1-8 copy.psd

مناسبات الشهر

1

وفاة الشيخ توفيق ابن الحاج حسين من آل الصاروط، كما جاء في الأعيان, كان عالماً فاضلاً, وشاعراً, وأديباً ناشراً, تقياً ورعاً، قرأ على السيد جواد مرتضى العاملي في بعلبك وعلى غيره من علماء القرن الرابع عشر, توفي يوم السبت في الخامس من صفر سنة ١٣٥٦ هـ في بعلبك.

2

وفاة الشيخ حسين بن شهاب الدين بن حسين بن محمد بن حيدر العاملي الكركي الحكيم، من علماء القرن الحادي عشر, حيث توفي في 19 صفر سنة 1076هـ في إيران (بمنطقة حيدر آباد)، وامتدحه الحر العاملي في أمل الآمل، فبعد أن وصفه بالحكيم قال: «كان عالماً فاضلاً ماهراً شاعراً, من المعاصرين, سكن في أصفهان مدة, ثم حيدر آباد سنتين, ومات بها وكان عمره 64 سنة, وكان فصيح اللسان حاضر الجواب متكلماً حكيماً حسن الفكر عظيم الحفظ والإستحضار».

3

ولادة الشيخ محسن ابن الشيخ عبد الكريم شرارة من علماء القرن الرابع عشر, وهو حفيد ذلك العالم الجليل الشيخ موسى أمين شرارة أم صاحب الحوزة العلمية الشهيرة في بنت جبيل, والشيخ محسن ولد في مدينة بنت جبيل في صفر سنة ١٣١٩هـ وتوفي ودفن فيها سنة ١٣٦٥ هـ عن عمر 44 سنة, عرف الشيخ محسن شرارة بالأدب والشعر, شعره كان يختلف عن الشعر التقليدي, لكن ينقل السيد محسن الأمين وأخوه الشيخ موسى شرارة مفتي الهرمل, أنه برز كشاعر مميز له طريقته الخاصة, فكانت أشعاره تشتمل على المعاني الإجتماعية والحكمية والفلسفية مبتعداً عن النواحي التقليدية.

4

ولادة الشيخ محمد ابن الشيخ مهدي بن محمد بن علي بن حسن بن حسين بن محمود بن محمد آل مغنية العاملي، ولد في شهر صفر سنة ١٢٥٣هـ في قرية طير دبا القريبة من صور, والشيخ محمد كما ينقل السيد الأمين في الأعيان: «كان ذكياً أديباً مؤرخاً له كتاب (جواهر الحكم ونفائس الكلام), درس في حوزة العلامة الشيخ محمد علي عز الدين في حنويه, وبعد مدة من الزمن إفتتح مدرسة للطلاب هو وأخوه الشيخ حسين وابن أخيه الشيخ علي في طير دبا, فحضر جمعٌ من الطلاب والذي ساعدهم على ذلك قدوم العلامة الشيخ سلمان العسيلي من النجف الأشرف سنة 1270هـ. يقول الشيخ حسين: «فتوجهنا لزيارته فوجدناه شيخاً تقياً عابداً زاهداً, فأظهر لنا الضجر من سكن قرية (رشاف) وأظهرنا له الرغبة في الحضور والسكن في طيردبا فوافق على ذلك, وازداد أفراد الطلاب بحضوره, وبعد سنتين سافر أخي الشيخ حسين وإبن أخيه الشيخ علي إلى النجف الأشرف أواخر سنة 1272هـ, وطلب أهالي أنصار الشيخ سلمان العسيلي ليكون إمام البلدة».

السنة الأولى - العدد الثاني عشر/ كانون الأول 2012م - صفر 1434هـ

الشيخ آسد الله آل صفا.jpg

لاستفساراتكم واقتراحاتكم يرجى التواصل على العنوان التالي:

www.toorath.net toorath@live.com

70/784864

شخصية العدد

العلامة الشيخ

أسد الله صفا {

ولد الشيخ أسد الله في قرية (زبدين) المتاخمة لمدينة النبطية, من قرى جبل عامل, سنة 1294هـ قبل 140سنة, وتوفي نتيجة إصابته بجلطة دماغية في إحدى مستشفيات مدينة صيدا، ونُقل جثمانه الطاهر إلى بلدته زبدين, ووري الثرى في جبانتها وذلك سنة 1353هـ أي قبل 81سنة.

طفولته ونشأته

ترعرع الشيخ أسد الله صفا في منزل والده الحاج محمود صفا, حيث كان من المؤمنين الطيبين المعروفين, والذي كانت لتربيته أثراً على شخصية نجله الشيخ أسد الله, فلبيئة البيت الأثر الكبير في استقامة الطفل وتوجّهاته المستقبليّة.

