ندوة الوحدة والإصلاح في ثورة عاشوراء

18/12/2014

ندوة الوحدة والإصلاح في ثورة عاشوراء

صور ندوة الوحدة والإصلاح في ثورة عاشوراء

نظّمت جمعية الإمام الصادق (ع) لإحياء التراث العلمائي ندوة فكرية تحت عنوان

"الوحدة والإصلاح في ثورة عاشوراء من خلال فكر وفقه العالمين الكبيرين الإمام السيد موسى الصدر، والعلامة الشيخ عبد الله العلايلي"

وذلك في مقر المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في الغبيري في 18/1/2011م.

تحدّث فيها، عضو المجلس المركزي في حزب الله الشيخ حسن بغدادي، وإمام مسجد القدس في مدينة صيدا الشيخ ماهر حمود، والمفتي الجعفريّ الممتاز الشيخ أحمد قبلان، بحضور النائب السابق حسن يعقوب، المستشار الثقافيّ في سفارة الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة في لبنان محمد حسين ريس زادة ممثلاً السفير الإيراني غضنفر ركن آبادي، الشيخ عبد الناصر جبري، رئيس إتحاد بلديات الضاحيّة الجنوبيّة ورئيس بلديّة الغبيري الحاج محمد سعيد الخنساء، السيد صدر الدين موسى الصدر، بالإضافة إلى حشد من رجال الدين من السُنّة والشيعة والدروز، وفعاليات ثقافيّة وإجتماعيّة وتربويّة، ووفود شعبيّة وجمهور من المهتمين.
ندوة الوحدة والإصلاح في ثورة عاشوراءبداية آيات من القرآن الكريم تلاها الشيخ علي الفقيه، ثُمّ قدّم الخطباء الشيخ عارف التركي، ثم ثم تحدث عضو المجلس المركزي في حزب الله الشيخ حسن بغدادي مبيناً أن الإمام الحسين (ع) قال : "إني لم أخرج أشرا ً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي محمد (ص) لآمر بالمعروف وأنهى عن المنكر فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق ومن ردّعليّ أصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين".
وما حدث في يوم العاشر من محرم للحسين وأهل بيته وأصحابه هو نتاج مشروع التضليل والتزوير الذي حاكته الفئة الباغية.
إنطلاقا ً من هذا المعيار كان موقف سيد الشهداء (ع) في يوم العاشر من محرم 61 هـ، معلناً للأمة أن يزيد بن معاوية خيّره بين اثنتين بين السلة والذلة، وهيهات منا الذلة، فيزيد رجل فاسد فاسق معلن لفسقه شارب للخمر قاتل للنفس المحترمة ومثلي لايبايع مثله.
هذا الموقف الرافض للذل والهيمنة والخشوع وللفساد والجور والظلم لم يكن يومها موجها ضد مذهب أو دين، إنما الصراع كان بين الإسلام الذي جاء به نبينا محمد (ص) وبين مشروع النفاق الذي لا زال متغلغلاً في حنايا هذه الأمة، وهم بقية المشركين الذين قاتلهم رسول الله وعلي والصحابة النجباء في المدينة المنورة.
من هنا نجد كل الذين كتبوا وألفوا وخطبوا في موضوع عاشوراء لم ينطلقوا من كونها حادثة أليمة وقعت بين أفراد المسلمين، بل انطلقوا من موقع الخلافة التي جسدها الحسين بن علي كامتداد طبيعي وشرعي لخلافة رسول الله(ص) مقابل يزيد الذي مثل رأس النفاق في مواجهة الإسلام بشتى الأساليب. وعندما نعود إلى ما كتبه سماحة الإمام السيد موسى الصدر والعلامة اللغوي الشيخ عبد الله العلايلي في الحسين وعاشوراء، سنجد الموقف موحدا في فهم عاشوراء المدرسة والفكر والعطاء.
