العلامة المصلح الإمام السيد عبد الحسين شرف الدين (طاب ثراه)

22/03/2016

العلامة المصلح الإمام السيد عبد الحسين شرف الدين (طاب ثراه)

العلامة المصلح الإمام
السيد عبد الحسين شرف الدين (طاب ثراه)
(في ذكرى ولادته المباركة)
كانت ولادته في جمادى الثاني من سنة 1290هـ، وذلك في (الكاظمية) من بغداد في منزل جدّه لأمه السيد هادي الصدر الذي كان إماماً للمنطقة ومرجعها.
نشأ السيد المقدّس في بيت علم ومعرفة وزهد وتقوى، فوالده ذلك العالم الفاضل الزاهد السيد يوسف شرف الدين، ووالدته الفاضلة كريمة العلامة الكبير السيد هادي الصدر، فأخذ السيد عبد الحسين عنهما حبّ التدين وتعلم أصول الدين وفروعه، وكان والده المعلم الأول له، فقرأ عليه مبادئ العلوم العربية ثم المقدمات، وكان والده يهتم به كثيراً، وكأنه كان يعرف أنّ لهذا الولد مستقبلاً ينتظره، وإنه سيصبح أحد الأعمدة في جبل عامل.
غادر السيد شرف الدين جبل عامل إلى النجف الأشرف ليكمل على أساطين الحوزة العلميّة، فدرس على كبير فقهاء العرب الشيخ محمد طه نجف، وعلى صاحب الكفاية في الأصول محمد كاظم الخراساني، وعلى شيخ الشريعة وغيرهم من المراجع.
بقي في النجف اثنتي عشرة سنة منكباً على الدرس والتحصيل، حتى قرّر العودة إلى جبل عامل حاملاً معه شهادات من هؤلاء الأعلام تُظهر مكانته العلمية والإجتماعية، ومما جاء في شهادة الشيخ محمد حسن نجف وعليها فقس بقية الشهادات: السيد عبد الحسين شرف الدين العاملي أعزّ الله به الإسلام وأهله، فإنّه من أعلام الهدى، بلوته فوجدتُه ذا ملكةٍ قدّسية في استنباط الأحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية، فإذا هو مصداق الرجل الذي عناه الإمام أبو عبد الله الصادق (ع) بقوله: انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئاً من قضايانا حديثنا، فاجعلوه بينكم، فإني جعلته قاضياً لتحاكموا إليه.
وفي حديث آخر عنه (ع): فارضوا به حَكماً فقد جعلته عليكم حاكماً، فإذا حكم بحُكم فمن لم يُقبلْ منه، فإنما بحكم الله استخف، وعلينا ردّ والرادّ علينا رادّ على الله، وهو على حد الشرك بالله عز وجل.
عاد السيد شرف الدين إلى جبل عامل سنة 1322هـ، فاستقبله العلماء والأعيان وأهالي جبل عامل واستبشروا بقدومه.
سكن في البداية قرية أبائه وأجداده (شحور) قبل أن يُقرر السكن في (صور) وهو قرّار صائب حيث استطاع (قده) أن يحولها إلى مدينة يصدر منها القرار والموقف في جبل عامل، وخصوصاً أن السيد شرف الدين يمتلك القدرة على المبادرة، وهذه ميّزة في العمل تُسجّل له.
استطاع السيد عبد الحسين من خلال علمه وشجاعته وحكمته أن يتحول إلى أحد الأعلام على صعيد المنطقة وليس (جبل عامل) فقط، فتصدّى للشأن التبليغي وللتصنيف، ولمواجهة الإحتلال الفرنسي ودعا إلى التقريب بين المذاهب الإسلامية.
فكان شيخ الوحدة والتقريب ومواقفه تشهد على ذلك، وخصوصاً كتاب (المراجعات) الذي كان حوار بينه وبين شيخ الأزهر، وتصدّيه لمواجهة الإنتداب الفرنسي ومؤتمر وادي الحجير الذي انعقد يوم السبت في 24 نيسان من سنة 1920م يشهد على مواقفه الجريئة والمتقدمة، وكيف استطاع المؤتمر أن يضع حداً للفتنة الطائفية التي أرادها الفرنسي بين المسيحيين والمسلمين.
كما رعى المقاومة ودعمها وأعطاها غطاءً شرعياً من خلال دعوة قادة المقاومة للمشاركة بالمؤتمر، حيث حضر أدهم خنجر وبزي وصادق حمزة ومعهم عشرات المقاتلين.
وحمل المؤتمرون رسالة إلى الملك فيصل بدعوة لحماية جبل عامل، وضمه إلى سوريا.
وبتقديري لو لم يكن إلّا خطاب الإمام شرف الدين في ذلك الوادي في العلماء والأعيان والناس والمقاومين لكان كافياً في إعلان الصرخة المدوّية في وجه المحتل.
أردنا في مناسبة ولادته المباركة أن نتذكره في هذه الكلمات القليلة التي تحاكي تلك الشخصية الفذة، التي لا زالت حاضرة فينا في كل المحطات التي قادها (قده).

اخبار مرتبطة