قدّم له ما عنده من مال هدية  بمناسبة زواجه، فجاع هو وعائلته

20/10/2020

قدّم له ما عنده من مال هدية بمناسبة زواجه، فجاع هو وعائلته

هذا ما فعله الشهيد السعيد العلامة السيد عباس الموسوي (طاب ثراه)، عندما كان في النجف الأشرف، في سبعينيات القرن الماضي، حيث كان يُدرّس العديد من الطلاب اللبنانيين ويُشرف على إدارة شؤونهم، ومنهم المرحوم سماحة الشيخ محمد خاتون.

 وفي سنة 1976م، تزوج الشيخ محمد خاتون، وكان لابُدّ أن يُقدّم له السيد هدية زواج، فدفع له جميع ما عنده، ظناً منه أنه بحاجة إلى مساعدة، وهو في حالة انتقال إلى منزل، ويحتاج إلى أثاث وهناك متطلبات للزواج. وعندما دفع إليه ما يملك من مال، لم يكن يُفكّر بعائلته، فهو لا يرى إلا قضاء حاجة أخيه المؤمن، وخصوصاً أنه طالب علم، وهذه من الأعمال المُقرّبة إلى لله عز وجل. هذا النمط من السلوك والتفكير، لم يقم به السيد عباس، لأنه عالم دين، أو لأنّ طالب العلم يستحق المساعدة فقط، فالدافع لهذا العمل، كان الصفاء الذي وصل إليه، والمقام السامي في عالم الأخلاق، هو الدافع لأن يدفع ما في جيبه لأخيه المؤمن، فالسيد عباس في هذه اللحظات نسي نفسه ونسي عائلته، فإدخال السرور على قلب أخيه المؤمن، هو مدعاة لمرضاة الله تعالى والقُرب منه. لكن عندما عاد إلى المنزل، لم يجد معه ما يصرفه على عائلته، والحياة في النجف قاسية وطالب العلم يعيش يوماً بيوم، إذ لا يوجد ما يُموّله لعائلته. وهنا ينقل الأخ الشيخ محمد كوثراني، هذه القصة، نقلاً عن المرحوم السيد عباس، أنه قال لهم: وبينما نحن في حالة جوع ولا نعرف ماذا نفعل, والكرامة ترفض أن نمدّ يدنا إلى أحد، ولكن على قاعدة (من يتق الله يجعل له مخرجاً)، وإذ بالباب يُطرق، ففتحنا الباب، وإذ بأحد الأشخاص، يحمل صينية كبيرة، فيها أنواع من الطعام، فبقينا نأكل منها عدة أيام.

 هذه الروحية لم تُفارق السيد عباس حتى بعد رجوعه إلى لبنان، كان دائم العطاء، من دون أن يُفكّر بنفسه وبعائلته، وكان في أكثر الأحيان يصرف حتى راتبه الخاص على الفقراء، وتبقى عياله من دون مصرف، وهناك حكايات كثيرة عن السيد عباس تُظهر زهده إلى حد نسيانه لعياله وأطفاله، وقد نقل لي الأخ السيد يوسف عباس، وكان يعمل في مكتب سماحة السيد، عندما كان أميناً عاماً لحزب الله: أنّ نجله السيد ياسر، كان صغير السن، وكان يُلحّ على والده بطلب شيء، والوالد السيد يقول له: إصبر، هنا تدخّل السيد يوسف معه وسأله: ماذا تريد من الوالد؟ فقال له السيد ياسر: (أمي تريد أن تطبخ وما عَمْ يعطيني مال، ويقول لي: إصبر)، هنا دفع له السيد يوسف وقال له: لا تُخبر السيد.

 هذه الروحية عند السيد عباس، لم تختلف معه عندما كان في النجف، أو عندما عاد إلى لبنان، ولا حتى عندما صار أميناً عاماً للحزب، فبقي السيد عباس كما هو لم يتغيّر، فالصفاء والطيبة والإخلاص، وحب الناس، وخدمتهم، لم تختلف من مرحلة إلى مرحلة، بل كان كلّما ارتقى عند الناس درجة، زاد من تواضعه ومن صفائه، فهو يرى الخلق عيال الله وأقربكم إليه أنفعكم لعياله.

مقتطف من كتاب مناقب وكرامات علماء جبل عامل، الجزء الأول، من

تصنيف العلامة الشيخ حسن البغدادي العاملي.

 

اخبار مرتبطة