في البداية، أرسله والده إلى مدرسة الشيخ عبد الله صفا الذي أنشأ مدرسةً في البلدة لتعليم القرآن الكريم والكتابة والقراءة. وقد كانت هذه النماذج من المدارس والأساتذة منتشرة في قرى ومدن جبل عامل, وكان الأهل غالباً ما يقدموّن كبدلٍ لأتعاب هذا المعلّم, بيضاً أو دجاجةً أو شيئاً من الزيت وما شاكل.. وكان الأهل يقولون للمربّي خذ هذا الطفل فأدّبه وعلّمه, ولك اللحم ولنا العظم. وهنا تبدأ رحلةُ المعاناة مع هذا الطفل المسكين الذي يا ويله لو أخطأ في كلمة أو نسي درسه, فكان المعلّمُ (المتخلّف) يستدعي بعض الطلاب ليضربونه (فلقة) - وهو طفل صغير ضعيف البدن - فيُضرَب بقسوة وبدون رحمة ولا يحق للأهل أن يعترضوا, والمعلّم يتفنّن بتعذيب هذا الطفل, وكأنّه في سجن عسقلان أو السجون العربية الوحشية..

نعم كانت هناك بعض التقاليد اللطيفة, هذا ما ينقله أصحاب التراجم ومنهم السيد محسن الأمين{ أنّ الطفل إذا انتهى من حفظه للقرآن الكريم, كانوا يزفّونه إلى بيت أهله كما تُزّف العروس إلى بيت زوجها وذلك بالأهازيج والزغاليط والأناشيد، ثمّ تقدّم الحلوى المصنوعة في المنزل ففي ذلك الوقت لا يوجد حلويات البابا, والشرق, والسلطان.

مسيرته العلمية

إلتحق الشيخ أسد الله بالحوزة العلمية في مدينة النبطية, التي أسّسها العلاّمة السيد حسن يوسف مكي سنة 1309 هـ. والسيد مكي قدم من قرية حبوش حيث ولد سنة 1260هـ، وتوفي في سنة 1324هـ ودفن في دار المدرسة التي أشادها في النبطية. وحوزة النبطية تعتبر من الحوزات الأساسية التي ساهمت في النهضة العلمية لجبل عامل في القرن الثالث عشر بعد النكبة التي لحقت به من الجزّار في القرن الثاني عشر, والذي أطاح بكل مكوّنات جبل عامل، وفي مقدمتها الحوزات العلمية والعلماء ومكتباتهم. وقد اقتيد بعض العلماء مع مكتباتهم وكتب جبل عامل إلى (عكا), فزُجّ بالعلماء في السجن, وكان منهم السيد صالح بن السيد محمد بن إبراهيم شرف الدين, وهو الجد الأعلى لعائلة آل الصدر, وأحرقوا الكتب في أفران (عكا), حيث بقيت تشتعل من ثلاثة إلى أربعة أيام, وكاد العلم ينتهي في جبل عامل لولا أن قَيضَّ الله تعالى لهذا الجبل علماء أجلاّء ساهموا وبذلوا جهوداً جبّارة في إعادة العلم إليه, فكانت المدرسة الأولى التي أسّسها المقدّس الشيخ حسن القبيسي في كوثريّة السيّاد في بدايات القرن الثالث عشر, وكان من تلامذتها السيد علي إبراهيم صاحب حوزة (النميرية), والشيخ عبد الله نعمة صاحب حوزة (جباع), ثم كانت حوزة (حنويه) لصاحبها الشيخ محمد علي عز الدين, وحوزة (بنت جبيل) التي أسّسها الشيخ موسى أمين شرارة بعد عودته من النجف الأشرف سنة 1298هـ, ثمّ حوزة (طورا) التي أسّسها السيد يوسف شرف الدين سنة 1305هـ, وفي (عيناتا) حوزة السيد نجيب فضل الله, وفي (أنصار) الحوزة التي أسّسها الشيخ سلمان العسيلي, والذي جاء من بعده صهره السيد حسن إبراهيم نجل السيد علي, وفي مدينة (النبطية) أنشأ السيد حسن يوسف مكي حوزة علمية, إمتازت عن بقية الحوزات بالمناهج العلمية خارج الفقه والأصول, والذي ساهم في أهميتها وتنوع برامجها هو العلامة السيد محمد إبراهيم نجل السيد علي إبراهيم, وأمّه كريمة المقدّس الشيخ حسن القبيسي. وكان السيد محمد قد برع في العلوم الطبيعية والفلسفية, ولهذا نجد أنّ بعض الطلاب لم يكمل التخصص الفقهي, ولم يذهب إلى النجف الأشرف كالشيخ سليمان ظاهر والشيخ أحمد رضا والشيخ أسد الله صفا والمؤرّخ محمد جابر صفا, إنّما اتجهوا بعدما حازوا على فضيلة لا بأس بها في الفقه والأصول إلى الأدب والمنطق واللغة والشعر. فهؤلاء الأربعة - على سبيل المثال - إشتهروا باللغة والأدب والشعر والتاريخ, ولعلّ هذا المنحى لهؤلاء الأجلاء كان ضرورياً في تلك المرحلة لجبل عامل الذي شهد غزواً ثقافياً ولغوياً, فقد شهدت تلك المرحلة من نهاية الحكم العثماني وقيام الإحتلال الفرنسي بروزاً لحركات تبشيرية متصهينة, عملت بكل قوّة على مواجهة الإسلام وإبعاد المسلمين عن هويّتهم ولغتهم, وإدخال مصطلحات على لغتنا العربية وخصوصاً في القضايا المستحدثة التي ليس لها مفردات سابقاً, كما في الصناعات والمفردات المستجدّة. لذا نجد هؤلاء الأفذاذ عمدوا إلى مواجهة أي اختراق لثقافتنا ولغتنا من خلال تحصين المجتمع من الخرافات كي لا تؤخذ ذريعةً للإختراق, وإلى تحصين اللغة العربية عبر إيجاد معاجم لغة وعمليّةَ تثقيفٍ واسعة تشمل كلّ القطاعات, مضافاً لترويج سوق العلم والشعر والأدب. وبالفعل هذه الحركة الإصلاحية فيما يطلق عليها بعصر النهضة, ساهمت بشكل فعّال في حفظ هذا التراث ومنع الإختراق والإهتزاز.

