كان إبنها مريضاً وصادف وجود السيد شرف الدين لكنّها رفضت أن يدعو لولدها

24/03/2021

كان إبنها مريضاً وصادف وجود السيد شرف الدين لكنّها رفضت أن يدعو لولدها

ذات يوم، كان الإمام السيد عبد الحسين شرف الدين1 في زيارة لبلدة (صريفا)، من جبل عامل، وصادف في مكان نزوله، وجودُ جيرانٍ لديهم ولدٌ مريض، وأرادت صاحبة المنزل، أن تصنع معروفاً مع أم الولد المريض، وأن تستغلّ وجود السيد شرف الدين، ليدعو لولدها بالشفاء، وهذا متعارف في جبل عامل، أنّ عالم الدين يضع يده على المريض ويدعو له، وتسمّى بـ (الرُّقية). لكن أمّ هذا الولد المريض لا تعرف السيد شرف الدين، وكان لها اعتقاد خاص، بالشيخ حسين سليمان، من بلدة (البياض)، فهو مشهور بزهده وورعه واستجابة دعائه. وهنا، ما كان من هذه الأم إلاّ أن رفضت هذا الطلب وقالت لجارتها: " شو هو الشيخ حسين سليمان إذا وضع يده على المريض الله بيشفيه"؟!

السيد عبد الحسين، كان يسمع المحادثة، ولم ينزعج من كلامها، بل أُعجب بكلامها كثيراً، لما لها من اعتقاد بهذا العالم الفاضل الزاهد، واعتبر أنّ الناس لها عقيدة صحيحة بعلمائهم، وأنّ المشكلة ليست في عقيدتها، وإنّما هي عند علماء الدين أنفسهم، حيث يجب أن يكونوا بالمستوى الذي يعتقد بهم الناس.

وبعد انتهاء الزيارة، لم يرجع السيد شرف الدين إلى (صور)، وإنما قصد بلدة (البياض) لزيارة الشيخ حسين سليمان؛ ليجدّد معه العهد، ويستأنس بالقرب منه. ولطالما كان يذهب إلى الخيمة التي نصبها الشيخ حسين على (البيدر) في فصل الصيف، حيث يجتمعون فيها في تلك الليالي المقمرة، فيتذاكرون ويتبادلون أطراف الحديث حول الأدب والتاريخ،

وخصوصاً أنّ الشيخ حسين سليمان له إلمامٌ تام بكثير من الحوادث، وكتاب (بلدان جبل عامل) الذي صنّفه العلامة الشيخ إبراهيم سليمان ينقل في معظمه عن عمّه الشيخ حسين سليمان1.

كما أنّ للشيخ حسين سليمان الكثير من الكرامات التي تُنقل عنه، فقد وصل إلى مقام سامٍ في حيازة الملاكات التي جعلته مُسدّدا من قبل الله تعالى، فكان مستجاب الدعوات، وظهرت عليه العديد من الكرامات.

هذا التصرّف من الإمام شرف الدين، يكشف عن مدى الروحية العالية التي حاز عليها، ورغم الفاصل الكبير العلمي والجهادي، بينه وبين الشيخ حسين سليمان إلا أنّه أبقى على معيار ( إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم)، فهو لم ينزعج من كلام المرأة، ولم يكن كلامها سببا ً لإيجاد الجفاء مع الشيخ حسين، بل أدخل السرورإلى قلبه؛ لأنه يكشف عن سلامة عقيدة الناس، لذا كان كلامها محفزاً على زيارة الشيخ حسين والتقرّب إليه أكثر، ونراه لم يرجع إلى صور، بل توجّه على الفور إلى البياض؛ ليستأنس بهذا الولي، ويتقرّب إلى الله تعالى بالقرب منه، ففي هذه المجالس، تتنزّل الرحمة الإلهية، وتضيْ نور القلب، وبقدر ما يقترب العبد من ربه، تتجلى فيه عظمة الخالق، فيغدق عليه المولى من رحمته وبركاته، وتنعكس آثار هذا القرب على العلاقة بالناس، فيعتقدون به، ويتلمّسون بركاته.

 

اخبار مرتبطة