم على المحجة البيضاء ولساد العدل في الرعيّة وانتشر العلم وانتفى الجهل والجور. كذلك علماؤنا، مع شدّة زهدهم، كانوا يتصدّون لمناصب الإفتاء والقضاء كي يقطعوا الطريق على المصطادين في الماء العكر من وعاظ السلاطين ويخدمون المجتمع من خلال هذه المناصب.

وفيما يخصّ العصر السياسي الذي عاشه السيد هاشم، نجد أنّ ولادته قد جاءت في أصعب مرحلة يمرّ بها جبل عامل، وهي بداية النكبة حيث كان قد مرّعلى هيمنة الوالي العثماني (أحمد باشا الجزار) أربع سنوات، وعندما انتهت النكبة بهلاك الجزار 1219هـ، كان للسيد هاشم من العمر تسعة عشر سنة. لذا فإنّ قسماً من ذلك العصر كان قبل أن يولد وقسماً آخر لم يدركه وقسماً قليلاً قد عاش معاناته.

لكن بالتأكيد هو من العلماء الذين ساهموا في إعادة الحياة العلمية إلى جبل عامل حتى ولو لم يُعرف عنه بأنه قد شيّد مدرسة دينية، فنفس أن يكون أحد علماء تلك المرحلة ومن المتصدين للشأن العام وقيامه بوظيفته الدينية، ومن ثم إنجابه لهذه السلسلة من العلماء، هو بحدّ ذاته مساهمة كبيرة في الإبقاء على الحاضرة العلمية لجبل عامل.

أما فضيلته العلمية، فنحن لا نعرف المقدار العلمي الذي حصل عليه وإنما نكتشف فضيلته العلمية من كلام السيد عبد الحسين شرف الدين الذي قال عنه: «كان عالما فاضلاً...»، ومن خلال تعاطي العلماء معه وخصوصاً الفقيه الكبير الشيخ عبد الله نعمة.

وأما مناقبه وكراماته: فتُحكى له العديد من الكرامات والمناقب، فعندما يقول السيد شرف الدين: «كان مستجاب الدعوة»، حيث كان الناس وحتى العلماء يتباركون به ويطلبون منه الدعاء لعلمهم بأنّ دعاءه مستجاب، وإطلاق هذه الصفة عليه لا تأتي لمجرد أنه عالم زاهد، بل لا بدّ أنّ دعاءه مجرّب.

وهنا نلاحظ كما نقل أهل التراجم، أنّ العلامة الكبير الشيخ عبد الله نعمة مع أنه من كبار العلماء والناس كانت تتبارك به، وتُنقل له العديد من الكرامات، (وحتى أنّ المرأة في جبل عامل عندما كانت تمدّ يدها على (القمح) ..... تقول: يا بركة الله وبركة الشيخ عبد الله)، نجد هذا العالم الجليل يأتي دائما إلى (دير سريان) ليتبارك بالسيد هاشم ويطلب منه الدعاء وكان يقول: «يا ليتني ترابا تحت أقدام السيد».

كان للسيد هاشم أخ واحد وهو العلامة السيد قاسم، سكن في أصفهان ودرس على ابن عمه السيد صدر الدين بن السيد صالح الموسوي عندما ترك السيد صالح (شحور) بسبب وقوع فتنة الجزار 1783 م، وجاء إلى النجف الأشرف مع نجله الصغير السيد صدر الدين الذي درس على أفاضلها وتزوّج كريمة الشيخ جعفر آل كاشف الغطاء ثمّ قرّر الإنتقال إلى أصفهان في إيران وأصبح فيها من الرؤساء حيث حاز على الوجاهة الدينية والإجتماعية.

أعقب السيد قاسم بنتاً واحدة تزوجها السيد هادي الصدر والد السيد حسن الصدر (صاحب تكملة أمل الآمل)، ولكنها ماتت وهي في ريعان شبابها قبل أن تنجب.

أما وفاته: فكانت سنة 1280هـ عن ثمانين عاماً، ودفن في قرية (دير سريان) ولا زال قبره مزاراً، والناس ينقلون كرامات لهذا السيد بعد مماته، وكانوا يأتون إليه ويتوسلون إلى الله تعالى أن يغفر لهم ويقضي حاجاتهم بحرمة صاحب هذا القبر.

وقد أرّخ وفاته حفيدُه السيد محمد:

يا دهر قد واريت غضباً قاطعاً

وسيداً في صرفه العادي انصرف

لله ثـاوٍ قـد قـضى ملـبياً

لجنّة الخلد إلى أعلى الغـرف

في جنة الفردوس من كوثرها

فـهـاشـم للكـأس أرّخـه غـرف

2-3 copy.psd

مشاركة مسؤول الملف

سماحة الشيخ حسن بغدادي

في مؤتمر التقريب بين المذاهب الإسلامية الذي انعقد

في طهران بمناسبة المولد النبوي الشريف.

