1-8 copy.psd

مناسبات الشهر

1

وفاة الشيخ توفيق الصاروط في بعلبك في الخامس من شهر صفر لعام 1356هـ، وكان الشيخ توفيق قد درس على العلامة السيد جواد مرتضى العاملي في مدينة بعلبك، حيث قرأ عليه مدة طويلة واستفاد منه في الفقه والأصول وغيرهما، وكان للشيخ توفيق نشاط في بعلبك والجوار، فقام بالتبليغ الديني من الوعظ والإرشاد وإحياء المناسبات وتعليم الناس أحكام دينهم، وكان يعتقد أنّ الأميّة المتفشيّة في المنطقة هي السبب الرئيسي في تأخّرها وتخلفها، لهذا ينقل السيد محسن الأمين{ في الأعيان أنه لا يعرف الشيخ توفيق ولكن وصلته رسالتين منه إلى الشام حيث كان يسكن في (دمشق)، يشرح فيها وضع المنطقة ويطلب فيها من سماحة السيد الإهتمام بهذه المنطقة التي تُعاني الإهمال والحرمان على أن يتلطف سماحة السيد الأمين ليشملها برعايته كما صنع في سوريا من بناء المدارس واهتمامه بالمسلمين الشيعة هناك.

2

ولادة الفاضل الشيخ محمد بن الشيخ مهدي مغنية في شهر صفر سنة 1253هـ، وقد توجّه إلى طلب العلم بعد وفاة والده الشيخ مهدي الذي كان أحد الأعمدة في إعادة الحياة العلمية إلى جبل عامل بعد النكبة. كان الشيخ محمد مغنية ذكياً أديباً مؤرخاً، وهو صاحب كتاب (جواهر الحكم ونفائس الكلم) وهو كتاب يشتمل على تراجم العلماء وعلى قصص أدبية وتاريخ وحكم، أسّس مدرسة مع أخيه الشيخ حسن في (طير دبا) سنة 1270هـ، وطلب من العلامة الشيخ سلمان العسيلي من قرية (رشاف) أن يرعاها ويكون الأستاذ الأول فيها واستمرت حتى طلب أهالي أنصار الشيخ العسيلي.

3

وفاة العلامة الشيخ عبد الحسين بن الشيخ قاسم مُحي الدين العاملي في شهر صفر لعام 1271هـ، وكما يقول السيد الصدر في التكملة: «كان وحيد عصره وفريد دهره في الأدب وفنون الشعر، وله شعر في مراثي الحسين Q معروف ومشهور»، وقال عنه إبن أخيه الشيخ جواد: «كان عاملا فاضلاً أديباً كاملاً شاعراً».

السنة الثانية- العدد الرابع والعشرون - صفر 1435 هـ - كانون الأول 2013م

آل حرفوش في بعلبك

لاستفساراتكم واقتراحاتكم يرجى التواصل على العنوان التالي:

Toorath@ live.com

70 - 61 68 08

شخصية العدد

العلامة الشيخ

محمد الحريري الحرفوشي

من علماء القرن الحادي عشرهـ، ومن المتخصصين باللغة العربية إلى حد الإجتهاد بها والإمساك بجميع تفاصيلها وحيثياتها.

نسبه: هو الشيخ محمد بن علي بن محمد الحرفوشي الحريري العاملي الكركي الشامي، وهذا النسب الطويل مرتبط بالمناطق التي سكنها وبالحرفة التي كان يعمل فيها، وسنبيّن بالتفصيل هذه المواطن والحرفة ومكانته العلمية.

كان { من العلماء الفاعلين وله حضوره العلمي والإجتماعي في دمشق وإيران، وهو أحد العلماء الذين التفت إليهم أرباب التراجم ولم يهملوه.

أمّا نسبته إلى الحرفوشي: فهو من عائلة الحرافشة (الأمراء)، الذي حكموا بلاد بعلبك وكان لهم فيها نفوذ ومكانة استمرت لمئات السنين.

