1-8 copy.psd

مناسبات الشهر

1

وفاة السيد جواد بن السيد حسن بن السيد محمد بن السيد جواد صاحب مفتاح الكرامة، فيكون والد جدّه, ولد في النجف الأشرف سنة 1282 هـ و توفي في ذي القعدة سنة 1318 هـ بالحمى حيث فتك ذلك المرض بالناس في ذلك الوقت بشكل ذريع. وكان من أهل العلم والفضل, وكان يتمتع بصفات جميلة فكان فطناً لبيباً فصيحاً تقياً سخياً شجاعاً رفيع الهمة كريم الطبع, كان له رسالة سماها (مرآة الفضل والإستقامة في أحوال مصنّف صاحب الكرامة) وكان هذا بطلب من بعض الفضلاء, وعندما توفي شيّع جنازته جمع كبير من الناس والفضلاء ودفن إلى جوار جدّه صاحب مفتاح الكرامة في الصحن الشريف.

2

ولادة الشيخ حسن بن الشيخ سعيد بن الشيخ محمد الحر العاملي الجبعي، ولد في 27 ذي القعدة سنة 1250 هـ، وكان نائباً شرعياً لقاضي صيدا, ثم عُيّن عضواً في مجلس الدعاوى في صيدا مدة عشرة سنوات, وكان بهيّ الطلعة أبيض اللحية, وقرأ في مدرسة الشيخ عبد الله نعمة في جباع الذي توفي 1303 هـ، وعندما توفي الشيخ حسن الحر في 16 ذي الحجة سنة 1322 هـ رثاه السيد علي بن السيد طالب بدر الدين بقصيدة منها:

يا دهر قد أرديت خير عميد

وفتكت لكن بالعلا و الجود

قد كان للعلياء أعظم كافل

ورث العلا عن طارف وتليد

السنة الثانية العدد الواحد والعشرون أيلول 2013 م ذو القعدة 1434هـ

لاستفساراتكم واقتراحاتكم يرجى التواصل على العنوان التالي:

Toorath@ live.com

70 - 61 68 08

شخصية العدد

العلامة الشيخ

علي بن هلال الكركي

من تلاميذ المحقق الكركي ومن علماء القرن العاشرهـ. ولد في قرية كرك نوح البقاعية القريبة من مدينة زحلة، وأطلق علماؤها على أنفسهم لقب (العاملي) ليس من باب أنها جزء من جبل عامل كما توهّم بعض الأجلاء حيث خلطوا بين جبل عامل الجغرافي وجبل عامل العلمي الذي أسس استقلاله العلمي الشهيد الأول الشيخ محمد بن مكي الجزيني الذي استشهد في دمشق على أيدي المماليك سنة 786 هـ، فهؤلاء العلماء من كرك نوح، معظمهم درسوا في جبل عامل وأطلقوه على أنفسهم، فعلى سبيل المثال عبّر المحقق الثاني عن نفسه (بأنه المحقق الكركي العاملي).

كرك نوح، من القرى التي تمكّنت بفضل علمائها من أن تصبح إحدى المراكز العلمية الأساسية في القرني التاسع والعاشرهـ، فخرّجت فطاحل كبار كان لهم حضورهم الفقهي ودورهم السياسي على صعيد المنطقة، وكان في الطليعة المحقق الكركي أو المعروف بالمحقق الثاني على الإطلاق، فعندما تقول المحقق الثاني فوراً يتبادر إلى الذهن الشيخ علي بن عبد العال الكركي العاملي.