حيث تحدّث حول: «المنهج التكفيري وطرق مواجهته»، وممّا جاء في كلمته: ما برز في السنوات الأخيرة وخصوصاً في سوريا والعراق من تقاتل دموي وهتكٍ للأعراض ودمارٍ كبير، لم يكن مجرّد حالة إنفعالية سبّبها الإنقسام الداخلي السوري أو العراقي على السلطة، إنما هو جزء من المشروع الأمريكي الذي بدأت طلائعه في أيلول 2001م بعد أحداث (نيويورك)، والمشكلة كانت دائماً في الأدوات التي تستخدمها أمريكا أو بريطانيا أو أية جهة إستخبارية لها مشروعها في المنطقة. فعلى طول التاريخ كانت السلطة الحاكمة أو الأجانب ومن ورائهم أيادي يهودية يعملون على زرع الفتن ودسّ الأكاذيب والإنشقاق للنيل من الإسلام ومن ثروات المسلمين.

المنهج التكفيري الذي هو صنيعة الأجانب واليهود، لم يكن صنيعة داعش والنصرة أو القاعدة، وإنما هذه الأسماء والعناوين هي نتيجة ذلك الفكر المنحرف الذي صنعته المخابرات البريطانية على يد زعيم (الوهابية) محمد بن عبد الوهاب.

كان المنهج التكفيري ومايزال مادةً خصبة يُمكن استخدامها عند اللزوم وهي جاهزة (كالحيوان) تسوقها في أي اتجاه وحتى لو دعوتها لمقاتلة نفسها، وهذا ما حدث في سوريا عندما قاتلوا بعضهم البعض بعمليات انتحارية وقُتل الآلاف على أيدي بعضهم البعض.

هذه الذهنية وهذه المدرسة، نرى اليوم الأمريكيين يُهدّدون بها دول المنطقة وحتى الأوروبية منها التي تريد أن تخرج عن الطاعة، وليس غريباً على هذه الدول أن تصاب بهذه النكسة، فقديماً قيل: (طابخ السمّ آكله) والحديث الشريف قال: «من أعان ظالماً أبتلي به».

إذاً، هذا الخطر الداهم والموجود بيننا والعصا الغليظة التي تستخدمها أمريكا وعموم الغرب ضدنا، كيف نواجهه وما هي الأساليب التي يجب أن نعتمدها؟

الأولى: أن يلتفت الجميع إلى هذا الخطر الجدّي وعدم السقوط أمام الشعارات الكاذبة والمزيّفة والبحث في سلوكهم لا في أقوالهم، عندها سيُكتشف عمق الهوة بين الشعارات والسلوك.

الثانية: وهي موجّهة إلى بعض (الشيعة) بأن يلتفتوا إلى وجوب الإمتناع عن سبّ وشتم أو توجيه أي توهين إلى أحد الصحابة ومنهم زوجة النبي P، فهذا مضافاً لحرمته كما ذهب إليه علماء الشيعة، هو أيضاً يخدم أعداء الإسلام وخصوصاً المنهج التكفيري الذي يُريد أن يستغلّ الكلام للإستفادة والإستثمار كي يخلط الأوراق ويزرع الفتنة بيننا وبين إخواننا من أهل السنة في الوقت الذي يعمل هو فيه ضد الجميع ومن دون تمييز.

الثالثة: العمل على منع هؤلاء من الإمكانيات - وخصوصاً السلاح - وحرمانهم من البيئة الحاضنة، ولعل الذي حمانا منهم في لبنان هو حرمانهم من البيئة الحاضنة ومن امتلاكهم لمساحات يمكن أن ينطلقوا منها رغم وجود بعض المسؤولين في الدولة وبعض المعمّمين الذين لا شكّ بانتمائهم إلى جبهة داعش والنصرة. وعلى هؤلاء والدول التي ترعاهم أن يُدركوا أنهم لن يكونوا بمنأى عن شرّهم وعن الإنقضاض عليهم ولو بعد حين، لذا يجب على الجميع أن يبذلوا جهوداً جبارة في سبيل اقتلاعهم من أرض المسلمين من العراق وسوريا وعودة الأجانب منهم إلى بلادهم ومحاكمتهم محاكمة عادلة، وإعادة بناء الدولة التي تُشكّل الضمانة الحقيقية لأمن الجميع.