من هؤلاء الأجلاء العلامة الشيخ أسد الله صفا، الذي يعبّر عنه العلامة السيد محسن الأمين في الأعيان:«الشيخ أسد الله أصبح من الضليعين باللغة العربية والعلوم العربية, وأصبح له فضل ومكانة لا بأس بها في الأمور الفقهية..» وبالفعل، فقد درس في حوزة النبطية المقدمات من المنطق والنحو والصرف والمعاني والبيان, ثم درس الفقه والأصول, وراجع الكتب ومارس وباحث حتى صارت له ملكةٌ جيدةٌ في العلوم العربية واطلاع لا بأس به في المسائل الفقهية، وشهادة السيد الأمين بحقّه هنا تُظهر بوضوح مكانته العلمية والفقهية.

كما امتدح الشيخ أسد الله صفا الآغا بزرك الطهراني في موسوعته: «هو الشيخ أسد الله بن الحاج محمود آل صفا العاملي الزبديني، عالم أديب وكاتب مبدع وشاعر مجيد, ومن نوابغ العصر ورجال البحث والإطلاع, حسن السليقة دقيق النظر, وكانت له خبرة بأنواع العلوم وله اطلاع تام بالفقه, جمع بين القديم والحديث، له شعر رائع ومقالات طيّبة في العلم والأدب, وقد وُلي القضاء في صيدا».

نشاطه العلمي والإجتماعي

لم ينفصل نشاط الشيخ أسد الله الإجتماعي والعلمي, عن سلوكه اللافت للإنتباه, فكان زاهداً, عابداً, عازفاً عن بهارج الدنيا, حتى أنّه كان يذهب في بعض الليالي إلى المقبرة, فيجلس بين قبورها, محدثاً نفسه محاسباً إياها, منبّهاً لها عن الغفلة وعن عدم الإعداد لهذا الرحيل الذي لا بدّ منه. هذا الزهد والتقوى ظهرت آثاره عندما عُرضت عليه دنيا (الإحتلال الفرنسي) فرفضها بدون تردّد عندما تعارضت مع موقعه الديني ومصلحة المسلمين.

قام الشيخ أسد الله آل صفا بعدة أمور:

الأول: الوعظ والإرشاد، وهذه سمةٌ عامة لعلماء جبل عامل, فهم مهما انشغلوا وتخصصوا بقضايا علمية واجتماعية أو سياسية, يبقى الهاجس لديهم هو الوعظ والإرشاد والصلاة جماعة وإصلاح ذات البين.. حتى أنّه ذات يوم إجتمع الشيخ محمد جواد مغنية والسيد هاشم معروف الحسني والشيخ حبيب آل ابراهيم وغيرهم, وقررّوا أن ينشأوا جمعية بإسم «الإرشاد والهداية», والهدف منها هو القيام بمهمّة التبليغ الديني في القرى والمدن التي لا يوجد فيها علماء, ومن دون مقابل, على حسابهم ونفقتهم الخاصة, مع أنّ هؤلاء لهم انشغالات كثيرة في المحاكم الشرعية، كونهم قضاة, وأعمالٌ علمية تحتاج إلى كثيرٍ من الوقت, فهؤلاء هم أهل التصنيف والتأليف, لكنّ حسّ المسؤولية فرض عليهم إتّباع سياسة الأولويات, إذ أنّ تعليمَ الناسِ أحكامَ دينهم والصلاة جماعةٍ بهم واصلاحَ شؤونهم, هي مسؤولية مُقدّسة ومقدمة على كلّ شيء. هكذا كان أيضاً الشيخ أسد الله صفا وبقيةُ إخوانه الذين انشغلوا بوظائفَ أو أمور علمية, فلم تكن هذه الإنشغالات مانعاً من العلاقة بالناس والقيام بوظيفة رجل الدين مع مجتمعه. ولهذا تجد أنّ هذه الثلة التي عُرف عنها الإنصهار باللغة والأدب والشعر والسياسة والأمور الإجتماعية, كيف أنها قدمت أفكاراً ورؤى بالأدب والأخلاق والقيم وإصلاح المجتمع في كل حيثياته.

الثاني: الوظيفة، هذه الوظيفة لم تكن هماً معيشياً بقدر ما كانت مسؤولية لا بدّ من التصدي لها من أصحاب الشأن الذين تصلح لأمثالهم. فنرى موضوع المحاكم الجعفرية التي كانت ولا زالت ضرورة لمصالح الطائفة الشيعية الكريمة في حلّ مشاكلهم من زواج وطلاق وإرث.. إلخ. ولهذا كانت هذه الوظيفة ولا زالت ومع الأسف الشديد محكومة لتداخلات سياسية ومصالح ضيّقة قد يتصدى للقيام بها من ليس أهلاً لها, فهي تحتاج إلى علمٍ ودين. والكارثة الكبرى عندما يفقد القاضي فيها العلم والدين معاً. ولهذا نجد أنّ الحقبة التي كانت في تلك المرحلة غايةً في التعقيد, ومليئةً بالتناقضات حيث اختلطت فيها الأمور, لذا تصدّى هؤلاء الأجلاء لمواجهة كل تلك المرحلة المعقّدة وحتى لا يسقط أمامها بعض ضعفاء النفوس.

لقد حاول الإحتلال الفرنسي أن يسير بجبل عامل بطريقة تجمع بين العصا والجزرة, فمن جهة عمل على سياسة الترهيب لكل من تسوّل له نفسه المخالفة, وفي نفس الوقت كان يبحث عن أطرٍ إجتماعية ظاهرها المحافظة على الجنوبيين وعلى مصالحهم في جبل عامل، من خلال جمعيات ووظائف في الدولة, وباطنها الإنصياع بالكامل لمصالح الإحتلال الفرنسي, ومواجهة كل من يريد أن ينهض في وجه الإحتلال.

هنا نجد الشيخ أسد الله صفا، عندما عُرضت عليه وظيفة القضاء في صيدا, كان من شرطها أن ينتمي إلى إحدى الجمعيات التي ترعاها فرنسا. فقد اجتمع رئيس نادي قرية (أنصار) الفرنسوي مع كاتبه, وعرضا على الشيخ أسد الله الإنضواء في هذه الجمعية, وقالا له: «إنّ الغاية من هذه الجمعية النهوض بالوطن, والعمل لمصلحة الطائفة الشيعية, وأنّ فرنسا تريد أن تعمل لمصلحتكم, وهناك مال من فرنسا سوف يُقدّم لخدمتكم ومصلحتكم, وفي المقابل سوف تُعيّن في المحكمة الجعفرية (صيدا)».

هنا ينقل الشيخ سليمان ظاهر, أنّ الشيخ أسد الله صفا وافق من حيث الشكل على الإنتماء لهذه الجمعية لكن بشرطين:الأول، ان لا يُكلّف بأية مهمّة, والثاني، أن يكون انتماؤه شكلياً لها.

طبعاً، هنا الشيخ أسد الله لم يكن مقتنعاً بهذه الجمعية ولا بهذا الكلام, فإمّا كان يريد إتقاء شرّهم, أو كان يريد أن يعتبر هذه الجمعية معبراً لتحقيق أهدافه ما دام ليس فيها أيّ تبعات. ولهذا نجد عندما حَملتْ إدارة الجمعية في بلدة أنصار كلام وشروط الشيخ أسد الله إلى حاكم صيدا، رفض شروطه قائلاً: «عليه أن ينتمي علناً وبدون شروط مسبقة, فنحن لا نريد الإنتماء الشكلي، فالجمعية لها مشروع وأهداف ولا بدّ من الإنتماء الحقيقي والفعلي والإنصهار في تحقيق أهداف الجمعية». وهنا ما كان من الشيخ أسد الله إلا أن رفض هذا العرض, مستحضراً قول الإمام عليQ لأبي ذر: «إنك لو قبلت دنياهم لأمنوك ولو أخذت منها شيئاً لأعطوك».

