مناسبات الشهر
مناسبات الشهر
(بطاقة عالم) الشيخ أحمد بن علي بن أحمد بن الحر العاملي ولد في جمادي الأولى سنة 1275هـ. قرأ في جبل عامل على العلامة الشيخ عبد الله نعمة في (جباع) وكما ذكر السيد الأمين بأنه درس عليه النحو والصرف والمعاني والفقه، كما وقرأ على الشيخ محمد حسين المحمد المشغري. قال في حقه صاحب الطبقات: الشيخ أحمد الحر العاملي عُدّ من أهل الفضل ومن الذين يُشار إليهم، وكان حسن الأخلاق محمود السيرة. بعض أحواله: فإن والده على ما يظهر كان يتقاضى معاشاً أيام العهد العثماني، وبعد وفاته ذهب الشيخ أحمد إلى عاصمة الدولة العثمانية (اسطنبول) وأخذ فرماناً بمعاشِ أبيه على قاعدة ما ضاع حقٌّ وراءه مطالب، وكان يكتب بعض المقالات في (مجلة المنار) التي كانت ناقمة على السلطان عبد الحميد، فسجنوه عدة أشهر بسبب كتاباته في (مجلة المنار)، مع العلم انه لم يتناول السلطان عبد الحميد، ففتّشوا بيته وصادروا ما فيه من الكتب، وعندما أفرج عنه، هنّأه الشيخ عبد الرؤوف المحمد بقصيدة وهو إبن عم الشيخ حسين المحمد وممّا جاء في مطلعها الآتي: حتام تنفر عن هواي وآلف وأفي بعهدي في الغرام وتخلف وأبيت مكلوم الحشى وأضالعي كادت من الوجد المبير تثقف خود من الأعراب يهزأ بالقنا قد لها كالغض أملد أهيف |
|
السنة الثالثة العدد السابع والعشرون جمادي الأولى 1435هـ آذا/2014
لاستفساراتكم واقتراحاتكم يرجى التواصل على العنوان التالي:
Toorath@live.com
70 - 61 68 08
شخصية العدد
العلامة السيد عباس أبو الحسن
من علماء القرن الرابع عشر هـجري
ولد السيد عباس أبو الحسن الموسوي في قرية (معركة) من جبل عامل، وكان عالماً مجتهداً منفتح الذهن أديباً شاعراً، وقد امتلك أفقاً واسعاً ممّا جعله يضع يده مع الإمام السيد عبد الحسين شرف الدين من لحظة عودته إلى لبنان سنة 1950 م إلى الأيام الأخيرة من حياته الشريفة سنة 1957م، وعندما سكن الإمام السيد موسى الصدر في لبنان بداية 1960 م كان لا بد للسيد عباس ان يشُدّ على يديه ويعمل معه في بناء كيان الطائفة الكريمة في لبنان وسنذكر بالتفصيل في متن الموضوع الدور الذي قام به { في لبنان من سنة 1950 م إلى سنة 1972 م.
أمّا نسبه الشريف: فيعود إلى الإمام موسى الكاظم Q، وهو على الشكل التالي كما جاء في كتابه (الصوم).
السيد عباس، بن محمد، بن أبي الحسن، بن مهدي، بن محمد، بن إبراهيم، بن عبد السلام، بن زين العابدين، بن عباس، بن علي نور الدين، بن نور الدين علي، بن حسين، بن محمد، بن حسين، بن علي، بن محمد، بن تاج الدين المعروف بأبي الحسن، بن محمد، بن محمد، بن عبد الله، بن محمد، بن علي، بن عبد الله، بن محمد، بن طاهر، بن الحسين القطعي، بن إبراهيم المرتضى، بن الإمام موسى الكاظم Q.
فآل أبي الحسن، وآل نور الدين، وآل شرف الدين، وآل هاشم، وآل عباس، وآل الصدر وغيرهم يرجعون جميعاً إلى السيد نور الدين الموسوي تلميذ وصهر الشهيد الثاني في القرن العاشر هـ، والسيد نور الدين علي أَولد من كريمة الشهيد الثاني السيد محمد صاحب المدارك، وبعد شهادة الشهيد الثاني تزوج السيد نور الدين والدة الشيخ حسن صاحب المعالم نجل الشهيد الثاني، فأولد منها السيد علي نور الدين، الذي هو جد هذه العوائل التي انحدرت منه وتفرقت في البلاد لاحقاً.
أمّا جد والده السيد مهدي: فكما ينقل الإمام شرف الدين كان من أعيان الطائفة الشيعية الكريمة ومن زعمائها، وضريحه موجود في المزرعة التي وقع النزاع حولها مع آل مملوك أيام العثمانيّين وهي تقع بين برج الشمالي والبازورية وفيها مسجد لازال موجوداً، وزار القبر الشريف الشهيد السعيد السيد محمد باقر الصدر سنة 1960 م عندما جاء إلى جبل عامل للوقوف على آثار الآباء والأجداد، بحضور السيد عباس والإمام السيد موسى الصدر وآخرين حيث قال: لنا أرحام من الآباء والأجداد في هذه المنطقة.
وبعد المشكلة التي حدثت مع آل المملوك أيام العهد العثماني تشرّدت العائلة، ثم عاد جد السيد عباس السيد أبو الحسن إلى (معركة) وبنى فيها مسجداً عُرف بمسجد (أبي الحسن). واليوم بات يطلق عليه إسم مسجد الإمام زين العابدين Q نتيجة الكيد السياسي والحزبي والعائلي.
توفي السيد أبو الحسن في معركة سنة 1883 م، ودفن فيها، وخلّف فيها نجله السيد محمد وكان يرتدي (لفة عطربوش)، ولم يكن من العلماء المتفرغين لطلب العلم، وإنما كان من الطبقة التي كانت محسوبة على أهل العلم وكان لهذه الفئة دور فعّال في قرى جبل عامل، وهذا الزيّ كان يُؤهّل صاحبه ليتمايز عن بقية الطبقات، وانه طبقة وسطى بين أهل العلم والناس العاديّين، واستطاعت هذه الطبقة أن تقوم بدور فعّال من قراءةٍ للعزاءِ عن روح سيد الشهداء الحسين Q في مناسبات محرّم أو المناسبات العامة التي تعارف الناس على قراءة العزاء فيها، إلى عقد القران، والصلاة على الأموات، وإصلاح ذات البين بالتراضي، وكانوا موضع احترام عامة الناس. بقي السيد محمد في معركة إلى ان توفي فيها سنة 1945م.
نشأ السيد عباس: في كنف والده السيد محمد ومن الطبيعي ان يستفيد من أخلاقه وسلوكه وعلمه المتواضع، بعد حفظه للقرآن الكريم وتعلّمه القراءة والكتابة، درس عليه أوليات علم النحو، وبعدما حاز على هذه المقدمات، قرّر التوجه إلى طلب العلم بشكل مستقل عن والده، فدرس في البداية على الشيخين الفاضلين الشيخ علي فاضل والشيخ علي شرارة.
الشيخ علي فاضل: كان فاضلاً وأديباً ومربياً وقال عنه السيد عباس: كان الشيخ علي فاضل من البارزين بين أقرانه في حُسن الخط والحفظ الجيد من الأدب العربي شعراً ونثراً، وكان يمتلك جودةً في التعبير، ويتمتّع بأفضل أساليب الفصاحة والبلاغة، وكان رحمه الله يفرض على الطلاب الأذكياء أن يحفظوا الشعر الجيد والنثر الممتاز، وكان على هؤلاء الطلاب أن يقرأوا عليه من مطلع كل أسبوع ما حفظوه خلال الأسبوع الماضي، كما كان يفرض على الطلاب المتميزّين أن يُحضّروا خُطباً لإلقائها في المناسبات المُفاجئة، كما لو زارهم أحد العلماء أو الأعيان.