الرابعة: العودة إلى تفعيل الإجتهاد عند المذاهب الإسلامية التي تخلّت عنه، فبدونه سوف ينمو المنهج التكفيري وهو أقدر على جذب الشباب والشابات إلى ساحة عمله من خلال استخدام شعارات برّاقة كالدفاع عن أهل السنة والجماعة، وإقامة دولة الخلافة، وقتال الكفار، مضافاً للسلوك الذي يستهوي هؤلاء الشباب والشابات من استخدام القوة المفرطة وتوفير مناخات ما تحبه النفس الشيطانية.. والأخطر من هذا هو اعتماد زمرة ممّن أطلقوا على أنفسهم علماء دين - وهم جهلة ومخابرات وقتلة - يُفتون لهم بالقتل والسّبي وهتك الأعراض وجهاد النكاح إلخ...

الخامسة: أن نعمل جميعاً على تسليط الضوء على فضح هؤلاء وكشف زيفهم وحجم ضررهم وما ارتكبوه من جرائم وخصوصاً بحق المسلمين والمسلمات من أهل السنة. وهنا أتوجه بالخصوص إلى علماء المذاهب الإسلامية من غير الشيعة بأنّ مسؤوليةً كبرى سوف تُسألون عنها يوم القيامة، ولكلامكم تأثيرٌ كبير وهي مسؤولية شرعية.

السادسة: إعادة رسم خارطة تفاهم مع أهلنا من (النصارى) على قاعدة «قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ».

السابعة: علينا كعلماء دين ومفكرين أن نُبقي على القضية الفلسطينية المركزية حاضرة في خطابنا وفي عقولنا وأن لا تغيب عن منطقنا، فعلى العدو الإسرائيلي أن يشعر دائماً بالقلق وأنه مهما فعل من دعم المسلَّحين ظناً منه أنّ هذا يُشغلنا عنه، فهو واهم وعليه أن ينتظر لحظة الإلتحام معه لنذيقه حرّ السعير، ولننزل به أبشع الخسائر.

فلا يتوهّم العدو الإسرائيلي أنه بمنأى عن النيران التي أجّجها في المنطقة، فالمقاومة في فلسطين ولبنان والجولان ومحور المقاومة بشكل عام يرصدون بدقة حركته ويرسلون الرسائل تجاهه، وعليه أن يستفيد من العبر ومن حرب تموز 2006م، وما خبِرته المقاومة الإسلامية خلال أربع سنوات من مواجهة الإرهابيين في المناطف المختلفة، تكفيها لأن تُنسي العدو مرارة هزيمة تموزة 2006م.

وقد كان لمسؤول الملف العديد من اللقاءات على هامش المؤتمر مع شخصيات علمية وفكرية من مختلف العالم الإسلامي.

قدّم للندوة عضو تجمع العلماء المسلمين فضيلة الشيخ عادل التركي.

المحور الأول: قراءة في المنهج التقريبي عند الشيخ مغنية

عالج هذا المحور: عضو المجلس المركزي في حزب الله سماحة الشيخ حسن بغدادي، وممّا قاله:

ولد الشيخ محمد جواد مغنية في قرية (طيردبا) من جبل عامل سنة 1904م قبل الحرب العاملية الأولى بعشر سنوات.

آل مغنية من العوائل العلمية التي ساهمت في نشر العلم والفكر والأدب على امتداد قرون من الزمن، وإن كان الأكثر صيطاً وحضوراً إلى يومنا هذا هو العلامة الشيخ محمد جواد مغنية لكونه خرج عن سياق التحصيل العلمي والتبليغ الديني، وتصديه لعناوين كانت في غاية الأهمية حتى عُدَّ أحد رجالات الإصلاح والتقريب بين المذاهب، وأنا اليوم عنوان كلمتي مُحدّدة بالمنهج التقريبي، وإلا فالشيخ مغنية دعا إلى إصلاح المؤسسة الدينية في الحوزة العلمية في النجف الأشرف التي كان يرى فيها عمالقة في العلوم المختلفة إلّا أنهم يفتقدون للإدارة والتصدّي للأمور العامة للمسلمين، لذلك كان يقول لو كنت المرجع الأعلى لأنشأت محطة تلفزيونية فضائية، وإذاعة ودور نشر، ولاستقدمت ذوي إختصاصات بالتربية والتعليم ولانفتحنا على العالم الإسلامي بالتربية والتعليم، ولانفتحنا على العالم الإسلامي وتعرّفنا على أوضاع المسلمين ولتحدّثنا إليهم...

