missing image file

مناسبات الشهر

1

- وفاة العلامة الفاضل السيد أبو الحسن موسى الحسيني العاملي من بلدة (شقراء) من جبل عامل، وهو من علماء القرن الثاني عشر هـ، فقد قدم جدّه السيد أحمد من مدينة الحلة بالعراق، حيث طلبه أهالي مجدل سلم ليكون إماماً لهم. وكان نجله - والد السيد أبو الحسن - السيد حيدر قد انتقل إلى قرية (شقراء) بطلب من أهلها ليكون إماماً لهم على طريقة علماء جبل عامل، من عدم التقيد بالسكن بمسقط رأسهم، إنما كانوا يسكنون طبق الحاجة والمصلحة العامة. وأنجب السيد حيدر عدة أولاد منهم السيد أبو الحسن موسى الحسيني الذي استطاع أن يؤسّس مدرسة علمية في (شقراء) ذاع صيتها في جبل عامل وبقية المناطق، وعلى رواية الشيخ علي السبيتي أنها كانت تضمّ أكثر من 300 طالب ومن جملتهم إبن أخيه السيد جواد صاحب كتاب (مفتاح الكرامة) في الفقه، والشيخ إبراهيم يحيى ذلك الشاعر المعروف، وكانت تربط علاقة حميمة ما بين السيد أبو الحسن وأمير أمراء جبل عامل الشيخ ناصيف النصار الذي قتل في معركة (يارون) مع السفّاح أحمد باشا الجزار 1195 هـ عندما هاجم الجزار جبل عامل بقصد الإحتلال والسيطرة عليه، فكان لابدّ للشيخ ناصيف أن يأخذ قرار المواجهة بمن حضر من عسكر، فالوقت لم يك يتسعّ لاستحضار واستنهاض بقية المناطق. وبعد وفاة السيد أبو الحسن الحسيني قرّر الشيخ ناصيف أن يبني قبّة فوق مقام السيد أبو الحسن موسى تليق بمقامه الشريف والذي توفي ليلة الأحد من محرم 1194 هـ قبله بسنة، وبعد موت الشيخ ناصيف وقيام حكم الجزار لم تكن القبة قد اكتملت بعد، فأمر السفاح الجزار بنقل تلك الأحجار الثمينة إلى مدينة (عكّا)، وانتهت المدرسة الدينية وحلّت النكبة الكاملة في جبل عامل حتى أهلك الله الجزار في سنة 1219هـ وعادت النهضة العلمية مجدداً من بوابة (كوثرية السياد) على يد المقدّس الشيخ حسن القبيسي.

السنة الثانية- العدد الثالث والعشرون - محرم 1435 هـ - تشرين الثاني 2013م

لاستفساراتكم واقتراحاتكم يرجى التواصل على العنوان التالي:

Toorath@ live.com

70 - 61 68 08

شخصية العدد

العلامة السيد محي الدين فضل الله

ولد العلامة السيد محي الدين فضل الله الحسني في قرية (عيناثا) من جبل عامل، وهو من علماء القرن الثالث عشر هـ، وكان عالما فاضلاً عابداً زاهداً ومن كبار علماء جبل عامل.

السيد محي الدين من السادة الحسنيين الذين سكنوا في بلدة (عيناثا) وكان لهم فضل كبير على جبل عامل في نهضته العلمية والفكرية والأدبية، فلم يكونوا مجرّد علماء سكنوا في قريتهم وقاموا بدورهم الديني ثم انتهى الأمر، وهذه لم تكن طريقة متّبعة عند علماء جبل عامل بل كانوا بذهبون إلى القرى والمدن حسبما تقتضي المصلحة، وكانت مراعاة تقديم المصلحة العامة هي الحاكمة على سلوكهم، فآل الحسني ترى لهم انتشاراً خارج دائرة قريتهم في مختلف مناطق جبل عامل وصولاً إلى بيروت والضاحية، هذا من حيث السكن، أمّا الحقيقة كانت أدوارهم أكبر من هذا بكثير وكانت تتجاوز لبنان بالمعنى الجغرافي حيث استطاعوا مع بقية علماء جبل عامل من جعل هذا الجبل حاضرة علمية تناطح بحضورها بقية الحواضر العلمية في النجف وكربلاء وسامراء وقم وأصفهان وغيرها.

أمّا (عيناثا)، صحيح هي إحدى قرى جبل عامل إلا أنّها امتازت عن كثير من هذه القرى والمدن فهي كانت حاضرة علمية بحدّ ذاتها وتجاوزت بحضورها العلمي والأدبي عن تعريفها بصاحبة المدرسة العلمية، فهناك الكثير من المدارس التي انتشرت في جبل عامل لم تتجاوز حدود مدرسةٍ ضمّت العديد من الطلاب ثم غادروها إلى مدرسة أخرى أو إلى النجف الأشرف ليكملوا هناك تحصيلهم العلمي، بينما (عيناثا) الموضوع مختلف، فكانت تضمّ علماء وأدباء ومدارس في مختلف الأزمنة، فعلماء آل خاتون سكنوها قديماً، ومنهم الشيخ أحمد إبن خاتون المعاصر للمحقق الكركي في القرن العاشرهـ، والشيخ أحمد إبن محمد خاتون العيناثي المعاصر للشهيد الثاني، وكذلك السادة آل فضل الله الحسني الذين انتقلوا من مكة المكرمة إلى بلدة (عيناثا) في جبل عامل، والشيخ ناصر إبراهيم البويهي الإحسائي المنشأ، أيضاً هاجر إلى (عيناثا) وأصبح من كبار العلماء الذين وصفه الشهيد الثاني (بالإمام المحقّق) وقد درس في (عيناثا) وصنّف حتى مات بالطاعون سنة 853 هـ، وقال الحر العاملي في أمل الآمل: «كان فاضلاً محققاً مدققاً أديباً شاعراً فقيهاً، له رسالةٌ في الحساب وحاشيةٌ على قواعد العلاّمة، وحواشي على كثيرٍ من كتب الفقه والأصول وغيرها»، ومن شعره:

إذا وقعت عيناك ما قد كتبته

وقد غيّبتني عن ذلك المقابر

فخذ عظةً ممّا قد رأيت فإنه

إلى منزلٍ صرنا به أنت صائرُ

درس السيد محي الدين فضل الله في البداية في جبل عامل وبالتحديد على العلامة الشيخ مهدي مغنية في قرية (طير دبا)، وينقل الشيخ محمد مغنية نجل الشيخ مهدي أنّ السيد محي الدين درس على والده مدّة خمس وعشرون سنة ثم صار صهره على كريمته.

لكن بتقديري هذه المدة طويلة جداً إذا ما قسناها على طبيعة حضور الطلاب على أساتذتهم في جبل عامل أو حتى في النجف الأشرف، إلاّ اللهم أن يكون للسيد محي الدين أدوار مختلفة في قرية (طير دبّا) من كونه أستاذاً في تلك المدرسة ومساعداً أساسياً للشيخ مهدي مغنية في مدرسته العلميّة التي أسّسها بعد عودته من النجف الأشرف، فالشيخ مهدي مغنية كان عالماً فاضلاً ورعاً تقياً هاجر إلى النجف الأشرف ودرس على أساطينها وعاد إلى بلدته (طير دبا)، وافتتح مدرسة علمية ساهمت في إعادة الحضور العلمي إلى جبل عامل بعد النكبة التي أصابته جراء حكم السفاح أحمد باشا الجزار الذي انتهت سلطته عن جبل عامل سنة 1219هـ، وانتسب إليها العديد من الطلاب الذين أصبح البعض منهم من المجتهدين المرموقين كالسيد محي الدين فضل الله والشيخ محمد العسيلي إضافة إلى العديد من الطلاب كأولاد الشيخ أحمد شومان وابن عمّهما الشيخ محمد علي شومان والشيخ سلمان ابن علي قعيق والشيخ إبراهيم البلاغي والشيخ جواد والشيخ خليل آل شكر من بلدة (تمنين التحتا)، وعليه تكون مدرسة الشيخ مهدي مغنية قبل مدرسة (حناويه) التي أسّسها العلامة الشيخ محمد علي عز الدين والذي توفي في (حناويه) سنة 1301 هـ، وبناءً عليه تكون من أوائل المدارس التي أعادت النهضة العلمية الثانية إلى جبل عامل كمدرسة النميرية التي أسّسها العلامة السيد علي إبراهيم والذي توفي سنة 1260 هـ ومدرسة جباع التي أسّسها العلامة الشيخ عبد الله نعمة والذي توفي سنة 1303 هـ.

قرّر الشيخ مهدي - وجرياً على العادة - أن يرسل تلميذه المجدّ السيد محي الدين فضل الله إلى النجف الأشرف لاستكمال تحصيله العلمي، وهذه الطريقة كانت مُتّبعة في جبل عامل لأنّ جبل عامل لم يجتمع في مكان واحد منه أساطين من أهل العلم كي يتمكّن الطالب من التزود من نمير علمهم، لهذا كانت النجف الأشرف محطة علمية للتفرّغ للدرس والتدريس، مضافاً لضرورة البعد عن الأوطان والتفرغ الكامل لطلب العلم، هذا ناهيك عن مجاورة الإمام أمير المؤمنين Q والإستفادة الروحية من هذه المجاورة. وصل السيد محي الدين إلى النجف الأشرف في عهد الفقيه الكبير الشيخ مرتضى الأنصاري الذي كان قد وصلها في سنة 1249 هـ بعدما حضر على العديد من فقهائها منهم العلامة الشيخ علي بن شيخ الطائفة الشيخ جعفر آل كاشف الغطاء والشيخ محمد حسن صاحب الجواهر، وبعد فترة قليلة إنفرد الشيخ الأنصاري في بحث الخارج في (المسجد الهندي) وأصبح الأستاذ الأول في حوزة النجف، في تلك الفترة وصل السيد محي الدين إلى النجف ونشأت علاقة مميزة بينه وبين المرجع الشيخ الأنصاري، وهذا ما ظهر من الرسالة التي وجّهها الشيخ الأنصاري إلى السيد محي الدين فضل الله بعد عودته إلى جبل عامل، حيث كان يرجع الناس إليه في جبل عامل وهذا يُدلّل على المكانة العلمية التي وصل إليها السيد محي الدين والثقة المطلقة التي حاز عليها من الشيخ الأنصاري، فالإجازات والرسائل كانت تعبّر عن المكانة العلمية وفي نفس الوقت تعبّر عن الثقة المطلقة التي كان يراها فقهاء النجف الأشرف بعلماء جبل عامل، وكانوا يعتقدون بقدراتهم العلمية والفكرية والإجتماعية، كما كانوا يتطلعون إلى جبل عامل كحاضرة علمية يشعُّ نوره في سماء العالم الإسلامي. وهنا ننقل بعضاً من هذه الرسالة كشاهد على مكانة السيد محي الدين العلمية والإجتماعية، وممّا جاء فيها: «سلام كأنفاس الخزامى إذا جاءها الغيث تحدوه النعامى، وثناء أوسع الدهر العبوس إبتساما إلى من بنى ذروة الفضائل مقاما وأصبح لجميع الأفاضل مرجعاً وإماماً، كيف لا وهو علّامة الأمة وعلم الأعلام الأئمة وبدر العلوم المجلي بنور علومه ظلم الجهالة المدلهمّة جامع المعقول والمنقول وخاتمة أكابر الفقهاء الفحول السيد محيي الدين فضل الله أدام الله تعالى علاه وأولاه مزيد اللطف في أخراه وأولاه ونفع بعلومه كافة المؤمنين ورفع به راية الدين في العالمين،

