بدوره عضو المجلس المركزي في حزب الله سماحة الشيخ حسن بغدادي ألقى كلمة قال فيها إن المحقق الميسي الذي بقي في جبل عامل شكّل بحضوره صلة الوصل بين مدرستين، بين مدرسة ذلك القائد الفذّ الذي أسس النهضة العلمية لجبل عامل الشهيد الأول الشيخ محمد ابن مكي الجزيني قبل 700 سنة والتي استمرت بأبنائه وتلاميذه وبالشيخ عبد العالي الميسي وبالمحقق الشيخ علي الميسي الذي استطاع أن يشيّد تلك المدرسة التي خرجت المئات من الفضلاء وفي مقدمتهم شيخ الشهداء في تلك المرحلة الشهيد الثاني الشيخ زين الدين الجباعي الذي سكن في بلدة ميس الجبل مدة ثماني سنوات حتى أصبح من الفضلاء، وبذلك كان المحقق الميسي صلة الوصل بين مدرستين بين المدرسة التي أطلقت النهضة العلمية وبين المدرسة التي ثبّتت هذه النهضة التي استمرت إلى القرن الثاني عشر وتوقفت ربع قرنٍ بسبب الوالي العثماني أحمد باشا الجزار ثم عادت إلى يومنا هذا ولا زالت.
وقد أشار رئيس إتحاد بلديات جبل عامل علي الزين خلال كلمة ألقاها إلى أنه في عصر المحقق الميسي كانت الفاتحة الإستراتيجية لعلماء جبل عامل في إيران مع المحقق الكركي، وحينها هاجر مئات العلماء العامليين إلى إيران في بداية العصر الصفوي ليشيّدوا النهضة العلمية والفكرية لإيران، وقد تمكنوا من توطيد دعائم مدرسة ومذهب أهل البيت في عموم الجمهورية الإسلامية في إيران.
ومن ثم قسّمت جلسات المؤتمر إلى جلستين:
وقد كانت الأولى برئاسة وإدارة الدكتور محمد كوراني
- حيث ألقى مسؤول وحدة المتون والدراسات في حزب الله سماحة الشيخ خليل رزق كلمة سلّط فيها الضوء على السيرة الذاتية والمدرسة الميسية للمحقق الشيخ علي الميسي، مشيراً إلى أن مدارس جبل عامل الدينية حلقة من السلسلة الذهبية لمدارس الشيعة الإمامية التي قدمت الخدمات الجليلة للإسلام، وهي الإمتداد الطبيعي لمدرسة آل بيت محمد (صلوات الله عليهم) من أول أيام الرسالة وإلى يومنا هذا.
وأوضح الشيخ رزق أن هذه المدارس قد تميّزت بالحيوية الدائمة وبالعطاء الخصب وبالنمو الذاتي المستمر الذي لا نجد له نظيرٌ في المدارس الأخرى أي من غير مذهب أهل البيت (ع) والتي تجمدت وتعطلت فكرياً وفقهياً عند مطلع زمني محدد أو عند آراء فقيهٍ معيّن لا يتميّز عن غيره بشيء، بينما مدارسنا وعلماؤنا استمروا في الحركة الإجتهادية.
