مناسبات الشهر
مناسبات الشهر
1 |
شهادة العالم الرباني الشيخ زين الدين الجباعي المعروف (بالشهيد الثاني) حيث أثبتت وثيقة قتل الشهيد في اسطنبول 8/شعبان/965هـ كذب الرواية العثمانية التيّ إدعّت أنّ حراسّه قتلوه على طريق البحر، عندما خافوا أن يشتكي الشهيد عليهم امام السلطان أنّهم قصرّوا في خدمته، بينما الحقيقة ما قالها(قطب الدين النهروالي) الذي كان موجوداً عند الوزير الأعظم عندما أدخلوا عليه الشهيد الثاني فقال: لم يُسأل عن شيء وإنما أصعدوه إلى الأسقالة ثم فتحوا أخمص قدميه بالسيف وقطعوا رأسه وكان يتشهد أثناء قطع رأسه، ثم أخذ النهروالي يمتدح الشهيد ويُثني عليه وتحدث عن سبب قتله كيف وشوا عليه عند والي دمشق، وأضاف : غفر الله له فإن السيف محاءٌ للذنوب. ويقصد أنه كان عالماً رافضياً وهذه هي مشكلته الوحيدة التي يستحق عليها القتل رغم أنه { لم يقم بشيء مخالف للقانون أو تفوّه بكلمة واحدة بما ينافي مشروع الوحدة والتقريب. |
2 |
وفاة الشيخ ابراهيم الحاريصي في 16/شعبان/1185هـ والشيخ ابراهيم من بلدة (حاريص) الجنوبية من جبل عامل، وقد امتدحه السيد الأمين فقال: كان عالماً فاضلاً شاعراً مجيداً ويُعّد في طليعة الشعراء في جبل عامل وكان شاعر الشيخ ناصيف النصار شيخ مشايخ جبل عامل الذي قُتل على أيدي الجزار 1195هـ في معركة (يارون) . وكان الشيخ ابراهيم قد درس في مدرسة (جويا) وقصائده لم تكن مجرّد هوايه أومجامة، بل تكشف سعة إطلاعه ومعرفته بالأمور التاريخية. |
السنة الثانية ــ العدد الثامن عشر ــ حزيران 2013م ــ شعبان 1433 هـ
لاستفساراتكم واقتراحاتكم يرجى التواصل على العنوان التالي:
Toorath@ live.com
70 - 004235
شخصية العدد
العلامة السيد محمد الموسوي{
(المعروف بصاحب المدارك)
ولد العلامة السيد محمد الموسوي المعروف بصاحب (المدارك) في قرية جباع من جبل عامل سنة 946، وتوفي أوائل القرن الحادي عشر، إلاّ أنه يُعتبر من علماء القرن العاشرهـ، حيث أن إنجازاتة العلمية تمّت في أواخر القرن العاشر.
والده العلامة السيد علي نور الدين الموسوي، كان من تلامذة الشهيد الثاني الشيخ زين الدين الجباعي، وفي نفس الوفت صهره على كريمته التي انجب منها السيد محمد صاحب المدارك، وعليه فتكون ام السيد محمد هي أخت الشيخ حسن صاحب المعالم من أبيه (الشهيد الثاني).
من هنا نجد أن كلّ من كتب أو تحدّث عن السيد محمد الموسوي حُكماً سوف يذكر خاله الشيخ حسن، وذلك بسبب العلاقة الحميمية التي تربطهما سواء في المعاشرة العادية أو في مجلس الدرس وحتى أثناء العمل في التبليغ الديني، إذ قلّما تجد مشهداً عند السيد محمد يكون غائباً عنه الشيخ حسن، فقد ترعرعا وعاشا معاً ودرسا وسافرا معاً، فقد كانا متشابهين كثيراً حتى في المذاق الفقهي وطريقة الإستنباط، وانعكس هذا على سلوكهما في الزهد والعبادة والأخلاق، حتّى انهما دُفنا متجاورين في مقبرة جباع، وسوف نستعرض هذه التفاصيل في معرض الحديث عن السيد الموسوي {.
