مناسبات الشهر
مناسبات الشهر
(بطاقة عالم)
العلامة اللغوي الشيخ علي سبيتي
ولد الشيخ علي سبيتي في قرية (كفرا) من جبل عامل، في 26ذي القعدة 1236 هـ موافق1820م، و توفي في شهر رجب ليلة الجمعة سنة 1303هـ موافق 1885م.
الشيخ علي سبيتي لم يذهب إلى النجف الأشرف كما فعل أخوه الشيخ حسن و ابن شقيقه الشيخ محمد علي عز الدين، فقد درس هؤلاء بداية في جبل عامل، على الشيخ علي مروة في قرية حداثا، ثم انتقلوا إلى بلدة (النميرية) فدرسوا على العلامة السيد علي ابراهيم. وللشيخ علي قصيدة يمتدح بها درس السيد علي إبراهيم، وبعد وفاته سنة 1260هـ، انتقلوا إلى (جباع) ودرسوا على العلامة الشيخ عبد الله نعمة، بعد ذلك قرر الشيخ حسن والشيخ محمد علي عزالدين ترك جبل عامل والتوجه إلى النجف الأشرف لمتابعة التحصيل على أساطينها، أما الشيخ علي فآثر البقاء في جبل عامل، وعندما شُيّدت مدرسة الرشيدية في صور، لم يجد إقبالاً من أهالي جبل عامل، فوجّه إليهم رسالة يُحثهم فيها على التوجه نحو طلب العلم وإعادة الحياة العلمية إلى جبل عامل، وكان هذا الإحباط بسبب النكبة التي حلت بجبل عامل جراء حكم الزنيم الوالي العثماني أحمد باشا الجزار، ولكن ببركة الشيخ علي السبيتي واقالة الذين عملوا على إعادة الحياة العلمية والأدبية واللغوية إلى جبل عامل، ووجودهم شكل ضمانة بعدم فقدان الهوية، والمحافظة على هذا التراث والإنتخاء، خصوصاً أن المؤامرة على جبل عامل لم تتوقف سواء بالقوة والبطش، أم بالفكر والثقافة، ولهذا كان علماؤنا يواجهون كل هذه الأنواع من العدوان وشكّلوا بصمودهم وصبرهم مشروع انتصار لإرادة الشعب على كل هؤلاء الطغاة.
وكان الشيخ علي السبيتي صاحب المكتبة الكبيرة والمدرسة الدينية التي انطلق منها الشيخ محمد علي عزالدين عند عودته من النجف قبل أن يحط رحاله في قرية (حنويه).
السنة الثالثة العدد التاسع والعشرون أيار/2014م رجب/1435هـ
لاستفساراتكم واقتراحاتكم يرجى التواصل على العنوان التالي:
toorath@hotmail.com
70 - 61 68 08
شخصية العدد
المحقق الشيخ
علي بن عبد العالي الميسي {
توفي الشيخ الميسي في أواسط القرن العاشر هـ، ومن الذين عاصروا قسطاً من العهدين المملوكي والعثماني، وكلا العهدين ألحقا ضرراً بالغاً بالمسلمين الشيعة.
العهد العثماني
إنطلق في فتوحاته العدوانية وكأنها نصر للإسلام على أعدائه، في الوقت الذي كان هذا يُجافي الحقيقة تماماً، فالأطماع والغرور هي التي دفعت السلطان سليم العثماني إلى محاربة الدول المجاورة، فتوجه بجيشه سنة 920هـ الموافق سنة 1514م لمحاربة الشاه اسماعيل بن حيدر الصفوي، وتمكّن من الإستيلاء على مدينة (تبريز) وارتكب مجازر ومذابح بما لا يقره عقل ولا دين ولا خُلق إنسان بشري، وحتى الوحوش لا يمكن أن تفعل هذا.
ثم استولى على بلاد كردستان من الموصل وغيرها، وبعد مرور سنتين هاجم دولة المماليك في الشام ومصر، وكانت المعركة في (مرج دابق) بالقرب من مدينة حلب، وسبب النصر على المماليك في هذه المعركة هي خيانة بعض القادة عندهم، الذين اتصل بهم العثمانيون سراً، وكانت لخيانة نائب حلب «خير بك» والخائن الغزالي في (دمشق) دور أساسي في هذه الهزيمة، وممّا أدّى إلى انتحار أو قتل السلطان المملوكي (قانصو الغولي) سنة 1516م أي 922هـ.
أمّا انتصار العثمانيين على المماليك في (مصر) لم يكن بالأمر الهيّن، ودارت معركة طاحنة مع القائد(طومان باي) وكذلك حدث في (غزة)، وانتهت المعركة في نهاية المطاف إلى انتصار العثمانيّين، ونهاية عهد المماليك.
أمّا جبل عامل
فكان بنو بشارة حكّامه من بداية القرن الثامن هـ، إلى نهاية القرن التاسع هـ حوالي مئتي سنة.
