العلامة السيد محسن الأمين العاملي (طاب ثراه)  وحدود المساحة الجغرافية  في التبليغ الديني . .

19/02/2021

العلامة السيد محسن الأمين العاملي (طاب ثراه) وحدود المساحة الجغرافية في التبليغ الديني . .

العلامة الشيخ حسن البغدادي العاملي

القيام بالوظائف الدينية الملقاة على عاتق علماء الدين في جبل عامل ، لم يكن ليحدّهم بحدودٍ جغرافية ، بل كان العالمُ حيث يجب أن يكون حسبما  يقتضي الواجب الديني ، لهذا نراهم لم يستقروا في بلادهم ، وإنما كانوا يسكنون حيث الواجب  يفرض ذلك ، فالسيد الأمين سكن في (دمشق )، مع أنّ السكن في جبل عامل وبالتحديد في (شقراء)، أفضل له ،  وكان سيقوم بواجبه  الديني على امتداد جبل عامل ، كذلك الشيخ حبيب آل إبراهيم المهاجر ،  الذي ترك (حناويه )، الجميلة المطلّة على البحر المتوسط ، وسكن في (بعلبك )، والشيخ موسى عبد الكريم شرارة ، ترك (بنت جبيل)، وسكن مدينة الهرمل ، والشهيد الثاني زين الدين  العاملي ، ترك (جباع) وهي جنة الله على الأرض ، وسكن (بعلبك )، وآخرون  سكنوا  العراق وإيران والهند واليمن ومصر ومكة المكرمة  وغيرها .. كلّ ذلك بدافع القيام  بالوظائف  الدينية  ، حيث كان الواجب يدعو إلى ذلك .

وفي هذا الإطار ، تجد السيد الأمين لم يحصر عمله في سوريا ، وإنما كان يتردّد دائماً على جبل عامل ، وعندما كان يدعوه الواجب للذهاب إلى منطقة  بعيدة لم يتردّد في ذلك ، مع أنّ مشقّة  السفر كبيرة  ولا تُقاس باليوم ، حيث بات التنقّل والسفر في  الأعم الأغلب منه يُستخدم للنزهة .

في  الهرمل

ذات يوم ، وقع نزاعّ في (إرثٍ) كاد يؤدي إلى زهق الأرواح ، فجاء من يقترح على  السيد الأمين رحمه الله ، أن يتوجّه إلى (الهرمل )؛ لحلّ المشكلة ، وكان السفر يحتاج إلى إذنٍ من المسؤولين العثمانيين ، وكان من الصعب الحصول على ذلك إلا بشقّ الأنفس ، وكان  هذا  المانع يكفي  لسقوط التكليف  الشرعي ، ومع ذلك نراه يذهب إلى (الدائرة ) ويبذل الجهد في سبيل الحصول على الإذن . وفي الهرمل كانت المسألة معقّدة ، وقد دخل بعض العثمانيين على خطّ المشكلة  للاستفادة  المادية ، واستطاع السيد رحمه الله  أنّ يحلّ  المشكلة  على المستوى الفقهي ، واستخدم علمه وذكاءه وهيبته ونجح في ذلك، وعندما حلّ المشكلة  التفت إليه (المدير التركي ) ، وقال :

" نحن الأتراك ابتلينا بخازوقين، خازوق الامتيازات، وخازوق الدين " ، فردّ عليه السيد الأمين : " أمّا خازوق الامتيازات فنعم ، وأمّا خازوق  الدين ، فالذي  ابتليتم به هو  ترك الدين لا خازوق  الدين ، ولو أطعمتم المولى عز وجل لما وصلتم إلى هذا " .

يجب أن أتوقف قليلاً عند سفره إلى (الهرمل)، والسؤال المفروض : ما الذي دعا أهالي (الهرمل) إلى دعوة السيد الأمين لحلّ المشكلة ، مع وجود علماء  في جبل عامل ؟ والجواب : إنّ صيت السيد الأمين كان قد طرق أسماع الكثيرين  من طلاب العلوم ومن الأعيان ، فكانوا  يعتقدون أنه قدس سره الأقدر على معالجة  المشاكل  وحلّ الأمور المعقّدة ، والناس حاضرون  للتجاوب  والطاعة . كما أنّ الشيخ توفيق  الصاروط الذي كان من تلاميذ السيد جواد مرتضى ، كان قد أرسل رسالةً مطوّلة – ذكرها السيد الأمين في الأعيان – يُطالب فيها السيد الأمين  بمدّ يد العون  إلى منطقة  بعلبك التي تفتقد إلى كلّ شيء.

نقلاً عن كتاب المنهجُ العلمي والإصلاحي في فكر العلّامةُ المُجتهد السيّد مُحسن الأمين (طاب ثراه)، الشيخ حسن البغدادي العاملي، الجُزء الأول، الصفحة 121.

اخبار مرتبطة