نشأ السيد محمد في كنف ورعاية والده العلامة السيد علي الموسوي، فاستفاد منه كثيراً، وكلّ الذي أخذه والده عن استاذه الشهيد الثاني نقله إلى نجله السيد محمد، إذ لم تسنح الأوضاع للسيد محمد أن يستفيد من جده الشهيد الثاني مباشرةً وذلك بسبب كثرة اسفاره، وخصوصاً عندما سافر إلى عاصمة الدولة العثمانية سنة 952هـ، وعاد منها ليكون أستاذاً في المدرسة النورية في بعلبك مُتخلياً عن اجمل منطقة وهي (جباع) لأجل حماية جبل عامل من خلال مشروع الوحدة الإسلامية، وكان قد زار عواصم العالم العربي، حيث التقى علماء المذاهب الإسلامية حاملاً مشروع (الفقه المقارن) ليجعل المذهب الجعغري أحد المذاهب الأساسية عند المسلمين، وبهذا يُخفّف من الأحقاد ويقطع الطريق على المصطادين بالماء العكر، وبعد هذا نراه يترك بعلبك هاربا من حقدهم وحسدهم بعدما نالوا عند والي دمشق ليبقى متخفيا عشر سنوات بين جباع وجزين حتى تمكنوا من إلقاء القبض عليه أثناء الطواف في مكة المكرمة وسوقه إلى عاصمة الدولة العثمانية في إسطنبول ليقتل بقرار سياسي في 8/شعبان/965، ولهذا السبب لم يتمكن السيد محمد أن يسفيد من جده مباشرة، هذا بالإضافة إلى أن مقام الشهيد الثاني العلمي يختلف عن مرحلة السيد. وكما درس السيد محمد على الشيخ أحمد بن سليمان العاملي، وعلى العلامة المقدس السيد علي الصائغ المدفون في جبل صديق المتاخم لقرية (تبنين)، من جبل عامل، وكان للشهيد الثاني اعتقاد تام في السيد علي الصائغ وكان يرجو الله تعالى أن رزقه ولداً أن بكون معلمه ومربيه السيد علي، وبالفعل لقد حقق المولى للشهيد هذه الأمنية إذ جعل من تلميذه المميّز السيد علي الصائغ استاذاً لنجله الشيخ حسن ولسبطه السيد محمد الموسوي، فكان كل ما أخذه السيد الصائغ عن استاذه الشهيد نقله للعلاّمتين السيد محمد والشيخ حسن، لذلك نجد أن السيد محمد و الشيخ حسن لم يكونا بحاجة للدراسة خارج جبل عامل، فالسيد محمد الذي أصبح من العلماء الكبار في جبل عامل وأثاره العلمية لا زالت حاضرة وخصوصاً كتاب(مدارك الأحكام في شرح شرائع الإسلام) والذي سنتحدث عنه في معرض الحديث عن أثاره العلمية، تكفي لإثبات أهمية النهضة العلمية في جبل عامل التي تأسست في أواسط القرن الثامن هـ على يد القائد الفذ الشيخ محمد بن مكي الجزيني(الشهيد الأول) واستمرت هذه النهضة بعون الله تعالى وإرادة هؤلاء العلماء حتى نهاية القرن الثاني عشر هـ، عندما قام حكم السفاح أحمد باشا الجزار، حيث كانت في تلك المرحلة المدرسة الدينية الشهيرة التي أسسّها العلامة السيد ابو الحسن موسى الحسيني في بلدة (شقراء) الجنوبية والتي ضمت على رواية المؤرخ العلامة الشيخ علي