العلامة السيد محسن الأمين العاملي (طاب ثراه) وعلاقته بجبل عامل . .

29/01/2021

العلامة السيد محسن الأمين العاملي (طاب ثراه) وعلاقته بجبل عامل . .

العلامة السيد محسن الأمين العاملي (طاب ثراه) وعلاقته بجبل عامل . .

 

العلامة الشيخ حسن البغدادي العاملي

 

صحيح أنّ السيد محسن سكن سوريا ، إلاّ أنّ هذا لم يٌصرفه عن علاقته بجبل عامل ، بل كان يتردّد باستمرار على بلدته ( شقراء )، وله فيها الكثير من الحكايات ، التي تناقلها كبار السن ، كما تصدى لبعض العناوين  الأساسية التي هي من صلب مهام عالم الدين .

 

- فصل  الخصومات

 

لم يكن التصدي لهذا العنوان مُتاحاً لأيّ عالم دين ، حتى ولو حاز الفضيلة  العلمية  التي تؤهّله للقضاء بين المتخاصمين ، فهذه المهمّة  تختلف  عن موضوع (إصلاح ذات البين )، الذي يحتاج إلى مُباشرة وأن يكون مسموعَ الكلمة ، وهذا  الإصلاح الاجتماعي يمكن أن يقوم به أيّ شخصٍ من خارجِ  السلك  الديني ، إذا كان له وجاهة اجتماعية ومسموعَ الكلمة ، وقد شاهدت هذه الحالة  في أواخر  سبعينات القرن الماضي في جبل عامل وكيف أنّ الوالد المقدّس الشيخ علي البغدادي  ومعه بعض الوجهاء كانوا يقومون بدورِ الإصلاح على أكمل وجه، ولم يتمكّن أحد من الوقوف في وجههم .

 

بينما فصلُ الخصومات يحتاج إلى شروطٍ أساسية ، منها الاجتهاد الواضح الذي ليس فيه نقاش ، وعلماء جبل عامل ، الذي يصبح منهم معروفاً  بهذه الملكة ، إمّا بالشهادة  المباشرة  الصادرة عن المرجع  الديني في الحوزة العلمية  في النجف الأشرف ، وإما كما كان قديماً بالإذن  بالرواية عنه ، وهي تتضمن الإشارة الواضحة ببلوغ مقام الاجتهاد ، وهذا ما شاهدناه من خلال التتبع للإجازات  الصادرة عن الأعلام بحق تلامذتهم ، أو في بعض الأحيان من طلب ذلك منهم ، حتى  ولو لم يقرأ عليهم ، كما فعل الشيخ علي الميسي ، المتوفى في (ميس الجبل ) من جبل عامل سنة 938هجري فقد طلبَ عبر رسالة ٍ أرسلها  إلى المحقق الكركي  الشيخ علي بن عبد العال  الكركي ، والمعروف  بالمحقق الثاني ، وتتضمّن تلك الرسالة ، الإذن بالرواية عنه له ولنجله  العلامة  الشيخ إبراهيم الميسي ، وهنا وافق المحقق الكركي على ذلك ، وتحفّظ في البداية عن إعطاء المحقق الميسي ، بسبب أنّ المحقق الميسي هو قرين له وليس في مقام تلامذته ، ومع ذلك بعد أن استخار الله تعالى ، وجاءت الخيرة  تطلب  منه ذلك ، وافق وأرسل له إذناً بالرواية عنه وامتدحه فيها كثيراً . ومن الشروط ، ان يكون له باعُ بتطبيق الأحكام الكليّة على الفروع ، كي لا يشتبه عليه الأمر ، وهذا يحتاج إلى تطبيق عملي ومنها :

 

أن يكون له وجاهة  تخوّله التصدي  للقضاء  وقبول  المتخاصمين بالحكم  الصادر عنه ، باعتبار أنّ المتخاصمين  لا شيء يلزمهما  بهذا  الحكم سوى الاحترام والتقدير والالتزام  الشرعي  بحكم الحاكم .

 

هذه الشروط كانت متوفرة  لدى السيد الأمين ، وكانت له مكانته العلمية  واحترامه الكبير لدى علماء  الدين وعند عموم أهالي جبل عامل ، لهذا  هناك الكثير من الحكايات  التي تُروى عنه .

 

ومن جملة  الذين يروون بعضَها هو السيد محمد علي الأمين – وقد تجاوز المائة سنة  من العمر ، أطال  الله في عمره – وعندما  كان  يعلم السيد الأمين أنّ المتخاصمين  قد قدموا  من قرية  فيها عالم  دين له مكانته  العلمية ، كان يردّهم إليه ، كما حدث مع بعض المتخاصمين عندما جاؤوا  إليه فسألهم من أين أتيتم ؟

 

فقالوا: من بلدة (مركبا )، فتعجّب من حضورهم  إلى  (شقراء )، وقال  لهم : يوجد عندكم ذلك العالم الجليل  الشيخ أمين شمس الدين ، وتأتون إليّ ؟! عليكم الرجوع إليه وهو يحل لكم مشاكلكم .

 

هذا التصرّف من السيد الأمين ،أراد أن يؤكّد من خلاله على احترام عالم  الدين ، الجامع للشرائط ، وعلى  الناس أن لا يتجاوزوا علماءهم ، حتى ولو كان هناك  بنظرهم من هو متقدمٌ عليه ، لكن هذا لا يجوز أن يُعمل به .

 

نقلاً عن كتاب المنهجُ العلمي والإصلاحي في فكر العلّامةُ المُجتهد السيّد مُحسن الأمين طاب ثراه، الشيخ حسن البغدادي العاملي، الجُزء الأول، الصفحة 113.

اخبار مرتبطة