ذكريات حي الأمين (السيد الرؤوف والعطوف مع الأطفال)

08/01/2021

ذكريات حي الأمين (السيد الرؤوف والعطوف مع الأطفال)

ذكريات حيّ الأمين (2)

 

العلامة الشيخ حسن البغدادي العاملي

 

للسيد محسن الأمين ذكرياتٌ كثيرة في مختلف مراحل حياته ، سواء في جبل عامل عندما كان طالباً في مدارسها الدينية ، أو في النجف الأشرف أو عندما عاد إلى سوريا وجبل عامل . .

 

ذكرياتٌ كثيرةٌ دوّنها في مذكراته ، وبعضُها سجّلها آخرون ، ونحن استعرضنا بعضاً منها في طيّات هذا الكتاب .

 

وقد أردت هنا أن أستعرض بعضاً من ذكرياته في ( حي الأمين ) للدلالة على القيمة الإضافية لهذه الشخصية الاستثنائية .

 

والجدير بالذكر، أنّه يُمكن للمتتبّع أن يُصنّف مجلداً كبيراً في ذكريات السيد الأمين ، وهذه الذكريات ليست حكايةً على سبيل الفكاهة أو التسلية ، إنما تدخل تحت عناوين متعددة من تأسيس منهجٍ تربوي أو فقهي أو اجتماعي ، إلى تطبيقٍ عمليّ لكل تلك المناهج .

 

من هذه الذكريات نذكر :

 

السيد الرؤوف والعطوف مع الأطفال

 

لقد تجاوز سيّدُنا الأمين قدس سره  ، في عطفه ورأفته العلاقة مع الكبار  ليتعدّاها  إلى العلاقة  مع الأطفال الصغار .

 

وقد حدثني مدير المدرسة (المحسنية) الحالي الدكتور أيمن الحكيم ،عندما  التقيته أواخر شباط هذا العام 2020م، حول أهمية مراعاة  موضوع ترسيخ الأخلاق عند الطلاب في المدرسة ، وأنّ هذا الموضوع هو نتيجة  ما ورثوه عن السيد الأمين  جيلاً بعد جيل، وهو يُمثّل الممارسة العمليّة لأخلاق السيد رحمه الله ، مع مختلف الفئات في حي الأمين، وبالأخصّ التفاته إلى  الأطفال ، ولهذا يجب العمل على المحافظة على هذا النهج والسلوك الذي زرعه السيد قدس سره .

 

يذكر الدكتور لبيب بيضون في كتابه (حياة وذكريات في حي الأمين) ، نموذجاً عن أخلاق السيد ومنهجه التربوي ، وهذه القصة  حدثت مع الشيخ محمد علي صندوق ، حيث أنّب يوماً ابنه حسن ؛  لأنه كان يلعب في نزهةٍ في الجبل . هذا الموقف من الشيخ صندوق لم يُعجب  السيد الأمين ، واعتبر هذا الكلام غيَر منسجمٍ مع الأساليب التربوية  للتعامل مع الأطفال ، فالأولاد بحاجة إلى اللعب  واللهو ، وهذا جزء ُ من سلامة أبدانهم ومزاجهم ، فالولد الذي لا يتحرّك ولا يلهو خصوصاً في الأماكن  التي يجب أن يرتع ويلعب فيها هو ولدٌ (مريض )، لذلك قال للشيخ صندوق : (اتركه يلعب ويقفز فما بيجي الولد إلا ليلعب )!

 

وأراد السيد الأمين أن يصنع ( شاياً ) فطلب من الشيخ محمد علي صندوق أن يأتي بالبابور ،  وطلب من ابنه حسن أن يجلب الأحجار ، وقام السيد بترتيبها على شكل موقدة ليضع في وسطها (البابور).

 

هذه الحادثة كان يُمكن أن تمرّ مرور الكرام ، ولكنّ صدورها من نفس السيد العالم  القدوة ، لا تدعها في ذاكرة النسيان ، بل تجعلها تؤسس لنهجٍ تربوي عند الأبناء ؛ ليتوارثونها  جيلاً بعد جيل ، وهذا ما حدث ، حيث انعكس هذا السلوك والتوجيه على عموم  المجتمع، وصار منهجاً يُقتدى  به ضمن البرامج التربوية  المتّبعة ، وهذا ما أشار إليه الأخوة الذين التقيتهم في إدارة المدارس المحسنية واليوسفية  والعلوية ، ولا زال هذا النهج باقياً رغم مرور حوالي السبعين سنة على رحيل السيد قدس سره .

 

نقلاً عن كتاب المنهجُ العلمي والإصلاحي في فكر العلّامةُ المُجتهد السيّد مُحسن الأمين (طاب ثراه)، الشيخ حسن البغدادي العاملي، الجُزء الأول، الصفحة 249.

 

اخبار مرتبطة