السبيتي أكثر من ثلاثمائة طالب من بينهم العلامة والفقيه السيد جواد الحسيني صاحب (مفتاح الكرامة في الفقه) وانتهت هذه المدرسة بعد رحيل رئيسها السيد ابو الحسن سنة 1194هـ وقيام حكم الجزار بشكل كامل بعد مقتل الشيخ ناصيف النصار سنة 1195هـ ونكبة شحور سنة 1198 هـ ، ونستطيع القول أن جبل عامل إنتهى بكلّ مكوناته العلمية الإجتماعية والأدبية والأقتصادية وعاد إلى نقطة ما دون الصفر واستمر على هذا المنوال حتى عادت النهضة العلمية مجدداً من بوابة كوثرية السياد وعادت المدارس تباعا، واصبح في جبل عامل مجدداً علماء و فقهاء كالشيخ حسن القبيسي والسيد علي إبراهيم والشيخ عبدالله نعمة والشيخ مهدي شمس الدين والشيخ محمد علي عز الدين والسيد نجيب فضل الله والعلامة الشيخ موسى أمين شرارة، والسيد يوسف شرف الدين والسيد حسن إبراهيم إلى آخر العلماء الذين ساهموا في إعادة التشكل العلمي لجبل عامل، لكن بقيت مشكلة أن الطلاب الذي درسوا على هؤلاء الأساطين لم يكملوا تحصيلهم العلمي في جبل عامل، وذلك بسبب إنشغال هؤلأ الأجلاء بالوعظ والأرشاد وتبليغ الأحكام وحلّ الخصومات مضافاً لمواجهة ما خلّفه الحكم العثماني ومن بعده مواجهة الإحتلال الفرنسي لجبل عامل، حيث كان هذا الجبل دائماً في عين العاصفة، ولا يمكن لهؤلاء العلماء أن يتخلوا عن وظيفتهم تجاه الناس، فقد عملوا على الجمع بين هذه المسؤلية وبين الدرس والتصنيف مهما أمكن، ولهذا نرى أن الطلاب لم يستغنوا عن الإلتحاق بالحوزات المركزية، بينما نجد مرحلة ما بعد الشهيد الأول وصولا إلى الشهيد الثاني ومدرسته كانوا يكتفون بالتحصيل العلمي في جبل عامل ولم يتركوه وكانوا متفوقين على كثير من العلماء من الحوزات العلمية.
وعندما نقرأ في سبب زيارة السيد محمد وخاله الشيخ حسن إلى العراق، نجد اولاً لأجل زيارة المراقد المقدسة في (سامراء والكاظمية وكربلاء والنجف الأشرف) والسبب الثاني هو لقاء المحقق الأردبيلي لعرض أفكارهما والمباني التي توصلا إليها عليه على طريقة رسالة الدكتورا التي يعرضها الطالب على اللجنة المشرفة، حيث لم يكن حضورهما عليه على طريقة الدرس التقليدي، ولهذا نجد بعض الطلاب الذين شاهدوا هذه الطريقة من الدرس أخذوا يضحكون، فرّد عليهم المحقق الأردبيلي أن هذين ليسا طالبين كما ترون، بل هما من العلماء الأفاضل وعندما يرجعان إلى وطنهما سوف يرسلان اليكم نتاجهما العلمي، وبالفعل عندما عادا ألى جبل عامل ارسل السيد محمد الموسوي كتابه (مدارك الأحكام في الفقه) والشيخ حسن المعالم في الأصول، وهذا ما يؤكد أن السيد محمد والشيخ حسن كانا يعرضان على المحقق الاردبيلي المباني والأفكار في هذين الكتابين.