حامل الفقرات ولدُنا الورع التقي النقي كاظم نجل سلمان زمانه وأبي ذر أوانه المرحوم المبرور الشيخ حسين محفوظ العاملي توجه إلى جهتكم وفسيح ساحتكم لينال الحظ الأوفى من سماح راحتكم إلخ».

التوقيع: الراجي لطف ربه خادم الشريعة الغرّاء مرتضى الأنصاري.

وكان منقوشٌ على الخاتم: «لا إله إلا الله الملك الحقّ المبين، عبده مرتضى الأنصاري.

وهنا ملاحظ في الأعيان أنّ السيد الأمين ينقل تاريخ هذه الرسالة في 6 شوال 1234هـ مع العلم أنّ الشيخ الأنصاري وصل إلى النجف الأشرف سنة 1249هـ وعليه يكون تاريخ الرسالة بعد 1255هـ كحد أدنى.

السيد محي الدين في جبل عامل بعد عودته من النجف الأشرف أصبح أحد الأوتاد والركائز الأساسية في استمرار النهضة العلمية والمعنوية لجبل عامل، وكان نموذجاً منفرداً في الزهد والعبادة والإبتعاد عن زخارف الدنيا والظهور، وهناك نص للعلامة السيد محسن الأمين في حقه، يقول عنه: «أنّ الشيخ مرتضى الأنصاري أرجع الناس إليه، وما عُثر له على زلّة ولا نقم أحدٌ عليه في كُلية أو جزئية، وكان شيخاً حفاظاً فاضلاً عفيفاً متواضعاً، ما خرج من بيته بعد أن عاد من النجف الأشرف إلاً قليلاً». وبتقديري ربما يُساء فهم كلام السيد الأمين إذا كان المخاطب عموم القرّاء من الناس، إذ ربّما يعتقدون أنّ السيد محي الدين قد تسامح في القيام بواجبه الديني والإجتماعي الذي سار عليه السلف الصالح، مع العلم أنّ كلام السيد الأمين الموجّه إلى العلماء والعارفين بالأحكام هو لا يُخرج السيد محي الدين عن هذا النسيج، وكلام السيد الأمين يكشف عن زهده وعدم مبالاته بزخارف الدنيا أو الوجاهة وحبّ الظهور، وهذا لا يعني أنه لم يكن متحمّلاً لمسؤولياته، فالتصدي لا يعني تضييع الوقت والإختلاط الزائد بمجالس أهل الجهل والقيل والقال واللغو، بل كان { حريصاً على صرف أوقاته بما يعود نفعه على آخرته، من القيام بالواجب المطلوب منه، وهذا السلوك منسجم مع الروايات الواردة عن الأئمة المعصومين R التي تدعوا إلى قلّة الإختلاط إلا للحالات الضرورية التي تنسجم مع مسؤولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإستمرار بالتصنيف والتدريس، وهذه طريقة كانت مُتبعة عند كثير من علمائنا، فالشيخ محمد علي عز الدين - على سبيل المثال - كان إذا ذهب إلى قرية للتبليغ الديني أوجلس في مجلسه العام يصطحب معه دفاتره ثُم ينشغل بالكتابة، وإذا ما سأله أحد مسألة يتوقف عن الكتابة ويجيبه بمقدار السؤال ثم يعود إلى عمله والناس مُحلقين من حوله، وهنا نعرف أنّ السيد محي الدين فضل الله كان يُدرّس الطلاب في (عيناثا) بعد عودته من النجف الأشرف وقائماً بالوظيفة الشرعية من تعليم الناس أحكام دينهم إصلاح ذات البين، من دون الإنغماس الزائد في العلاقات الإجتماعية وصرف الوقت بما لا فائدة منه، وهذه أيضاً كانت طريقة المقدّس السيد حسن إبراهيم في بلدة أنصار، وقد قال عنه السيد الأمين أنه كان يميل للعزلة، وفي نفس الوقت ينقل قصّة أنه زاره أحد أبناء البلدة أثناء وجود السيد الأمين عنده وقد بالغ السيد إبراهيم في تكريمه.

