ندوة القدس في بعديها العالمي والإسلامي

12/09/2014

ندوة القدس في بعديها العالمي والإسلامي

صور ندوة القدس



نظّمت جمعية الإمام الصادق (ع) لإحياء التراث العلمائي ندوة فكرية في ذكرى يوم القدس العالمي تحت عنوان

"القدس في بعديها العالمي والإسلامي من خلال منهجية وقراءة سماحة الإمام السيد موسى الصدر (أعاده الله)"

حضر الندوة عضو المجلس المركزي في حزب الله سماحة الشيخ حسن بغدادي، وإمام مسجد القدس في صيدا سماحة الشيخ ماهر حمود، ومستشار الامين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية الشيخ د. محمد مهدي التسخيري، وحشد من العلماء والفعاليات الإجتماعية.

ندوة القدسفي البداية كلمة الجهة المنظمة لسماحة الشيخ حسن بغدادي وممّا قاله: في ذكرى يوم القدس العالمي الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك التي أعلنها الإمام الراحل السيد علي الخميني (قدس سره) لا بدّ وأن نتطرّق إلى مكانة القوة المستنهضة والفاعلة في هذه الأمة ولا شك أن القدس والمسجد الأقصى الأكثر حضوراً في مناهج وأفكار وخطاب العلماء الأعلام وبعض المفكرين منذ عشرات السنين وحتى قيام الدولة العبرية على أرض فلسطين فالإمام السيد عبد الحسين شرف الدين كان في طليعة تلك النخبة التي حذّرت من قيام الدولة العبرية ورسائله المنبّهة من هذا الخطر القادم إلى الرؤساء والشخصيات لازالت مدونة وحاضرة.

وأضاف الشيخ بغدادي: أنّ القدس ليست قضية تخص الشعب الفلسطيني لوحده، أو أرضاً متنازع عليها مع دول الطوق، بل هي قضية الإسلام كله مع الشرك كله، أيها السادة لقد تزامن هذا العام مناسبة يوم القدس مع ذكرى إخفاء السيد موسى الصدر عن ساحة جهاده والذي يعتبر أحد أبرز المتصدّين لمشروع إحتلال القدس ومن المحذرين من استمرار هذا الكيان الغاصب، ومن العاملين بجد قولاً وعملاً على مواجهته بالسياسية والتعبئة العامة واستنهاض مكامن القوة وحمل السلاح في وجهه في زمن الغربة، يوم عزّ الناصر فخرج ثلّة قليلة من الرجال الرجال، صارخاً كجد الحسين (ع) في كربلاء "هل من ناصرٍ ينصرنا؟"، فتآمروا عليه ولكنهم فشلوا وخسئوا، فالمقاومة التي أطلقها نمت وتعاظمت فأدخلت الرعب إلى قلب هذا الكيان وإلى حماته، فكانت الإنتصارات وكان توازن الرعب، جاء الإمام الصدر إلى لبنان ليكمل دور الراحل الكبير القائد السيد عبد الحسين شرف الدين وليكون على مقربة من الحدود المصطنعة من هذا المكان الغاصب، لإيجاد قاعدة مناهضة تصلح لتكون المحور الذي يجتمع حوله الأحرار.

واعتبر الشيخ بغدادي: أن قادة الصهاينة كانت تخشى من قيام كيانٍ إسلامي معادٍ لهم في المنطقة، فإن قادة الأمة الإسلامية هم أكثر خشيةً وقلقاً على منطقتهم من بقاء هذا الكيان الإسرائيلي الغاصب، هم أكثر قلقاً من نفس هؤلاء وحتى يستطيع هؤلاء القادة من مواجهة هذا الخطر الدولي وليس المحلي، كان لا بدّ من جمع الأمة على قضيةٍ إسلامية ووطنية فكانت القدس والمسجد الأقصى لهذا نجد الإمام الصدر يخاطب العالم الإسلامي ويقول لهم "إنّ قضية فلسطين ليست قضية الشعب الفلسطيني وإنما هي قضيتكم جميعاً ومسؤوليتكم الشرعية والوطنية.

وأكّد الشيخ بغدادي: أن المقاومة أصبحت رأس الحربة في مواجهة الصهاينة ومشروعهم الذي يعملون دائماً على استهدافه فعمدوا على استهداف المقاومة من خلال الحرص عليها عندما أطلقوا عنوان أن (العين لا تقاوم المخرز) قلنا لهم: (أنتم المخرز ولكننا لسنا عين).

ثمّ ألقى الشيخ ماهر حمود كلمة وممّا جاء فيها:
ثمّ عرض مستشار الامين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية الشيخ د. محمد مهدي التسخيري بحثاً وممّا جاء فيه: فقال "ان الحديث عن الامام موسى الصدر ونهجه الوسطي في المجتمع الانساني والاسلامي هو حديث عن المؤمن المهاجر المجاهد المقاوم الذي سعى في سبيل الله ونجاة الانسان من الظلم والظلمات وهدايته نحو العدل والنور لتسود روح السلام في الارض تحت راية الاسلام واعلاء كلمة الله فيها".