أما الشيخ علي شرارة: فكان أيضاً من العلماء الأدباء ومن الذين كان لهم دور في تربية الطلاب على روح الأدب والشعر، وعلى ضرورة إستمرارية الأدب والشعر في جبل عامل، الشيخ علي هو والد الشيخ حسين والشيخ محمد، فالشيخ حسين لم يُكمل طلب العلم، وانما نزع (العمّة) وأرسلها إلى والده مع أبياتٍ من الشعر.
وقال السيد عباس عن أستاذه الشيخ علي شرارة: كان معروفاً بفضله وأدبه، وكان يمتلك ذكاءً مفرطاً ويتمتع بسرعة الإنتباه، كما كان لين الجانب ومعروفاً بالطرائف الأدبية المشفوعة بالإبتسامة والمهابة والتماسك الرزين.
طبعاً من الضروري لأي قائد وعالم ان يجمع بين الإبتسامة والوقار، فالإبتسامة تُسقط الحواجز النفسية مع المحيطين به ومع جماهيره، ولكن من دون أن يُسقط الهيبة والوقار.
الموهبة الأدبية عند السيد عباس: لم تكن بمعزل عن الموهبة الأدبية التي إتّسم بها علماء جبل عامل، والتي حصلوا عليها بالفطرة وبالمعاشرة، وقد تنموا أكثر فيما لو أحيطت بمربّي يَهتمُّ بها، كما حدث مع السيد عباس أبو الحسن، فإن الموهبة الأدبية نمّاها من خلال دراسته على العالِمين الشيخ علي فاضل والشيخ علي شرارة، وأخذ السيد ينظم الشعر باكراً.
وله قصيدة معروفة ألقاها في مدينة صور وذلك عندما عاد من فلسطين ذلك العملاق الكبير الإمام الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء { قاصداً زيارة جبل عامل وذلك بعد مشاركته في المؤتمر الإسلامي الذي دعا إليه مفتي القدس السيد أمين الحسيني لأجل وضع خطة إسلامية عامة لدرء الخطر الصهيوني الذي رعاه وأسّس له (البريطانيون) أعداء العرب والإسلام.
وللإمام كاشف الغطاء هو من أعلام التقريب بين المذاهب وأحد أعضاء دار التقريب في القاهرة الذي أسّسه العلامة الشيخ تقي القمي بإشارة من الإمام السيد عبد الحسين شرف الدين في ثلاثينيات القرن الماضي والذي أنتج أهم موقف رسمي من شيخ الأزهر الشيخ محمود شلتوت سنة 1960 م (بجوازان يرجع المسلمون إلى أي مذهب من المذاهب الإسلامية الخمسة بما فيها المذهب الجعفري)، فالإمام كاشف الغطاء بما يُمثّل من هذا الموقع المتقدم كان له موقفاً متقدماً في مؤتمر فلسطين بالقدس، أدهش العالم وتناولت كلمته وسائل الإعلام من إذاعاتٍ وصحفٍ عالمية.
وهبّ الناس والأعيان لاستقباله في (الناقورة) ووقف العلماء يتقدمهم الإمام شرف الدين في (البص) على مدخل مدينة صور، وبعد هذا الإستقبال الحاشد دخلوا جميعاً إلى (صور) وأقيم لهم مهرجاناً كبيراً تكريماً لجهوده وجهاده.
استكمل تحصيله العلمي في جبل عامل: لم يكتف السيد عباس بما درسه على الشيخ علي فاضل والشيخ علي شرارة، بل كان لا بُدّ من استكمال تحصيله العلمي على علماء أكثر تخصصاً في الفقه والأصول، فدرس على فقيه جبل عامل الشيخ حسين مغنية في طيردبا، كما درس على السيد أمين الحسني في (جناتا) ودرس على الشيخ عبد الكريم مغنية، وحضر على العلامة الشيخ كاظم عز الدين في دير قانون النهر، حتى أنهى المقدمات وبعض السطوح.
قرّر الذهاب إلى النجف الأشرف سنة 1934 م حيث لا بديل عنها في تلك المرحلة، فهي الحوزة العلمية المركزية وفيها القرب من مولى المتقين الإمام علي Q.
وقبل الذهاب إلى النجف الأشرف تزوج من شقيقة العلامة السيد عبد الصاحب الحسني إمام بلدة (مركبة) وتركها مع طفلها العلامة السيد فخر الدين كي تلحق به ريثما يهيئ منزلاً في النجف.
درس في النجف على العديد من أساطين الحوزة فاستكمل السطوح على العلامة الشيخ محمد علي الكاظمي، والعلامة الشيخ عبد الكريم.
أمّا بحث الخارج: فحضره على الأساطين الكبار منهم: الشيخ حسين الحلي، والشيخ مرتضى آل ياسين، والسيد أبو الحسن الأصفهاني، والسيد حسين الحمامي.
وفي العراق: كان للسيد عباس مشاركات أدبية، فلم يمنعه تحصيله العلمي وبلوغه مرتبة الإجتهاد من المشاركة الأدبية الهادفة، فكبار علماء الإمامية كانت لهم قصائد ومشاركات أدبية.
ذات يوم تشرّف الإمام السيد عبد الحسين شرف الدين بزيارة العراق ليجدّد العهد بأئمته الأطهار R في النجف وكربلاء والكاظمية وسامراء، وفي نفس الوقت ليزور أرحامه من آل الصدر وبالأخصّ بيت جده لأمه في الكاظمية السيد هادي الصدر والد السيد حسن الصدر صاحب تكملة أمل الآمل، ولتجديد العهد بالحوزات العلمية وبأساتذتها وطلابها.
في الكاظمية: بعد تشرّفه بزيارة الإمامين موسى الكاظم وحفيده محمد الجواد L أقيم له استقبالاً حافلاً حيث أعدّت له دار خاصة للإستقبال، ذهب السيد عباس ومعه العلامة الحجة الشيخ محمد تقي صادق إلى الكاظمية، وبعد زيارة الإمامين موسى الكاظم والجواد L توجها إلى دار الضيافة، وكان حضوراً مهيباً، ومن جملة الحضور آل الصدر ومنهم السيد محمد مهدي وأخيه السيد علي بن السيد حسن الصدر وغيرهم، وآل ياسين منهم الحجتين الشيخ راضي وأخيه الشيخ مرتضى، وآل الخالصي، وعلماء وشخصيات أسياسية واجتماعية، وبعد استتباب المجلس إلتفت السيد محمد الصدر رئيس مجلس الأعيان إلى السيد عباس قائلاً: ماذا أعددت لنا لهذه المناسبة يا أبا الفخر؟ فقال السيد: إنّي نظمت قصيدة بالسيد شرف الدين ولكنّي متخوف من عدم نهوض الأبيات بهذا الحفل العلمي والأدبي والفقهي الكبير، ولكن السيد محمد أصرّ عليه لمعرفته المسبقة بحجم السيد عباس وأنّه قادرٌ على أن يكون خطيب الحفل، وعلى ما يبدو كانت له مونة على السيد عباس من خلال تعبيره (يا أبا الفخر) وهذا التعبير فيه الكثير من المودة والملاطفة، وبالفعل كان لا بدّ من إلقاء قصيدته.
بقي في النجف ست عشرة سنة ينهل فيها من نمير علم أساطينها في الفقه والأصول والعلوم الأخرى، وهذه ميزة تسجّل لحوزة النجف فإنّ الطالب فيها لا يخرج منها إلّا وهو حائزٌ على مختلف العلوم والفنون لذلك كانت النجف تعتزٌّ وتفتخر بتقدم أساتذتها وطلابها على كثير من الحوزات العلمية والجامعات الأكادمية المختلفة، وفي نفس الوقت كان الطالب يستفيد من مجاورة أمير المؤمنين Q الذي كانت بركاته وألطافه يدركها علماء وطلاب الحوزة العلمية فكانت تُنسيهم ألم الجوع والحر والبرد، حيث كان Q يمدُّ يد العون لمن يرى فيه الإخلاص والأهلية للرقيّ في عالم الكمال والمعرفة.