- وبعدها ألقى عضو الهيئة العلمية في جامعة المصطفى العالمية سماحة الشيخ خالد الغفوي كلمة انطلق فيها من خلال بحث توثيقي ودراسة الآراء والمباني العلمية للمحقق الميسي الموجودة في كتب الفقهاء حيث أشار إلى أن الشيخ الميسي كان مجازاً من قبل المحقق الكركي، والإجازة بشكل أو بآخر تدل أو توحي إلى تتلمذ المجاز على المجيز عادة، لافتاً إلى أن أنهم صرحوا في الترجمه بأنه كان مجازاً تبركاً، وهذه الكلمة لها مغزاها الخاص، فالمستفاد منها عدة مفادات بعضها سلبي وبعضها الآخر إيجابي على صعيدين علمي وأخلاقي، فالمفاد السلبي هو استبعاد احتمال تلمّذ الميسي على يدي المحقق الكركي كما هو المتبادر في أذهان البعض، وأما المفاد الإيجابي على الصعيد العلمي كون المجاز ذا منزلة علمية قريبة من المجيز من ناحية ومن ناحية أخرى أنه يحوي بإذعان المجاز بالمنزلة العلمية للمجيز، وعلى الصعيد الأخلاقي فهو كونه المجاز متحلياً بالتواضع الكبير وهذه الظاهرة قليلة النظير في الأوساط العلمية كما لا يخفى على النبيه.
كانت الجلسة الثانية برئاسة وإدارة الدكتور مصطفى بزي
- حيث ألقى عضو هيئة الرئاسة في حركة أمل الدكتور قبلان قبلان كلمة انطلقت من عنوان " قراءة في موقع جبل عامل السياسي والإجتماعي في عهد المحقق الميسي" حيث أشار إلى أن مرحلة الشيخ الميسي كانت مرحلة علمية، والعلم هو أساس الوجود وكلمة الله الأولى، وكانت مرحلة شهادة الشهيد الثاني والشهادة درع الدين ودرب الكرامة والإستقرار، لافتاً إلى انه إذا عرفنا أن التشيّع كان عامّاً في بلاد الشام وأن أهم المدارس كانت في ميس ومشغره وشقرا وعيناثا وجزين وجبع وكرك وإذا تيقنا أن كثيراً من شيعة المنطقة تحوّل معتقدهم تحت ضغط القتل والتنكيل فنعرف أن هذه المدارس المذكورة استطاعت أن تبقى على تشيّعها ولم تتغيّر هويتها الدينية رغم ما عانته من اضطهاد، أي أن هذه المدارس الدينية كانت حامية للأوطان واستطاعت الصمود والإنتصار مما يعني أنه في أي بلد من بلدان المدارس العلمية حافظت هذه البلدات على رسالتها ولن تتخلّى عنها وهذا يؤكد دور هذه المدارس وعلى رأسها المدرسة الميسية وغيرها ودور روّاد الأوائل كالعلامة الشيخ الميسي.
- ومن ثم ألقى مسؤول التبليغ الديني في منطقة الجنوب الأولى في حزب الله سماحة الشيخ علي خشاب كلمة بحث فيها دراسة في الإجازات عند المتقدمين وتوثيق الإجازات الصادرة من وإلى المحقق الميسي حيث أشار إلى أن أهمية هذه الإجازة هي أننا نجد في القراءة والبحث والتدقيق والتحقيق والتنقيح جمع حيث جمع فيها بين توضيح المسائل وتنقيح الدلائل وإبراز العديد من النكات العلمية والمعرفية التي تتضمنها هذه النصوص الدينية بما يستفاد خلال الإجازات التي تقدّم للعلماء.
وقال إن الفوائد والناتج المترتب عن الإجازات هي التشرف التبرك بالدخول في سلسلة الروات وصيانة وحفظ الروايات عن القطع وحدث الإرسال في سندها إلى عصرنا الحالي، تراجم العلماء وبيان مناقبيتهم وتوثيقهم كونهم الحاملين للأحاديث المروية عن أئمة أهل البيت (ع)، كما وأنها تتضمن العديد من صفات التلاميذ والأساتذة وألقابهم العلمية من قبل مجيزين، وأيضاً معرفة الزمان والوقائع والأحداث التي يستفاد منها كما حصل مع الشهيد الاول والثاني، والإجازة تعد أيضاً هي الوراثة الشرعية من هذا النوع في الموضوعات على المستوى العلمي والروائي والعقادي والفقهي وما شابه وتمنع الوضاعين وكشف تدليساتهم في السنة النبوية الشريفة.