ويمكن أن نسجّل ميزتين أساسيّتين لهذه الحوزة العلمية:

الميزة الأولى لعلماء الكرك، أنهم استطاعوا أن يشكلوا في قريتهم حاضرة علمية ساهمت بشكل فعال في استمرار النهضة العلمية التي أطلقها ذلك القائد الفذ الشيخ محمد بن مكي الجزيني المعروف بالشهيد الأول في أواسط القرن الثامن هـ، ولعلّ السبب الرئيسي في عدم استمرار هذه النهضة العلمية هو أنّه لم يعمل علماؤها على توليد الطاقات والإستمرار بالحضور والتدريس كما فعل علماء جبل عامل حيث عمدوا إلى البقاء في جبل عامل وعملوا على توليد الطاقات العلمية، بينما نجد قسماً كبيراً من علماء الكرك قد ارتحل إلى إيران في العهد الصفوي وبقوا هناك إلى آخر حياتهم، وهذا على عكس علماء جبل عامل فكان لهم تفكير آخر هو عدم الذهاب إلى إيران في العهد الصفوي والبقاء في جبل عامل وتحمّل كلّ الصعاب في سبيل الإبقاء على النهضة العلمية لهذا الجبل، ولأجل تحصينه من الهجمة العثمانية على المنطقة، وتفعيل مشروع التقريب بين المذاهب.. وهذا كان بالأساس مشروع الشهيد الأول قبل العثمانيين في العهد المملوكي عندما رفض تلبية دعوة علي بن المؤيد حاكم خراسان ليكون إماماً للمسلمين الشيعة هناك، واكتفى بإرسال رسالة عملية لهم (اللمعة الدمشقية)، ألّفها في دمشق في سبعة أيام وقبل استشهاده بمدة حملها إليهم وزير علي بن المؤيد الذي كان في دمشق يفاوض الشهيد على اصطحابه إلى خراسان، وكذلك فعل الشهيد الثاني الشيخ زين الدين الجباعي حيث آثر البقاء في جبل عامل لنفس الأهداف التي سار عليها الشهيد الأول، ولم يذهب إلى إيران حتى لزيارة الإمام الرضاQ كي لا يسجل عليه العثمانيون أنه التقى مع أحدٍ من السلطة الصفوية، وفي نفس الوقت كانت حياته في خطر شديد وملاحق من قِبل السلطة العثمانية، حيث بقي متخفّياً عشر سنوات بين جباع وجزين وأصرّ على البقاء حتى الإستشهاد في سبيل مشروع جبل عامل. ونرى نجله الشيخ حسن في القرن الحادي عشرهـ وسبطه السيد محمد الموسوي صاحب المدارك قد سارا على نفس الطريق والنهج ولم يذهبا إلى إيران رغم المكانة الكبيرة التي ستكون لهما لو ذهبا، فتلميذ الشهيد الثاني الشيخ حسين عبد الصمد لقي حفاوة منقطعة النظير لمجرد أنه أحد تلاميذ الشهيد, فكيف لو ذهب نجله وسبطه كيف سيكون الأمر؟! لكن هذه الذهنية الموروثة هي التي كانت تمنع من الذهاب خارج جبل عامل، بينما علماء كرك نوح تخلوا عن البقاع وذهبوا إلى إيران. وبتقديري خيراً صنعوا، لأنّ إيران في العهد الصفوي كانت مركزاً كبيراً ولها حضورها وتأثيرها في العالم الإسلامي، وكانت بحاجة ماسة إلى هؤلاء الأعلام كي يقوموا بدورهم الديني لترسيخ أسس المذهب الجعفري الذي كان وجوده مشوّشاً داخل إيران، وببركة ذلك الجهد لعلماء الكرك تحوّلت إيران إلى قاعدة كبرى في الشرق الأوسط ظهرت قيمتها في زمن الإمام الخميني قدسره، ولولا تلك الجهود المضينه التي قام بها أولئك العلماء الأعلام لما تمكّن الإمام الخميني ولما استطاع أن يفعل شيئاً وبالتالي هو قائد ثورة شعبية لها جذورها وامتداداتها في هذا التاريخ. وفي نفس الوقت نرى الإصرار الكبير من علماء جبل عامل على البقاء في هذا الجبل هو الذي حافظ على النهضة العلمية وتصدى لكل هذه المؤامرات من العهد العثماني وماقبله إلى الإحتلال الفرنسي إلى قيام الإحتلال الإسرائيلي، حيث تحوّل هذا الجبل وببركة تلك الجهود المضنية إلى قاعدة أساسية لها حضورها وقيمتها على صعيد المنطقة، حيث تكاملت تلك الجهود التي بذلت في إيران والجهود التي بقيت في جبل عامل، وشكلت بمجموعها قوة علمية وفكرية وسياسية على صعيد المنطقة.