أصل العائلة: من العراق وتعود إلى (خزاعة)، وعلى ما يظهر فإنّ تاريخاً دقيقاً عن أصل هذه العائلة وتاريخها لم يُذكر عند المؤرخين، لهذا وقع الإختلاف في ذلك، وما ذهب إليه البعض من أنّ أصل العائلة يعود إلى جدهم (الحرفوشي الخزاعي) الذي عُقدت له راية بقيادة أبي عبيده بن الجراح لا دليل عليه، وأنّ العائلة حكمت بلاد (بعلبك) أربعمائة سنة هذا أيضاً مجرد كلام، ولهذا يذهب السيد محسن الأمين إلى أنّ القدر المتيقّن أنّ هذه العائلة تعتبر من أعاظم أمراء بلاد بعلبك والبقاع وصولاً إلى حمص وكانوا يمتلكون من الشجاعة ما جعلت لهم هيبة ووقاراً في قلوب الناس. حتى أنه تُروى قصة عن (الأمير سلمان) الذي كان معتقلاً في القلعة بدمشق، فطلب مقراضاً لقص شعره، وعندما أعطوه المقراض تمكن من قص ما يشبه السيف من لوح (التنك) وهجم على الحرس فهربوا وهجم على الناس بالسوق فأغلق الناس أسواقهم.. وفي نفس الوقت كان لهم حضور إجتماعي، فبنوا المساجد وخرج منهم علماء وشعراء وكانوا يُحبّون أهل العلم والشعراء ويكرمّونهم، وهذا ما ينقله الشيخ علي بن الشيخ حسن صاحب المعالم في (الدر المنثور)، أنّ والده الشيخ محمد الذي سكن في مكة المكرمة بسبب حسد وكيد أهل البغي وخصوصاً بعدما حرقوا لهم ألف كتاب ومخطوطة من أنفس الكتب، فكانت العائلة تسكن في بيت جدهم المحقق الكركي في (كرك نوح) بعيداً عن الأنظار والمنطقة تحت حماية الأمراء الحرافشة، وذات يوم أرسل الأمير يونس الحرفوشي (خمسمائة قرش) إلى الشيخ محمد بن الشيخ حسن مع رسول إلى (مكة المكرمة) ورسالة يقول له فيها: «إنّ هذا المال من مالي الحلال الخالص المخمّس»، وبما أنّ الشيخ محمد كان عالماً زاهداً يرفض هدايا السلطان ويهرب من الشبهات فأراد إرجاع هذا المبلغ، لكن الرسول قال له: «إنّ عائلتك تحت رعايتهم في (كرك نوح) وهذا ليس في صالحهم»، فقال له الشيخ محمد: «إذاً، إستبقِ هذا المال عندك وفي كل عام إصرف منه مائة قرش واشترِ بها هدايا من الثياب والعود وأرسلها إلى الأمير بعنوان هدية، وبهذا نكون قد أرجعنا إليه ماله من دون مشكلة»، وبالفعل هكذا فعل الرسول وكان ذلك سنة 1029 هـ .

وبتقديري، هذه العلاقة الطيبة لهم مع العلماء والأمراء تكشف عن أصالةٍ وطيبةٍ في عائلتهم، وأنّهم يعرفون قيمة ومنفعة هذا التكريم لهؤلاء العلماء والشعراء الذين سيخلّدهم التاريخ، والدليل على هذا هو كتابتنا نحن عنهم.

من هؤلاء العلماء: الشيخ محمد الحرفوشي الذي خرج من هذه العائلة، ومكانته واضحة في المجال العلمي والإجتماعي.

أما الحريري: فهي نسبة إلى الحرفة التي كان يعتاش منها، حيث كان له محل (حانوت) في دمشق يحبك فيه (عباءات الحرير)، فلُقّب بالحريري.

والدمشقي: نسبته إلى سكنه في دمشق، فمن جهة كان يعمل في الكسب الحلال، وفي نفس الوقت كان يدرس ويُدرّس، فكان الطلاب يختلفون عليه في محله وهو يجمع بين العمل وبين إلقاء الدروس عليهم، وهذه الطريقة كانت مُتبعة عند علمائنا الأبرار. ففي القرن العاشرهـ، وكما ينقل الشيخ محمد بن العودي تلميذ الشهيد الثاني عنه أنه: «كان يحرس الكرم بالليل، وفي نفس الوقت له استعداد كامل للإختلاء بمولاه من العبادة والذكر وأيضاً التصنيف والمطالعة، وبعد طلوع الشمس يحتطب لعياله ثم يذهب لتدريس الطلاب، ثمّ يعقد مجلساً لحلّ الخصومات والتبليغ الديني». هذه المهام مع ضم العمل إليها، تحتاج إلى مزيد من التوفيق الإلهي والهمّة العالية، وإن كنت أعتقد أنّ مشاكل وهموم الحياة ربّما كانت تختلف عمّا عليه اليوم من الكمالات ورفاهية العيش، فآنذاك لا كهرباء ولا سهر بدون فائدة ولا تفكير بهموم الدنيا ولا تنافس على حُطامها، هذا إذا أضفنا على حياتهم الإخلاص والتقوى فيكون مصداقاً للحديث الشريف: «ليس العلم بكثرة التعلّم، وإنما هو نور يقذفه الله في قلب من يشاء»، وهذا متوقف على حُسن السريرة والإخلاص في العمل. وحتى في القرن الثالث عشرهـ، كان علامة جبل عامل الشيخ عبد الله نعمة يعمل لأجل المعاش مع ما له من جاه وفضل على كل جبل عامل، والشيخ محمد علي عز الدين الذي كان يتردد إلى (البيدر)- وهو المكان الذي يجمع فيه الفلاحون المحصول الزراعي لدراسته وما شاكل - وقبلهما المحقق الميسي في القرن العاشر، كان يحتطب لعياله ويحمله على الحمار إلخ..