اللغة والأدب عند الشيخ أسد الله

كان للشيخ أسد الله دور واضح في اللغة والأدب، وكانت له مشاركات أدبية, وهذا ما هو موجود في مجلة العرفان مجلّد 9/ ص 785 ومجلّد 7/ص88، وفي أعيان الشيعة للسيد الأمين. وكما قلنا فإن الشيخ أسد الله له دورٌ كبيرٌ في ترويج الشعر والأدب في جبل عامل, وله قصائد من عيون الشعر في مختلف العناوين. وقد اخترنا هنا بعض العيّنات، ومن أراد التفصيل فليرجع إلى المصادر التي ذكرناها.

فهناك قصيدة بعنوان

«الناس والعلم والدين»

لم ينظر الناس في عقبى أمورهم

ولم يجيلوا بخلق الله أذهانا

منتهم نفثات الجهل أن يردوا

ماء المسرة من حيث الأسى كانا

ظنوا المعالي في جمع الحطام وهم

في ذاك قد هدموا للمجد بنيانا

وحاولوا ظفرا بالجور فاندفعوا

إلى العداء زرافات ووحدانا

حتى إذا ما أتوا يجنون ما غرسوا

جنوا وما اعتبروا ذلا وخذلانا

أعد كل امرئ منهم فيوهمني

ان ليس يحسب في التحقيق إنسانا

باعوا بدنياهم دينا به عقدت

عرى السعادة دنيانا وأخرانا

إنّ السعادة أخلاق مطهرة

أضحى لها الدين قسطاسا وعنوانا

ما إن تجاوزت الذكرى مسامعهم

يوما ولا راقبوا لله سلطانا

وكل يوم لهم فيمن قضى عظة

تعد أحياءنا اللاهين موتانا

هل ينظرون بأبصار يرون بها

ملابس العز ما ندعوه أكفانا

أو يسمعون بآذان تحيل لهم

قوارع الذكر تغريدا وألحانا

أو يحملون قلوبا يحسبون بها

في القبر صرحا يضاهي قصر غمدانا

أعمتهم الشهوات المهلكات عن

الباري فسامهم بغيا وكفرانا

ما جاوزت كلمات الرشد ألسنهم

إذ يدعون الهدى مكرا وإدهانا

كان اغتنام رضى الرحمن همهم

لو أنّهم صدقوا في الله إيمانا

ألا ترى مستهام الحب يؤنسه

رضى الحبيب وإن أقصاه هجرانا

فكل صعب عليه هان في سبل

الهوى وكل عزيز عنده هانا

وليس ريبهم في الله منقصة

لله بل كان فيهم ذاك نقصانا

ما عاب شمس الضحى أن لا ترى

لعمى في الناظرين ولا انحطت بذا شانا

يا أمة تدعي الإيمان حيث خلت

من ضوء حجته الغرّاء أذهانا

أنتم كغيركم في ذا السبيل فما

للفرق أعددتم قولا وتبيانا

وكيف يصلح دين الله أفئدة

لم تبن إلا على التقليد إيمانا

ما استقبلوا الله يوما بالقلوب فهم

مستقبلون على التحقيق إنسانا

لا ينهجون سبيلا قلّ سالكه

وإن تلوا سنة فيه وقرآنا

فلا وعيشك لا يأتون من عمل

ذاك إذا قل أهلوه وإن هانا

وربما اعتقدوا حقا يدان به

ما لم ينزل به الرحمن سلطانا

وربما حظروا لا عن دليل هدى

ما كان لو عقلوا للب ميزانا

مستمسكين بما اعتادوا فحيث دعا

داعي الهداية صمّوا عنه آذانا

مثل البهائم إذ عافت على ظما

ورود ما لم ترد من قبل أحيانا

فأيّ دين هدى فيه لمثلهم

صلاح أمر وقد ساموه عدوانا

وكيف ينجع وحي الله في ملأ

يتلون آياته صمّا وعميانا

لا يطمئن بذكر الله ذاكره

ما لم يكن من نمير العلم ريانا

إن يتق الله قوم فالذين به

قلوبهم ملئت علماً وعرفانا

لا قول صلّوا ولا شرح الصلاة هما

مما استجيب به لله إذعانا

لا رواية ما قال الرسول على

من لو تشاء جرى في الرّيب حيرانا

أو يستقم نهج ذي علم فمن طهرت

أخلاقه وأقام القسط ميزانا

لا العلم ينجع والذكرى بمن جعلوا

عليهم للهوى حكماً وسلطانا

وأين ذكراك من قوم قلوبهم

دون النصيح عليها الغي قد رانا

لو دان كل امرئ للحق حيث بدا

لم يعد فرعون رشدا بابن عمرانا