الميزة الثانية لعلماء كرك نوح، إنّ قسماً من علمائها وفي مقدمتهم الشيخ علي بن عبد العال الكركي (المحقق الثاني) كان لهم اليد الطولى في بناء المشروع الفقهي والعقائدي للدولة الصفوية. وهنا قبل أن أستعرض الدور الفقهي والعقائدي والسياسي للشيخ علي بن هلال الكركي، وحتى نستطيع أن نتعرّف على شخصيته العلمية والقيادية لابُدّ وأن نطلّ - ولو بشكل مختصر - على المنحى الفكري الذي قامت عليه الدولة الصفوية والمنهج الفكري الذي بدأه المحقق الكركي الشيخ علي بن عبد العال، وبهذا نتمكّن من فهم التطور الذي طرأ على سياسة الشاه الصفوي، وبالتالي هذا يقودنا إلى طبيعة الدور الذي قام به العلماء الأجلاء، وخصوصاً أنّ هناك ترابطاً بين الشاه طهماسب كإبن للشاه إسماعيل وبين الشيخ علي بن هلال الكركي كتلميذ للمحقق الكركي.

بدأ مشروع الدولة الصفوية على يد الشاه إسماعيل سنة 905هـ، الذي اعتمد سياسة السيف في التحولات المذهبية وبناء الدولة المرتكزة على مفهوم الخلافة التابعة للمذهب الجعفري. ولستُ في وارد أن أدخُل الأن في تفصيل تلك الدولة وكيف نشأت، وخصوصاً أنها كانت تحمل التناقضات في بعض الأحيان ما بين ما تدعوا إليه وتحلم به وبين التطبيق العملي، إلاّ أن الفارق بين الحكم الصفوي الإيراني وبين الحكم العثماني التركي، أنّ الأول كان صادقاً فيما يدّعي وأنه استعان لنصرة مشروعه بعلماء وفقهاء يقومون بإرساء قواعد الدولة الصحيحة ويؤسّسون لمسار صحيح لحكم المذهب الإمامي، بينما الدولة التركية العثمانية فلا صُناع القرار الذين كانوا في السلطة كانوا صادقين ولا المشايخ كانوا يملكون رؤية إسلامية صحيحة، بل استغلوا فكرة الخلافة لأجل الهيمنة والنفوذ وحوّلوا الدولة إلى مشروع كيد وتنافس وتناحر.

الشيخ علي الكركي ترك كرك نوح سنة 909هـ واتجه إلى زيارة عواصم العالم الإسلامي لأجل لقاء علماء المذاهب الإسلامية كما فعل قبله الشهيد الأول (الشيخ محمد بن مكي الجزيني)، وأستطيع الجزم أنّ الكركي كان يفهم مشروع الشهيد التام بشكل دقيق، ولكن شاءت الأقدار أن يكون مشروع الكركي في الدولة الصفوية، وقلت قبل قليل الخير فيما وقع، لهذا عندما تحوّل إلى فقيه كبير أراد أن يطلع على ما عند فقهاء أهل المذاهب الإسلامية كي يكمل الحجة فيما وصل إليه من مباني كي لا تكون حُجته ناقصة، وفي نفس الوقت تشكل في شخصيته مشروع التقريب بين المذاهب والإصلاح القائم على الحوار، وهذا ما ظهر لحظة وصوله إلى إيران في مدينة (هراة) أواخر سنة 916هـ عندما كان الشاه إسماعيل قد فتحها بالسيف وقام بعضُ الجند بقتل أحد علماء أهل السنة مع نفر آخرين، نجد الكركي قد اعترض فوراً على هذه السياسة الخاطئة قائلاً للشاه: «إنك وضعت السيف موضع الحوار، فلو لم تقتلهم لجعلناهم يذعنون بمنطقنا الحق ولأمن بهذا المنطق كلّ من وراء النهر ومنطقة خراسان». وهذا يُدلّل على الإختلاف الفكري والمنهجي عند الشيخ الكركي مع الشاه الصفوي، وفي نفس الوقت على الإعتداد بالنفس وأنه القادر على إقناع الآخرين بالحوار والحُجّة.