إذاً في عهد المحقق الميسي، شهدت المنطقة إنقساماً حاداً بين الدولة العثمانية، والدولة الصفوية في إيران، وهذا ما انعكس توتراً على صعيد المنطقة.
أمّا جبل عامل
ومنطقة (كرك نوح) فقد شَهِدا حضوراً علمياً مميزاً وكان هذا الحضوراستمراراً للنهضة العلمية التي أسّسها الشيخ محمد بن مكي الجزيني والتي خرّجت في عهده عشرات المجتهدين، وإذا كان رائد الحاضرة العلمية في كرك نوح هو المحقق الكركي، فإن رائد الحاضرة العلمية في جبل عامل هو المحقق الميسي.
المدرسة الميسية
كانت منارة جبل عامل في تلك المرحلة وخرّجت فضلاء كبار، كان في مقدمتهم الشهيد الثاني الشيخ زين الدين الجباعي فقد انتقل الشهيد الثاني إلى ميس بعد وفاة والده العلامة الشيخ علي في سنة 925هـ، و كان عديلاً للمحقق الميسي، فدرس الشهيد الثاني عليه لمدة ثماني سنوات، ثم تزوج كريمته وغادر ميس إلى كرك نوح وعاد إلى (جباع)، وكانت المدرسة الدينية تضمّ المئات من الطلاب وذاع صيتها، واشتهرت في جبل عامل، ولعلّ أهمّ ما تميزت به هذه المدرسة أنها كانت صلة الوصل بين مدرسة الشهيد الأول المؤسّس والرائد للنهضة العلمية الأولى في جبل عامل، وبين مدرسة الشهيد الثاني الذي استطاع أن يُثبّت هذه النهضة ويضمن لها البقاء إلى يومنا هذا، رغم الأحداث الكبرى التي مرّت بها المنطقة وجبل عامل بالتحديد، بينما لا نجد هذه الحاضرة العلمية قد استمرت في كرك نوح نتيجة نزوح المحقق الكركي عنها إلى إيران ثم تبعه الكثير من علمائها و قلنا أكثر من مرة، الخير فيما وقع لأن النهضة العلمية في إيران انتجت حضوراً قوياً للسلطة الصفوية و جعلت من إيران مركزاً أساسياً للمسلمين الشيعة و خصوصاً في هذا الزمن.
المحقق الشيخ علي الميسي
ترعرع في كنف والده ذلك العالم الفاضل الشيخ عبد العالي الميسي، وكان عالماً فاضلاً، وقد امتدحه المحقق الكركي في إجازته التي أعطاها لولده المحقق الشيخ علي، فقال عنه: «الشيخ الأجل العالم الكامل تاج الملة والحق والدين الشيخ عبد العالي الميسي».
وقال عنه الحر العاملي في أمل الآمل: فوالد الميسي الشيخ عبد العالي كان عالماً فاضلاً،وقال الحر العاملي عن المحقق الميسي: الشيخ نور الدين علي بن عبد العالي الميسي، كان فاضلاً عالماً متبحراً مُحققاً مُدققاً جامعاً ثقة زاهداً عابداً ورعاً جليل القدر عظيم الشأن فريداً في عصره، روى عنه شيخنا الجليل الشهيد الثاني بغير واسطة، وروى عنه بواسطة السيد حسن بن جعفر بن فخر الدين حسن بن نجم الدين الأعرجي الحسيني.
وهناك إجازة صدرت من المحقق الكركي بحق المحقق الميسي ونجله العلامة الشيخ إبراهيم، والذي يظهر ان المحقق الكركي تردّد في إعطاء إجازة للميسي، ولعلّ ذلك حياءً منه لانه من مرتبته ولكنه هو يقول رحمه الله، أنّني فهمت من الرسالة التي أرسلها المحقق الميسي لي، ويطلب فيها إجازة لولده أنه أيضاً يُريدها لنفسه، ولهذا استخرت الله تعالى وممّا جاء فيها: فإنّ الكتاب الكريم الصادر عن سيدنا الشيخ الأجل العالم الفاضل الكامل، علامة العلماء ومرجع الفضلاء جامع الكمالات النفسانية، حاوي محاسن الصفات الكاملة العليّة، مُمتطي صهوات المجد بمناقبه السنية الزاهرة، زين الحق والملة والدين، أبو القاسم علي بن عبد العالي الميسي، وحيث تضمّن (أي هذا الكتاب) الإستجازة على القانون المُقرّر بين أهل الصناعات العلمية من العقلية والنقلية، لِمَا ثبتَ لي حق روايته من أصنافها على تفاوتها واختلافها: إجازة عامة لنجله الأسعد الفاضل الأوحد ظهير الدين أبي إسحاق ابراهيم أبقاه الله تعالى في ظلّ والده الجليل دهراً طويلاً، وقد أستفيد من المكتوب الشريف استدعاء نحو ذلك لنفسه النفيسة، فاستخرت الله وأجزتُه أدام الله أيامه ولنجله أقرّ الله عينه ببقائه، لفظاً وكتابة صريحاً، كلّ ما يجوز لي وعنّي روايته إلخ.