عاد إلى لبنان سنة 1950 م، بعدما حاز على إجازة بالإجتهاد من أستاذه الشيخ مرتضى آل ياسين، فعلماء جبل عامل في النجف الأشرف عندما كانوا يصلون إلى مرتبة متقدمة من العلم يقرّرون العودة إلى جبل عامل حاملين معهم شهادات بالإجتهاد، حيثُ كانوا يعتقدون بضرورة العودة إلى جبل عامل لما فيها من مصلحة أن يبقى هذا الجبل منارة في سماء المنطقة، وهذه هي الذهنية التي كان عليها علماؤنا منذ عهد الشهيد الأول أواسط القرن الثامن هـ وإلى يومنا هذا.
في لبنان كان لا بدُّ من رجوعه إلى مسقط رأسه في قريته (معركة) وكان لا بُدّ من القيام بخطوات.
الخطوة الأولى:
أعاد ترميم بناء مسجد الآباء حيث كان مهملاً، والذي أمَّ المصلّين فيه علماء قبل السيد عباس، كالشيخ محمد جواد مغنية، والشيخ عبد الكريم مغنية والشيخ عبد المنعم شرارة، مضافاً لآباء السيد عباس.
كما عمد إلى تشييد (الحسينية) بالتعاون مع الوجهاء وخاصة المرحوم الحاج محمد جواد سعد. فالعناصر الأساسية للنهضة الدينية ثلاثة: العالم - والمسجد - والحسينية
الخطوة الثانية:
العمل التبليغي الديني، فلم يقتصر على قريته (معركة) بل شمل نشاطه الديني كافة المنطقة بالوعظ والإرشاد وإحياء المناسبات الدينية، والحديث في المناسبات العامة في ذكرى الموت والأسبوع، مضافاً لعقد القران والصلاة على الأموات وإصلاح ذات البين، وهذه المهام كان يشترك فيها جميع علماء المناطق.
الخطوة الثالثة:
هي إصلاح ذات البين، فالناس في جبل عامل اعتادوا على العودة في مشاكلهم الخاصة والعامة إلى علماء الدين وغالباً ما كان يتصدّى هؤلاء الأجلّاء إلى حلّ مشاكل الناس وإعطاء حيزاً كبيراً من وقتهم للإصلاح لدفع المفسدة وتقريب وجهات النظر.
الخطوة الرابعة:
استمرارية التصنيف والتدريس وهذه الطريقة أيضاً دأب عليها علماء جبل عامل، وكانت تختلف من شخص لآخر بحسب ظروفه فهناك من شيّد مدرسة كبيرة أو صغيرة، وهناك من اقتصر على تدريس بعض الطلاب في بيته، فالسيد عباس كان من النمط الذي صرف معظم وقته في التبليغ والإصلاح واقتصر في بيته على تدريس بعض الطلاب، وكان من جملة الحضور العلامة الشيخ حسن طراد الذي قال لي أني درست على العلامة السيد عباس أبو الحسن معالم الدين في الأصول، والبلاغة.
استمر على هذا المنوال في (معركة وجوارها) لمدة خمس سنوات، مبلغاً، مجاهداً، مصلحاً، متجاوزاً الإنقسامات السياسية والعائلية التي كانت سائدة في تلك المرحلة، حيث لم يكن ليجامل على حساب دينه وحساب شعبه شأنه شأن بقية العلماء الذين لم يجاملوا الإقطاع السياسي ولم يُرتهنوا إليهم إنّما كان المعيار في أي موقف مصلحة الناس والإسلام، وإنما كانوا يتصدون لمواجهة الإنحراف والخطأ.
وهنا أسجل علاقة السيد عباس بالإمام شرف الدين: فالسيد عبد الحسين كان العالم الأبرز والأوجه على صعيد جبل عامل والمنطقة، وكان يتصدّى للإنحراف السياسي وللمخاطر التي كانت تريد النيل من أهلنا في جبل عامل وكانت تربط علاقة وطيدة ما بين السيد عباس بالإمام شرف الدين، وهذا ما انعكس بالسياسة على المتضررين من سياسة الإمام شرف الدين وكان من الطبيعي ان يدفع السيد عباس ثمن وقوفه مع السيد شرف الدين وان يتحمّل الأذية التي سيقوم بها الفريق المناهض، وكلّما حاول هذا الفريق من التقرب من السيد عباس كان رحمه الله يرفض ذلك ولم يعطهم فرصة الحضور والزيارة، ممّا جعلهم يكيدون له بكل الوسائل المتاحة، وذات يوم استغلّوا غيابه عن معركة حيث كان في ذكرى أسبوع في قرية (الخرايب) فأوعزوا إلى رئيس المخفر ان يُداهم منزله بحجة أن صاحب هذا المنزل يهرّب دخاناً، ولم يُعلموه أنه عالم دين، وإلّا لكان امتنع بالتأكيد، وعندما جاء الدرك وفتشوا المنزل، ثم وصل السيد عباس إلى البلدة وعرف رئيس المخفر بالحقيقة، جاء إلى السيد معتذراً قائلاً: أنا لم أكن أعلم أنّك صاحب هذا الدار قالوا لي أنه إنسان عادي يهرّب (دخاناً).
في هذا الوقت: كان لا بُدّ للسيد عباس أن يثأر لكرامته وأن لا يبقى في هذه البلدة التي استطاع فيها أهل النفاق النيل من كرامته، ومن رمزيته وبات السكوت فيها يُشكلُ الكثير من الضرر لموقعه الديني، فكان لا بُدّ من المغادرة لكي يُفهم الجميع مكانة رجل الدين، وأن على الناس أن تقف وتعترض وترفض مثل هذه التصرفات الشنيعة، وحتى يتمكّن من الخروج أيضاً بكرامته كان لا بد له من الإستعانة بالله تعالى وبشفاعة أوليائه، وفي ذلك الوقت قرّر المرحوم الحاج محمد طراد والد سماحة الشيخ حسن طراد الذهاب إلى العراق للزيارة كمعرّف، فطلب منه السيد عباس أن يطلب عند أمير المؤمنين Q تسهيل الخروج المشرّف له من (معركة) وفي نفس الوقت كان الإمام شرف الدين قد علم بالقضية وكان رأيه ان يخرج منها، وقال له أهالي (الغازية) طلبوا مني إماماً لهم، وهي قرية كبيرة على مدخل الجنوب ولها أهمية، وأنا أرى أن تذهب إليها تقيم هناك، وبالفعل بعد التشاور، أعجب أهالي الغازية باقتراح الإمام شرف الدين وخصوصاً أنهم يعرفون السيد عباس وكانوا يستمعون له في المناسبات.
وفي ربيع 1955م انتقل السيد عباس من (معركة) إلى بلدة ( الغازية ) بموكبٍ كبيرٍ من وجهاء الغازية يُمثّل كافة عائلاتها تحت رعاية الإمام شرف الدين ووصل الموكب إلى الغازية قُبيل الظهر، وجرياً على العادة توجه الجميع إلى المسجد، بعد أن نادى المنادي بالصلاة جماعةً، وعندما اجتمع الناس قام الإمام شرف الدين خطيباً فيهم وموضوعه الوحيد أهمية عالم الدين وأسهب في الحديث عن السيد عباس وإمامة البلدة، وأنه ثقة المراجع العظام وثقته شخصياً، ثم قدّم الإمام شرف الدين السيد عباس ليصلي بهم جماعةً ورفض السيد عباس الطلب من باب الإحترام وعدم القدرة على التقدم على السيد شرف الدين، ولكن ألحّ الإمام شرف الدين عليه بالتقدّم لأنّ المصلحة تقتضي أن يصلّي السيد عباس إماماً لكونه أصبح إمام البلدة، وهكذا فعل الإمام شرف الدين بالزيارة الثانية لبلدة الغازية.