وحتى نتعرّف أكثر على المكانة العلمية والمقام السامي الذي وصل إليه السيد محي الدين، ننقل إجازةً علمية له صادرة عن العلامة الشيخ رضا بن الشيخ زين العابدين العاملي الذي كان أحد الفقهاء والأساتذة في حوزة النجف الأشرف، نكشف من خلالها مكانة السيد محي الدين العلمية والعبادية، وقلنا سابقاً أنّ الإجازات الصادرة هي شهادة علمية وإجازة بالرواية، وممّا جاء فيها: «الحمد لله الذي هدانا لدين الإسلام وسنّ لنا شرائع الأحكام على لسان نبيه محمد Pخاتم الرسل وسيد الأنام ثم استودعها من بعده أمناءه في أرضه وحجته على بريته وخلفاءه في أمته عليا والغرّ الميامين من أبنائه وذريته الأئمة الأمناء الأعلام والهداة المهديين الكرام وسادات الناس من بني حام وسام، ولمّا أن جرت حكمته في غيبة إمام العصر عن عباده مع افتقارهم في جميع أمورهم إلى هدايته وإرشاده، جعل من بعده نواباً عنه حافظين لشريعته علماء الفرقة المحقة المجاهدين في حفظ الشريعة حق الجهاد المتوّجين بتاج الرياسة والنيابة عن خليفة رب العالمين والمتحلين بحلية وجوب الطاعة على الخلق أجمعين، وقد ظهر والحمد لله في زماننا الصادق الأفكار والصائب الأنظار والغواص في بحار محكمات الآيات والأخبار المستخرج من دقائق أحكامها ومشكلاتها الفرائد الأبكار العالم العلامة والفاضل الفهّامة المرجع فيما يجهل من أحكام الشرع المبين السيد النبيل السيد محي الدين فضل الله، فلعمري قد اختبرته مراراً في حال التدريس والبحث بما يشكل حلّه على العلماء، فوجدته ذا ملكة قدسية وقوة يقتدر بها على ردّ الفروع إلى الأصول، فلقد ارتقى من مراتب الفضل والإجتهاد أقصاها وقد استجازني فأجزت له أن يروي عني ما أجازني مشائخي عن مشائخهم إلى أن يتصل ذلك بالرواة عن الائمة الهداة صلوات الله عليهم من مقروءاتي عليهم ومسموعاتي منهم من كتب الحديث الأربعة وغيرها من كتب الأخبار كغوالي اللآلي وما يرويه من غيرها في الوسائل ومستطرفات السرائر والبحار وكتب الفقه لأصحابنا وفقهائنا رضوان الله عليهم أجمعين، والصحيفة السجادية على صاحبها ألف صلاة وتحية لأجل اليمن والتبرك والدخول في هذه السلسلة الشريفة، وأوصيه بالجد والسهر وإتعاب الفكر والنظر في آثار سادات البشر والتروّي في الفتوى والتأمل والتدبر في كلمات الفقهاء والفحص عن إجماعاتهم كي لا يقع في مخالفتها وأن يقف عن شهرتهم ويتحرز عن مخالفتها مهما أمكن بتكرير النظر بتقوى الله ومراقبته في السر والعلن والإهتمام في أمور الآخرة والإعراض عن الدنيا، وأرجو منه الدعاء لي بالعفو والمغفرة في إدبار صلواته وأوقات تهجداته سيما بعد صلاة الليل، فإنّ الدعاء لا يرد فيها والحمد لله وصلى الله على محمد وآله الطاهرين ورضي الله عن علمائنا ومشائخنا أجمعين وعن رواتنا المحسنين وسلك بنا سبيلهم. كتبه بيده الفانية الأقل خادم الشريعة محمد رضا زين العابدين العاملي».

وعندما نقف على هذه الإجازة، نفهم من هو السيد محي الدين وما هي مكانته العلمية، وخصوصاً عندما يقول عنه أستاذه الشيخ رضا زين العابدين (فلعمري قد اختبرته مراراً في حال التدريس والبحث بما يشكل حله على العلماء)، وهذا يعني أنّ السيد كان يمتلك ذهنيّة وقادة وحضورا ذهنيا في تفاصيل المسائل العلمية من الفقه وغيره، وهذه شهادةٌ لا يمكننا إلاّ الوقوف عندها ملياً خصوصاً إذا ما أضفناها إلى الرسالة التي وجّهها إليه الشيخ الأنصاري، ومنهما نعرف معنى كلام السيد الأمين حول هذه الشخصية وماذا يقصد.

ذريّة السيد محي الدين فضل الله، الذي كانت ذريته من العلماء العاملين ومن أهل الكرامات والمناقب، وأنا ذكرت في إحدى النشرات كرامة عن السيد صدر الدين حفيده أثناء احتضاره، وهناك كرامات للسيد محمد سعيد والسيد عبد الرؤوف أبناء السيد نجيب الدين والذي كان مفخرة علماء جبل عامل، فكان الأستاذ والمربي والعالم العامل، وإنشاء الله سوف نستعرض بالتفصيل أحوال هؤلاء الأجلاء في معرض الحديث عنهم.