إذاً المحقق الكركي أجاز المحقق الميسي ونجله الشيخ إبراهيم رواية كل ما صنفه وما استجازه من مشايخه.
وكان عمدة مشايخ المحقق الميسي الشيخ شمس الدين محمد بن محمد بن داوود الشهير بابن المؤذن الجزيني، والشيخ شمس الدين محمد الصهيوني.
ويروي عن المحقق الميسي جملة من الفضلاء وفي مقدمتهم أهمّ تلاميذه الشهيد الثاني وممّا قاله الشهيد الثاني: أرويها (أي لعدة مؤلفات) عن عدة مشايخ بطرق عديدة، أعلاها سنداً عن شيخنا الإمام الأعظم بل الوالد المعظّم شيخ فضلاء الزمان، ومُربّي العلماء الأعيان، الشيخ الجليل الواعظ المحقق العابد الزاهد الورع التقي نور الدين الشيخ علي بن عبد العالي الميسي.
كما يروي عنه ولده الفاضل الشيخ إبراهيم، وجماعة منهم، الشيخ محي الدين بن أحمد بن تاج الدين الميسي العاملي ومنهم الشيخ جمال الدين أبو العباس أحمد بن الشيخ شمس الدين محمد بن خاتون العاملي.
أمّا مصنفاته
أمّا وفاته:
كما يروي صاحب رياض العلماء انه رأى بخط الشيخ حسين بن عبد الصمد والد البهائي أنه قال: توفي شيخنا الإمام العلامة التقي الورع الشيخ علي بن عبد العالي الميسي أعلى الله نفسه الزكية ليلة الأربعاء عند انتصاف الليل، ودخل قبره الشريف بجبل صديق النبي في قرية (تبنين) من جبل عامل، ليلة الخميس الخامس أو السادس والعشرين من شهر جمادي الأولى سنة 938هـ وظهرت له كرامات كثيرة قبل موته وبعده، وهو ممن عاصرته وشاهدته ولم أقرأ عليه شيئاً لانقطاعه وكبره انتهى.
نظّمت جمعية الإمام الصادق Q لإحياء التراث العلمائي
بالتعاون مع بلدية (الغسانية)
إحتفالاً تكريمياً لسماحة العلامة الحجة الشيخ حسين آل كوثراني والذكرى التاسعة على رحيل نجله العلامة الشيخ محمود كوثراني
وذلك في حسينية بلدة الغسانية.
كلمة الجهة المنظمة ألقاها عضو المجلس المركزي في حزب الله سماحة الشيخ حسن بغدادي وممّا جاء فيها:
أيها الحفل الكريم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ورد في الخبر: «إذا مات ابن آدم انقطع عن عمله إلّا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له».
وحتى لا نبقى في إطار الذكرى لا بُد وأن نذكر بعض التفصيل عن هذه العائلة العلمية الكريمة، واخترت أن تكون كلمتي حول دور علماء آل كوثراني في النهضة العلمية التي عاشها جبل عامل في المرحلة الأولى والثانية.
فقد نهض ذلك القائد الفذّ الشهيد الأول الشيخ محمد بن مكي الجزيني بجبل عامل وحوَّلَهُ إلى مركز أساسي من مراكز العلم على صعيد المنطقة، وذلك في أواسط القرن الثامن هـ، واستمرّ هذا الحضور العلمي إلى أواخر القرن الثاني عشر هـ، عندما حلّت النكبة الكبرى بجبل عامل، على يد الزنيم العثماني اللقيط أحمد باشا الجزّار، واستمرت النكبة ما يقرب من ربع قرن.
وكان لعلماء آل كوثراني دور في الحياة العلمية التي استمرت لهذه القرون، وفيما أتيح لي من وقت، فقد وجدت بعض الأسماء اللامعة كالشيخ علي بن الشيخ صالح بن الشيخ منصور، الذي يقول عنه السيد حسن الصدر في (التكملة) انه من الفضلاء والأدباء، وقد درس على المحقّق السيد محسن الأعرجي الذي توفي سنة 1227 هـ وكان من تلاميذ المولى البهبهاني، والسيد مهدي بحر العلوم وكان الأعرجي من كبار العلماء، وكانت هناك نسخة خطية بخط الشيخ علي الكوثراني على شرح الوافية لأستاذه الأعرجي، وعليها حواشي للشيخ علي تُظهر فضله وعلمه وعبّر عنه السيد الصدر: أنه عالم فاضل فقيه أصولي، وأديب، وأنه فرغ من نسخها سنة 1196 هـ.
وأمّا جده الشيخ منصور، فيقول عنه الآغا بزرك الطهراني: أنه من علماء القرن الثاني عشر هـ، وله رسالة في (خلق الكافر)، وقد فرغ منها سنة 1156 هـ، وهذه النسخة موجودة في سوريا عند السيد محسن الأمين.