لقد عالج الشيخ محمد جواد مغنية مواضيع عديدة في العلاقة بين الحوزات العلمية والجامعات، أو دور رجل الدين في المجتمع، مضافاً للإصلاح السياسي، والمجال اليوم لا يتّسع إلى التعرّض إلى الدور الكبير الذي قام به الشيخ مغنية ومنها قدرته على مخاطبة الجيل الصاعد جيل الشباب، عندما كان الشباب في ذلك الوقت ليس لديهم وسائل إعلامية تنقل إليهم الأفكار والرؤى التي يتطلعون إليها، واستطاع الشيخ مغنية أن يبسط الأفكار والمفردات بما تنسجم مع طبيعة تلك المرحلة.

عنوان مداخلتي اليوم هو: قراءة في المنهج التقريبي عند العلامة الشيخ محمد جواد مغنية. هناك الكثير من النظريات التقريبية التي طرحها رجال الإصلاح من علماء ومفكرين، وهي في الغالب كانت تبحث عن آليات أشبه ما تكون مشروع (هدنة بين متناحرين) وإن كان البعض منها قارب مفهوم تعدد المذاهب الإسلامية من الناحية الفقهية الأكثر جدية كما فعل العديد من علماء المذاهب، وبالأخص ما أطلق عليه (بالفقه المقارن) كما فعل الشيخ الطوسي قبل ألف عام في كتابه (الخلاف) أو ما ذهب إليه العلامة الحلي وتلاميذه ومنهم الشهيد الأول الشيخ محمد بن مكي الجزيني وسار على نفس المسلك الشهيد الثاني وعلماء آخرين.

لكن المسلك التقريبي عند الشيخ محمد جواد مغنية كان يختلف عن بقية المناهج التقريبية، فكان الأكثر تطوراً عنده التقريب بين المذاهب من خلال التشريع ودور العقل، وإدخال الخلاف بين المذاهب الإسلامية ضمن إطار الإجتهاد القائم على مصلحة المسلمين بما ينسجم مع تطوّر الحياة.

لذلك عندما ذهب الشيخ مغنية إلى جواز أن يتعبّد المسلمون بأي مذهب من المذاهب الإسلامية الخمسة كما ذهب شيخ الأزهر الشيخ شلتوت إلى هذا المبنى عام 1960م، إذ لم يكن المقصود بجواز التعبّد هو التخيير إبتداءاً، وإنما إذا اقتنع المسلم باحد هذه المذاهب يجب عليه الإلتزام به.

وهذه الفتوى من الشيخ مغنية هي ليست للمجاملة بقدر ما هي قناعة فقهية ناتجة عن فهم الشيخ مغنية لحقيقة الإجتهاد.

كان يرى الشيخ مغنية أنّ العَالِمَ الذي يتعصّب لأي مذهب هو أسوأ حالاً من الجاهل، فهو بهذا لم يتعصّب للدين والإسلام وإنما تعصّب لصاحب المذاهب.

وأضاف أنّ العقل لم يفرض علينا متابعة هذا المذهب بالخصوص، وإنما العقل أمر بوجوب الإلتزام بما صدر عن الشرع المقدّس ووجوب فتح باب الإجتهاد للوصول إلى الحكم الشرعي، فمخالفة أي مذهب ليس فيه مخالفة لحقيقة الإسلام بل هي مخالفة لصاحب هذا المذهب ثم يُبين الشيخ مغنية أهمية الإجتهاد التي نتجت عن تعدّد المذاهب التي لم تكن في بداية الدعوة الإسلامية، وجاء الإجتهاد ضمن هذا التعدّد ليكون نقطة قوة للإسلام وليحلّ مشاكل المسلمين.

وعمل الحكّام الظلمة على إغلاق باب الإجتهاد ليتحوّل التعدّد من نقطة قوة إلى نقطة ضعف، فكان التعصّب والتكفير، فكان قوة للحاكم الظالم لعدم الإعتراض عليه، وفتح باب الإجتهاد يجعل الحاكم الظالم يخاف من حرية الرأي، ولهذا بحجة حماية الدين عملوا على إغلاق باب الإجتهاد.

الشيخ مغنية يوضح المسألة أكثر ويفلسف دور العقل فيقول: الإجتهاد ينسجم مع تطور الحياة، والدين لا ينفك عن العقل، وسد باب الإجتهاد يكون سدّاً لباب الدين.

فالإجتهاد: هو إنطلاق العقل وإفساح المجال لإستنباط الفروع من أصولها.

فإذا منعنا دور العقل فهذا يلزم أن تكون قد حجّرنا على الدين لأنه يلزم سد باب الإجتهاد والوقوع بأحد محذورين:

الأول: أن يكون سد باب الإجتهاد سد لباب الدين.