1 – شارك مسؤول ملف إحياء تراث علماء الشيعة في حزب الله سماحة الشيخ حسن بغدادي في مهرجان الغدير الثاني الذي دعت إليه العتبة العلوية في النجف الأشرف، والذي شارك فيه العديد من الشخصيات العلمية والفكرية من مختلف البلدان في العالم. وترأس مسؤول الملف إحدى الجلسات، مضافاً لتقديمه بحثاً تحت عنوان: «علي Q الموروث الإنساني»، وكانت مناسبة للقاء العديد من الشخصيات العلمية والفكرية، وفي مقدمتهم المرجع الديني سماحة أية الله العظمى الشيخ بشير النجفي حيث ناقش مع سماحته الأوضاع التي تمر بها المنطقة، وخصوصاً انعكاس ما يجري في سوريا على لبنان والمنطقة وبالأخص العراق. كما التقى مسؤول الملف سماحة العلامة السيد مهدي الخراسان، أحد المنظرين الكبار في علم الحديث، حيث دار نقاش عن سبب مقتل الشهيد الأول الشيخ محمد مكي الجزيني 786 هـ، إذ كان يعتقد أنّ الشيعة قتلوا الشهيد الأول، ولكن الشيخ حسن البغدادي رفض هذه المقولة ودار نقاش أدى بالحد الأدنى إلى تشكيك سماحة السيد بما يعتقد على أمل أن ترسل له رسالة مفصّلة وموثقة حول استشهاد الشهيد الأول.

Ball.psd
Ball.psd
Ball.psd

2 – نظمّ ملف إحياء تراث علماء الشيعة ندوة فكرية في مقره الواقع في بلدة أنصار تحت عنوان: «المدرسة الدينية وأثرها في النهضة العلمية الثانية لجبل عامل».

تحدث فيها عضو المجلس المركزي في حزب الله سماحة الشيخ حسن بغدادي وإمام بلدة الدوير سماحة السيد كاظم إبراهيم، وحضرها المستشار الثقافي للجمهورية الإسلامية في لبنان سماحة الشيخ إبراهيم الأنصاري، وممثل المجمع العالمي لأهل البيت Q سماحة السيد حسن التبريزي ورئيس اللقاء العلمائي في صور سماحة الشيخ علي ياسين وعلماء دين وفعاليات إجتماعية وثقافية ومجالس بلدية واختيارية يتقدمهم رئيس بلدية أنصار.

وممّا جاء في كلمة الشيخ حسن بغدادي:

أردنا في هذا اللقاء أن نسلط الضوء على محطة مضيئة في سماء جبل عامل، محطة ساهمت برفع الجهل والظلم وإعادة الحياة العلمية والأدبية إلى هذه المنطقة، بعدما تعرّضت إلى نكبة حقيقية لم تُبقِ على شيء كما يقولون (حجراً على حجر).

في البداية: جبل عامل قبل عهد الشهيد الأول الشيخ محمد بن مكي الجزيني - والذي استشهد في دمشق على أيدي المماليك 786هـ، أي قبل 648 سنة - كان يتواجد فيه علماء في مختلف القرى من دون أن يرتقوا إلى جعله حاضرة علمية مستقلة لا يحتاج معها طُلابُها للمغادرة إلى الحوزات العلمية خارج جبل عامل، فكان الشيخ ابن طومان ووالد الشيخ الشهيد الشيخ مكي وجدّه الشيخ جمال، وقد امتدحهما الحر العاملي في أمل الآمل، فعبّر عنهما بالثقات والأفاضل.

نعم، بحمد الله تحوّل هذا الجبل إلى مركز علمي كبير على يد الشهيد الأول أواسط القرن الثامن هـ أي قبل 650 سنة، إستمّر هذا الحضور العلمي في جبل عامل من أواسط القرن الثامن هـ إلى أواخر القرن الثاني عشر هـ أي لأكثر من أربعمائة سنة، حيث استمرّ هذا الحضور العلمي ببركة مدرسة الشهيد الاول وتلاميذه، وصولاً إلى مدرسة المحقق الميسي الذي توفي سنة 938 هـ والتي خرّجت العديد من العلماء في مقدمتهم الشهيد الثاني، ومن ثمّ مدرسة (كرك نوح) التي استمرت زهاء قرنين التاسع والعاشر هـ، إلى مدرسة الشهيد الثاني الشيخ زين الدين الجبعي وتلاميذه التي استطاعت أن تُثبت النهضة العلمية لجبل عامل، ولولاها لما عادت النهضة العلمية الثانية إلى جبل عامل مجدداً بعد عهد الجزار.

واستمرت النهضة العلمية إلى أواخر القرن الثاني عشر هـ، حيث المدرسة الدينية الكبرى في قرية (شقراء) من جبل عامل لمؤسّسها العلامة السيد أبو الحسن موسى الحسيني جدّ السادة آل الأمين، هذه المدرسة على رواية المؤرّخ الشيخ علي السبيتي كانت تضم أكثر من 300 طالب و40 غرفة، وقد انتهت لسببين:

الأول: موت رئيسها السيد أبو الحسن موسى الحسيني سنة 1194هـ.

الثاني: مقتل أمير جبل عامل الشيخ ناصيف النصار في معركة يارون مع السفاح أحمد باشا الجزار 1195هـ، وبعدها نكبة شحور 1198هـ، بعد ذلك انتهى جبل عامل وحلّت به النكبة الكاملة التي استمرّت إلى سنة 1219هـ عندما هلك هذا الطاغية وقام مقامه الوالي (سليمان باشا).

أيّها السادة:

لقد نهض جبل عامل مجدداً بعدما وصل إلى نقطة الصفر، حيث لم يبقِ الجزار كتاباً ولا مكتبةً إلا وأحرقها في أفران (عكا)، ولم يبقِ عالماً إلا وسجنه، حيث مات الكثير منهم تحت التعذيب، ناهيك عن الذين تركوا جبل عامل ولم يعودوا إلا بعد نهاية النكبة.