الشيخ محمد الحرفوشي، هو من هذا النسيج المخلص والتقي، والعامل الذي جمع إلى جنب العلم والتصنيف والتدريس (العمل)، ولعلّ منشأ العمل هو عدم وجود ثقافة (الأخماس والزكوات)، مضافاً أنّ هذه الطريقة من عدم الإنصراف الكامل للتبليغ الديني كانت متّبعة ولازالت، فصاحب مدرسة (حنويه) الشيخ محمد علي عز الدين، عندما كان يجلس في بيته ويأتي إليه أهل القرية للإستفادة منه، أو عندما كان يذهب إلى القرى المجاورة كان يحمل معه (كيسه) فيه أوراقه وكتبه، وأثناء مجلسه العام في بيته أو خارجه بعد الحديث والموعظة يشرع بالكتابة والتصنيف، ثم إذا ما سأله أحد سؤال يُجيبه عليه، ثم يعود إلى الكتابة والمطالعة، وهذه الطريقة من عدم الإنصهار الكامل مع الناس بقيت معتمدة عند علمائنا الأجلاء، فالسيد حسن إبراهيم في (أنصار) ينقل السيد الامين أنه زاره في آخر حياته في بلدة أنصار، فوجده يميل إلى العزلة وقلّة الإختلاط، أو السيد محيي الدين فضل الله الحسني في (عيناتا) أيضاً، كان يميل إلى قلة الإختلاط إلا للضرورة، وأنا بتقديري هؤلاء الأعلام كانوا يعملون طبق الروايات التي تنهى عن المخالطة التي ليس فيها فائدة وإنما كانوا يُراعون قيمة الوقت كي لا يهدر بدون فائدة لان الوقت الذي يصرفه الإنسان سوف يُسأل عنه الإنسان يوم القيامة، وفي حدّه الأدنى سيكون خسارة من الربح، وكما ورد في الخبر(سيُسأل عن عمره فيما أفناه)، وكذلك ينقل الأستاذ محمد جابر آل صفا عن العلامة الشيخ مهدي شمس الدين الذي رآه في النبطية وكان شيخاً ذا هيبة ووقار ومحمد جابر لازال شاباً فقال: «وكان يحمل كيساً جمع فيه أوراقه وكتبه، وكتب أبياتا من الشعر على ظهر الكيس كي يكون عبرة لمن يريد أن يستفيد من عامل الوقت، وفي نفس الوقت كي يُعرّف عن نفسه وعن عمله وعن ضيق وقته»، ومما قاله:

خمس ستون من عمري مضت حججاً

أفنيت أيامها بحثاً وتدريسا

إلى أن قال:

أطوف بالكيس أبواب الألى ملكوا

روضى العلى فلعلّي أملأ الكيسا

وطبعاً كان الشيخ مهدي شمس الدين من الأساتذة البارزين في مدرسة الشيخ عبد الله نعمة في (جباع)، حتى عبّر عنه الآغا بزرك الطهراني في الطبقات بأنّ الشيخ مهدي شمس الدين من أجلّة الأساتذة في جبل عامل، وكان صاحب مدرسة (مجدل سلم).

كما درس الشيخ محمد الحرفوشي في دمشق على بعض علماء العامة، وهذه المنهجية كانت معتمدة عند علمائنا وكان هذا الإتجاه مضافاً للتحصيل العلمي، حيث كان علماء العامة في ذلك العصر يمتلكون من المقدرة العلمية والمعرفية ما يؤهّلهم ليجلسوا في مقام الأستاذ، مضافاً كانت هذه الطريقة تفسح بالمجال أمام ما يسمى بفقه الإختلاف الذي يجعل علماء المذاهب يطّلعون على الفقه الجعفري، ويُقطعْ بذلك الطريق على المصطادين بالماء العكر الذي طالما عمل بعض المشايخ من وعاظ السلاطين كيداً وحسداً على الإيقاع بعلماء الشيعة، وهذا ما حدث مع الشيخ محمد الحرفوشي في دمشق، ففي البداية هو درس على الشيخ (العمادي المفتي) وكان فاضلاً، واستفاد منه الشيخ محمد الحرفوشي وامتدحه العمادي كثيراً وكان يحترمه ويُبجّله ويشهد بفضله أمام الطلاب. وهناك نموذج آخر - كان من السوء بمكان - وهو الشيخ المولى يوسف بن أبي الفتح، كان هو من طلب من الشيخ محمد الحرفوشي أن يحضر درسه لعلمه بفضله ولانّ حضوره يقوّي من عزيمة الطلاب ويجعل الأستاذ يهتم بتحضير الدرس أكثر، وبالفعل حضر الشيخ محمد الدرس لفترة من الزمن ثم انقطع لأسباب لا نعرفها، إذ من الممكن أن يكون لعدم أهلية الأستاذ المولى يوسف للدرس، وبعد الإنقطاع سأل الأستاذ من الطلاب عن سبب انقطاع الشيخ محمد الحرفوشي عن مجلس الدرس، فقالوا له: “إنّ درسك لا يعجبه وانت لست أهلاً للتدريس»، وهنا غضب المولى يوسف وبدل من أن يعتبر هذا الكلام هو للفتنة وأنّه للإيقاع بينه وبين الشيخ الحرفوشي - وكان يجب عليه أن يردّهم ويوبّخهم ويتذكّر قوله تعالى }يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبيّنوا أن تصيبوا قوماً بجهالة{ - إذا به يأخذ طريقاً آخر وهو الكيد والإيقاع بالشيخ محمد، فذهب إلى السلطة العثمانية الذين كانوا يعيشون حالةً من التعصّب والخفّة فقبلوا دعوى المولى يوسف بالشيخ محمد بأنه شيخ رافضي، من دون أن يُدرك هذا الشيخ الغبي ومعه أسياده من العثمانيين أن رؤساء المذاهب مثل أبي حنيفة ومالك هما من جملة تلاميذ رئيس المذهب الجعفري الإمام جعفر الصادق Q.