الشاه إسماعيل لم يرفض فكرة الكركي ولربّما أعجبته وأُعجب بشخصيته ومنطقه، ولولا ذلك لما دعاه للبقاء ولما أعطاه كلّ تلك الصلاحيات لإجراء إصلاحات كبيرة وشاملة في المدرسة الفقهية والقضائية والإفتاء وبناء المساجد وتعيين أئمة ووكلاء على طريقة المرجعية المتصدّية. في المقابل، نجد أنّ الشيخ الكركي لم يطل بقاءه في إيران وعاد إلى النجف الأشرف بعد ثلاث سنوات. وهنا لا أريد الخوض في تفاصيل ما حدث، لكن بالتأكيد كان الشيخ علي الكركي يصطدم بأجهزة مُقرّبة وحاكمة تريد من الدولة أن تكون غطاءً (لفسقها وفجورها أو لبعض الإنحرافات الفكرية الصوفية)، فوجد المصلحة أن يغادر، لكن هذه المغادرة وإن كانت سلبية بشكلها الظاهري إلا أنّها أسّست وحفرت عميقاً في مشروع بناء الدولة الصفوية على المسار الصحيح، وظهرت هذه الآثار بعد رحيل الشاه إسماعيل الأول سنة 920هـ وقيام نجله طهماسب الرجل القوي الشجاع العاقل الحكيم الذي أعاد الكركي إلى إيران ضمن فرمان يؤكد فيه الصلاحيات الكبيرة للكركي والتي تعطيه مقام (الولي الفقيه) بتعبيرنا اليوم، عندما ألزم الشاه نفسه بتنفيذ الأوامر الصادرة عن الكركي. وفي عهد الشاه طهماسب أيضاً غادر الكركي إيران بعد ثلاث سنوات من تنفيذ هذا المشروع وبقي في النجف الأشرف، وقبل ترتيب العودة إلى إيران - على ما يظهر - دُسّ إليه السّم ومات في النحف الأشرف سنة 940هـ.

هذا الجهد الكبير للمحقق الكركي داخل إيران ظهرت نتائجه على أيدي تلاميذه، ومنهم العلامة الشيخ علي بن هلال الكركي المعروف(بالمنشار)، فوالده كان نجاراً، وقد قام الشاه بتعيين الشيخ علي بن هلال الكركي شيخاً للإسلام في مدينة (أصفهان)، وكان لهذا المنصب حضوره وقيمته في الأمور الفقهية والقضائية والأحكام، وكان المنصب أداة نفوذ يستفيد شيخ الإسلام منه حسب ظروفه وإمكانياته.

من هنا نستطيع فهم دور الشيخ علي بن هلال الكركي من خلال ما تركه الشيخ المحقق الكركي من إرث كبير داخل إيران، ويظهر دور الشيخ علي بن هلال من تعابير بعض أرباب التراجم عندما تحدثوا عنه. فعلى سبيل المثال نجد السيد حسن الصدر في التكملة يقول: «الشيخ علي بن هلال الكركي عالم جليل فاضل نبيه فقيه كامل، من أجلاء علماء عصر الشاه طهماسب الصفوي، جاء إلى أصفهان وكان من رؤساء الدين والمدرّسين والمصنّفين».