ولا بعيسى استراب المستريب ولا

بصدق أحمد لا قبلا ولا الآنا

ذاك النبي الذي يدلي بحجته

سر العوالم أحيانا فأحيانا

ذاك النبي الذي أبقى الاله له

إلى المعاد على ما جاء برهانا

من حكمة بثها الأمي صافية

تزداد علما بها ما زدت إمعانا

بالعودة إلى موضوع اللغة والأدب عند الشيخ أسد الله، فهو لم يسافر إلى النجف الأشرف، وهذا القرار أخذه الشيخ سلمان ظاهر والشيخ أحمد رضا، على خلاف الكثير من الطلبة الذين قرروا الذهاب إلى النجف الأشرف لاستكمال التحصيل العلمي, وخيراً فعل بعض هؤلاء العلماء إذ أخذوا قراراً بالبقاء في جبل عامل، فقد كان لهذه الثلة من الأفاضل حضور علمي وأدبي واجتماعي وسياسي أيضاً.

كما كان الشيخ أسد الله بعيد النظر، حيث كان يرى ضرورة ان يقف إلى جنب مجلة العرفان, حيث كان يعتقد أنّ مجلة العرفان هي المنبر الوحيد القادر في تلك المرحلة على نشر الأفكار والرؤى والنظريات الخ.., وخصوصاً أنّ هذه المجلة سوف تتحول إلى مصدر لحفظ هذا التراث, وبالفعل هذا الذي حدث, فاليوم مجلة العرفان هي إحدى الكنوز التي حفظت لنا تراثنا ولو بنسبة معيّنة.

ولهذا وقف الشيخ أسد الله داعماً لهذه المجلة وهذا ما نقلته المجلة في مجلد 9 جزء الأول نسخة بأسماء الداعمين لمجلة العرفان.

pic.jpg

أسماء الموجودين في الصورة من اليمين إلى اليسار الصف الأول: مجهول. الشيخ يوسف الفقيه. السيد مهدي إبراهيم, السيد محمد يحيى صفي الدين والشيخ علي الحر. الصف الثاني: السيد محمد إبراهيم, الشيخ حسين مغنية, ولده عبد الله, السيد محسن الأمين, الشيخ عبد الحسين نور الدين, الشيخ محمد علي الحر, الشخ عبد الله الحر, الشيخ منير عسيران, الشيخ أمين شمس الدين والسيد علي فحص. الصف الثالث: الحاج إسماعيل الخليل, نجيب عسيران, الشيخ سليمان ضاهر, الشيخ أحمد رضا, الشيخ أسد الله صفا, الشيخ محمد علي نعمة, الشيخ علي حلاوة والشيخ علي الزين. الصف الرابع: الشيخ خليل عسيران, موسى عسيران والأخير الشيخ عبد اللطيف سعد.

نشاطات الملف

1- صدر كتاب عن ملف إحياء تراث علماء الشيعة في حزب الله، وهو مؤتمر فكري بمناسبة الذكرى 92 لانعقاد مؤتمر وادي الحجير، وقد عُقد المؤتمر في نفس وادي الحجير وبرعاية سعادة سفير الجمهورية الإسلامية الدكتور غضنفر ركن آبادي، وكان المؤتمر عبارة عن افتتاحية وجلستين والعديد من الأبحاث.

Ball.psd
Ball.psd
Ball.psd

2- تجديداً للعهد والتزاماً بالخط الإصلاحي لسيد الشهداء الإمام الحسينQ، نظّمت جمعية الإمام الصادقQ لإحياء التراث العلمائي بالتعاون مع بلدية بنت جبيل الندوة العاشورائية الثالثة تحت عنوان «الإصلاح والتجديد في المنبر الحسيني من خلال رؤى العلامة الشيخ موسى أمين شرارة» في قاعة مجمع أهل البيت Rبمدينة بنت جبيل، بحضور رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب الحاج محمد رعد، عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب الدكتور حسن فضل الله، الوزير السابق نزيه بيضون، عضو المجلس المركزي في حزب الله سماحة الشيخ حسن بغدادي، رئيس لقاء علماء صور سماحة الشيخ علي ياسين، إمام مسجد القدس في صيدا سماحة الشيخ ماهر حمود، رئيس بلدية بنت جبيل المهندس عفيف بزي، إلى جانب عدد من الفعاليات والشخصيات ولفيف من العلماء، وحشد من المواطنين.