أمّا النهضة العلمية الثانية: والتي انطلقت بعد هلاك الجزّار سنة 1219 هـ، فمرت بعدة مراحل الأولى منها كانت في كوثرية السياد على يد الشيخ حسن القبيسي، وفي طيردبا على الشيخ مهدي مغنية، و في شقراء على السيد علي بن السيد محمد الأمين.
والمرحلة الثانية كانت مدرسة النميرية على السيد علي إبراهيم وجباع على الشيخ عبد الله نعمة، ومن جملة المدارس التي ذاع صيتها وكانت من أهمّ مدارس تلك المرحلة، هي المدرسة التي أدارها العلامة المقدّس السيد حسن إبراهيم نجل السيد علي، بعد وفاة والد زوجته الشيخ سلمان العسيلي في بلدة (أنصار) وانضم إلى تلك المدرسة الكثير من الطلاب الذين نبغ بعضهم في (الأدب واللغة) كالشيخ سليمان ظاهر والشيخ أحمد رضا والشيخ أسد الله صفا وغيرهم، وخصوصاً بعدما التحقوا بمدرسة النبطية التحتا التي أسّسها العلامة السيد حسن يوسف مكي، وكان الشيخ خليل كوثراني والد العلامة الحجة الشيخ حسين كوثراني الذي نحتفي به الآن، هو من طلاب مدرسة أنصار ومن الذين درسوا فيها وشاركوا في تلك النهضة العلمية
و الشيخ خليل كوثراني المدفون في بلدة (أنصار)، أنجب عدة أولاد كان لهم دورهم وحضورهم في استمرار الحياة العلمية والدينية في جبل عامل، وإن تفاوت المستوى العلمي فيما بينهم.
فأنجب العلامة الشيخ حسين والعلامة الشيخ جواد وكانا مجتهدين كما أنجب الشيخ زين والشيخ إبراهيم، وكانا يرتديان (لفة عطربوش) وكان هذا متعارفاً في جبل عامل، للطالب الذي لم يكمل تحصيله العلمي، أن يلبس (لفة عطربوش)، وكان لهذا الصنف دور أساسي وفضل في إستمرار الحياة العلمية، وعلى التبليغ الديني في قرى جبل عامل، خصوصاً في تلك الفترة التي كان فيها شُح من تواجد العلماء، فكانوا يقومون مقام العالم الديني من الصلاة جماعة إلى عقد قران، والصلاة على الميت وإصلاح ذات البين، وقراءة مجالس عزاء سيد الشهداء Q.
العلامة الشيخ حسين ولد في قرية أنصار سنة 870 م، ثم هاجر إلى النجف الأشرف وعاد مجتهداً يحمل إجازات بالإجتهاد من أساطين الحوزة العلمية كالشيخ المحقق الخراساني الأخوند (صاحب الكفاية) والمرجع الشيخ علي رفيش، والمرجع الشيخ عبد الله المازندراني وذلك سنة 1912 م وله كتاب (مخطوط بالفقه)، وسكن في بلدة (تفاحتا) وكان يتردّد على مختلف القرى، مبلغاً واعظاً مصلحاً إلخ.
أنجب العلامة الحجة الشيخ حسين عدة أولاد، منهم الشيخ خليل الذي كان يرتدي (لفة عطربوش) وسكن (تفاحتا) وكان له دور أساسي، أمّا نجله الآخر الذي نحتفي به اليوم أيضاً هو العلّامة الشيخ محمود كوثراني والذي تخرّج من النجف الأشرف بعدما درس على كبار علمائها كالسيد محسن الحكيم والسيد أبو القاسم الخوئي، كما تخرّج من كلية الفقه في النجف، وصنّف في الأصول، فطبع له كتاب (بالإستصحاب، وهناك له مخطوط بالأصول العملية) وله العديد من القصائد والتراجم، وكان عالماً فاضلاً مصلحاً، رافضاً للظلم، كما ترك أثراً طيباً في تشييد الحسينيات والمساجد، والأهمّ هو ما تركه لنا من أولاد صالحين كالأخ العلامة المجاهد الشيخ محمد كوثراني، وأخوته الأعزاء من أهل العلم القاضي سماحة الشيخ جعفر، وخادم المنبر الحسيني سماحة الشيخ خليل، وأخوته الأعزاء الذين لهم حضورهم الإجتماعي.
كانت الحياة في النجف محكومة للبساطة والطيبة والتسامح، وكان التنافس ضمن إطاره الإيجابي، فلم يكن هناك تنافس على الدنيا، وأذكر في هذا المجال حادثة تكشف عن الحياء والنفس الطيبة لطلاب وفضلاء تلك المرحلة، كما تكشف عن طيبة وإخلاص الشيخ محمود كوثراني.
في النجف كانت هناك سهرة تسمّى بسهرة ليلة الجمعة كان اللبنانيون يجتمعون في احدى المنازل، الكبار والصغار الأساتذة والطلاب، الصغير يحترم الكبير، والكبير يحنُّ على الصغير، وتدور مسائل علمية ومناقشات، وبعض المسائل الأدبية والترويح عن النفس.