بعض أحوال السيد عباس { بعد الذي ذكرناه لا بدّ لنا أن نطلّ على بعض أحواله في العمل الديني والنشاط السياسي والإجتماعي، وإن كانت تندرج تحت عنوان واحد (المهمة الدينية) إلّا أنّني سأشرحها بحسب التقسيم العرفي لها.
السيد عباس عاصر محطتين كبيرتين
الأولى مع السيد عبد الحسين شرف الدين الذي كانت تربطه به علاقة مميزة، وان جاءت هذه العلاقة متأخرة بحسب عمر السيد عباس فقد عاصر السيد شرف الدين مدة سبع سنوات من سنة 1950 إلى آخر 1957 م حيث توفي السيد شرف الدين ودفن في النجف الأشرف 1/1/1958 م.
إلّا أن هذه المدة من الزمن كانت خُلاصة ما قام به الإمام شرف الدين من مواجهة تداعيات نهاية الحكم العثماني، إلى مواجهة الإحتلال الفرنسي، إلى التصدّي للمنهج التكفيري الوهابي حيث كان الإمام شرف الدين أحد أبرز روّاد التقريب والوحدة بين المسلمين، هذه الإنجازات انعكست على شخصية السيد عباس أبو الحسن فبات يتطلع بمسؤوليةٍ إضافيةٍ إلى المهام التي يجب عليه القيام بها في المرحلة الثانية.
شاء القدر أن لا يكون السيد عباس البديل في صور مكان الإمام السيد شرف الدين لكونه إنتقل من بلدة (معركة) إلى بلدة (الغازية) بإشراف ووجود السيد شرف الدين، حيث كانت رغبة السيد شرف الدين هي وجود السيد عباس في صور وقد كان يطلب منه مراراً أن يأمّ المصلين في المسجد في حال غيابه، مضافاً لرغبة وجهاء صور والمنطقة والمقرّبين للإمام شرف الدين، أن يكون السيد عباس هو البديل في حال غياب أو وفاة الإمام شرف الدين، وكانوا يعملون على ذلك، لكن كما قلنا رغبة الحلقة الضيقة من أبناء الإمام وانتقال السيد عباس إلى (الغازية) منعت من تحقيق هذه الرغبة، وعلى قاعدة «الإنسان بالتفكير والربّ بالتدبير» شاءت الإرادة الإلهية أن يكون البديل هو الإمام السيد موسى الصدر.
أمّا المرحلة الثانية: للسيد عباس كانت مع الإمام الصدر الذي جاء إلى لبنان ليستكمل ما قام به السيد شرف الدين من مواجهة الإحتلال إلى تثبيت دعائم الطائفة الشيعية الكريمة، إلى الوحدة الوطنية والإسلامية. وكان السيد الصدر يستفيد من التجربة التي قام بها السيد شرف الدين، وخصوصاً من القريبين منه ومنهم السيد عباس أبو الحسن.
رأى السيد عباس بالإمام الصدر المشروع الذي يريد ان يُكمّل ما أسّسه الإمام شرف الدين لهذا احتضنه وعمل معه وساعده ونصحه وأشار عليه بأن يتعرّف على محطّاتٍ كثيرةٍ منها (البقاع) حيث كانت تربط علاقة وثيقة بين السيد عباس وفعّاليات بقاعية في (النبي شيت، وبعلبك، وتمنين التحتا) وغيرها.
ففي صيف 1964 م ينقل نجله السيد نور الدين ان والده السيد عباس طلب من الإمام الصدر زيارة (البقاع) وكانت مناسبة في بلدة (النبي شيت) وهي أسبوع المرحوم السيد محمد الموسوي والد السادة محسن وحمزة وزين العابدين وهو كبير آل الموسوي، وكان للسيدين في النبي شيت استقبال باهر حيث ذهبوا إلى دار رئيس البلدية أنذاك السيد أبو جعفر الموسوي وألقيت كلمات بالمناسبة ومن الذين تحدثوا الإمام الصدر.
ساهم السيد عباس مع الإمام الصدر في إيجاد (المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى) لما لهذا المجلس من ضرورة لمصلحة الطائفة الشيعية، إذ سيشكّل المرجعية السياسية والدينية لهذه الطائفة الكريمة، وإن كان بالإمكان التخلّي عنه لو لم يكن لبنان بلداً طائفياً، ووجدت هذه الفكرة إعتراضاً لدى بعض العلماء نتيجة بعدهم عن الأحداث والمسرح السياسي اليومي، هذا إن لم نقل أنّ الزمن سبقهم، لذلك كانت هناك حركة إعتراض على تشكيل هذا المجلس، لكن الإمام الصدر ومعه بعض العقول النيرة كالسيد عباس رفضت هذا الإنصياع وعملت بكلّ قوة على عكس رغبتهم بالكلمة الطيبة والموعظة الحسنة، ولهذا نلاحظ أنّ السيد عباس عمد إلى إستضافة العديد من بعض العلماء، كي يجتمعوا بالإمام الصدر وليجيبهم على تساؤلاتهم إذ كانوا لا يوافقون على تصرفات الإمام، ولربما كانت غريبة عليهم فهم لم يعتادوا على هذا السلوك لعلماء الدين، لذلك كانت هناك مؤاخذة من بعضهم على السيد عباس لعلاقته بالسيد الصدر واحتضانه له بهذه الطريقة، ممّا جعل السيد عباس يدعوهم إلى منزله لأجل لقاء السيد موسى الصدر ومناقشته والإعتراض عليه بحضوره كي يرى رد فعل الإمام الصدر على هذه الإعتراضات وحجته في ذلك، ومن جملة من دعاهم إلى منزله السيد موسى والسيد هاشم معروف الحسني، والسيد علي مهدي إبراهيم، والشيخ موسى شرارة مفتي الهرمل، والشيخ محمد تقي صادق، والشيخ موسى عز الدين وغيرهم.
استمرّت علاقة السيد عباس بالإمام الصدر وكان مقتنعاً به ومشجّعاً له على هذه المهام التي يقوم بها، وينقل أولاده أنّ الإمام السيد موسى كان غالباً ما يأتي إلى بيتهم في (الغازية) وينفرد مع أبيهم إلى ساعات متأخرة من الليل، وكانت تدور بينهما مناقشات علمية فقهية وسياسية وغيرها، وكان السيد الصدر يطلب في بعض الأحيان من السيد عباس مرافقته لزيارة بعض كبار مسؤولي الدولة.
من انجازاته كان أحد مؤسّسي (جمعية علماء الدين) في جبل عامل، وكانت هذه الجمعية تتطلّع إلى تشييد مدرسة دينية في مدينة (صور) تستنهض الطلاب وتدرّسهم إلى مرحلة السطوح ثم ترسلهم إلى النجف الأشرف لاستكمال التحصيل العلمي.
لكن وقع نزاع متعلق بالمدرسة الدينية بين الأعضاء وبين الشيخ موسى عز الدين وانتهت المشكلة بترك ولاية المدرسة الدينية للشيخ موسى عز الدين مراعاةً للمصلحة، بعدما تدخّلت المرجعية العليا في النجف الأشرف لإيقاف هذا النزاع للمصلحة العامة، والإمام الصدر لم يكن من الذين يقبلون بالأمر الواقع، فعمد إلى تأسيس معهد الدراسات الإسلامية في مدينة صور وخرّج هذا المعهد العديد من الطلاب الذين أصبح بعضهم من الفضلاء والأساتذة وكان من جملة هؤلاء سيد شهداء المقاومة السيد عباس الموسوي.