بعدما هلك السفاح أحمد باشا الجزّار سنة 1219هـ، قام مقامه الوالي سليمان باشا وقرّر الإنفتاح على جبل عامل بكلّ مكوّناته العلمية والسياسيّة والإجتماعية، وكان له مساهمات في تشييد أول حوزة علمية في جبل عامل بعد النكبة في (كوثرية السياد) والتي أسّسها العلامة المقدّس الشيخ حسن القبيسي الذي توفّي سنة 1258هـ، وكان من أبرز تلاميذها العلامة السيد علي ابراهيم جد العائلة الكريمة والذي توفي مسموماً 1260هـ والعلامة الشيخ عبد الله نعمة الذي توفي سنة 1303هـ في جباع، ثم توال تشييد المدارس في جبل عامل: في النميرية - السيد علي ابراهيم، وجباع - الشيخ عبدالله نعمة، وحناويه - الشيخ محمد علي عز الدين، وبنت جبيل - الشيخ موسى أمين شرارة، وطير دبا - الشيخ مهدي مغنية وتلميذه وصهره السيد محي الدين فضل الله جدّ عائلة آل فضل الله، وأنصار – الشيخ سلمان العسيلي، وشحور وطورا – السيد يوسف شرف الدين، والنبطية – السيد حسن يوسف مكي وبقية المدارس.

بالعودة إلى مدرسة أنصار، فقد تأسّست على يد العلامة المقدّس الشيخ سلمان العسيلي الذي عاد من النجف الأشرف إلى قريته (رشاف) في جبل عامل. في ذلك الوقت كانت المدرسة الدينية في طيردبا قد توقّفت بسبب موت مؤسّسها الشيخ مهدي مغنية سنة 1265هـ، حيث قرّر ولداه الشيخ محمد صاحب كتاب (جواهر الحكم) والشيخ حسن أن يعيدا المجد العلمي إلى تلك البلدة من خلال إحياء هذه المدرسة مجدّداً، وحيث أنّهما لم يكونا مؤهّلين للإستقلال بإدارة هذه المدرسة من الناحية العلمية، كان لابدّ من الإستعانة بأحد الفضلاء المعروفين، فوقع الإختيار على الشيخ سلمان العسيلي الذي كان يسكن في (رشاف)، وعلى ما يظهر لم يكن مرتاحاً في القرية، ولهذا لمجرد أن طلبا منه الشيخ محمد والشيخ حسن مغنية الحضور إلى طير دبا والقيام بمهام المدرسة الدينية - من تدريس الطلاب ورعاية شؤونهم - وافق على ذلك، و بالفعل استطاع أن يُعيد مجد هذه المدرسة واجتمع عليه الطلاب من سنة 1270 إلى سنة 1277هـ، وبينما هو مشغول في المدرسة الدينية في طيردبا وبالتبليغ الديني في (رشاف)، دعاه أهالي أنصار ليكون إماماً لهم، وكان من الطبيعي أن يجمع إلى التبليغ تشييد مدرسة دينيّة في البلدة، وبالفعل إجتمع عليه الطلاب، وإن كان بتقديري أهمية هذه المدرسة من حيث الإنتاج العلمي كانت في عهد صهره العلامة المقدّس السيد حسن ابراهيم التي درس عليه فيها العديد من الطلاب الذين أصبح لهم دور علمي وأدبي ولغوي وسياسي في جبل عامل في نهايات الحكم العثماني وقيام الإحتلال الفرنسي.

كان جبل عامل في تلك المرحلة يتعرض لخطر وجودي، خطر على الهوية وعلى اللغة والادب والشعر، لهذا كان لا بدّ لهؤلاء العلماء أن يهبّوا لمواجهة هذه المخاطر، فكان علماء تلك المرحلة من الطبقة المتأخرة عن السيد حسن ابراهيم كالسيد محسن الأمين والسيد عبد الحسين شرف الدين، و الشيخ أحمد رضا والشيخ سليمان ظاهر والشيخ أسد الله صفا والشيخ عبد الحسين صادق والسيد محمد ابراهيم نجل السيد حسن وغيرهم من العلماء على اختلاف طبقاتهم العلمية، فقد عملوا على جبهات متعدّدة من بناء المدارس العلمية، إلى مشروع الوحدة الإسلامية والتقريب بين المذاهب، إلى الوحدة الوطنية الإسلامية المسيحية، إلى حفظ اللغة ونشر الأدب والشعر، إلى مواجهة تداعيات نهاية الحكم العثماني بعد الحرب العالمية الأولى سنة 1914م، إلى مواجهة الإحتلال الفرنسي والإرساليات التبشيرية. ولا أريد هنا أن أغوص في تفاصيل هذه الحيثيات، فلكل حيثيةٍ وقتُها، وإنّما أردت فقط أن أستعرض أهمية مدرسة أنصار في إعادة الحياة العلمية والادبية واللغوية إلى جبل عامل، وأنها بتلاميذها أمثال الشيخ سليمان ظاهروالشيخ أحمد رضا والشيخ أسد الله صفا وغيرهم من الذين أكملوا مسيرتهم العلمية واللغوية والأدبية في مدرسة العلامة السيد حسن يوسف مكي في (النبطية)، فكان لهم الدور الفاعل في هذه المحطات الإستثنائية التي مرّت على جبل عامل، وبالأخص تداعيات نهاية الحكم العثماني، وما نتج عنها من قيام الإحتلال الفرنسي في سوريا ولبنان.