وينقل السيد الأمين في الأعيان أنه وجد بخط تلميذه (ميرك الأصفهاني)، أنه قال: «كان الشيخ علي بن هلال الكركي عالماً فاضلاً فقيهاً من أجلّة الفضلاء». وقال عنه الشيخ عبدالله الأفندي في الرياض: «الشيخ علي بن هلال الكركي كان من أجلّة الفضلاء المعاصرين للسلطان الشاه طهماسب الصفوي، وكان من علماء العرب ومن تلاميذ المحقق الكركي، كان قوله معتبراً في المسائل الشرعية وأجوبة الفتاوى، وأنه كان يمتلك مكتبة كبيرة تتجاوز الأربعة ألاف كتاب، وعلى ما يظهر أنّه كان يسكن الديار الهندية».

وهذه التعابير تؤشر على أمرين: الأول، أنه كان من العلماء الكبار المشهود لهم والمشهورين، وأنّ دوره أيام الشاه طهماسب كان واضحاً وجلياً.

الأمر الثاني، قضية المكتبة وما تتضمن تكشف عن مدى اهتماماته بالعلوم المختلفة، وظهرت قيمة هذه المكتبة لدى صهره الشيخ البهائي، مضافاً أنه كان يسكن في الهند لفترة من الزمن، وهذا أيضاً يؤشر على مدى جدية هؤلاء العلماء في تبليغ الرسالة والسكن في أكثر المناطق صعوبةً وحرجاً متجاوزين المصالح الشخصية وراحة العيال والأمن الشخصي عندما تستدعي المصلحة العامة أن يكونوا حيث يجب. وهذا ما فعله الشهيد الأول في دمشق والشهيد الثاني في بعلبك (المدرسة النورية) والسيد محسن الأمين في سوريا والسيد حسين مكي من بعده، والشيخ حبيب آل إبراهيم في بعلبك والشيخ موسى شرارة في الهرمل وغيرهم.. كلّ ذلك في سبيل مصلحة الإسلام والمسلمين.

بالعودة إلى المكتبة، فقد أصبحت إرثاً لابنته الوحيدة التي صارت من العلماء، وقد تزوجها الشيخ البهائي، وقد أوقف الشيخ البهائي المكتبة لاحقاً، ومع الأسف فإنّ القيّمين لم يكونوا بمستوى المسؤولية فضاعت كما ضاع الكثير من هذا التراث، ولا أستبعد أنّ الشيخ البهائي استفاد كثيراً من هذه المكتبة وهذا ما ظهر في إنجازاته في إيران.

أيضاً كان هناك دور كبير للشيخ علي بن هلال الكركي في استمرار الحضور العلمائي داخل الدولة الصفوية. فعلى سبيل المثال، عندما استشهد الشهيد الثاني في 8 شعبان 965هـ في عاصمة الدولة العثمانية، بقي تلميذُه الشيخ حسين عبد الصمد في بعلبك متخفياً في إحدى القرى من ضواحي بعلبك، وقد قرّر الشيخ حسين عبد الصمد مغادرة بعلبك متجهاً إلى إيران سنة 966هـ. وأستبعد أن يكون الشيخ علي بن هلال الكركي هو من نسّق عجلة خروجه وتركه البقاع، والأقوى أنّ الشيخ حسين عندما وصل إلى أصفهان إلتقى بالشيخ علي الكركي وتعرّف عليه، وعرّف نفسه أنّه من تلاميذ الشهيد الثاني الذي كان قد ذاع صيته، فلم يكن تلامذته بحاجة إلى امتحان وسؤال، بل يكفي أن يُعرّف بنفسه أنّه من تلامذة الشهيد، وعلى الفور قام الشيخ علي الكركي بتعريف الشيخ حسين عبد الصمد على الشاه الصفوي الذي رحّب به كثيراً وعيّنه شيخاً للإسلام في (قزوين). وهذا الدور الذي قام به الشيخ حسين عبد الصمد في إيران من التبليغ الديني إلى الإصلاحات وبالأخص مشروع التقريب بين المذاهب، حيث استفاد كثيراً من تجربة أستاذه الشهيد الثاني والتي واكبها في سفره معه إلى اسطنبول ولقائهما السلطان سليمان ثمّ عودتهما إلى بعلبك (المدرسة النورية).