انجازاته الإجتماعية:
كان يَعتبرْ السيد عباس ان إرتباط الناس في القرى والمدن بدينها لا يتحقّق إلّا بوجود علماء أتقياء يقومون بواجبهم الديني من تبليغ الأحكام وإحياء المناسبات، وتعليم الناس أحكام دينهم وحلّ مشاكلهم وإصلاح ذات بينهم، وحتى يتحقّق هذا لا بدّ من إيجاد دافع يحثّهم على إستقدام عالم دين، فكان المسجد، وان البلدة التي ليس فيها مسجد فأهلها لا يخطر على بالهم استقدام عالم دين لها، لهذا رأى { ضرورة أن يشرع في بناء المساجد والحسينيات لتكون الحافز القوي للناس على الطلب من المرجعية العليا في النجف لإرسالها عالم دين لهم، وبالفعل نجده { قد شيّد ورمّم العديد من مساجد المنطقة، فعلى سبيل المثال مسجد عنقون، ومسجد كفرحتّى، ومسجد البيسريّة كان من طين، ومسجد زفتا، ومسجد كفرملكى، ومسجد رومين.
وبطبيعة الحال بنى في الغازية مجمّعاً من عدة طبقات - حسينية مستوصف ومؤسسة إجتماعية.
كان { غيوراً على موقعه الديني ومكانته الإجتماعية، من دون أن يخرجه عن تواضعه ولين جانبه، إنما كان من باب الحرص على هيبة رجل الدين والمحافظة على دوره كقائد لهذه المنطقة، ذات يوم في عام 1957 م، زار الزعيم السياسي الأسعد بلدة (الغازية) واستقبله أهلها ونزل في دارة المرحوم الحاج رضا خليفة وصار القرار أن يُدعى السيد عباس إلى منزل الحاج رضا لتناول طعام الغداء مع الأسعد والوفد المرافق، وعندما وصل الرسول إلى بيت السيد لم يلق تجاوباً قائلاً له: «سلّم عليهم وليس هكذا تورد الإبل»، السيد رفض المشاركة واعتبر أنّ هذه الطريقة غير صحيحة، وبوابة (الغازية) ليست الحاج رضا وإنّما عالم الدين هو عنوان البلدة، وبالفعل عندما علم الحضور برفض سماحة السيد عباس المشاركة معهم، قام الزعيم الأسعد ومن معه بالذهاب إلى بيت السيد عباس معتذرين عن هذا الخطأ وطلبوا من السيد أن يتفضّل معهم إلى تناول الغداء في بيت الحاج رضا، وهنا ما كان من السيد عباس إلّا الإستجابة لهذه الدعوة بعد الزيارة والإعتذار.
أمّا مصنفاته:
على ما يظهر لم يكن الوقت ليسمح للسيد عباس بالتصنيف والتأليف رغم ما يملك من قلم ومن حضور للمطالب، إلّا انه كان يفضّل ان يقضي وقته بالإصلاح والتبليغ الديني وبناء المساجد، ومع ذلك ترك بعض المؤلفات منها كتاب حول المرأة، وكتاب بالإمام والأئمة R، وكتاب بالصوم.
ومن خلال كتاب الصوم والمقدمة التي كتبها يمكن ان نفهم طبيعة تفكير السيد عباس مضافاً إلى ما كانت عليه المنطقة في تلك المرحلة.
ويمكن ان يؤشّر هذا الكتاب إلى عدّة أمور:
الأول: كان يتطلع السيد عباس بغضب إلى تلك المرحلة وانّ جيل الشباب بات يبتعد عن الدين بسبب الإلحاد والكفر وأنّ معظم الشباب هم وقوداً في التيارات المنحرفة عقائدياً وسياسياً، ولهذا كان يتطلّع إلى اليوم الذي يعود فيه هؤلاء الشباب إلى إسلامهم الصحيح ويعيشون بكنف العقل بعيداً عن الجهل والأهواء. ويمكن ان نتعرّف على حزن السيد على هذا الجيل من مقدمة هذا الكتاب والتي سنقطتع بعض الجمل للدلالة على ما نقول وممّا جاء فيها: في هذه اللحظة الحاسمة من تاريخ البشر، وقد تدهورت الأخلاق، وعمّت الفوضى، وانتشر الفساد في البر والبحر، وأصبحت هذه المنطقة من العالم متأرجحة مضطربة، تتجاذبها شتّى وسائل الإغراء والإغواء قوى الشيوعية الملحدة والإستعمارية الفاجرة، فتلك بأساليبها البراقة الخادعة وتحويلاتها البارعة، وهذه بدسائسها وأحابيلها المسحورة المغرية، حتى أصبح المتماسك الواقف على قدميه من شبابنا وشاباتنا كصبّابة الإناء، وقد استشرى الداء وخفي الدواء.
ثم يتحدّث السيد عباس عن وحدة المسلمين التي يراها أساس بقاء وانتصار هذه الأمة.
وممّا قاله: وفي هذا الوقت التي تتألب فيه قوى الطغيان والإلحاد على تفتيت وحدة المسلمين وفصم عروتهم، واشغال بعضهم ببعض عن طريق الطائفية تارةً والخديعة طوراً آخر. ولم يقتصر السيد على حثّ المسلمين على الوحدة والتقريب من خلال إبراز المخاطر والوقوف في وجه العابثين بوحدة الأمّة، بل كان يعمل على تنشيط وتفعيل المنهج التقريبي مع النجف الأشرف وبعثات الأزهر الشريف كونهما يمثلان أعلى سلطة دينية للمسلمين في تلك المرحلة.
ثمّ يبدأ في الكلام حول أهمية شهر رمضان وأنه من الألطاف الإلهية
وممّا قاله: في هذا الوقت وقد أطلّ علينا شهر رمضان شهر التوبة والمغفرة، شهر ندب الله عز وجلّ الطيعين من عباده ليتنافسوا في طاعته ويستبقوا إلى الخير فيه، والعُصاة المسرفين ليتراجعوا إليه ويتحلّلوا من ذنوبهم فيه فاتحاً لهم باب التوبة على مصرعيه بقوله تعالى }يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله{.
ثم يُحاول السيد عباس { أن يتحدث عن شهر رمضان بما يُمثل من إصلاحات إجتماعية واقتصادية وتحميل المسؤولية للإقطاع الظالم وللناس وممّا قاله:
وأقسمُ بالله قسماً مبروراً لو لم يبتل المسلمون بم أُبتلوا به من الإستجابة لرغبة حكام إقطاعيّين ظالمين عملوا على إجتذابهم إليهم من تلك الصفوف المقدسة، إرضاء لشهواتهم وعلواً على الحق واستكباراً على أهله، لكانت كلمة الإسلام هي العُليا، ولتغيّر مجرى التاريخ إلى حيث أراد الله ورسوله إلخ ...
أولاده:
أنجب { عدة أولاد العلامة السيد فخر الدين الذي هو إمام بلدة الغازية حالياً، والعلامة السيد ابراهيم إمام بلدة عين بعال ويتردد على بلدة الأباء (معركة) والسادة السيد نور الدين والسيد حسين والمرحوم السيد محمد والسيد علي والسيد رضا والسيد مصطفى، كما أنجب أربعة إناث.
وفاته:
توفي { ليلة الجمعة في 22 حزيران 1972م ودفن في قرية الغازية.
وأمّ الصلاة عليه نجله العلامة السيد فخر الدين بحضور حشد من العلماء وجموع غفيرة من المؤمنين.