وممّا جاء في كلمة السيد كاظم إبراهيم :

لا نكاد نعرف شيئاً تفصيلياً وموثقاً عن العالم الفقيه المؤسس لمدرسة أنصار الدينية الشيخ سلمان العسيلي سوى ما كتبه عنi السيد محسن الأمين في أعيان الشيعة بأنه كان عالماً ورعاً تقياً عابداً قرأ في جبل عاملة ثم سافر إلى العراق وعاد منها إلى جبل عامل سنة 1270 هـ، ولم يخلّف إلاّ بنتاً واحدة تزوجها السيد حسن إبن السيد علي إبراهيم الحسيني العاملي فولدت له السيد محمد والسيد جواد والسيد الرضي.

وينقل الشيخ محمد علي عز الدين العاملي في كتابه (سوق المعادن) أنه في سنة 1270 هـ ورد رفيقنا في التدريس العالم العابد الشيخ سلمان العسيلي من العراق إلى جبل عامل.

ونحن من خلال ترجمة صهره السيد حسن إبراهيم نستنتج أن الشيخ سلمان قد أسّس في بلدة أنصار حوزة علمية دينية لأنه بعد وفاة الشيخ سلمان العسيلي إجتمع أهل أنصار وطلبوا السيد ليقيم عندهم فأقام مدة أحيا بها المدرسة التي كان أنشأها العسيلي وكانت مبرات أهل الشقيف تتوارد على طلاب تلك المدرسة ثم أفل نجمها .. كما ينقل السيد محسن الأمين في أعيان الشيعة.

المعروف أن الشيخ سلمان العسيلي هو في الأصل من بلدة رشاف، وعندما ما قدم عالماً من النجف طلبه أهل أنصار ليقيم عندهم حيث كانت بلدة أنصار حاضرة من كبريات بلاد جبل عامل في تلك الفترة.

وأمّا صهره جدنا المقدس السيد حسن إبراهيم الذي ما زال يذكر بالقداسة والزهد وطهارة القلب، إضافة إلى علمه وفقاهته.

فالسيد حسن إبراهيم هو إبن السيد علي إبراهيم الكوثراني العاملي الذي كان من أعاظم العلماء في جبل عامل كما يصفه السيد الأمين في أعيان الشيعة.

لا نعرف تاريخ ولادة السيد حسن إبراهيم ولكنه على وجه التقريب ولد سنة 1247 هـ لأنه توفي سنة 1329 هـ وقد زاد عمره عن الثمانين عاماً كما يقول السيد الأمين الذي حضر جنازته. وكان عمره لما توفي أبوه 14 سنة (سنة 1261 هـ) كان المقدّس السيد حسن إبراهيم عالماً فاضلاً صالحاً مؤثراً للعزلة قليل الخلطة بالناس لا يزور أحداً من العلماء القادمين نادراً على خلاف المعتاد في جبل عامل. قرأ في صغره في قرية (طير دبا) ثم توجه إلى العراق فقرأ على الشيخ الفقيه الشيخ محمد حسين الكاظمي وغيره، وأقام في النجف مدة طويلة وتزوج بإبنة الشيخ الكاظمي فأنجبت له السيد علي والسيد مهدي.

ونحن بالنسبة لجدنا السيد حسن نملك بعض الوثائق التي تلقي ضؤاً على علمه وزهده ومدى إحترام وتقدير أساتذته وزملائه له ..

منها ما يذكره السيد حسن الصدر في كتابه (تكملة أمل الآمل) حيث يقول : «السيد حسن إبن السيد علي آل إبراهيم العاملي .. كان فقيهاً كاملاً من تلامذة الشيخ المرتضى..»

في رسالة وجهها إليه السيد صدر الدين الصدر مع ولده السيد مهدي عندما عاد من النجف يخاطبه فيها بقوله : «عماد الشرف الرفيع وكهف العلم المنيع، العالم العامل والجامع لشتات الفضائل»

كذلك الشيخ محمود ذهب الظالمي أحد كبار المدرسين العرب يقول عنه بأنه العلامة المؤتمن سيدنا الأجل الأعظم السيد سيد حسن إبراهيم.

شيخ الشريعة الأصفهاني (فتح الله الغروي الشيرازي الأصفهاني) يصف السيد بأنه العلامة المؤتمن.

المعروف والمشهور من سيرة السيد حسن إبراهيم هو إحياؤه لمدرسة أنصار والتي شهدت إزدهاراً باهراً في عهده مما جعلها من أهم وأشهر مدارس جبل عامل في ذلك الزمان. ولكنه بالإضافة إلى مدرسة أنصار وقبلها أحيا مدرسة أبيه في النميرية التي كان من تلاميذها الشيخ سلمان ظاهر وولده السيد محمد والسيد مهدي قبل هجرتهما إلى النجف الأشرف. وكذلك أخوه السيد محمد إبن السيد علي إبراهيم الذي درس في النميرية في مدرسة أخيه السيد حسن وإنتقل بعدها إلى حناويه ليكمل دراسته عند تلميذ أبيه الشيخ محمد علي عز الدين.

إذاً لقد أشاعت هذه المدارس في بلاد جبل عامل جواً علمياً وأدبياً ساهم في النهضة العلمية الثانية التي شهدتها بلادنا بعد نكبة الجزار وأختم حديثي بهده الحكاية التي تلقي ضؤاً على تأثير المدارس الدينية على العوام من الناس..

(قصة أحد أبناء الدوير الذي كان يريد طلاق زوجته عند السيد حسن في أنصار).