إضطر الشيخ محمد الحرفوشي للهرب من دمشق باتجاه حلب نتيجة هذا الكيد والبغي، ومن حلب توجه إلى إيران حيث الدولة (الصفوية).

في إيران، كان الموضوع مختلفاً فالسلطة الصفوية كانت تكرّم العلماء وتحترم علمهم وتستفيد من طاقاتهم بدل من اعتقالهم وتعذيبهم وقتلهم من دون أي سبب سوى أنهم ينتمون إلى مذهب إسلامي هو لا يكفّرهم ولا يهرب منهم وعلماؤه يدرسون على علمائهم ويقيمون أحسن العلاقات معهم، هذا الفرق كان بين السلطة العثمانية وبين الصفويين. وبالفعل وصل الشيخ محمد الحرفوشي أصفهان أيام حكم الشاه (عباس) الصفوي فاستقبله أحسن استقبال، وعندما اطلع على مكانته العلمية عيّنه رئيساً للعلماء واستفاد من طاقاته العلمية في تلك الدولة الفتيّة، وهنا أيضاً يعود الفضل إلى الحضور العلمي وقوة الفهم والذكاء الحاد الذي يخوّل هؤلاء الأعلام من إمكانية العيش في بلاد بعيدة عنهم ومع قوم لا يفهمون لغتهم، ثم سرعان ما يتقلّدون مناصب لا يمكن الوصول إليها والإستفادة منها إلا لمن تمكّن من لغتهم وتعرّف على طبيعتهم.

والله تعالى عوّض على الشيخ الحرفوشي في إيران بدل دمشق ووعّاظ السلاطين، وكما قال تعالى (يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم).

أما إطلاقه على نفسه العاملي، فهي نسبةً إلى دراسته على علماء جبل عامل حيث كانوا يقصدون به الحاضرة العلمية وليس المكان الجغرافي، فقد درس الشيخ محمد الحرفوشي كما نقل الشيخ علي في الدر المنثور أنّ الشيخ محمد الحرفوشي درس على والده الشيخ محمد بن الشيخ حسن صاحب المعالم، الذي توفي في مكة المكرمة 1030 هـ، وسمع الشيخ علي هذا الكلام من نفس الشيخ محمد الذي نقل إليه عدة حوادث حدثت مع أبيه الشيخ محمد، ليس الآن مجال لذكرها.

وكما ينقل السيد حسن الصدر في التكملة أنّ الشيخ محمد الحرفوشي درس في مكة المكرمة على جده الأعلى السيد نور الدين علي الموسوي أخ الشيخ حسن صاحب المعالم لأمه، حيث درس عليه الكثير من الكتب العامة والخاصة، حيث كان السيد نور الدين علي الموسوي يسكن مكة المكرمة في تلك الفترة، فدراسة الشيخ الحرفوشي عليه هي التي جعلته يُطلق على نفسه العاملي نسبة إلى هذا الأستاذ العاملي.

أمّا إطلاقه الكركي على نفسه، فإمّا أنّه من كرك نوح أو كان يدرس فيها، فـ (كرك نوح) كانت حاضرة علمية كبيرة في القرني التاسع والعاشر هـ، وكثير من علماء القرن العاشر درسوا في (كرك نوح) ومنهم الشهيد الثاني والسيد عز الدين حسين الموسوي، وعلماء (كرك نوح) أيضاً درسوا على علماء جبل عامل، لهذا نجدهم يطلقون على أنفسهم العاملي، وهناك قصة ينقلها السيد علي نور الدين الموسوي وثبتها الشيخ سلمان ظاهر، تؤشر هذه الحادثة إلى تواصل علماء المناطق فيما بينهم وأنهم كانوا يجلسون ويتسامرون كما كانت لهم جلسات أدبية، وهذا ما نشره الشيخ سليمان ظاهر والشيخ أحمد عارف الزين في مجلة العرفان، مساجلة علمية بين الشيخ محمد الحريري الحرفوشي ومجموعة من العلماء من جبل عامل وبعلبك, وعلى ما يظهر كانت هذه المساجلة في بعلبك, وقال الشيخ ظاهر: «إنّما ثبتّها لا لبراعة ما فيها من نثر ولا لما حوته من بلاغة شعر, بل لما كان فيها من عبرة وذكرى لأيام خَلتْ كان فيها ظلّ العلم منبسطاً على ذينك البلدين جبل عامل وبعلبك»، ثم قال: ونقلت هذه المساجلة عن مجموعة كتبت سنة 1101هـ بخط السيد نور الدين علي بن أبي الحسن الموسوي العاملي، والتي جاء فيها نقلا ً عن السيد نور الدين علي الموسوي أخ السيد محمد (صاحب المدارك): إنه مما اتفق من فلتات الزمان وفريدات هذا الأوان, بعد أن ساعدت المقادير وارتفعت على خلاف العادة المحاذير, أن جمعتنا جوامع الإلتزام، إلى أن يقول: كان كلٌّ من الحاضرين وأجلاء الأدباء والمنادمين صار ينظم ارتجالا و يجيد مقالاً, و في هذا الشأن غاية ما يكون مولى الشعر وجليل الفضلاء ذو الجمال والمجد الربّاني مولانا الشيخ حسن الحانيني متّعنا الله بطول أيامه ولطائف ألفاظه وأقلامه، وابتدأ الشيخ حسن الحانيني في المساجلة فقال:

حبيب قلبي له في الجسم نيران

ومدمعي دونه في الخد جيحان

- فردّ الشيخ محمد الحريري الحرفوشي الدمشقي:

وحرّ شوقي إلى لقياه متصل

مع أنّه في صميم القلب قطان

- وردّ الشيخ بهاء الدين العفيفي، فقال:

وفكرتي في هواه لا يُسكِنُها

إلا الوصال وسرّي فيه إعلان

- وأجابه الشيخ محمد الحريري الحرفوشي ثانية:

وكيف لا وهو فرد في الجمال وما

حكاه في حسنه إنس ولا جان

- وردّ الشيخ حسن الظهيري، فقال:

وقده أهيف كالرمح معتدل

والطرف منه لأهل العشق فتان

- وأجاب السيد محمد العباسي:

والوجه منه يفوق البدر منزلة

ووجنتاه لنا خمر وريحان

- وأجابه الشيخ عبد الرضا:

يميس في برده كالغصن في ميد

كما تثنى بحسو الراح سكران

ثم قال الشيخ محمد الحريري الحرفوشي :

وخصره مثل جسمي في نحافته

والردف من تحته يحكيه كثبان

قد ضاع في خده حب القلوب لذا

غدا وكل فؤاد منه حيران

فلي تجمع في روضات جنته

ورد وآس وعناب ورمان

لمارنا وانثنى كالصبح غرته

فقلت لاشك هذا الظبي رضوان

- ثم قال الشيخ حسن الحانيني مرة أخرى:

نظرته لأرى نحسي وطالعه

وفي حشاي من التبريح ألوان

ففر إنسان عيني نحو وجنته

وقد منّها من الخدّين نعمان

ثم أجاب الشيخ محمد الحريري:

لله أيامنا في جلق وبه

تمايلت في رياض الوصل أغصان

أيام قد جاد دهري والزمان بها

سارت كما سار بالأحباب أظعان

ونحن في دعة والشمل مجتمع

وطرف عاذلنا بالسكر وسنان

فجاء من بعد ذا التفريق أبعدنا

وصل وفي القلب أوصاب وأشجان

أما السيد نور الدين الموسوي فقال:

قد جاد لي بوصال بعد طول جفا

علمت أن زماني فيه خوان

قد كنت أحذر ما لقيت وا أسفا

لو كان لي من صروف الدهر أعوان

إلى آخر المساجلة التي اشترك فيها آخرون كالشيخ محمد بن حماد.

أمّا تلاميذه:

ابنه الشيخ ابراهيم الحرفوشي، وهو صاحب كتاب (مجموع الإجازات)، توفي في مدينة خراسان عند الإمام الرضا Q 1080هـ وامتدحه الحر العاملي في أمل الآمل وكان يعرفه وقال عنه أنه فاضل عالم.

السيد هاشم بن السيد حسين الأحسائي، وهو أستاذ السيد نعمة الله الجزائري الذي قال في مقدمات (الغوالي): ان استاذه السيد حسين الإحسائي أجازه أُستاذه الشيخ الحرفوشي برواية كلُ الكتب التي قرأها عليه وغيرها من كتب الأخبار، وهو بدوره أجازني بكل ما أجازه به أستاذه.

السيد علي خان المدني صاحب سلافة العصر، ونقل السيد علي أنه رأى الشيخ محمد الحرفوشي ووالده وهما على مودة أكثر من الإخوة، وأمرنا الوالد بالإشتغال عليه وبالفعل درست عليه الفقه والأصول والبيان والحساب وفي النظم وفنون الأدب إلخ.

الشيخ علي بن محمود العاملي المشغري وهو خال والد الحر العاملي، وقال في أمل الآمل أنّ الشيخ علي ممّن قرأ على الشيخ محمد الحرفوشي.

الشيخ صالح بن محمد بن سليمان بن محمد العاملي، وهو يروي عن الشيخ الحرفوشي كما ينقل السيد حسن الصدر.

الشيخ علي حفيد الشيخ حسن صاحب المعالم، وهو صاحب الدر المنثور وهنا ربما درس عليه في إيران.

السيد علي الخطيب بن خلف.

أمّا الأقوال في حقه:

- قال عنه الحر العاملي في أمل الآمل: «كان عالماً فاضلاً أديباً ماهراً محققاً مدققاً شاعراً حافظاً، أعرف أهل عصره بعلوم العربية».

- قال عنه إبن معصوم في سُلافة العصر: «منار العلم السامي مُشكاة الفضائل ومصباحها، المُنير به صباحها ومساؤها خاتمة أئمة العربية شرقاً وغرباً إلخ».

- وذكره أيضاً المحبي في كتابه خُلاصة الأثر في علماء القرن الحادي عشر هـ قال: «اللغوي النحوي الأديب البارع الشاعر المشهور، إلى أن قال: كان في الفضل نُخبة أهل جلدته».