ذات ليلة كان الشيخ محمود كوثراني حاضراً في ذلك المجلس، وتطرقوا إلى مسألة علمية، فأبدى الشيخ محمود رأيه، ولم يكن ذلك مناسباً لسنه ولمرحلته العلمية، ولكنه كان يعتدّ بنفسه فهو من بيت علماء وله ثقة بوضعه، فردّ عليه العلامة المرحوم الشيخ حسن العسيلي، قائلاً له أنت لا تعرف، لماذا تُبدي رأيك، وهنا الشيخ محمود وعنفوان الشباب ردّ عليه قائلاً: أنا أعرف أكثر منك ومن أبيك، وطبعاً والده المقدّس المجتهد الشيخ محمد العسيلي، ثم سكن المجلس وانتهى، في الليل كان الشيخ محمود يراجع حساباته عن ذلك النهار ماذا صنع وماذا فعل، وإذ به يتألم لما حدث معه ولردّه بهذا الشكل على الشيخ حسن العسيلي، ثم قرّر أن يذهب قبل الفجر إلى الحرم الشريف، فيكون قد وصل لصلاة الليل هناك الشيخ العسيلي، فيسلّم عليه ويعتذر منه، وفيما هو يرتدي ثيابه ويهمّ بالخروج، وإذا بالباب يُطرق، ففتح فوجد الشيخ حسن العسيلي قادماً إليه قبل الفجر للإعتذار منه هذه الروحية كانت سائدة وكان كل واحد يعيش حالة ان يؤدي حق أخيه المؤمن، فضلاً عن أن يؤذيه ويزعجه، ما أجمل هذه الروحية وهذه الأخلاق وهذه العلاقة هكذا كان الشيخ محمود كوثراني، هذا نموذج عن روحيته وأخلاقه وطيبته وإخلاصه.
في الختام:
لولا هؤلاء العلماء لما كان جبل عامل ولما كانت النهضة العلمية والأدبية ولما كان مشروع المقاومة الذي واجه الطغاة العثمانيّين والإحتلال الفرنسي والإحتلال الإسرائيلي و 25/أيار/2000م يشهد على تاريخنا وعلى جهادنا وعلى فكرنا وعلى تراثنا وعلى حضور علمائنا وعلى عطاء شهدائنا وعلى صبر شعبنا وعلى ثبات مجاهدينا.
هذه المقاومة اليوم هي الأكثر حرصاً من غيرها على هذا البلد على حكومته وعلى شعبه وعلى أمنه وعلى اقتصاده، كل ما نريده هو أن تأتي قيادات مسؤولة تحفظ لبنان وتدافع عنه عن أمنه واقتصاده. وهذا ما اشترطناه في رئاسة الجمهورية أن يأتي رئيس مخلص يؤمن بالمقاومة التي حرّرت الجنوب إلى جنب الجيش والشعب، ويحفظ الدستور ويصون البلد، ويكون القادر على إدارة طاولة الحوار.
ثم تحدّث نجل المحتفى به القاضي سماحة الشيخ جعفر كوثراني وممّا قاله:
العلم وديعة الله في أرضه والعلماء أمناؤه عليه، المحتفى به الجد المقدّس الشيخ حسين كوثراني من مصاديق قوله Q «العلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة وآثارهم في القلوب موجودة».
فالشيخ حسين ولد في بلدة أنصار العاملية سنة 1874م، وهاجر إلى النجف الأشرف وهو في ريعان الشباب، ومكث فيها ما يزيد على العشرين سنة، وعاد إلى لبنان سنة 1329 هـ، حاملاً معه إجازات بالإجتهاد من كبار فقهاء النجف، من المحقق الشيخ الخراساني صاحب الكفاية في الأصول، ومن المرجع الشيخ علي رفيش والمرجع الشيخ عبد الله المازندراني فسكن في بلدة (تفاحتا) ومات فيها، كان عالماً زاهداً تقياً له حضوره الإجتماعي وأثره في التبليغ الديني، ولا زال كبار السن يتناقلون عن أبائهم تلك المواقف والكرامات، وأنا سمعت بعضها من كبار السن قبل سنوات، وكانوا يتحدثون عن موافقه و كراماته، والتي لا يتسع الوقت لذكرها الآن، مما وصلنا إليه هو ببركة هؤلاء الأعلام الذين عملوا ليل نهار في سيبل إحياء الدين من دون كلل و لا ملل.
وعن والده العلامة الشيخ محمود في الذكرى التاسعة على رحيله قال: لقد كان مثال العالم العامل، فقد عمل بالتبليغ الديني، وبالإصلاح بين الناس، فسكن بلدة (الغسانية) كإمام لها وعمل مع إخوانه العلماء على وحدة الصف والكلمة وإصلاح ذات البين،لا زال الوالد قدس الله روحه الزكية له ذكريات جميلة مع أبناء بلدتنا الغسانية ومع القرى المجاورة، كان طيب المعشر، و لين العريكة، لم يؤذ أحداً، ولم يستغب كان محباً ودوداً مخلصاً عاملاً، وله ولأمثاله من العلماء الأثر البالغ في عظة الناس و إرشادهم.