والأهم من هذا، كان بقاء نجل الشيخ حسين الشيخ البهائي والذي أصبح له دور مركزي وكبير في العهد الصفوي، حتى أنّ الشيخ حسين عندما أراد أن يغادر إيران كانت هناك طريقة متّبعة عند الشاه الصفوي لمن يريد أن يصرفه من مركزه، وإذا أراد نفس الشخص أن يترك منصبه, فيطلب من الشاه الرخصة في الذهاب إلى الحج, فإن أذن له فهذا تقرير منه بالإنصراف من مسؤوليته. وعندما طلب الشيخ حسين عبد الصمد الإذن بالذهاب إلى الحج له ولولده الشيخ البهائي، أذن الشاه الصفوي له ورفض الإذن لنجله البهائي, فغادر الشيخ حسين إلى الحج، ومن هناك توجّه إلى البحرين وبقي حتى مات ودفن في البحرين.

إذاً، كلّ هذا الإنجاز الذي تحقق في إيران كان الشيخ علي بن هلال الكركي هو صلة الوصل بين مؤسّس هذه النهضة الشيخ المحقق الكركي وبين الشيخ حسين عبد الصمد وولده الشيخ البهائي وصولاً إلى علماء آخرين كانت إيران مسرحاً لحضورهم العلمي والفكري والعقائدي والإصلاحات العامة, فقيمة الشيخ علي بن هلال ظهرت كأحد المؤسسين للنهضة العلمية والفكرية في إيران.

أمّا مشايخه، فقد ورد في إجازته التي كتبها للمحقق مولانا ملك بن محمد بن سلطان الأصفهاني، فقال: «أولهم السيد الفائق على أقرانه المتبحّر في العلوم بين أهل زمانه الورع الزاهد العابد الحسيب الأفخر السيد تاج الدين حسن بن السيد جعفر الأطراوي العاملي برّد الله مضجعه ورفع في الجنان مقامه وموضعه فإني أنقل عنه بلا واسطة, وثانيهم وثالثهم الشيخان الأمجدان الأفضلان الأعلمان الأكملان الأورعان الشيخ أحمد البيضاوي العاملي النباطي والشيخ أحمد بن خاتون العيناثي العاملي جمع الله لهما بين الكرامتين الدنيا والآخرة بمحمد وآله العترة الطاهرة, فإني أنقل منهما أيضاً بدون واسطة ورابعهم هو الشيخ إبراهيم القطيفي, وخامسهم المحقّق الكركي أعلى الله مقامه».

أمّا آثاره العلمية، فهناك كتاب كبير بالطهارة (حسن الفوائد) مشتمل على أمهات مباحث الطهارة وعليه حواشي لنجل المحقق الكركي, وينقل فيه عن الشهيد الثاني.

أمّا وفاته فكانت في مدينة أصفهان سنة 984 هـ, وبعد مدة من دفنه طلب الشاه الصفوي بنقل جثمانه مع جثمان الشيخ البهائي إلى مشهد في خراسان فدفنا عند الإمام الرضا Q, وكأنّه وسام أراد أن يقدّمه الشاه الصفوي كتكريم لهذين العالمين على جهودهما المضنية التي بذلت في سبيل الإرتقاء بهذه الدولة الفتية.

2-3 copy.psd

نشاطات الملف

2-3 copy.psd

1- إلتقى مسؤول الملف سماحة الشيخ حسن بغدادي المراجع العظام في النجف الأشرف، الآيات العظام: السيد السيستاني والسيد الحكيم والشيخ بشير النجفي، وكانت مناسبة للحديث عن جبل عامل وإنجازاته العلمية والفكرية والجهادية, وأنّ علماء جبل عامل خيراً صنعوا في عدم بقائهم في النجف الأشرف رغم امكاناتهم الذهنية والذكاء الحاد والإخلاص الشديد الذي يؤهّلهم أن يكونوا في المرتبة الأولى في مقام المرجعية الدينية, و لكن عودتهم إلى لبنان جعلت من هذا البلد الصغير له حضور ومكانة علمية وفكرية وجهادية متقدمة على صعيد المنطقة, وما نشاهده اليوم من انتصارات قلّ نظيرها يعود الفضل فيها إلى تلك الجهود التي بذلت في هذا الجبل.