أمّا مصنفاته:

أمّا وفاته، فكانت في ربيع الثاني 1059 هـ

PB290163.JPG

أقامت جمعية الإمام الصادق Q لإحياء التراث العلمائي

ندوة فكرية في مقرّها في بلدة أنصار الجنوبية

تحت عنوان

«دور علماء جبل عامل في تطور الخطاب العاشورائي”

حضر الندوة علماء دين وفعاليات فكرية واجتماعية وبلدية.

بعد القرآن الكريم: قدّم للندوة فضيلة الشيخ (عادل التركي)

ثم تحدث باسم الجهة المنظمة عضو المجلس المركزي في حزب الله سماحة الشيخ حسن بغدادي، حيث جاء في كلامه:

أيّها السادة الأعزاء

في كل عام من محرم الحرام نقيم ندوة فكرية حول عنوان من العناوين العاشورائية، في هذا العام أردنا أن يكون محور هذا اللقاء حول تطور الخطاب العاشورائي وأثره على النهضة الفكرية والأدبية والجهادية.

عنوان بحثي هو : «دور علماء جبل عامل في تطور الخطاب العاشورائي». حيث سأعالج هذه الفكرة من زاويتين :

الزاوية الأولى : مرتبطة بأحداث ونصوص ما حدث في اليوم العاشر من محرم الحرام لعام 61هـ، حيث شهدت السيرة الحسينية اختلافات متفاوتة بين أرباب المقاتل، إلا أنّ الجامع بينها هو محاولة تقديم هذه السيرة بما يجعل الناس قريبين من الواقعة، ومن المتمسكين بإحياء مراسم عاشوراء بالشكل الذي يعبرون فيه عن حبهم وولائهم لسيد الشهداء والعترة الأطهارR.

لقد شهدت المجالس الحسينية ركوداً ولفترة طويلة خصوصاً في المناطق اللبنانية، حيث كان الناس يُحييون هذه المناسبة بكثير من الروتين والتقليد، إذ لم يكن لهذه المجالس حضور في مدار النمو والتطور، وذلك بسبب الظروف التي كانت تمرّ بها المنطقة في العهود المختلفة حيث كان المجتمع منهمكاً بأمنه ولقمة عيشه، ومع ذلك كان العلماء في جبل عامل وبقية المناطق يبذلون جهوداً جبارة في الإبقاء على الروحية العلمية والأدبية والفكرية وإقامة مجالس عزاء سيد الشهداء Q، مع ما لديهم من مشاكل اجتماعية وسياسية وأمنية لم تسمح لهم كثيراً في تطوير الخطاب العاشورائي المرتبط بحوادث ونصوص العام 61 للهجرة، نعم كانت هناك محاولات، وأنا لا أدّعي أنّني قمت باستقراء تام لما قام به العلماء، لكن من خلال بعض العينات التي حصلنا عليها نفهم أنّ هناك جهوداً جبارة بذلت في هذا السبيل.

ففي القرن الحادي عشر هـ، نجد العلامة الشيخ أحمد بن نعمة العاملي - وهو من تلاميذ المحقق الأردبيلي الذي درس عليه الشيخ حسن صاحب المعالم بن الشهيد الثاني والسيد محمد الموسوي صاحب المدارك سبط الشهيد الثاني - قام الشيخ أحمد نعمة بكتابة «مقتل الحسين Q» بما ينسجم مع المعتقد الحق وبما يتلاءم والمستوى العقلي والفكري مع فاجعة الطف من دون إضافات لا علاقة لها بالواقعة أو إخراج حوادث لم يثبت عدمها.

كذلك في القرن الثالث عشر هـ، العلامة الشيخ موسى أمين شرارة الذي عاد من النجف الأشرف سنة 1298هـ وتوفي بعد ست سنوات في مدينة بنت جبيل 1304 هـ وكان له من العمر 37 سنة، وكان أستاذ البحث الخارج في النجف في عهد كبير فقهاء العرب الشيخ محمد طه نجف، إلاّ أنه خلال هذه الست سنوات التي قضاها في بنت جبيل استطاع أن ينهض في جبل عامل ويؤسّس لمسار علمي وفكري وأدبي وإصلاحي لا زالت آثاره تنمو إلى يومنا هذا، حتى قال عن تلك الفترة السيد محسن الأمين: «أنه قام سوق العلم والأدب في جبل عامل في عهد الشيخ موسى أمين شرارة».

ومن أهم إنجازات الشيخ شرارة المبادرة إلى إصلاح المنبر الحسيني سواء ما هو متعلق بالمقتل وعموم مجالس العزاء أو ما هو مطلوب تحقيقه وإنجازه من أهداف هذه المجالس، والتي سأشير إليها في الشق الثاني من الحديث عن أهداف هذه المجالس. لهذا فيما يتعلق بالمنبر الحسيني عمد الشيخ موسى شرارة إلى تغيير (المقتل) الذي ألّفه وكتبه بعض البحارنة بما لا ينسجم مع واقعة الطف، حيث كان فيه الغث والسمين، وكان يقرأه بعض القرّاء يوم العاشر في المجالس العامة وفي البيوت وكذلك المجالس في ليالي محرم، فاستبدل هذا المقتل بالمقتل المعروف (لابن طاووس) وهو السيد رضي الدين علي بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسيني، وهو عالم زاهد قدوة العارفين وصاحب كرامات، وهناك إجماع على فضله وزهده، ولد في محرم 589 هـ وتوفي يوم الإثنين الخامس من ذي القعدة عام 663 هـ عن 75 سنة.