وفي الختام نوّه الشيخ كوثراني بجمعية الإمام
الصادق Q وبدورها في حفظ هذا التراث وتكريم العلماء في لبنان بشخص المشرف عليها سماحة العلامة الشيخ حسن بغدادي.
وألقى المفتي الجعفري الممتاز سماحة الشيخ أحمد قبلان كلمة والده العلامة الشيخ عبد الأمير قبلان نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، وممّا جاء فيها:
في واحدة من فلسفة طب السماء، قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز «وجاء من أقصى المدينة رجلٌ يسعى قال يا قوم اتبعوا المرسلين»، مؤسّساً على ذلك أن صيد السماء هو عبارة عن فقاهة الوجود التي تتوطن صميم القلوب.
وفعلاً قد باشر الأنبياء والأولياء هذه الوظيفة العظمى، بكل ما تعنيه من طبابة دوارة اكتنفها الوجع والعناء وسعة لا حد لها من البلاءات الطويلة.
من هنا، فإنّ وظيفة العلامة الحجة الشيخ حسين كوثراني كوريث للأنبياء دارت ضمن إطار هذا الفلك، وتلوّنت بوجعه وآثاره.
واللافت بحركة العلامة الشيخ حسين دؤوبة دوره أنه عاش ثقافة الزهد، وتعيين التربية، بكل ما تعنيه من سلوك وتربية، على قاعدة أساسية في عالم رعايته لأمانة السماء.
ولهذا المعنى أساس نافذ بثقافة المشيخة، لأن الكلمة التي يتلبسها الكبر والعجب تتحوّل جثة بلا روح من هنا تميّزت مشيخة الإمامية أنهم تأولوا الدنيا على حقيقتها من ركب الآخرة، وزانوها بميزان سوقها من بضاعة الأعمال المحفوظة على صحيفة الجزاء الأكبر.
كل ذلك بخلفية أن أساس بصيرتهم تكون من رحم الكلمة التي قامت بها السماوات.
لذلك، فإنّ العلامة الشيخ حسين تنبّه للطين الذي تنمو به كلمة الله، أولها على محبة الرب في زرع تعاليمه، وتكوين مشروع الله عبر بناء الفرد المؤمن وبنية وغايته. وعلى أثر ذلك عاش شراكة وظيفته السماوية مع الرعيل العاملي الطاهر أمثاله، ليؤكّد أن مركز القوة يكمن في خدمة الله، وهذا ما جسّد جبل عامل كمركز علمي ونواة أدبية وقوة سياسية ونشاط إجتماعي بخلفية التكاليف الإلهية.
ولأن الشيخ حسين هو من أمر الله، كان لا بد لجذعه أن يثمر بالعلامة المقدّس الشيخ محمود كل ما يعنيه من عفّة وطهر وترابية وأستذة وحيطة للمذهب، ويكفي أنه كان خادماً لكلمة السماء وعيناً على المؤمنين وحريصاً على صوابية الهدف من مشروع الإستخلاف رغم الأكلاف.
ومهما قلنا فيه فإن الكلام يكثر عن إعطائه حقه الذي زرعه في قلوبنا.
ولأن هذا تجذّع موقد النور، فقد تفتّقت من جنباته شجرة العلماء من أولاده أمثال الشيخ محمد والشيخ جعفر والشيخ خليل وباقي كواكب هذا البيت الذين عاشوا الله بصدق، فكانوا مع باقي علمائنا شركاء في خدمة الدين وحفظ المؤمنين نزولاً على مشكاة العلوية، بعد أن عيّن الله علياً باباً على مدينة السماء فأثبته شرطاً على الفرادة المحمدية ليكون Q ديّان دينه وصاحب كلمته، فقذفه بشيء من مخصوص إنيته، ثم سدل عليه قميص الناسوت ليكون حجته في الخلق وآيته في معبر السماء، وهو عين مراد مشيختنا اليوم بكل ما بذلوه من جهاد يمّموا به عالم السماء وحرثه.
وهو نفس الأساس الذي أنتج عالم الفقاهة العاملية اليوم، بكل ما تعنيه من قوة ووزن ودور ووظيفة تتخذ القيمة الشرعية أساساً لمشروعها الذي تحوّل إلى ظاهرة أذهلت الشرق وحيّرت الغرب.
وهذا ما أكّده تقرير (فينوغراد) من أن قوة المقاومة كحركة إنتصار تمكن في نوعية الفكر التي ترتبط بثقافة الحسين Q كنموذج للإنسان الكامل.
ولأن فقاهتنا هذه هي ولأن رعيلنا الأول وتاريخنا الماضي بكل تضحياته ووجعه عنوان العاملية التي تغذت حقيقة الأرض بما تعنيه من مواقف ومسؤوليات، فإننا وعلى عتبة الإستحقاق الرئاسي نؤكّد أن لبنان ليس جمعية خيرية، بل هو خيار وطني وإقليمي وركن أساسي من ثقافة مواجهة للإستكبار.