Ball.psd
Ball.psd
Ball.psd

2- يقيم الملف إحتفالا تكريمياً لسماحة العلامة المقدّس الشيخ حسن الحانيني في بلدته (حانين) الجنوبية، وذلك بالتعاون مع اتحاد بلديات بنت جبيل.

برنامج الاحتفال:

• قرآن كريم

• كلمة ترحيبية لرئيس بلدية (حانين) الأستاذ فهد سويدان

• كلمة الجهة المنظمة عضو المجلس المركزي في حزب الله سماحة الشيخ حسن بغدادي

• كلمة رئيس الإتحاد الأستاذ عطا الله شعيتو

• كلمة عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب د.حسن فضل الله

الزمان: السبت 12 تشرين الأول 2013 الخامسة عصراً

المكان: النادي الحسيني لبلدة حانين

Ball.psd
Ball.psd
Ball.psd

3- يُحضّر ملف إحياء تراث علماء الشيعة: مؤتمراً فكريا حول العلامة السيد محمد رضا فضل الله الحسني العيناثي. وسيعلن قريباً إنشاء الله عن توقيت و برنامج هذا المؤتمر.

Ball.psd
Ball.psd
Ball.psd

4- إلتقى م. الملف العديد من الشخصيات العلمائية والفكرية في مقرّ الجمعية في بلدة أنصار.

1-8 copy.psd

رأى رسول الله P في المنام

فطمأنه إلى سجلّ أعماله

إنّه الشيخ زين الدين الجباعي (الشهيد الثاني) الذي استشهد في عاصمة الدولة العثمانية 8 شعبان 965هـ (اسطنبول). يصفه تلميذه ابن العودي بوصف قلّ نظيره عندما يقول عنه: «كان شيخ الأمة و فتاها وسيد الفضائل ومنتهاها، ملك من العلوم زماماً وجعل العكوف عليه إلزاماً، لم يصرف لحظةً من عمره إلا في اكتساب فضيلة فقد وزع أوقاته، أمّا النهار ففي تدريس ومطالعة وتصنيف ومراجعة, وأمّا الليل فله استعداد كامل لتحصيل ما يبتغيه من الفضائل، كان يحرس الكرم بالليل ويحتطب للعيال، كان له باع طويل في كل فن وعلم بالفقه والأصول وعلم الحساب والهيئة والهندسة، ثم يقسم تلميذه بن العودي في آخر كلامه أنه لم يقل عن أستاذه الشهيد إلا دون الحقيقة».

ومع ما هو عليه من هذا المقام كان خائفاً من ذنوبه ومن تقصيره في جنب الله، ولم يكن مطمئناً على مصيره يوم القيامة، وبقي في هذا القلق حتى رأى في المنام رسول اللهPوعرض عليه ما يعيشه من قلق واضطراب من تقصيره وهو خائفٌ أن لا يكون قد أنجز ما عليه، فأخذ النبيP منه صحيفة أعماله وقرأها فلم يجد فيها سيئة واحدة بل وجدها مملوءة بالحسنات فمضاهاP وناوله إياها فاستقرّ روعه وهدأ وعرف أنّ صحيفة أعماله ليس فيها معاصي ولا تقصير، فأوقاته كلّها مليئة بالعبادة والعمل والدرس والتدريس وإصلاح ذات البين وإصلاح مشاكل المسلمين.

(هذه الحادثة نقلها لي المرجع الديني سماحة الشيخ بشير النجفي، عندما التقيته في النجف الأشرف الشهر الماضي).