نظّمت جمعية الإمام الصادق Q لإحياء التراث العلمائي
ندوة فكرية تحت عنوان:
«دور العلماء في استنهاض الامة» الشهيدان السيد عباس الموسوي والشيخ راغب حرب (طاب ثراهما) «نموذجاً»
عالجت الندوة محورين:
الأول: الخصائص والمزايا شروط أساسية.
الثاني: الكلمة الصادقة والموقف الشجاع شرط الإنتصار.
عالج المحور الأول عضو المجلس المركزي في حزب الله سماحة الشيخ حسن بغدادي
وممّا جاء في كلمته: لعلّ المقصود من الحديث الشريف «إذا مات العالم ثلم في الإسلام ثلمة لا يسدها شيء» هي الخصائص والمزايا لهذا العالم التي تختلف عن بقية العلماء، وبالتأكيد ليس المقصود هو العلم، فلربما جاء من بعدهم من هم أكثر علماً.
كثيرون هم العلماء الذين جاؤوا إلى الدنيا ورحلوا، وكان لكل واحد منهم ميزة خاصة ولربما كانت أدوارهم محدودة، هناك فريق من هؤلاء الأعلام تركوا آثاراً كبرى في مختلف القضايا: رؤى - أفكار - مناهج - ثورات - مقاومات - هؤلاء كانوا أكثر تمايزاً وحيازةً للمزايا، وبالعودة إلى جذورهم نجد أنّ هذا التمايز لم يكن طارئاً على حياتهم، بقدر ما هو تربية وسلوك وتطابق بين القول والعمل وإخلاص وتفاني في جنب الله، قادهم إلى بذل كلّ ما بوسعهم لتحقيق الأهداف التي يريدها المولى عز وجل. ولعلّ قصة ذلك المرجع الذي أعتقد أنكم لم تسمعوا به من قبل ألا وهو الشيخ محمد حسين بن هاشم العاملي كان يعمل في السوق بالكاظمية مع أبيه وكان في الحانوت (قرآن كريم) يقرأ به، وسرعان ما وقع في قلبه حبّ العلم، فسأل أحد المشايخ عن الطريقة إلى طلب العلم فقال له إحفظ (الأجرومية في النحو) وعندما رآه والده نهاه وضربه وقال له هذا يُلهيك عن الكسب، وذات يوم سأل هذا العالم عن الطريقة إلى طلب العلم؟ فقال له: ان تذهب إلى النجف الأشرف ولم يكن معه من مال سوى أجرة العربة وفي الطريق تحنّن عليه أصحاب العربات وقدّموا له العشاء، وعندما وصل إلى النجف توجه إلى زيارة أمير المؤمنين Q وجلس في الصحن الشريف، وعندما أراد الخدم إخراج الناس من الحرم والصحن الشريف لإغلاق الأبواب وإعادة فتحها قبيل الفجر، وكان الشيخ محمد حسين من ضمن الناس المنوي إخراجهم من الصحن الشريف فأخبرهم الشيخ محمد حسين بوضعه فأعطوه غرفة في الصحن الشريف وصاروا يقدّمون له الطعام. وبهذا نزل ضيفاً على الإمام Q ولكنّه Q لم يكن صاحب تقديم الطعام والعطاءات المادية، فهو أمير الزهّاد والعبّاد والفصحاء والبلغاء، حيث أراد Q لعلماء الأمّة أن يسيروا على دربه ونهجه ولهذا لم يمدّ لهم يد العون في الشبع والراحة، وإنّما مدّ للمخلص منهم يد العون لتحصيل العلم والرقي في أعلى درجات الكمال والمعرفة، لهذا لامس هؤلاء العلماء حدّ الجوع في حضرته المقدّسة. هذا الإخلاص والصبر على الجوع والحرّ أوصل الشيخ محمد حسين من بائع في الحانوت إلى أحد كبار مراجع الشيعة، من دون أن يتبدّل نمط حياته حيث بقي زاهداً عازفاً عن الدنيا وملذّاتها. بالعودة إلى السيد عباس والشيخ راغب لهم ميزات وخصائص وهناك قواسم مشتركة بينهما، إلّا أن السيد عباس كانت له ميزات خاصة تختلف عن طبيعة وشخصية الشيخ راغب ويمكن تطبيق القاعدة المنطقية (بينهما عموم وخصوص مطلق) السيد عباس كان يمتلك مواصفات قيادية أهّلته لقيادة مرحلة كانت من أخطر المراحل وأدقّها على الصعيد السياسي والإجتماعي وكان في زمن الإحتلال الإسرائيلي، ونحن شاهدنا وعاينّا تلك المرحلة وكان لنا بعض الدور فيها، لذا نتحدث عن السيد عباس كشاهد عيان.
إنطلاقته نحو طلب العلم كانت من صور من معهد الدراسة الإسلامية التي كان المشرف والمربي فيها الإمام السيد موسى الصدر وذلك سنة 1969م وعندما قرّر الذهاب إلى النجف الأشرف حمل معه رسالة من السيد الصدر إلى الشهيد المرجع السيد محمد باقر الصدر، وهذا له دلالة على طبيعة تفكير السيد عباس وانه من الأساس كان يتطلّع إلى علاقة مُميزة تؤهله لأن يكون واحداً من رجالات هذه المسيرة، في ذلك الوقت لم يكن الإمام الخميني قد سطع نجمه عند العرب.
كان السيد عباس عميق النظر: كان فكره استراتيجي لم ينظر إلى صغائر الأمور دائماً كان همه فلسطين كونها قضية مقدسة، والشيء الآخر أنها تصلح لتكون عنواناً جامعاً لوحدة المسلمين، وبهذا نقطع الطريق على التكفيريّين الموالين للإسرائيليّين الصهاينة.
كما كان شجاعاً ولم يكن متهوّراً وهذا ما دعاه إلى الخوف والهرب من الصراعات الداخلية، حيث كان يرى أن المنتصر في الحروب الداخلية مهزوم.
كما كان رحمه الله زاهداً ولم يكن منزوياً، فلم يمنعه زهده من التصدي للشأن العام ولم يتصف بصفة الدراويش، وانما زهده دعاه لطلاق المظاهر والبهارج وحب الذات، وعندما قدم أحدهم له أرضاً ليبني له داراً، أعطاها لأحد أصحابه وعندما طالبته (زوجته) بان يتركها للأولاد قال لها: «من كل عقلك أريد أن أبني لك بيتاً في الدنيا إنشاء الله سيكون لك قصراً في الجنة».
أمّا خوفه من عوائل الشهداء والفقراء لا يوصف: ذات يوم كنت برفقته في جبشيت حيث زرنا إحدى بيوت عوائل الشهداء وعندما خرجنا وجدته منزعجاً فسألته هل هناك مشكلة؟
فقال لا، وإنما أنا خائف من عوائل الشهداء أن نكون قد قصرنا في حقهم. هناك خصائص وميزات للسيد عباس وله مع كل ميزة حكاية، من الزهد والتواضع ورحابة الصدر والشجاعة.
لفتني في صالونه خلف ظهره مكتوب على رقعة الحديث الشريف (إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوها بأخلاقكم) وعندما كان يدخل عليه الفقير لم يكن معه ما يقدمه له، ولكن عندما يجد هذا الفقير بيته يشبه إلى حد بعيد بيت السيد عباس زائداً على ملاطفة السيد له فيخرج هذا الفقير راضياً ناسياً وجعه وألمه.
وعندما عرضوا عليه سيارة (مصفحة) ضد الرصاص رفضها قائلاً: هذه تمنع الشهادة
من ميزاته {
لم يتعاطى مع الأحداث ومع الأشخاص من منطلق الخصومة الشخصية، وانما كان يعتبر من يخاصمه إنما يخاصم النهج والطريقة التي سار عليها، ولهذا كان يبحث عن مصلحة ذلك النهج بالرد عليهم أو كيفية التعاطي معهم، وتكاد لا تُميّز في علاقته بين صديقه وخصمه، فالتواضع والمودة تكون واضحة مع الجميع ولا يستطيع أحد مهما بلغ أن يُحرّضه عليك، فالمودّة ثابتة والإبتسامة في وجهه لا تتبدّل بحسب المواقف.