لذا فإن شخص الرئيس ينتخبه تاريخ هذا البلد وموقعه، لا أن يتحول مركز الرئاسة إلى هدية أو تنفيعه، وبالتالي من غير المقبول أن تتحول هزيمة إسرائيل إلى إنتصار عبر رئاسة الجمهورية بخلفية كسر التوازنات.
وبالتوازن الوطني، نؤكّد أن لبنان المستقّل السيد الحر إنما هو نتاج شعب ساند وضحّى وصبر، وجيش بعقيدة وطنية وفعل مقاومة وتضحياتها. نعم هو نتاج ثلاثية ذهبية مقدّسة.
إنّنا نؤكّد أن خطابنا هو نفس العقيدة التي أعلنها الإمام السيد موسى الصدر لجهة أن المواطن هو شراكة بين أهله، وأن الأرض وخبزها وملحها هي التي تقرّر وجهة الوطن، وليس لعبة المصالح أو الدراهم والدنانير، ولا ننسى، ومن على منبر العلماء وعلى مقربة من إنتصار 25/أيار/2000م وفي قلب نصر آخر يكاد يتحول نادرة في تاريخ مخاضات النظام العلمي، الشهداء ومجاهدي المقاومة دورهم الإلهي وسخاءهم السماوي الذي سحق مئة سنة من طموح الغرب وحول دمشق إلى مركز دولي للقرار.
رحل العلامة الحجة الشيخ حسين ووصيته الأساس لا يمكن القبول بمستبد ولا يجوز أن تترك الأرض دون محورها ولا يمكن لوجع العلماء إلّا أن يتحوّل نصراً كنصر تموز وأيار...
وكان الإحتفال قد تخلّل كلمة ترحيبية لرئيس البلدية الحاج عباس فوّاز والذي قاله:
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين..
أصحاب السماحة والفصيلة..
أصحاب المقامات كلكم من أصحاب المقامات لقد حللتم أهلاً ووطأتم سهلاً في بلدتكم الغسانية وتشرفنا بحضوركم إذا مات العالم ثلم في الإسلام ثلمة لا يسدُّدها شيء. العلماء ورثة الأنبياء، ومداد العلماء أفضل من دماء الشهداء، إنّه لشرف كبير لنا أن تحتضن بلدتنا في رحاب مدرسة الإمام الحسين Q وفي حضرة هذا اللفيف من علمائنا الكبار لإحياء ذكرى عالمين جليلين كبيرين هما العلامة الحجة الشيخ حسين آل كوثراني، ونجله العلامة الشيخ محمود آل كوثراني بمبادرة كريمة من جمعية الإمام الصادق Q لإحياء التراث العلمائي بشخص المسؤول عنها عضو المجلس المركزي في حزب الله سماحة الشيخ حسن بغدادي، وبالتعاون مع بلدية الغسانية كعربون وفاء وتقدير لعطاءاتهما العلمية ولإعادة إحياء تراث العالمين اللذين جسّدا أصالة الإسلام وقيمه وسموه ليظل حياً في ذاكرة المسلمين وفي استقامة مجتمعاتنا وتنوير العقول وتوهُّج جذوة الثورات ومقاومة كل أنواع الظلم، والإستمرار على طريق ذات الشوكة وعلى خطى أهل البيت R والإقتداء بنهج سيِّد الشهداء الإمام الحسين بن علي L.
أيها الكرام الأفاضل:
لعالمينا المكرَّمين دور كبير وتأثير فاعل في إغناء الرعية بعلمهما وإيمانهما وإرثهما الفكري والمعرفي والديني والإنساني، هذا الإرث الطيب النافع لا يزال ماثلاً ومؤثراً منذ عقود من الزمن.
ففضيلة العلامة الحجة الشيخ حسين كوثراني كان بمثابة حبَّة قمح أنبتت سبع سنابل والحمد لله كان النتاج وفيراً ومعطاءاً، وهو كشجرة طيبة أصلها ثابت في الأرض وفرعها في السماء، ويتفيء من ظلال فروعها الكثيرون ينهلون من معينها أدباً وعلماً وأخلاقاً على الدين الحنيف ولا يزال أهالي البلدة والمنطقة يذكرون بالخير الشيخ حسين، يوم ظمأ الناس وعطشت الأرض وجفّت العيون والينابيع عندما أمّ المصلين في صلاة الإستسقاء واستجاب الله سبحانه وتعالى لصلواته وأدعيته وإيمانه وأمطرت بغزارة. وهو المشهود له بالتقى والطهارة والمحبة والتسامح، ففضائله لا تعدُّ ولا تحصى تختزنها ذاكرة الطيبين من بلدتنا والجوار في جلساتهم وأمسياتهم العاملية على المصاطب في الساحات وفي البيوت الكريمة.
أما فضيلة العلامة الحجة الشيخ محمود كوثراني الذي رحل منذ تسع سنوات فقد عشنا معه عقوداً ومهما تحدثنا عنه نشعر بالتقصير والعجز ونخشى ألا نفيه حقّه، وهو العالم والإنسان المؤمن والطيب والمنفتح والفقيه والأديب.