بقيا في النجف الأشرف سنة كاملة استفادا كثيرا على الصعيد الروحي من مجاورة امير المؤمنينQ، كما كانت فرصة لعرض ومناقشة الأفكار على المحقق الأردبيلي، وكان الحنين والشوق يشدّهما إلى الأهل إلى جبل عامل، وعندما شاهدا قافلة تتجه ألى لبنان من العراق هزّهما الشوق فأنشد الشيخ حسن قصيدته المعروفة نكتفي بذكر بعض الأبيات
فؤادي ظَاعِنُ إثَر النياق
وجسمي قَاطِنُ أرضَ العراق
ومن عجب الزمان حياة شخصٍ
ترحّل بعضه والبعض باق
وحل السقم في جسمي فأمس
له ليل النوى ليلَ المُحاق
سكن السيد محمد الموسوي قريته (جباع)، وكانت المرحلة شاقة وصعبة للغاية، فهناك فقدان الجد الشهيد الثاني وما خلفّه من توتير نفسي وإجتماعي، حتى أصبح جبل عامل يعيش حالة من القلق، وهذا ما انعكس على ذرية الشهيد وعلى حوزة (جباع)، ونجد حفيد الشيخ حسن صاحب المعالم الشيخ علي في كتابه (الدر المنثور) يقول: إن أهل البغي حرقوا لنا في جباع ما يزيد على الألف كتاب ومخطوط لي ولأبي الشيخ محمد ولجدي الشيخ حسن ولأبيه الشهيد الثاني وكانت من أهم الكتب النفيثة والمخطوطات.
وهذا يؤكد التوتر الكبير الذي استمر بعد مقتل الشهيد الثاني حتى نهاية القرن الثاني عشرهـ و قيام حكم الجزار، و بطبيعة الحال لم تكن الأمور على وتيرة واحدة بين القرن العاشر إلى آخر الثاني عشر هـ بل كانت بين مد و جزر. ولعلّ هذا التوتر هو السبب الرئيسي بعدم ذهاب السيد محمد الموسوي و خاله الشيخ حسن إلى إيران لزيارة الإمام الرضا Q، مع شوقهما الشديد إلى الزيارة، لأنّ المنطقة كانت منقسمة بين العهدين الصفوي و العثماني، و لو ذهبا إلى إيران فإن عملاء السلطة العثمانية لن يحملا هذا السفر على مجرد الزيارة، بل كانوا سيشوشون عليها، والأمر الآخر أنّ نفس الصفويين لو علموا بقدوم نجال الشهيد الثاني و سبطه إلى إيران لن يتركوهما يعودان ببساطة فهناك مكانة كبيرة للشهيد الثاني عند الحكام الصفويين في إيران، و هذا ماظهر عندما ذهب تلميذ الشهيد الثاني الشيخ حسين عبد الصمد إلى إيران بعد مقتل الشهيد، كيف عيّنوه شيخاً للإسلام في قزوين عاصمة الدولة الصفوية أنذاك و من دون سؤال أو مراجعة أحد لمجرد أن علموا أنه تلميذ الشهيد الثاني، و لعلّ هذا المسلك من عدم ذهابهما إلى إيران أخذاه عن نفس الشهيد الثاني حيث كان مسلكه وتلاميذه عدم الذهاب إلى إيران كي لا يشوش احد على هذه الزيارة ويعُطي بُعداً سياسياٌ، فالبقاء في لبنان فيه مصلحة كبرى للمسلمين وخصوصاً لسكان جبل عامل وللنهضة العلمية فيه.
لذلك قرر السيد محمد الموسوي البقاء في جبل عامل وفي قرية (جباع) بالتحديد حيث عمل على ثلاث محاور.
المحور الأول: الوعظ والإرشاد واصلاح ذات البين وحلّ الخصومات، شأنه في هذا شأن جميع علماء هذا الجبل الذين أخذوا على عاتقهم خدمة هذا الدين وتبليغ الأحكام الشرعية وتوعية الناس وإصلاح امورهم.
المحور الثاني: مواجهة الفراغ والتداعيات التي خلفها مقتل الشهيد الثاني وهذا يحتاج إلى حضور ومواجهة وحكمة لتثبيت الناس والتخفيف عنهم، فوجود علماء الدين بين ظهرانيهم يهون الخطب ويشد من عزيمتهم.