أمّا الشيخ راغب حرب
فله كثير من الحكايات مع الناس والفقراء والأيتام ومبرة العلامة الشيخ محمد مهدي شمس الدين في (جبشيت) خير شاهد على ذلك.
لقد أخلص الشيخ راغب لله تعالى وبايع الإمام الخميني على الجهاد وتحرير فلسطين فزاده الله بصيرةً ونوّر عقله وقلبه، وكان يرى رحمه الله أنّ مسيرة المقاومة لا يمكن أن تنتطلق بدون دم عالمٍ من جبل عامل يضيئ بدمه الطريق ويشعل لهيب الثورة، فكان دمه الطاهر في شباط 1984م الشعلة التي أضاءت الطريق أمام المجاهدين في انطلاق عملياتهم الجهادية ضد الإحتلال الإسرائيلي، وجاء دم الشهيد السيد عباس الموسوي في شباط 1992م ليثبّت هذه المسيرة ويقوي من عزيمة المقاومين وليعطيها بعداً سياسياً وإجتماعياً ودافعاً إلى الأمام ليقودها إلى الإنتصارات الكبرى التي تحققت في أيار 2000م وتموز 2006م.
في ذكرى الشهداء القادة السيد عباس والشيخ راغب والحاج عماد لا يسعنا إلّا أن نقول أنّه يوم آخر من إنتصار الدم على السيف. لقد خاف الصهاينة من هؤلاء القادة في حياتهم فنالوا من أجسادهم الشريفة، وسرعان ما اكتشفوا عظيم خطئهم وفداحة جريمتهم، وأنّ حياة هؤلاء القادة في موتهم قاهرين، وأن الحياة تنمو وتتعاظم بشهادتهم، فتستنهض أجيالاً وتخرّج الآلاف من الشباب المجاهدين الحاضرين للإستشهاد، وكشفت هذه الشهادة زيف الصهاينة وعملائهم بفترة زمنية هي أقصر بكثير ممّا لو كان هؤلاء القادة سيعملون على كشفهم.
إنّ شهادة الكادر هي حياةٌ وعزٌ ونصرٌ لهذه المسيرة.
قد يُخيل لضعفاء النفوس أنّ شهادة القادة هي وهنٌ وتراجعٌ وقلقٌ، وعلى هؤلاء أن يُدركوا أن المقاومة التي ربطت مسيرتها بسيد الشهداء الحسين Q سوف تنتصر بدماء شهدائها ومداد علمائها وبجهاد مجاهديها وبصبر أهلها.
في ذكرى الشهداء نقول للصهاينة: لن يطول فرحكم فليلكم قصير وأيامكم معدودة وهزيمتكم مؤكدة وكيانكم إلى زوال، خسِئ من والاكم من الأنظمة والتكفيريّين الجبناء فمصيرهم إلى النار بئس الورد المورود، وفاز من ناوؤكم وقاتلكم وقتلتموه فالجنة مثواه مع محمد وآله الطيبين الطاهرين.
عالج المحور الثاني: عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب د - حسن فضل الله
وممّا جاء في كلمته: لقد تفضّل سماحة الأخ العزيز الشيخ حسن بغدادي وتحدث بإسهابٍ عن شخصية السيد عباس وشخصية الشيخ راغب، وفي الحقيقة يزخر جبل عامل بتاريخ وتراث عريق، ونحن لولا هؤلاء العلماء لما كنا اليوم، لا في هذا الجبل، ولا على إمتداد أمتنا، ولا كنا في الجبل كوجود مباشر ولما كنا كحضور وفكر وثقافة وعقيدة على امتداد الأمة. هناك محطات مفصلية في تاريخ هؤلاء العلماء، ومن بين هذه المحطات في عصرنا الحالي محطة الإستنهاض التي بدأت مع السيد موسى الصدر الذي حمل كل تراث الماضي وأطلق من هنا فكرة المقاومة، وأسّس المقاومة ضد الإحتلال الإسرائيلي. أهمية الشيخ راغب والسيد عباس وكل هذا الجيل من العلماء أنهم بدأوا من حيث بذر الإمام الصدر البذرة الطيبة، بدأوا في المرحلة الصعبة، وتعرفون لدينا حديث عن إيمان ما قبل الفتح وإيمان ما بعد الفتح، والذين أمنوا مع رسول الله P في أيام الصعوبات والقتل والجوع والعطش والحصار غير الذين أمنوا بعد الفتح. فالشيخ راغب ميزته مع الجيل الأول الذي أسّس المقاومة الشعبية أنه بدأ في مرحلة الحصار، وقلة الإمكانات والغربة.
والسيد عباس الذي بدأ في هذه المسيرة مع الإمام الصدر كان من الجيل الأول الذي أسّس المقاومة وحزب الله، وهؤلاء بدمهم استطاعوا أن يستنهضوا الأمّة وكان خطابهم خطاباً للأمة كلّها، الشيخ راغب صنع تحولاً في المنطقة، فالمقاومة الأولى بدأت شعبية من جبشيت مع الشيخ راغب، ولو أن الشيخ راغب لم يقف هذا الموقف لما وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم، ويعرف أغلب من عايش فترات الإجتياح كيف كان الجو المطبق، جو إحباط، وسيطرة إسرائيلية إضافة إلى هيمنة القوى السياسية التي انهارت على امتداد البلد وسلم الكثير أمرهم للإحتلال والسلطة التي نشأت عن الإحتلال.
ميزة الشيخ راغب أنه وقف في الجنوب سنة 1982، ولم يصافح وكان السلاح هو الموقف والسيد عباس مع إخوانه في القيادة الأولى التي أسّست المقاومة كان من أوائل الذين إلتحقوا بالدورات العسكرية التي بدأت على يد الحرس الثوري الإيراني، حيث كان في الطليعة الأولى التي تدرّبت على السلاح لينطلق إلى المقاومة.
إذاً التحول الأساسي بدأ في تلك اللحظة مع أشخاص غيّروا التاريخ، ولنتصور معاً كيف ستكون أحوالنا لو لم يكن الشيخ راغب موجود؟ ولو أن الإمام الصدر لم يأت إلى لبنان؟ وأن الثورة الإسلامية في إيران لم تنتصر؟ والإمام الخميني لم يكن موجوداً؟
ورأى فضل الله أنه من حق الشيخ راغب والسيد عباس علينا في كل مناسبة وفي كل ذكرى أن نستحضرهما بإعادة تقديمهما للأجيال، لأنّ التاريخ ممكن أن يُنسى أحياناً ولأن التحريف والتضليل في لبنان من ابتلاءاتنا اليومية التي تجعل من الأمور الواضحة مبهمة.
فمثلاً في أيام الشيخ راغب تساءل الكثير عن مصير الجنوب والبلد واعتبروا ان المقاومة هي التي تسبّب الإعتداءات الإسرائيلية ولكن بعد سنوات رأينا كيف أنّ هذه المواقف الإنهزامية سقطت أمام منطق المقاومة التي انتصرت.