إذاً الشيخ موسى شرارة، لم يجرِ إصلاحات تهكُميّة، فلم يُدخل أغياراً على واقعة الطف، ولم يخرج منها أحداثاً ووقائع اشتهرت بها، فقد أراد لهذا المنبر أن يُحقّق كامل أهدافه. نعم كان المقتل المعروف بمقتل إبن مِخنف وهو لوط بن يحيى بن سعيد بن مِخنف بن سليم الأزدي، توفي سنة 157هـ وهو من مؤرخي الشيعة واعتمد عليه قسم من علماء أهل السنة كالطبري وابن الأثير، لكن الشيخ موسى شرارة لم يعتمده كونه كان يرى أنّ المقتل الذي بأيدينا هو غير المقتل الذي كتبه المؤرخ بن مِخنف.

وفي القرن الرابع عشر نهض جملة من العلماء لتطوير المنبر الحسيني، وكان من أبرز روّاد تلك النهضة السيد محسن الأمين والسيد عبد الحسين شرف الدين والشيخ عبد الحسين صادق في النبطية، وقيمة هؤلاء الأعلام أنه مضافاً لما ورثوه وشاهدوه من أعلام جبل عامل وخصوصاً الشيخ موسى شرارة، فقد استفادوا كثيراً من تجربة النجف الأشرف المعروفة بحضورها العلمي والفكري والأدبي، وكانوا متقدّمين في موضوع مجالس أبي عبد الله الحسين Q.

وقد عمد السيد الأمين إلى تصنيف خمس مجلدات بالنبي وآلهR سمّاها (المجالس السنيّة في مناقب ومصائب النبي والعترة النبوية)، أربعة أجزاء منها في سيد الشهداء الحسينQ وبعض هذه الأجزاء يحتوي على ما يزيد على المائة مجلس، ومجلد واحد حول النبيP والسيدة الزهراءO وبقية الأئمة المعصومينR.

كذلك فعل الإمام السيد عبد الحسين شرف الدين، حيث صنّف في النبي P وآله الأطهار R أربعة أجزاء سمّاه (المجالس الفاخرة في مآتم العترة الطاهرة Q)، وكانت على الشكل التالي: جزء خاص بالنبي محمد P وجزء تحدث فيه عن سيّد الشهداء الحسين Q وجزء خصّه بالإمام علي والسيدة الزهراء والإمام الحسنQ والجزء الرابع تناول فيه سائر الأئمة الأطهارR.

الزاوية الثانية: ما يتعلق بالخطاب العاشورائي وما يترتّب عليه من الأهداف المرجوَّة من هذه المجالس المُباركة.

ربما ينظر فريق من المسلمين الشيعة إلى قضية كربلاء ومصاب أهل البيت Q وإقامة مجالس العزاء وهو كمجرد عمل مستحب يُؤجر الإنسان عليه ويكون حال هذا الفعل كبقية الأعمال المستحبة من قراءة القرآن الكريم إلى الدعاء إلى صلاة النوافل والصدقة إلخ، نعم هذه النقطة بالتحديد ليست محلّ خلاف فهناك إجماع على استحباب إقامة هذه المجالس، ولكنها قد تتحوّل إلى واجب بالعنوان الثانوي، وهناك الروايات التي تتحدث عن أهمية البكاء على الحسين Q فقد ورد في الأحاديث الشريفة (أنّ البكاء على الحسين Q يحط الذنوب العظام)، و(كل عين باكية في يوم القيامة إلاّ أعين.. منها عين بكت على مصاب أبي عبد الله)... إنما وقع الإختلاف في أهداف هذه المجالس وطريقة التعبير عن هذا الحب والولاء، وهي حالها حال سائر العبادات، فهناك نمط من المسلمين الشيعة يكتفي بعلاقته بالله تعالى بهذه الأعمال العبادية الروتينية وقد يكون عملياً من أتباع (عمر بن سعد) وهو يبكي على الحسين Q، كما بكى ذلك اللعين أزرق العينين على إحدى بنات العترة وهو يسلبها حليها، فقالت له: «أتسلبني وتبكي، فقال أبكي على مصابكم أهل البيت»، إذاً مجرد البكاء وحضور مجالس العزاء من دون الإرتقاء إلى المعاني وأهداف هذه المجالس، نكون في أحسن الأحوال من الذين عاشوا على هامش الحياة.

لذلك إصلاح المنبر الحسيني في الشق الثاني من تحقيق الأهداف هو مسؤولية علماء الدين، حيث استمر العمل على تحقيق الأهداف إلى ستينات القرن الماضي والتي بدأت المجالس الحسينية تأخذ شكلاً مختلفاً ...

كما تحدّث سماحة الشيخ عقيل زين الدين إمام مسجد الامام علي Q في منطقة (الحوش)، وممّا جاء في كلامه، حيث تكلّم عن أهمية ما حدث من الناحية التاريخية التي أوصلت إلى شهادة الإمام الحسين Q مع أهل بيته وأصحابه وسبي عياله في يوم العاشر من محرم العام 61 للهجرة، معتبراً أنّ هناك ترابط حقيقي بين تلك الأحداث التي وقعت في العهد الأموي وما فعله معاوية مع خليفة رسول الله P الإمام علي Q ومن بعده مع ولده الإمام الحسن Q وانقلابه على (الصلح) الذي أبرمه مع الإمام الحسن Q، إذ لا يمكن أن نقرأ ما حدث في يوم العاشر من المحرم بمعزل عن ذلك الترابط مع تلك الأحداث.