الثاني: أن يكون العقل لا يدعم الدين ولا علاقة له به، وهذان الأمران مستحيلان بحكم العقل والدين، لذلك الشيخ مغنية يذهب إلى نظرية فيما لو أنه أتيحت فرصة أن يجتمع علماء المذاهب الإسلامية ويناقشوا الأمور ضمن مصلحة المجتمع القائم على النصوص الصحيحة والإلتزام بالمبنى الذي يتوصّلون إليه.

وهذا المبنى التقريبي لم يمنع الشيخ مغنية من مناقشة شيخ الأزهر (الشيخ شلتوت) في فتوى أصدرها وهي جواز التصدّق بثمن الهدي عن عدم القدرة من الذبح في منى ورد عليه الشيخ مغنية بأن هذه الفتوى غير صحيحة: لأن الهدي ليس صدقة حتى يدفع المكلّف ثمنها عن عدم القدرة، وعلى تقدير أنها صدقة فالحكم هو الذبح، وعند التعذّر يسقط التكليف والبديل يحتاج إلى حكم آخر.

في الختام:

ما أحوجنا اليوم إلى ذهنية الحوار الجدّي والحقيقي في ظلّ التحديات القائمة والتي تستهدف الإسلام والمسلمين بمختلف إنتماءاتهم المذهبية والفكرية، ولا يتصوّرن أحدٌ أنّ فريقاً بعينه هو المستهدف، فإذا تجاوز عدد القتلى بين داعش والنصرة الآلاف من المقاتلين وعدد القتلى من المجتمع المدني في سوريا والعراق بما يفوق التصوّر من الإخوة السنّة لمجرّد أنهم لم يبايعوا أبو بكر البغدادي، فيصبح الحوار بين علماء المذاهب وفتح باب الإجتهاد على مصرعيه أكثر من واجب.

ومن هنا إنطلق الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل لكونه حاجةً وطنية لتأمين الإستقرار وقطع الطريق على المتضرّرين، كما سيُخفّف هذا الحوار من التوتّر في الخطاب السياسي، ويمنع من إيجاد بيئة حاضنة للإرهاب التكفيري الذي يُشكّل خطراً على جميع اللبنانيّين، مضافاً لكونه فرصة لتفعيل عمل المؤسّسات.

المحور الثاني: المنهج التكفيري: أخطاره وكيفية مواجهته

عالج هذا المحور إمام مسجد القدس في صيدا سماحة الشيخ ماهر حمود، وممّا جاء في كلمته:

سأسلّط الضوء على العنوان الذي اقترحه لي سماحة الأخ الشيخ حسن بغدادي في هذه الندوة، وأبدأ من أول ظاهرة شاذة في التاريخ الإسلامي، والتي ظهرت في صدر الإسلام وتمثّلت بالخوارج بشكل رئيسي، بالإضافة إلى بعض الجماعات الأخرى التي يمكن أن نسميها تكفيرية بمعنى أنها استحلّت الدماء لمن يخالفها كالقرامطة والحشاشين وشيء ما الصفوية والوهابية وغيرها. لكن يبقى الأصل تشبيه التكفيريين بالخوارج بشكل رئيسي، حيث يشبهونهم إلى حد كبير.

تركيزنا على التشبيه لأن البعض يقول أن التكفيريين صناعة أميركا والغرب فقط، لكن ليس بهذه البساطة تتم معالجة الموضوع، لأنّ مثل هذا الفكر وُجد بعد وفاة الرسول بخمس وعشرين عاماً، فيفترض علينا أن لا نحمِّل الآخرين فقط مسؤولية ما نحن فيه، فالمجتمع الإسلامي في صدر الإسلام نتج عنه بشكل أو بآخر مثل هذه الظاهرة، لكن مع عدة فوارق بين تكفيريّي اليوم والأمس:

الفارق الأول: تكفيريو اليوم ينالون دعماً غير محدود من أميركا وغيرها من دول محلية وإقليمية تظن أنها تستفيد منهم ولكن العكس هو الصحيح، ولا يخفى على أحد منا الدعم السعودي والتركي لهؤلاء.

بينما الخوارج في ذلك الوقت، لم يكن أحدٌ على ما أظن يستطيع أن يدعمهم وإن كان معلوماً أنّ أمراء الروم حاولوا الدخول على الخلاف بين المسلمين في صفين ورفضوا ذلك حتى معاوية بن أبي سفيان حسب ما تنقله بعض الروايات. لكن اليوم الوضع تغير فالأمريكي يدخل علناً وهذا على ما أظن لا يحتاج إلى إثبات.

أمّا الفارق الثاني: أنه في ذلك الوقت كان هناك دولة مركزية قوية بغض النظر عن موقفنا منها إذ كنا نحبها أو نكرهها، لكنها كانت دولة قوية مترامية الأطراف وتستوعب هذه الظاهرة.

