كان يحاول أن يُطبّق كل ما صنّفه  في الأمور العبادية، ولمّا كان  الوقت لا يتّسع، كانت زوجته تُكمل عنه 

18/10/2021

كان يحاول أن يُطبّق كل ما صنّفه  في الأمور العبادية، ولمّا كان  الوقت لا يتّسع، كانت زوجته تُكمل عنه 

 

الفقيه المحدث الشيخ إبراهيم الكفعمي، من علماء القرن التاسع هجري، صنّف في العلوم المختلفة، ومنها في الأدعية، وكتابه الذي اشتهر به (مصباح الكفعمي).  

كان (رضوان الله عليه) شديد الإحتياط، حتى أنه حفر قبره بيده في (كربلاء) وأوصى أن يُدفن فيه وهناك قصيدة، عبارة عن وصية، يوصي بها بدفنه في كربلاء عند حلول الأجل، وممّا جاء فيها: 

سألتكم بالله هل تدفنوني                      إذا متُّ في قبر بأرض عقير 

فإني به جار الشهيد بكربلا                   سليل رسول الله خير مجير 

فإني به في حفرتي غير خائف               بلا مرية، من منكر ونكير 

أمنتُ به في موقفي وقيامتي                  إذا الناس خافوا من لظى وسعير 

فإني رأيتُ العرب تحمي نزيلها              وتمنعه من أن يصاب بضير 

فكيف بسبط المصطفى أن يردَّ من           بحائره ثاوٍ بغير نصير 

وعار على حامي الحمى وفي الحمى        إذا ضلّ في البيدا عقال بعير 

 

ولكن أرادت المشيئة الإلهية، أن يكون دفنُه في جبل عامل، وفي بلدة (جبشيت)، التي كانت في القديم تسمى كفرعيم، ثم اندثرت هذه القرية الصغيرة، واتسعت جبشيت لتشمل هذه القرية، التي باتت عيناً بعد أثر. ولم يكن يُعرف قبره في قرية جبشيت، إلاّ بعد أن كان أحد الفلاحين يعمد إلى زراعة الأرض، فخرجت بلاطة مكتوب عليها: هذا قبر الشيخ إبراهيم ابن الشيخ علي الكفعمي. 

جمع الشيخ إبراهيم بين التصنيف والمطالعة من جهة، وبين تربية النفس من جهة أخرى، كي لا يبقى هذا مجرد دعوة للآخرين، كان يحاول تطبيق كلّ ما صنفه من الأعمال المستحبة للمكلفين، وكي يكون منسجماً مع نفسه، ومطبقاً لما يدعو إليه. فعمد إلى القيام بكل ما صنفه من أمور عبادية كثيرة، ولكن لمّا كان الوقت لا يتسع للقيام بكل هذه العبادات، كانت زوجته المرأة الصالحة تسعى للقيام بالأمور العبادية التي لا يتسع له الوقت للقيام بها. 

وزوجته هي نموذج المرأة الصالحة التي تصلح أن تكون النموذج الصالح الذي يمكن أن يقتدى به. 

هذه المنقبة فريدة من نوعها، فهو لم يُصنّف كلّ هذا الكم، ليُطبّقها على نفسه، ولم يكن في صدد الإدعاء، كي يُطالبه أحد، بتطبيق ما دعا إليه، فهو عالم مصنّف، ولكن لشدّة حرصه على هذه المستحبات، وضع نفسه موضع من يدعو إلى تطبيقها، كي يكون العالم القدوة، المنسجم مع نفسه، لهذا عمل إلى ممارسة كل مُستحب كتبه، وبما أنّ الكميّة كبيرة، والوقت لا يتسع لذلك، كانت زوجته تبادر لاستكمال ما عجز عنه؛ لأجل أن يكون هذا البيت قد قام بالأعمال المستحبة جميعها. 

نقلاً عن كتاب مناقب وكرامات علماء جبل عامل، تصنيف العلامة الشيخ حسن البغدادي العاملي

اخبار مرتبطة