حيث أن السيد لم يستجب لطلبه ويؤجل الأمر إلى مرة أخرى عله يعود فيصلح الأمر بينه وبين زوجته، ولكن الحالة كانت بين هذا الرجل وزوجته قد وصلت إلى وضع لا يطاق وليس من أمل في عودة المياه إلى مجاريها. وفي المرة الأخيرة وهو في طريقه إلى بيت السيد حسن إلتقى بأحد أبناء بلدة أنصار يحرث أرضه، وكان يعرف أحدهما الآخر، فقال له : ما بالك يا فلان تترد في هذه الأيام كثيراً على بلدتنا؟ فروى له حكايته مع زوجته وأن السيد قد رفض طلاقها .. فقال له : هلا أعلمك ما تصنع على أن لا تفشي أمري للسيد، قال نعم. فقال له : إذا دخلت إلى مجلس السيد فسلم على الجالسين ثم أنطق بصيغة الطلاق من غير أن تشاور أحداً في ذلك.

قل بمجرد أن تدخل وتسلم :«زوجتي فلانة طالق هي طالق». وعندما قام هذا الدويري بما علمه الأنصاري، قال له السيد رحمه الله : أنا متأكد أن أحد أبناء أنصار قد علمك على هذا الصنيع.. فهذه ليست شطارة أهل الدوير .. وهذه القصة تلقي الضؤ على تأثير المدرسة والحوزة الدينية في بلدة ما بحيث يشع تأثيرها على الفلاحين والأميّين من أبناء البلدة التي يعيش بين أبنائها عدد كبير من طلبة العلوم الدينية كما كان شأن أنصار في تلك الفترة المضيئة من تاريخها..

PA210042.JPG
PA210070.JPG
PA210106.JPG
PA210095.JPG
PA210135.JPG
Ball.psd
Ball.psd
Ball.psd

3- ينظم الملف مؤتمراً فكرياً حول العلامة الأديب واللغوي الكبير السيد محمد رضا فضل الله الحسني المتوفي سنة 1917م يشارك فيه بعض الشخصيات من لبنان والعراق وإيران والسعودية وذلك نهار الأربعاء الواقع في 25/ربيع الأول/ 1435 هـ .

Ball.psd
Ball.psd
Ball.psd

4 – إلتقى مسؤول الملف العديد من العلماء والشخصيات الفكرية في مقر الجمعية في بلدة أنصار.

Ball.psd
Ball.psd
Ball.psd

5 – زار المستشار الثقافي للجمهورية الإسلامية في بيروت حجة الإسلام والمسلمين الشيخ إبراهيم الأنصاري مقر ملف إحياء تراث علماء الشيعة في حزب الله في بلدة أنصار الجنوبية، وكان في استقباله م. الملف حيث تمّ إستعراض الأوضاع العامة في المنطقة والتراجع الفكري الهائل، ممّا جعل القوى الظلامية تأخذ حيزاً في أماكن مختلفة من عالمنا الإسلامي، وهذا ما يفرض علينا المزيد من العمل المتواصل لمواجهة هذه الأفكار المنحرفة التي لم تلحق الضرر فقط بأصحابها وإنما عمّ شرها كل المنطقة، ثم إتفق م. الملف مع المستشار الإيراني على التعاون في الأعمال الفكرية التي تهمّ المسلمين، كما إتفقا على أن يكون البدء بالنشاط الأول هو إقامة مؤتمر فكري حول العلامة السيد محمد رضا فضل الله في ربيع الأول القادم.

1-8 copy.psd

وهب لزوجته نصف ثواب

ما حصل عليه من العلم

إنه الشيخ رضا بن الشيخ زين العابدين بن الشيخ بهاء الدين الذي ينتهي نسبه إلى الشهيد الأول الشيخ محمد بن مكي الجزيني الذي استشهد على أيدي المماليك في جمادي الأول من سنة 786 هـ في دمشق.

وكان عالماً فاضلاً بالفقه والأصول وأستاذاً في الحوزة العلمية وتخرّج عليه العديد من الافاضل، ثم ذهب إلى (الهند) حيث كان علماؤنا يسكنون المناطق الأكثر حاجةً إليهم من دون الإلتفات إلى مصالحهم الخاصة وموطن راحتهم، فالعراق ولبنان والمناطق الأخرى مليئة بالعلماء وهناك مناطق نائية أكثر إلحاحاً إلى وجود أمثال هؤلاء الأجلاء.

وتوفي على رواية السيد الأمين في بلاد الهند ودفن فيها سنة 1289 هـ، وعلى رواية الشيخ الطهراني في الطبقات عاد من الهند وتوفي في النجف الأشرف ودفن في الصحن الشريف في 11 ذي الحجة 1269هـ.

ومن مناقبه، أنّه وهب لزوجته نصف ثواب ما حصل عليه من العلم وما صنّفه في هذا الطريق، وعندما سُأل كيف وهبت لزوجتك نصف ثواب هذا العمل؟ فقال: «كانت زوجتي تجلس في ناحية من الدار التي كنّا نسكن فيها، ولم يكن في ذلك الوقت إنارة متوفرة للمطالعة، فكانت رحمها الله تأتي بالقصب وتُسرج قصبة طويلة وتمدّها باتجاهي حتى أتمكّن من المطالعة، وعندما تحترق تُسرج أخرى وهكذا تبقى حتى أنتهي من مطالعتي أو يطلع الفجر».