وتحدّث الشيخ زين الدين عن نماذج سيئة أظهرت الإسلام واقتربت من الحاكم بعد غياب رسول الله P، معتبرا أن اليهود ليسوا ببعيدين عن تلك الأحداث وعن مشغّليهم ممن أظهروا الإسلام نفاقاً لأجل التمكن من رقاب المسلمين والفتك مجدداً بهذا الإسلام الفتي الذي لازال عوده طرياً، لكن تبقى المصيبة عند بعض المسلمين الذين تجاهلوا طريقة عمل هؤلاء فقرّبوهم وجعلوهم حكاماً على رقاب المسلمين وأعطوهم نفوذاً في داخل الدولة الإسلامية.

Ball.psd
Ball.psd
Ball.psd

ينظّم ملف إحياء تراث علماء الشيعة في حزب الله مؤتمراً فكرياً عن العلامة الأديب واللغوي الكبير السيد محمد رضا فضل الله الحسني المتوفي سنة 1917م في بلدة (قانا) من جبل عامل، والذي سيشارك فيه شخصيات من لبنان والعراق وايران والسعودية، حيث سيتناول المؤتمرون الحيثيات المتنوعة في شخصية العلامة السيد فضل الله وبالأخص بعض ما اشتهر به من الأمور الكلامية والفلسفية واللغة مضافاً للأدب والشعر. (على أن يُحدّد قريبا انشاء الله وقت المؤتمر).

Ball.psd
Ball.psd
Ball.psd

إلتقى مسؤول الملف شخصيات علمائية وفكرية وثقافية في مقر الجمعية في بلدة أنصار.

PB290202.JPG
PB290176.JPG
PB290169.JPG
1-8 copy.psd

كان يُدرّس كتب اللغة العربية غيباً

والطالب الشاعر محمد كامل شعيب يحفظ مشافهة

إنه العلامة الشيخ موسى نجل العالم الفاضل الشيخ جعفر مغنية، من علماء القرن الرابع عشرهـ ومن قرية العلم والعلماء (طيردبا) القريبة من مدينة صور، والتي ولد فيها سنة 1287هـ، وكان من الرعيل الأول الذي ساهم بإعادة النهضة العلمية إلى جبل عامل بعد النكبة التي أصابته على يد السفاح أحمد باشا الجزار 1219هـ، فبعد أن درس على والده الشيخ جعفر المتخصص بالعلوم العربية تنقّل بين مدارس حنويه وبنت جبيل ومجدل سلم وغيرها تلميذاً وأستاذاً. وباختصار الشيخ موسى مغنية تميّز بعدة أمور:

أولاً: تخرّج في جبل عامل ولم يغادره كما صنع والده الشيخ جعفر والشيخ علي السبيتي والشيخ مهدي شمس الدين ومن بعدهم الشيخ أحمد رضا والشيخ سليمان ظاهر والشيخ أسد الله صفا والشيخ علي عز الدين وغيرهم، حيث عملوا على النهضة الأدبية واللغوية والحث على طلب العلم.

ثانياً: رغم أنه أصيب ببصره في آخر حياته ومع ذلك بقي حاضراً بين الناس ومبلغاً للأحكام الدينية دون كللٍ ولا ملل.

ثالثاً: تخصص في العلوم العربية حتى وصل إلى حد حفظها عن ظهر قلب، مع أنّ هذه المطالب فيها من المصاعب والمشاكل ما تتعب الأستاذ والطالب بالشكل العادي، وهنا نجد كيف أن الأستاذ الشاعر والصحافي (محمد كامل شعيب) يستغلّ وجود العلامة الشيخ موسى مغنية الذي قدم لزيارة والده الشيخ (شعيب وهبه) في صيدا، فاستأذن الشاعر محمد كامل الشيخ موسى ليدرسه خلال فترة وجوده بعض كتب العربية، واستجاب الشيخ موسى لطلبه مع عدم توفر المادة المطلوبة، فدرّسه من كتب المطوّل للتفتزاني في المعاني والبيان، وكتاب مغني اللبيب لابن هشام وألفية إبن مالك، وشروح إبن عقيل وابن معطي في الصرف والنحو. واللافت في الموضوع وما يُعدّ منقبةً للشيخ موسى وذكاءً للشاعر شعيب أنّ الأستاذ يدرّس غيباً والتلميذ يحفظ مشافهةً.

هذا ناهيك عن بعض الكرامات التي ظهرت للشيخ موسى بعد وفاته، فكرامة دفنه في منزله حيث انه توفي في فصل الشتاء وكلما حفروا قبراً في الجبانة إمتلأ ماءً حتى عادوا ودفنوه في منزله، ويذكر أهل المنزل كرامات حدثت لهم ببركة صاحب القبر، وأيضاً ينقل شباب المقاومة الإسلامية عن كرامات أثناء حرب تموز صارت في المنزل ببركة صاحب القبر أيضاً، وليس الآن مجال لذكرها.