المحور الثالث: التدريس والتصنيف والمحافظة على الوتيرة المرتفعة للنهضة العلمية لجبل عامل وهذا النهج بالنسبة إليه وظيفة الهيه وأمانة شرعية لابُد من المحافظة على الأنجاز الذي استشهد في سبيله جده الشهيد الثاني ومن قبلُ الشهيد الأول والمعاناة الكبيرة التي لحقت بالعلماء والناس في فترات مختلفة، وهذا الأتجاه ربما كان يراه واجباً عينياً عليه هو وخاله الشيخ حسن، وبالفعل لو أن هاذين العلمين تخلاّ عن هذا المسلك العلمي والحضور الدائم في جبل عامل، لأنتهت النهضة العلمية في هذا الجبل ولابتعد الناس عن طلب العلم بسبب الأوضاع الأمنية والإقتصادية، فوجود هذه الرجالات في الفترات الصعبة والحرجة هو الذي اتاح الفرص مجدداً للأقبال على طلب العلم، وهذا ما حدث بعد نكبة جبل عامل أيام محنة الجزار، فنرى أن المؤرخ الشيخ علي السبيتي، والشيخ جعفر مغنية ونجله الشيخ موسى من خلال الإصرار على بقائهم في جبل عامل وعدم توجههم إلى النجف الأشرف ساهم بشكل فعال في الإبقاء على الروح العلمية لهذا الجبل.
وقبل الحديث عن اثاره العلمية نريد أن نستعرض بعض الشهادات بحقه التي صدرت عن علماء تناولوا فيها هذه الشخصية من الناحية العلمية والسلوكية.
الشيخ الحر العاملي في كتابه أمل الأمل قال : السيد محمد الموسوي صاحب (المدارك) كان عالماً فاضلاً ماهراً متبحراً زاهداً عابداً ورعاً فقيهاً محدثاً كاملا جامعاً للفنون والعلوم جليل القدر عظيم المنزلة.
الشيخ يوسف البحراني في اللؤلؤة قال: أمّا السيد السند محمد وخاله المحقق الشيخ حسن فضلهما أشهر من أن يُنكر ولا سيما الشيخ حسن فإنه كان فاضلاً مُحققاً يُنكر كثرة التصنيف مع عدم تحريره.
الشيخ علي في الدّر المنثور وهو حفيد الشيخ حسن صاحب المعالم قد أثنى كثيراً على السيد محمد الموسوي وعلى جده الشيخ حسن ووصف أحوالهما بشكل دقيق ومّما قاله: إنّ جدي الشيخ حسن والسيد محمد كانا في التحصيل كفرسي رهان؛ وهذا يّدل على تقاربهما في العلم وإن السباق هذا مأخوذ فيه المثل وليس التسابق الحقيقي الذي هو يعود لأبناء الدنيا، فهما لم يعيشا للحظة واحدة هذا السبق
ثم يقول: كانا متقاربين في السن، وكانت وفاة السيد محمد قبل خاله الشيخ حسن بمقدار التفاوت، وكانا إذا حضر أحدهما إلى المسجد صلّى الثاني خلفه. وهذا له علاقة بالصدق والتواضع والأخلاق وثقة كل وأحد بالأخر، وعدم حُبّ الدنيا والعمل بإخلاص إلى أن قال: وإذا سأل أحدهما شخص مسئلة ثم أراد أن يُعيد السؤال على الأخر ينهره ويقول له: لقد كفاك وليس هناك داعي لسؤالي. وهذا إعتراف من كّل منهما بعلم الأخر و مقدرته من دون مجاملة.