أمّا اليوم، هنالك دعم لهؤلاء الدواعش وليس هناك دولة إسلامية مركزية قوية تخفف من هول ما يفعلون. ومع ذلك لا نخفي عليكم أنّ الخوارج حاربوا سيدنا علي في النهروان بل عدَّ لهم خمسُ معارك خلال خلافة سيدنا علي، وخاضوا حوالي العشرين معركة مع الأمويّين وصولاً إلى عام 128 هجرية، يعني ظل سمّهم ينعف في جسد الإسلام والمسلمين قتلاً واغتيالاً وتشويهاً.

أما عن سبب وجود ظاهرة الخوارج فنقول: أنها وجدت في لحظة انحراف ما، أو خطيئة ما والتي كانت في التحكيم وخاصةً عندما وقع الغدر والخديعة في التحكيم.

إذاً، كيف يمكن لإنسان يريد إصلاح الإسلام، أن يظن لوهلة أنّه يصلح الإسلام بقتل رأس الإسلام؟ هذه الفكرة تحتوي على كبرياء وجهل وتسرّع وتعالم (إدعاء العلم) وكل هذا موجود في الخوارج وفي الخوارج الجدد.

نعم، هناك أيضاً أخطاء من الحكّام العرب والمسلمين جميعاً تقريباً، خاصة في موضوع فلسطين، من تخلّف وخيانة وغيرها، ساعدت في إيجاد أرضية خصبة لنشوء هذه الحركات، هذا أولاً.

أمّا ثانياً: الحركات الإسلامية التاريخية وخاصة حركة الإخوان المسلمين قامت بموبقات، ما كان أحد ينتظرها بالحد الأدنى كإسلاميين يثقون بأنّ هذه الحركة التي عمرها أكثر من ثمانين عاماً وخرّجت مئات الآلاف من المتدينين وبَنَتْ مئات الآلاف من المساجد والمراكز الإسلامية على مساحة العالم كله. كيف يمكن أن ينتج عنها مثل هذه الأخطاء التي قد نشير إليها بمثال (رسالة محمد مرسي إلى شيمون بيريز بترشح سمير جعجع في لبنان)؟ وتعاون جماعة الإخوان المسلمين بشكل واضح مع الأميركي وغير الأميركي في الموضوع السوري، وغيرها الكثير من الأخطأ؟

إذاً هناك صدمة كبيرة حصلت من الإسلاميين وغير الإسلاميين سبّبت هذه الأخطاء، وهنا علينا أن نرجع إلى الجذور.

فمتى بدأت التكفيرية أو التكفيريون المعاصرون من هذا النوع؟

لقد بدأوا في سجن النظام المصري، في عهد عبد الناصر في الستينات، كان هناك قسوة في السجون فاقت الجرائم التي كانت تنسب إلى الإخوان، هذا باعتراف القاسي والداني.

بدأت هذه الأفكار - هنالك طبعاً - حيث كان رئيس هذه الفكرة شكري مصطفى المصري الذي بدأ خلال وجوده في السجن بتكفير المجتمع، مستعيناً على ذلك ببعض التفسير الحرفي الناقص لكتابات الشهيد السيد قطب الذي كان قمة في الأدب والمعنويات، لكن حرفيتها ليست فقهية لأن السيد قطب كان أديباً وليس فقيهاً. وكما استعانوا أيضاً، ببعض أفكاره وألفاظه التي فسّرت تفسيراً حرفياً على الطريقة الوهابية في دراسة النصوص، فبدأت الأفكار هناك مع رؤوس الإخوان المسلمين داخل السجون بعدما قاموا بمناقشة هذه الكتابات، و بعد أن خرجوا من السجن أيام السادات في السبعينات، خرجوا مع كتاب يلخّص النقاشات وأطلقوا عليه إسم “دعاةٌ لا قضاة” وعنونهُ بإسم المرشد العام حسن الهضيبي.

طبعاً، لا ننسى أنهم متدينون وجاؤا إلى مجتمع تقريباً متفلّت من أدنى درجات التدين في السبعينات، حيث كان التدين شبه غائب، فكانت هذه مساعدة، وكما هو معلوم أنه في العام 1976م قاموا باغتيال شيخ أزهري ذا قيمة مميزة وهو الشيخ حسين الذهبي، وكان اختصاصه التفسير وله كتاب التفسير على ما أذكر، وهو من أروع كتب التفسير التي تلخص تاريخ التفسير في الإسلام. قتلوه برصاصة في عينه وكأنهم يقولون له أنت الأعور الدجال، وحادثة مقتل الشيخ حسين الذهبي تعيدنا إلى استشهاد الشيخ البوطي وكما تعيدنا أيضاً إلى قتل الخوارج سيدنا علي مع الفارق بالدرجة طبعاً وهو رأس الإسلام، نعم يقتلون رؤوس الإسلام وعلماء الإسلام الذين يحافظون على العقيدة والدين.