وفي معرض حديثه عن المنطقة والوضع الداخلي في لبنان: اعتبر فضل الله أنّنا اليوم دخلنا في مرحلة جديدة في لبنان عنوانها فتح الأبواب للتلاقي والتفاهم والحوار على طاولة مجلس الوزراء، وأمام الجميع في الحكومة فرصة يمكن الإستفادة منها من أجل التأسيس للمرحلة المقبلة لمزيد من التعاون والتلاقي الداخلي، لمواجهة التحديات الأمنية كما رأى تشكيل الحكومة بأنه أمر إيجابي وضروري بمعزل عن التفاصيل. أضاف فضل الله، أن حزب الله من اليوم الأول لإستقالة الرئيس ميقاتي نادى بضرورة تشكيل حكومة شراكة وطنية يشارك فيها الجميع لأنّ البلد يحتاج إلى شراكة الجميع ليتحمّل المسؤولية ويخفّف التوتر والتشنج ويقفل الأبواب والنوافذ أمام أولئك المتربصين بالبلد.
ورأى أنّ تشكيل الحكومة كان من الأولويات الأساسية لدى حزب الله وذلك من أجل الحفاظ على الأمن في البلاد ولتجنيب الوطن الوقوع في الفراغ حيث أنّ هذه الحكومة عليها إنجاز الإستحقاق الرئاسي والتحضير للإنتخابات النيابية على قانون جديد، كما نوه في كلمته بدور الجيش اللبناني وإنجازاته وإجراءاته التي اعتبرها أمراً كبيراً جداً... ودعى الجميع إلى دعم الجيش وعدم الإستفراد به والإعتداء عليه.
وعن الخطر التكفيري قال: أنّ هذا الخطر من الإبتلاءات التي تصيب منطقتنا وعالمنا العربي والإسلامي، وتجرّ المنطقة والبلاد إلى الفتنة والإقتتال الداخلي، وإلى الصراعات التي لا يستفيد منها إلا العدو الإسرائيلي. واعتبر أنّ الإسلام هو أبرز ضحايا النهج التكفيري الذي يشكّل خطراً على الجميع، المسلمين والمسحيّين والسنّة والشيعة، وحتى على أولئك الذين يبررون أفعاله وجرائمه، ولأن هذا الخطر يتهدد الجميع فالكل معني بمواجهته.
كما رأى أن ما يعزّز تواجد النهج التكفيري ويأمّن أرضاً خصبة له، هو تواجد أشخاص منحرفين يقدّمون فتاوى باطلة لا تمتّ للإسلام والمسلمين بصلة، ويهدفون بذلك إلى حرف الدين عن مساره الصحيح بهدف تكفير كل من يخالفهم الرأي. واعتبر أن من ينظر إلى الصراع الدائر في المنطقة على أنه صراعٌ طائفي مذهبي، واقعٌ بالشبهة. والأحداث التي تدور في المنطقة تؤكد على أن الصراع الدائر ليس صراعاً مذهبياً بين السنّة والشيعة. وما الجريمة الإرهابية البشعة التي أودت بحياة الشهيد الشيخ البوطي الذي يعتبر من أهم علماء السنّة إلا خير دليل على ما نقوله. فهم (أي التكفيريين) أعترفوا بألسنتهم بعد أن وقع بعض عناصرهم بقبضة النظام السوري أنهم قتلوا الشيخ البوطي بناءاً على فتوى من فتاوى الباطل، وذلك لأنه يخالفهم في الرأي فقط.
وعن تواجد حزب الله في سوريا قال: أنّ هذا التدخل جاء للحد من سيطرة التكفيريّين على سوريا ولحماية لبنان وأهله من هذا الخطر واعتبر أنّ الدماء الطاهرة التي تسفك في سوريا اليوم دفاعاً عن لبنان لحماية الأجيال، لأنه لو خليَّ هؤلاء التكفيريين لسطوتهم وسيطرتهم على سوريا لكنا رأينا اليوم الحرب في قرى وبلدات البقاع، ومن ثم على امتداد المناطق التي يمكن أن يصلوا إليها. ولو سيطر هؤلاء على سوريا لكانت الحرب داخل لبنان، ولكنا رأينا في كل يوم سيارات مفخخة وتفجيرات.
وفي الختام:
شدد فضل الله على دور المقاومة الجاهزة دائماً لمواجهة الإعتداءات على لبنان سواء الخطر الإسرائيلي أو غيره كما اعتبر أنّ المقاومة هي جزءٌ أساسي من الثوابت الوطنية والمسلّمات بل هي جزءٌ من الميثاقية الوطنية ولا أحد يستطيع أن يتجاوزها أو يتخطّاها، واعتبر أنّ الشهيد الشيخ راغب والشهيد السيد عباس كلاهما يجسدان عنوان تاريخياً، والكلمة الصادقة والموقف الثابت حيث قدّما دمهما في سبيل الوطن والأمة والجنوب في سبيل هذا الشعب المضحّي المعطاء والصامد والصابر فكانا أمثولةً للشهادة.
ووجه كلمة شكر لجمعية الإمام الصادق Q لإحياء التراث العلمائي التي تهتم بهذه المناسبات وبهذا التراث.
صدر عن جمعية الإمام الصادق Q
لإحياء التراث العلمائي
كتاب المؤتمر الفكري السابع حول الجزّار تحت عنوان (جبل عامل بين النكبة والنهضة) في عهد أحمد باشا الجزّار.
تناول الكتاب العديد من الأبحاث التي قدّمها متخصّصون بالتاريخ .
تناولوا فيها الظروف التي كان عليها جبل عامل قبل الجزّار، والتي ساهمت في قيام هذا الحكم الطاغي، والخسائر التي مُني بها جبل عامل، وحركة (الطيّاح)، مضافاً للنهضة العلمية الثانية التي قامت في جبل عامل بعد نهاية حكم الجزّار.
مؤتمر العلامة الكبير السيد محمد رضا آل فضل الله الحسني {
حيث ستعقد جمعية الإمام الصادق Q لإحياء التراث العلمائي مؤتمراً فكرياً حول هذه الشخصية العلمية المتعدّدة الجوانب في الفقه والأصول واللغة والأدب والشعر والفلسفة، والذي سيشارك فيه العديد من الشخصيات من مختلف البلدان من إيران والسعودية والعراق وسوريا ولبنان وذلك في 30 نيسان و1 أيار 2014 م.
لقاءات عديدة مع شخصيّات علمائية وفكرية في مقر الجمعية في بلدة (أنصار)
أوصى السلطان الحرفوشي
ان يُدفن عند رجليه
انه العلامة الشيخ حيدر آل محفوظ العاملي الهرملي دفن في العين من بعلبك، وكان من العلماء الصلحاء والفقهاء العاملين كما وصفه السيد حسن الصدر في التكملة وأنه جليل القدر عظيم الشأن.
وكان للشيخ حيدر عدة كرامات ظهرت في حياته وبعد موته.
فمن جملة كراماته في حياته انه وقع نزاع بينه وبين أحد المخالفين وهو في طريق إلى مكة المكرمة، فاتفق الطرفان ان يكتب كل واحد منهما اسم من يتولاه على ورقة ويقدّمها لأحد القرود وهو يحكم بذلك، فكتب الشيخ حيدر على ورقته إسم (أمير المؤمنين Q وصي رسول الله بلا فصل) وكتب المخالف على ورقة إسم من يتولاه، وأعطيت الورقتان للقرد الذي كان في المكان، فما كان من القرد إلّا أن أهمل ورقة المخالف وجعل ورقة الشيخ حيدر علي رأسه وبها ظهرت حجة قوله.
والأمير سلطان الحرفوشي أوصى ان يدفن عند رجليه كما رأى بعد إنهدام قبّة قبر الشيخ حيدر بعد سنين من دفنه، وإذا بجسده طرياً ووجهه مضيأً وكريمته شقراء اللون كما لو أنّه دُفن الآن، هذه المكانة الإجتماعية للشيخ حيدر والكرامات التي ظهرت له في حياته وبعد موته، جعلت الأمير الحرفوشي يوصي أن يكون مكان دفه تحت رجلي المقدّس الشيخ حيدر، رغبةً منه بالحصول على كرامة المجاورة في الدنيا والشفاعة في الآخرة.