أما الذوق الفقهي للسيد محمد الموسوي
يقول الشيخ يوسف البحراني بعد أن يُثني على السيد محمد وعلى خاله الشيخ حسن كثيراً: قد سلكاً في الأخبار مسلكا وعرا ومنهجا عسراً، فالسيد محمد في كتابه المدارك ردّ أكثر الأحاديث من الموثقات والضعاف باصطلاحه وكأنّ له فيها إضطراب فتارة كان يرد بعضها وطوراً يستدل بها، والشيخ حسن فعل نفس الشيء إلا أنه كان أشد من السيد محمد، ثم قال: أنّ هذا المنهج قد بلغ في الضيق إلى مبلغ سحيق وأنت خبير بأنّا في عويل، وعليه فيلزم إما الأخذ بمطلق هذه الأخبار كما فعل علماؤنا الأبرار القداما، أو تحصيل دين غير هذا الدين وشريعة غير هذه الشريعة لنقصانها وعدم تمامها، ولعدم وجود الدليل على جملة من أحكامها.
هذه المنافسة والإعتراض من الشيخ يوسف البحراني التي اعترض فيها على مسلك السيد محمد والشيخ حسن حيث اشترطا العدالة في الراوي، وهذا الشرط يُنافي بحسب نظره طريقة السلف الصالح من الإعتماد على روايات الثقاة والضعاف، اذ عندما نتخلى عن هذا المنهج فسوف نقع بالعسر وعدم التمكن من أن نُعطي المكلفين الأحكام الشرعية التي هي محل ابتلائهم، لانّ الإعتماد فقط على الروايات الصحيحة يلزم منه خروج كثير من الأحكام الشرعية عن الفتوى باعتبار أنها سوف تبقى هذه الموارد من دون حكُم، ومضافاً انه يلزم الخروج عن طريقة منهج القدامى من العلماء، وعليه إما أن نلتزم دينا ناقصاً أو نبحث عن دين أخر يؤمّن الأحكام الشرعية للمكلفين، وجرت مناقشات كثيرة لكلام الشيخ البحراني.
أولاً: نحن لسنا مقلدين للعلماء القدامى، مضافاً أنّ هناك نقاشٌ في موضوع عمل المشهور بالرواية الضعيفة هل يجبر هذا ضعفه ام لا ؟
والثاني: أن القدامى أيضاً تركوا ولم يعملوا في كثير من الروايات ولم يلزم العسر والبحث عن دين آخر.
الثالث: هذا الادعاء ربما غير دقيق من الشيخ البحراني فالسيد محمد والشيخ حسن رغم القيود التي التزما بها من شرط اعراب الروايات إلى شرط العدالة إلا انه كانت لديهما مخارج لكل هذه الإشكالات ولم يصلا إلى مرحلة إنسداد باب العلم. وعليه فلسنا في عويل ولماذا كل هذا الصراخ؟
أما أثاره العلمية
أهم كتاب أشتهر به هو (مدارك الأحكام في شرح شرائع الأسلام)، وأكثره في ابواب العبادات، وكان السيد محمد جعل هذا الكتاب متمّم لكتاب (مسالك الافهام في شرح شرائع الإسلام) لجده الشهيد الثاني{ حيث اختصر الشهيد أبواب العبادات، وأطال في أبواب المعاملات، لذا أراد السيد محمد أن يُتممّ ما لم يقم به جده وهي العبادات، فجعل المدارك في العبادات وبهذا يكتمل شرح مباني شرائع الإسلام.
2ــ له كتاب: نهاية المرام في شرح مختصر شرائع الإسلام، وقال عن هذا الكتاب السيد حسن الصدر في تكملة أمل الأمل: عندي نسخه من هذا الكتاب ويشتمل على أول كتاب النكاح إلى أخر النذر.
3ــ له عدة حواشي:
أــ حاشية على كتاب التهذيب للشيخ الطوسي
ب ــ حاشية على كتاب الإستبصار
ج ــ حاشية على الألفية للشهيد الأول قدسره وهو عبارة عن الف واجب في الصلاة.