كان لأبناء بلدته أباً وأخاً وصديقاً وفياً، ومشكى ضيمهم والصلح عنده سيّد الأحكام، كان الشيخ محمود عالماً ومفكراً، وأميناً صادقاً على مسيرة أهل البيت R وقد كرّس حياته للتوجيه والتدريس والتأليف، ولخدمة الأمة في كل زمان ومكان غير طامع بجاه أو مال أو سلطة، قريباً من الناس مترفعاً عن مغريات الدنيا، متسامحاً داعياً للإقبال على العلم وفعل الخير وهو من أهلهما يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ولا يخاف في الله لومة لائم.
وهذا المنبر الحسيني المبارك يشهد على مواقفه الوطنية والإنسانية والإيمانية والتصالحية وعلى نبذه للاحقاد والكراهية والتعصب ويدعو للترفع عن صغائر الدنيا والتقرّب من الله سبحانه وتعالى.
كان الراحل الكبير الشيخ محمود مرجعاً لكّل طالب علم ومعرفة ولكل شَغُوفٍ بالتقوى والإيمان رافضاً للظلم ونصيراً للمظلوم مدافعاً عن الحق بوجه السلطان الجائر.
أعذرني يا شيخنا الجليل وأنت في عليائك إذا لم تسعفني الكلمات أو تخونني الذاكرة لأقول فيك وعنك الكثير الكثير من الخصال الحميدة ومن زاد الفضائل والقيم، والمبادئ والأخلاق التي لا يزال كل من عرفك يتزود به ليكون رفيق دربه الشاق والطويل، وأنت العالم الذي تشهد على حضوره مساجد المنطقة وحسينياتها، وأنت فيها الخطيب البارع الواعظ والمصلح وكل بيوت الغسانية وعائلاتها كانت بشوق دائم وبشغف وسعادة وهي تنتظر زيارتك الدورية الودودة والمحببة وفَيءُ أشجار الغسانية يشهد أيضاً على وقوفك في ظلالها بكل رحابة صدر وابتسامة يشعُّ منها الأمل والتفاؤل، لتجيب على سؤال سائل أو تحلّ مشكلة لأبناء بلدتك الذين أحبوك وأحببتهم.
ومن منّا نحن أهل الغسانية والقرى القريبة والبعيدة لم يحتس الشاي في كوب عجمي في دارة الشيخ محمود الواسعة أو لم يأنس بأحاديثه أو لم يتزود منها بزاد الإيمان والتقوى والألفة.
إنّك يا شيخنا الجليل لم تمُتْ ولن تموت لأن ذكراك ستبقى خالدة في قلوب كلّ من عرفك.
حضر الإحتفال جمع كبير من علماء الدين والقضاة ووفد من قيادتي حزب الله وحركة أمل، كما حضر وزير الإسكان العراقي الأستاذ محمد الدراجي، ووفد قيادة التيار الصدري برئاسة أمينه العام السيد كرار الخفاجي، وممثل المجمع العالمي لأهل البيت R السيد حسن التبريزي، ووفد من الهيئة الإيرانية للإعمار، وحشد كبير من المهتمين ومن الفعاليات البلدية والإجتماعية والثقافية وأهالي بلدتي الغسانية وتفاحتا.
كان قبره يُضيء كلّ ليلة جمعة
والشيخ عبد الله نعمة كان يتبرّك به
انه العلامة السيد هاشم عباس الكبير الذي ولد في قرية (جبشيت) من جبل عامل سنة 1200هـ وهو ابن السيد محمد بن السيد عبد السلام الموسوي.
يعود نسبه الشريف إلى السيد علي نور الدين الموسوي أخ السيد محمد صاحب المدارك، وكان السيد هاشم من أهل العلم والتقوى وصاحب كرامات، سكن في بلدة (دير سريان) كإمام لها ولبقية القرى المجاورة.
وكان العلامة الكبير الشيخ عبد الله نعمة صاحب مدرسة (جباع) صديقاً له، وله معه علاقة خاصة، ورغم ان الشيخ عبد الله من العلماء الكبار ومن الذين وصلوا إلى مقامات عالية في الكمال والمعرفة وكان الناس يتباركون به، ومع ذلك كان يأتي في كل مرة إلى دير سريان ليتبرّك بالسيد هاشم عباس، فإذا كان الشيخ عبد الله يفعل ذلك؟ فإلى أي مرتبة من الكمال وصل هذا العالم العارف السيد هاشم بن محمد بن السيد عبد السلام. وبعد وفاته سنة 1280هـ كان الناس يتباركون بزيارة ضريحه، وكانوا يُشاهدون نوراً يخرج من القبر الشريف كل ليلة جمعة وهذا ما تناقله الآباء عن الأجداد وثبّته العلماء في كتبهم. وقال عنه السيد الأمين: «كان عالماً فاضلاً صوّاماً قوّاماً مستجاب الدعوة».