هذا التشبيه واضح، أما التشبيه الثاني وهو مهم جداً، عندما قبِل سيدنا علي بالتحكيم بسبب ضغط القرَّاء كأبي موسى الأشعري قالوا: لا نقبل بحكم البشر، لأن الحكم لرب البشر (إن الحكم إلّا لله)، وهذا شعار كل الحركات الإسلامية انطلاقاً من الآيات الثلاث من سورة المائدة وغيرها طبعاً.

هنا نقف لحظة أمام خطأ آني وقد يكون تاريخيا، هو أنه من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون بشكل رئيسي. طبعاً تسلسل الآيات تدل على أنّ رب العالمين أراد لكل أمة أن تحكم بالإنجيل والتوراة ثم القرآن. فهؤلاء أخذوا حرفية الكلام، وقاموا بقتل خيار المسلمين من خلال رفعهم لشعار الحكم بما أنزل الله، مع العلم أنهم يحوون تناقضاً أخبر عنه المصطفى P في أكثر من رواية وأكثر من مكان. وأيضاً، كانوا زهّاداً، ومثالٌ آنيّ على ذلك (ابن لادن)، وبغض النظر هل هو تكفيري في الشكل الكامل أو يختلف في درجات، فـ ابن لادن كان يستطيع أن يعيش في أحلى منتجعات أوروبا، عاش في الوعر والجبال من أجل هذه الفكرة، كذلك كان الواحد من الخوارج يكون أميراً في قومه ويتنكّر في زي خدم ويمارس عمل الخادم بكل ما فيه من إذلال وتعب سنوات من أجل أن يصل إلى هدفه بالتقرّب من فلان من أجل أن يقتله. نعم كانوا زهّاداً وعبّاداً، ولكن ماذا ينفع دون عقيدة سليمة، هذا الوصف طبعاً اجتزاء واختصار للوصف.

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا كيف الخروج من هذا المأزق؟

نعم، إذا أردنا الخروج من هذا المأزق، علينا أن نستفيد من التاريخ وتجاربه، ولدينا تجربة عمر بن عبد العزيز الذي حكم لمدة سنتين وخمسة أشهر من عام 99 إلى عام 101 هـ، لكنها كانت منارة في تاريخ تمّ فيها إعادة الأمور إلى نصابها، ونهى عن سبِّ سيدنا علي ولعنه على المنابر واستبدلها بقول تعالى من سورة النحل: }إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى{[1] ، ولا نزال نقولها إلى يومنا، والخوارج قبلوا به وجاؤا إلى بيته شبه خاضعين، وناقشوه في أفكاره وحاججهم ولكن بقيت مسألة في آخر الأمر عند الخوارج وهي الشورى التي تعدّ من أركان الدين، لأنّ الذي يأتي بالتوارث عندهم ليس صحيحاً، وكانوا يريدون من عمر بن عبد العزيز جواباً شافياً حول طبيعة السلطة بهل أنها ستكون شورى أو توارث، وهذه المسألة لم يفلح الحاكم في ذلك الزمان من إيجاد حلّ لها، حيث بقي ساكتاً.

والذي أريد أن أقوله بعد هذا العرض المختصر لهذه التجربة، أنّ أي نظام حكم عادل سواء كان إسلامياً أو غير إسلامي كفيل بأن يحدّ من ظهور هذه الحركات، وعليه اتباع العدل وسبيل الحوار، طبعاً ليس أي حوار بل الحوار القائم على دراسة وبحث عميق، كما علينا العمل على تجفيف المنابع، واللجوء إلى الحرب المباشرة كما يحصل اليوم بعد فشل المساعي الأولى التي ذكرناها.

ومن خلال رؤيتي للمستقبل أظن أنه يستحيل أن يكون لهذا النهج في المستقبل أي كيان، لأنّ هؤلاء الناس لا يمكن أن يعيشوا أو يبنوا بناءاً أو يغرسوا غرساً، ووجودهم ما هو إلّا عقوبة إلهية لكل من لم يقبل بالمقاومة وبشكلها، وبإيران وبشكلها. وأقول لأصحاب العقول الضيقة الضعيفة التي لا تعرف الفرق بين الإختلاف الفقهي والإختلاف السياسي، والتي تعمل لحسابات خارجية تخدم مصلحة تل أبيب، عليكم أن تدركوا هذه الحقائق جيداً.