فالشيخ العلايلي : أخذ على الذين كتبوا التاريخ بطريقة نقل وسرد قصصي معتبراً ضرورة قراءة التاريخ بشكل معمق، بدرس الأبعاد والمداليل والحيثيات، من الوراثة إلى البيئة والتربية إلى الأطماع والأهداف، مستعرضا ً ثورة عاشوراء من موقع الخلافة التي جسّدها سيد الشهداء (ع)، كونه الإمام المفروض الطاعة، مقارنا بين شخصية الحسين بن علي وفاطمة شارحاً مفهوم الوراثة إيجاباً وسلباً. ومبينا الفرق الشاسع بينه وبين يزيد بن معاوية، فالحسين إبن فاطمة بضعة النبي (ص) المرأة النموذجية التي لا نظير لها، ويزيد أمه نصرانية من بني كلب. والحسين معلمه الإمام علي(ع) خليفة المسلمين تلك الشخصية الفذة في عالم المسؤولية، ويزيد معلمه نصراني. والحسين العابد الزاهد المستقيم، ويزيد المنحرف سلوكيا والبعيد كل البعد عن الإسلام وتعاليمه.
وتحدث العلايلي : عن ذهنية التوريث التي أرادت أن تكون الخلافة سلطة تنتقل من الأب إلى الإبن .
فالشيخ العلايلي في كتابه ( تاريخ الحسين )، لم يكن مجاملاً أو مرتزقا، بل كان مصداق العالم الذي يجب عليه إذا ظهرت البدع أن يظهر علمه ولهذا سمى كتابه (تاريخ الحسين نقد وتحليل ) فقدم دراسة دقيقة يقبلها أي منصف أو صاحب رأي وعقل ، فقراءة التاريخ بعمق وبخلفيات ومداليل هي أمانة ومسؤولية، لذلك لم يقدم العلايلي قضية عاشوراء مفصولة عما قبلها وعمّا أحيط بها، والقضايا التي أوصلت الأمور إلى ما وصلت إليه، مبتعد عن الجو العاطفي، تاركا ً للمسلمين التعبير عن حبهم وألمهم وحزنهم كل عن طريقته.
وأما إذا عدنا إلى ما قاله وخطبه الإمام الصدر في مناسبة عاشوراء نجد نفس الذهنية والعقلية التي انطلق منها الشيخ العلايلي في فهم عاشوراء ، مستفيداً من هذه الفاجعة الكبرى التي أبكت رسول الله والأئمة الأطهار وكل مسلم ومسلمة للتذكير بالمسؤولية الكبرى الملقاة على عاتق المسلمين، كون عاشوراء تجسّد المدرسة في مواجهة الظلم والظالمين، وتجسّد الإصلاح من إدارة الدولة والمؤسسات إلى رفع الحرمان ومواجهة الفساد ودعم خيار المقاومة إلى حماية المقدسات والدفاع عن الأوطان. فكلّ مواقف الإمام الصدر في المناسبات كانت تحفز الناس على الإستفادة من هذه المناسبة الجامعة. فلم يستعمل عاشوراء في الخطاب المذهبي والطائفي، ولطالما تحدث مع المرحوم المفتي الشيخ حسن خالد حول ضرورة تحمل المسؤولية لصيانة وحدة المسلمين من خلال قضاياهم المشتركة الدينية والدنيوية. حيث أرادها محطة للإستفادة القصوى من حرارتها المتوقدة في قلوب المؤمنين ليثوروا على الظلم والإضطهاد، وليواجهوا الحرمان والتخلف، وهي دعوة للناس جميعا دون تمييز بين شيعي وسني ودرزي ومسيحي لمواجهة الفساد الداخلي ومقاومة العدو الإسرائيلي، فالكل مسؤول في هذا الوطن.