قدّم الندوة الدكتور مصطفى بزي, ثمّ كانت كلمة ترحيبية لرئيس بلدية بنت جبيل المهندس عفيف بزي، إعتبر فيها أنّ الإمام الحسين Q مدرسة لا تموت ولا تماثلها قدوة في التاريخ ومدرسة تتجدد كلما ازداد الزمان بعداً وثورة عاشوراء المجيدة هي تاريخ أمتنا، قدمت للبشرية مثالاً حياً كيف تكون التضحية والفداء في سبيل المبادئ والقيم والمعتقدات، ولأنّ ثورة كربلاء حيّة فينا تعطينا الحياة ونتفاعل معها فإنها كانت ملهمة للشعراء والأدباء والمؤرخين والكتاب.. وشكر بزي إمام مسجد القدس في صيدا الشيخ ماهر حمود على مشاركته في هذه الندوة ونوّه بمواقفه الوطنية التي تشهد على سعة أفقه وعلى تركيزه الدائم على الوحدة الإسلامية.. وقدم بزّي الشكر لرئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب الحاج محمد رعد على مشاركته بهذه الندوة، وأثنى على أسلوبه الصريح والواضح في القرارات السليمة والبعيدة النظر حيال ما يدور في مجتعنا.

وألقى الشيخ حسن بغدادي كلمة تناول فيها موضوع الخطاب العاشورائي المسؤول من خلال الشيخ موسى شرارة، فقال أنّ الشيخ موسى أمين شرارة لم يجرِ إصلاحات تهكمية، فلم يدخل أغياراً على واقعة الطف ولم يخرج منها أحداثاً ووقائع بل أراد للمنبر الحسيني أن يحقّق كامل أهدافة من التعبئة والإستنهاض والجهاد الفكري والأدبي والشعر.

 وأشار الشيخ بغدادي إلى أنّ الشيخ شرارة - وعلى صغر سنّه - نهض بجبل عامل على مستوى الإصلاح الديني وإصلاح المنبر الحسيني والنهضة الأدبيه والشعر العربي، وأشار إلى قول السيد الأمين الذي درّس في حوزة الشيخ موسى شراره أنّه قد راج سوق العلم والأدب والشعر في جبل عامل في عهده. وأضاف الشيخ بغدادي أنه عندما نتحدث عن جبل عامل نقصد به جبل عامل العلمي الذي إذا حلّ عالمٌ او مفكرٌ او باحثٌ في قرية فيه فإنّ نتاجه سوف ينتشر على مستوى العالم الإسلامي.  

بدوره الشيخ ماهر حمود، ألقى كلمة تناول فيها عاشوراء ومشروع الإصلاح في حركة الأمة الإسلامية، فذكّر بالشيخ موسى شرارة مشيراً إلى أنه قد علّمنا كيف نكون شغوفين بحب هذه الأرض وهذه المنطقة قبل أن نراها ونرى هذه الوجوه الكريمة وقبل أن يحصل الإنتصار وبعد ذلك وصولاً إلى ما نحن فيه، حيث أنّ هذه البلدة ومثيلاتها من قرى الجنوب ستبقى تمثل رأس الحربة في مواجهة العدو الصهيوني مهما كانت التقلبات والتغيرات التي من الممكن أن تطرأ على هذه الأمة.

ولفت الشيخ حمود إلى أنّ هناك توازن وصراع أراده الله أن يبقى مستمراً بقدرته، وأنّنا إذا أردنا أن نقول أنّ هذا الشخص حسيني يعني أنه كان وحيداً مقابل جيش، وهو من الممكن أن يموت ويصل لحدود الموت، أن يكون فرداً في وجه كثرة ويصبح على مشارف الموت أو يموت ويمر بهذا الأمر الذي مرّ به كل الأنبياء.

من جانبه رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب الحاج محمد رعد ألقى كلمة بالمناسبة أشار فيها إلى أنّ هناك فريق من اللبنانيين يريد أن يتوسل كل أسلوب ممكن للوصول إلى السلطة ويستفيد من كل حدث ليرفع شعارات وأسقف عالية مبنية على أعمدة من وهم نتيجةً لقراءات خاطئة للتطورات والمستجدات في لبنان وما حوله، كما ويرفع سقف الأهداف ليصل إلى مرحلة تهوي فيها هذه الأسقف التي رفعوها فوق رؤوسهم. 