أما في موضوع الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل، فنحن كما باقي اللبنانيين نرحب بهذا الحوار، ونحن متأكدون أنّ الذي ثبت على المبادئ هو الذي يحق له أن يدير الحوار، وكما نتمنى أيضاً أن تكون العقول الحاقدة التي تؤذي فكرة الحوار كما سمعنا من الرئيس فؤاد السنيورة بالأمس مستبعدة وغير معتمدة في هذا الحوار من أجل إنجاحه وإيصاله لبر الأمان، من أجل أن يخرج لبنان واللبنانيين من الموبقات، واعلموا جميعاً أن الحوار سينجح وإن تعثر في بعض الخطوات، لذلك علينا أن نتفاءل بالحوار ونؤكد أنه سيكون للمصلحة اللبنانية العليا التي من ضمنها الحفاظ على المقاومة وأهدافها فضلاً عن تخفيف الإحتقان المذهبي المفتعل. كما علينا بعد هذا التخفيف العمل على الوصول إلى ملءِ الفراغات التي يشكوا منها اللبنانيون والتي تؤثر على المصلحة العليا.

[1] سورة النحل الآية: 90.

نظمت جمعية الإمام الصادق Q لإحياء التراث العلمائي ندوة فكريّة تحت عنوان:

“المنهج التقريبي في فكر العلامة الشيخ محمد جواد مغنية ”.

1.JPG
2.JPG
3.jpg

إلتقى مسؤول الملف العديد من الشخصيات العلمائية والفكرية من مختلف المناطق، وذلك في مقر جمعية الإمام الصادق Q في بلدة أنصار الجنوبية.

1-8 copy.psd

لم يمنعه االخطر من تحمّل مسؤوليته الشرعية

فدسّوا إليه السّم لأنهم خافوا من مناظراته العلمية

إنه العلامة السيد أمين إبن السيد عباس الذي ينتهي نسبه إلى السيد نور الدين علي الموسوي، أخ السيد محمد (صاحب المدارك)، وهو جدّ السادة آل عباس وآل هاشم وآل شرف الدين وآل الصدر وآل أبو الحسن وآل نور الدين.

كان جدّه السيد عباس (صاحب نزهة الجليس) قد سكن بلدة جبشيت من جبل عامل. السيد أمين وُلد في جبشيت، وعندما أصبح من الفضلاء رأى أنّ الواجب الديني يفرض عليه مغادرة جبل عامل والذهاب إلى مصر. ففي جبل عامل يوجد كمّ من العلماء الأفاضل يمكن أن يقوموا بوظائفهم الدينية، وبهذا يسقط التكليف عنه بضرورة البقاء، وحيث كانت مصر تُشكّل مركزاً كبيراً لعلماء المذاهب الإسلامية، والتي كان علماؤنا من الشهيد الأول إلى الشهيد الثاني وغيرهما يشدّون الرّحال إلى مصر للمذاكرة والدرس، فلهذا قرّر السيد أمين الموسوي الذهاب إلى مصر والبدء بالمناظرة مع علمائها بالدليل والحجّة، وبالتالي هم علماء يقبلون الحوار العلمي. وكان السيد أمين الموسوي يتمتّع بحضور علمي وقوة مناظرة مدعومة بأدلّة دامغة من الصعب أن يتنّكر لها المنصف من هؤلاء العلماء. وعلى مرّ التاريخ، كان المتضررون من الحوارات الهادفة يعملون على منع استمرارها والنفخ في نار الفتنة والتفرقة كي لا يتّحد علماء الدين ضمن المنهج التقريبي الذي يشكّل قوة المسلمين من خلال وحدتهم ويمنع من تدخّل الأجنبي في بلادهم الذي طالما عمل على إيجاد ودعم المنهج التكفيري لكونه المعبر الوحيد إلى ثروات المسلمين وتمزيق عُرى وحدتهم وتشويه صورة الإسلام الناصعة التي لو أُتيح لها أن تظهر على حقيقتها لعمّت العالم ولعاشت البشرية بركاتها ولتخلّصت من كل أنواع الظلم ولما بقي موطىء قدم لحاكمٍ ظالم على هذه البسيطة. لهذا عمد أولئك المتضررون من هذا الحوار في مصر إلى التخلّص من هذا السيد الجليل، فدسّوا إليه السّم ليقطعوا به الطريق على من يفكر بالسير في مشروع الحوار والوحدة، وبهذا قدّموا خدمة لأعداء الدين والمتربصين بمنطقتنا شراً، فقضى رضوان الله تعالى عليه شهيداً وهو في ريعان شبابه.