العلامة السيد محسن الأمين (طاب ثراه)  الحاجة إلى علم الأصول مع ضرورة عدم الإفراط والتفريط

12/02/2021

العلامة السيد محسن الأمين (طاب ثراه) الحاجة إلى علم الأصول مع ضرورة عدم الإفراط والتفريط

العلامة السيد محسن الأمين طيب الله ثراه

الحاجة إلى علم الأصول

مع ضرورة عدم الإفراط والتفريط

العلامة الشيخ حسن البغدادي العاملي

هناك مدرستان وقع الخلاف فيما بينهما ، عند علماء الامامية وهما : المدرسة الإخبارية  والمدرسة الأصولية ، وكان أوج هذا الصراع في القرن الثاني عشر هجري ، حيث استطاع المولى الوحيد البهبهاني ، أن يتغلّب على المدرسة الإخبارية  التي كان يتزعّمها  الشيخ يوسف البحراني صاحب (الحدائق)، وكانا يسكنان كربلاء المقدسة .

الاخباريون يختلفون عن الأصوليين في طريقة الوصول إلى الحكم الشرعي .

الأصوليون : يذهبون إلى حجية ظواهر القرآن الكريم .

الأخباريون : لا يرون ذلك، إلاّ إذا أيّد ذلك رواية  عن المعصوم عليه السلام .

الأصوليون : يذهبون إلى البراءة  عند الشك في حرمة  شيء ، في الشبهات  الحكمية ،على سبيل المثال :

لو شككنا في جواز أكل لحم طير معين، ولم نرَ دليلاً على الحرمة ، فهنا نحكم بجواز أكله متمّسكين بقاعدة  البراءة في الشبهات  الحكمية .

بينما الإخباريون ،لا يتمسكون بالبراءة ، بل يذهبون إلى وجوب الاحتياط وهو  الترك لعدم وجود رواية تدّل على الحليّة .

من جملة الموارد :

الحجة العقلية ؛ لأنّ أحد مصادر التشريع هو العقل ، والأصوليون  يرجعون إليه عند فقدان الدليل من السنّة والإجماع والقرآن الكريم ، بينما  المدرسة الإخبارية  لا ترى  حجية للعقل هنا ، ويذهبون إلى وجوب  الاحتياط عند فقدان الدليل .

الإخباريون : يرون أنّ ما في الكتب الأربعة هي المصادر للأحاديث  المروية  عن الأئمة عليهم السلام ، وهي : الكافي للشيخ محمد بن يعقوب  الكليني ، ومن لا يحضره الفقيه لابن بابويه القمي ، وتهذيب الأحكام  والاستبصار  للشيخ أبي جعفر  الطوسي ، وأنّ ما ورد فيها  كلها صحيحة  وقطعيّة  الصدور الأئمة عليهم السلام  ، وهذا  يلزم  منه العمل طبقها لأنها قطعية  الصدور والدلالة ، كما يرفضون حجية  العقل والإجماع والاجتهاد .

بعد هذه المقدمة ، أراد السيد الأمين رحمه الله من ذكر هذا الموضوع ، من خلال  التعرّض  لبعض النماذج  الذين التقاهم  في النجف ، ليثبت سلوكهم الخاطئ، ومن دون  التعرّض التفصيلي لهذا  الخلاف بين الأصوليين والإخباريين  فقال :

" كُنا يوماً في مسجد السهلة ، وكان معنا بعض العامليين من طلاب العلم الذين  يدّعون (الفقاهة ) ، وبينما نحن في المسجد وإذ بصبي يبول على بساطٍ في المسجد، فتقدّم هذا الشيخ العاملي ، وأخذ إبريقاً من الماء  وصبّ على مكان (البول ) ظناً منه أنه قد طُهُر ، فقلت له : لقد زدتَ في نجاسة المسجد ، فرد علي ّ: أنّ هناك رواية عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم  بانه قد فعل ذلك ، فقلت له : هذه رواية شاذة ، ثم دعوت من أخذ الحصير أو البساط ، وطهره بالحوض ، وأعاده إلى المسجد.

ويضيف  السيد الأمين : إنّ هذا الرجل نفسه كان يزعم  أننا لسنا  بحاجة  إلى علم الأصول  ، ويكفي مراجعة الأخبار الشريفة ، وهي  عربية  ونحن عرب ، فقلت له : عندما تصل في خبر ما إلى صيغة افعل ، على ماذا تحمل الأمر ؟ وأنت لم تُحققه في الأصول ، فقال : عندما أصل إليه أرى ماذا أفعل " .

بطبيعة الحال، السيد الأمين كتب في الأصول كما سنبيّن في معرض حديثنا عن تراثه العلمي ، وأنه لم يقبل ما كتبه الآخرون على هذا الشكل ، بل ذهب إلى  ضرورة عدم الإفراط والتفريط.

نقلاً عن كتاب المنهجُ العلمي والإصلاحي في فكر العلّامةُ المُجتهد السيّد مُحسن الأمين (طاب ثراه)، الشيخ حسن البغدادي العاملي، الجُزء الأول، الصفحة 60 .

اخبار مرتبطة