وشدّد النائب رعد على أنّ الهدف الذي يضعونه اليوم والمتمثل بإسقاط الحكومة هم عاجزون عن تحقيقه في حين أنّهم يتوسّلون من مكوناتها مساعدتهم من أجل أن تسقط بغية تشكيل الحكومة التي يرتؤونها، معتبراً أنّهم يكرّرون نفس الخطأ الذي وقعوا فيه عندما أرادوا أن ينتخبوا رئيساً للجمهورية قبل انتهاء ولاية الرئيس السابق، في الوقت الذي ما كانوا يملكون فيه أكثرية الثلثين فكانوا يطالبوننا بالنزول إلى المجلس النيابي لنوفر لهم تلك الأكثرية وبالتالي لينتخبوا الرئيس الذي يريدون.

وأكّد النائب رعد أنّ هذا الأمر لن يحصل لأنه غير منطقي وينطلق من منطلق مصلحي فئوي جزئي لا يصبّ في مصلحة البلاد أو المصلحة العامة، وأننا إذا كنا نرى أنّ هذه الحكومة مستمرّة فإنّ استمرارها ليس بالأكثرية المذهلة للقوى التي تشارك فيها إنما بالعجز المفرط الذي يتملك المعارضة على مستوى الرؤية واتخاذ الموقف الصائب وعلى مستوى الخيارات الممكنة. مشدداً على أننا وإزاء هذا الأمر رأينا في الحوار سبيلاً للوصول بالحد الأدنى إلى تفاهم يستنقذ البلاد بمستوى من المستويات من أزمته الراهنة.

Ball.psd
Ball.psd
Ball.psd

3- زار م.الملف عضو هيئة الرئاسة في حركة أمل الدكتور خليل حمدان والذي كان أحد المشاركين في مؤتمر وادي الحجير, حيث شكره م.الملف على مشاركته، وقدّم له عدة نسخ من كتاب المؤتمر, وكانت مناسبة للحديث عن تراث جبل عامل وعن المرحلة السياسية التي تمر بها البلاد والمنطقة.

Ball.psd
Ball.psd
Ball.psd

4- زار مقر الملف في الضاحية الجنوبية سماحة الشيخ أحمد مبلغي رئيس مركز الدراسات الإسلامية في مجلس الشورى الإيراني, جيث هناك تشاور وتعاون في الأنشطة العلمية والفكرية بين م.الملف وسماحة الشيخ مبلغي منذ عدة سنوات.

Ball.psd
Ball.psd
Ball.psd

5- تم بعون الله تعالى إنجاز خمسة حلقات توثيقية هذا الشهر حول الشيخ موسى مغنية, الشيخ رضا فرحات, السيد حسن محمود الأمين, السيد عبد الحسين نور الدين, والسيد علي إبراهيم, وذلك بالتعاون مع تلفزيون الصراط.

1-8 copy.psd

وضعوا الحديد المحمى بالنار على رأسه

هو الشيخ علي بن الشيخ حسن خاتون الحانيني العاملي

من علماء القرن الثالث عشر من بيت علم وعلماء, ومن الذين نالوا نصيبهم على يد أحمد الجزار الذي بدأ حكمه عام 1191هـ حتى سنة 1219هـ حوالي ثلاثين سنة, ذاق فيها علماء وأهالي جبل عامل أشد أنواع البلاء في عهده ومن هؤلاء العلماء الشيخ علي خاتون الذي حبسه الجزار مرتين, وأخذ أملاكه وأحرق مكتبته التي تحتوي على خمسة آلاف كتاب, وكان يعمد جلاوزة الجزار إلى إحماء الساج الحديد بالنار ثم يضعوها على رأس الشيخ علي, وكان يصيح يا الله, وإذ بالحديد المحمي بالنار يتحول برداً وسلاماً، وهكذا كلما أعادوا الحديد المحمى بالنار على رأسه يتحول برداً وسلاماً, وكان الشيخ علي على صلة بأخوة العلامة السيد صالح بن السيد محمد بن إبراهيم شرف الدين, وكان الجزار بعد نكبة شحور 1197هـ, قد قتل نجله العلامة السيد هبة الله, واعتقلوا السيد صالح مع جماعة واقتادوهم إلى السجن في (عكا) ووُضعوا في طامورة تحت الأرض لا يُميّزوا بين الليل والنهار, حتى أنّ السيد قال لهم لقد ضاق صدري, وسوف أدعوا وأنتم أمّنوا على ذلك, وبالفعل بعد دعائه بدعاء (الطائر الرومي) الذي ينقله إبن طاووس, وإذا بالسجن فُتح وهرب مع الستة أشخاص إلى النجف الأشرف, ثم التحقت به عائلته وكانت عائلة آل الصدر منه. وأخوه السيد محمد الذي بقي في شحور, تعود إليه عائلة آل شرف الدين.