وأضاف الشيخ بغدادي عن الوضع السياسي قائلاً: أننا عندما نصرّ في حزب الله والمعارضة على متابعة كشف ملف شهود الزور إنما لأجل كشف الحقيقة ومعاقبة مفبركيهم الذين ضللوا التحقيق وأساؤا إلى اللبنانيين فعطّلوا الدولة والمؤسسات العامة وأفسدوا العلاقة اللبنانية - السورية تلبية لرغبة الأمريكيين والإسرائليين. فالكشف عن قتلة الرئيس الحريري لا يكون بتقديم الخدمات المجانية لمن يريد النيل من لبنان والمنطقة خدمة للمشروع الصهيوني المتمثل بالوجود الإسرائيلي الطامع على أرض فلسطين.
ثُمَّ تكلَّم إمام مسجد القدس في مدينة (صيدا) فضيلة الشيخ ماهر حمود، ومما جاء في كلمته: أنَّ الإمام موسى الصدر، والعلاّمة الشيخ عبد الله العلايلي، يبقيان رمزين من رموز الإسلام، وأنّ ثورة عاشوراء ليست لفئة من المسلمين دون الآخرين، فالحقُّ يقال أنّ النَص الإسلاميّ الذي يصف ثورة الحسين وينقل كلماته الطاهرة والمضيئة، تعود مصادره التاريخيّة، إلى علماء من السُنّة كتبوا وسلطوا الضوء على تلك المرحلة.
وما كتبه العلاّمة العلايلي عن ثورة الإمام الحسين، كان مميزاً إلى أبعد حدود، من خلال كتابه: تاريخ الحسين، نقد وتحليل. والشيخ العلايلي بقي مرجعية علميّة ولغويّة.
أمّا الإمام موسى الصدر، فإنّه يتميّز بأنّه نفَّذ ما قاله وأطلقه بشكل عملي وتطبيقي، فانطلق في الستينيات من القرن الماضي من مدينة صور بعيد عودته من إيران طارحاً مفهوم الوحدة والتقارب بين المسلمين. وعليه نقول أنَّ أهل الإيمان، الّذين آمنوا بخطه ونهجه، يحملون السلاح في جنوب لبنان ويحررون ويحمون هذا الوطن ويغيرون وجه لبنان في العام 2000، والإنتصارات التي تحققت للمقاومة الإسلاميّة في لبنان، إنّما إنطلقت من فكر ونهج الإمام الصدر، ومن رحم حركة المحرومين أمل، ومن مدرسة المجلس الإسلاميّ الشيعي الأعلى، ومن خط نُصرة الجنوب الذي ضمّ رجالاً مسيحيين كباراً، أمثال البطريرك خريش، وغيرها من المؤسسات الكثيرة في لبنان وخارجه، التي شارك بها الإمام موسى الصدر بذرت جذور المقاومة في هذا الوطن، وأطلقت شعارات مشهورة ومنها: إسرائيل شر مطلق، التعامل مع إسرائيل حرام.. فيما تخلى عنها آخرون.
ندوة الوحدة والإصلاح في ثورة عاشوراءثُمّ تكلّم المفتي الجعفريّ الممتاز فضيلة الشيخ أحمد قبلان، ومما جاء في كلمته: في نظرة سريعة لواقعنا العربيّ والإسلاميّ ماذا نرى؟
نرى التخلف والجهل، نرى الفوضى والتفلت، نرى الجوع، والفقر، والتسلط، نرى الحكام يتقاتلون على الدُنيا، ويتهالكون على الخسائس، والعدو على أبوابهم، فهذه فلسطين، وهذه العراق، وهذه السودان، وهذه تونس، وهذه حتى يصل العدّ إلى كل دولة إسلاميّة عربيّة، ماذا نجد؟ الصورة قاتمة والمستقبل مجهول والرزايا قد حطَّت بكل أثقالها وأعبائها على كاهل الأُمّة.
وعن الوضع اللبنانيّ قال المفتي قبلان: لا يمكننا أن نتحدث عن الوحدة وعن الإصلاح ولا نتطرق إلى واقعنا اللبنانيّ ونأمل أن الفرج قريب إن شاء الله تعالى، ونعيد الأمل إلى اللبنانيين بإعادة بناء دولتهم القوية القادرة على حمايتهم وحفظ حقوقهم وصون سيادتهم والذود عن إستقلالهم، هذه الدولة لا تقوم، ولن تقوم إلا وفق معادلة واحدة ووحيدة الجيش والشعب والمقاومة.

اخبار مرتبطة