د ــ حاشية على الإرشاد
هـ ــ حاشية على الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية لجده الشهيد الثاني فاللمعة الدمشقية الفها الشهيد الأول في دمشق قبل إستشهاده بسنوات وقدمها لوزير حاكم خرسان علي بن المؤيد لتكون رسالة عملية للمسلمين الشيعة، و جاء الشهيد الثاني وشرح مباني هذه الرسالة المتينة والجامعة لأبواب الفقه ثم جاء من شرح وعلق على شرح الشهيد الثاني وهناك الكثير من الشروح والحواشي والتعليقات.
وهنا لابد من ذكر شيء اعتمده السيد محمد وهو وجوب صلاة الجمعة، وهذا المسلك هو مسلك الشهيد الأول والمحقق الكركي والشهيد الثاني والشيخ حسين عبد الصمد والشيخ البهائي وغيرهم ومنهم السيد محمد الموسوي صاحب (المدارك) معترضين على من ذهب إلى عدم جواز إقامة صلاة الجمعة في عصر الغيبة حيث اعتبر أن الصلاة هي دعاء للحاكم الظالم في زمن غيبة الإمام المعصوم Q، و جاء الرد أنه صحيح نحن في زمن الغيبة ولكن مع وجود العلماء الجامعين للشرائط هم نواب الإمام Q وعليه لا يكون الدعاء دعاءاً للحاكم الظالم ، وبناء على المبنى وقع النزاع بين المحقق القمي والشيخ القطيفي حول جواز التصرف في الأراضي الخراجية في زمن الغيبة، فالمحقق الكركي في العهد الصفوي تصرف في الأموال العامة حيث اعترض الشيخ القطيفي على تصرفه معتبراً هذا فيه إعانة للحاكم الظالم وتصرف بالمال العام من دون إذن، ورد عليه المحقق الكركي بجواز ذلك وأن وجوده هو إمتداد لمقام الإمام الحجة|، لهذا كان الشيخ الكركي يتصرف في إيران على أنه نائب الإمام Q.
سنة 1009هـ توفي العلامة السيد محمد الموسوي ودفن في قريته (جباع) ولا زال قبره معروفاً إلى يومنا هذا، وكتب خاله الشيخ حسن على قبره (من المؤمينين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا) وبعد مرور سنتين على رحيله لحق به خاله سنه1011 هـ ودفن إلى جواره فعاشا معا وماتا متقاربين ودفنا متجاورين.
نشاطات الملف
خرج من تحت الركام على أثر زلزال
دمّر قدس وصفد وعيترون
انه العلامة المؤرخ والشاعر الشيخ علي مروة وهو أستاذ المؤرخ الفاضل والشاعر الشيخ علي السبيتي الذي ذكر هذه الحادثة عن استاذه ومما جاء فيها: انه سنة 1152هـ وقع زلزال كبير ودمر عدة قرى منها قدس وصفد وبلدة عيترون التي كان الشيخ علي يسكن فيها وانهدمت عليه داره بفعل هذا الزلزال وبقي تحت الركام فترة حتى يأس الناس منه وببركة التوسل والدعاء عاد وخرج سالماً فأنشد هذه الأبيات التي تحتاج إلى كثير من التأمل
ظهرَ الفسادُ على البسيطة فاختَشت
ربَّ العباد فزلزَلتْ زلزالَها
أمسَتْ تَميدُ بأهلها فكأنّهُمْ
أًرجوحةٌ جَذَبَ القويُّ حبالَهاَ
ومياهُهَا كادَتْ تفيضُ وتخرج
الأثقالَ لمّا ربُّهَا أوحى لها
دُهشَ الأنامُ بهَولها فكأنَّهُمْ
شهدوا القيامَ وشاهدوا أَهْواَلها
فلِعَظْمِ ما عَانْيتُ قلتُ مُؤرخاً
يا أيُّها الناسُ اتقوا أمثالَها