مشيرا لسبب اختيار هذا البحث ،بداية من خلال المقام العلمي للامام الصدر كان يحتم عليه أن يحمل الرسالة السماوية من اجل الدفاع عن حقوق المستضعفين والمحرومين في العالم. واصفاً إياه بالعالم، والاستاذ إذ "قال عنه عظماء عصره بانه يمتاز عن الآخرين بعلمه واخلاقه و ذكائه وسرعة الادراك والاستيعاب مع ادراك متطابق للفطرة، و كان باحثاً عن روح الحقيقة وتميز بالقدرة على البيان فكان بيانه واضحاً خالياً من التعقيد وكان عالماً فقيهاً، ومحاوراً مؤثراً وسياسياً محنكاً ، لايخاف في الله لومة لائم". مستعرضاً لأقوال كبار السياسيين وعلماء الدين ابرزهم للرئيس اللبناني الاسبق فؤاد شهاب الذي قال :«لو كان هذا الرجل مسيحياً لقدّسه المسيحيون . يجب دعم هكذا رجال بكل ما نملك من قوة » وقول الرئيس جمال عبد الناصر: « ليت جامعة الأزهر تملك رئيساً كالسيد موسى الصدر» عدا احترامه ومحبته الحميمة لقائد الثورة الاسلامية و مؤسس الجمهورية الاسلامية الايرانية « الامام الخميني» سواء في المجال الثقافي وفي كتاباته أو في مساعداته وتعاونه مع المناضلين الايرانيين لمدّة طويلة".

بعدها تحدث عن القدس الشريف "والتي هي اولى القبلتين وثالث الحرمين للمسلمين، لها منزلة مقدسة عند سائر الناس على اختلاف عقائدهم، لايذكر مكان مقدس لبلد بعد مكة والمدينة يرتفع الى التقديس عند المسلمين كالقدس" قائلاً :"لسنا نقدس احجاراً ولانعبدها ولانمجد بنياناً يتغير و يتبدل على مرّ السنين، ولكننا نقدس ما قدسه الله، مدينة تزهو على كل المدائن، وبلداً باركه الله في الدنيا، وجعل فيه من دواعي التبريك والتقديس أنبياء برره، ورسلاً هداة، وصخرة مقدّسة، ومسجداً طهوراً وغاية اسراء لأكرم الانبياء والرسل محمد(ص)، منطلق معراج له الى السموات العلى، ومهبط رسالة عيسى (ع)، وارض نجيع دم ذكي لشهيدبر، ومصدر بطولات و ذكريات عزيزة صلى اليها المسلمون قبلة أولى، حرص المسلمون على قدسيتها، وبذلوا أرواحهم في سبيل انقاذها يوم دنسها الغربيون الفرنجة باحتلالها".

ليأتي بعدها الحديث عن دور العلماء الذين يرثون دور الانبياء (العلماء ورثة الانبياء )والذين هم ائمة البشرية في مجال الاصلاح والهداية والتغيير، ليسرد كيفية توجه الإمام الى ارض الانبياء والرسل من اجل انقاذ انسانها من الحرمان والعذاب والسعي الى تأسيس سدّ منيع و مرصوص للوقوف امام الصهيوني المتغطرس ـ الذي كاد أن يبتلع الاراضي والدول الاسلامية الواحدة تلو الآخرى. متوجهاً الى لبنان تاركاً خلفه كل ما يطمح اليه المتعلم والاستاذ في الحوزات العلمية الموقرة ، طموح الطلبة في الحوزات ان يتعلم العلوم الانسانية والدينية من نحو وصرف، منطق و بلاغة و فقه واصول و ليكون استاذاً بارعاً في الحوزة أو ليتحول بعد عشرات السنين الى مرجع ديني يشار اليه بالبنان و يقصد ويحج اليه من كافة اقطار العالم الاسلامي لزيارته والاستفادة من آرائه و فتاواه، ويقصد من وراء ذلك القربة الى الله تعالى بتعليمه وتدريسه واصدار الفتوى من اجل الاجابة على اسئلة الناس الشرعية في مجالها الفردي والاجتماعي.

وكان قد عرض لمسيرة الإمام الصدر الإنسانية التي كان أهم أسبابها الدول التي زرعها الاستكبار بعد سقوط الدولة العثمانية و التي أ‌نتجت حكومات هزيلة وتابعة للقوى العظمى الشرقية والغربية وتخلف وتراجع في جميع مجالات الحياة ،كذلك اشعال النعرات الطائفية والقومية والعنصرية بين حين وآخر وهيمنة الدول العظمى الشرقية والغربية على منطقة الشرق الاوسط بالإضافة الى تشكيك المجتمع الاسلامي بهويته والبحث عن بديل ينقذ الامة من حالة الهزيمة والانبطاح و الافلاس في جميع المجالات. واستبسال الكيان الصهيوني و تفرده و انتشار الامية والفقر، والبطالة وعدم الالتزام بالقيم الاسلامية السامية .

وقال "في ظل الظروف المذكورة انطلق الامام موسى الصدر ليقود مسيرة انسانية اتخذ من لبنان موقعاً لها ليحارب الظلم والاضطهاد والحرمان الى جانب اهله واخوته و مواطنيه شيعة و سنة و مسيحين ، حاملاً الرسالة الى كل العالم متنقلاً من بلدٍ الى بلد في خطاباته و بياناته و مقابلاته وحواراته مدافعاً عن القضية الفلسطينية باعتبارها نموذجاً بارزاً في صراع الحق الانساني والباطل الصهيوني الذي تجاوز كل القيم والاعتبارات و لم يعر اهتماماً لكل القرارات الدولية والمنشادات البشرية في العالم. سارداً لمنهج الإمام الصدر الذي شرع الى ازالة الحرمان ـ الذي كان يهيمن على شريحة واسعة من الشعب اللبناني ـ مستفيداً من كل الوسائل المتاحة له من جامعات و مراكز ثقافية و ندوات و مساجد ومدارس للالتحام بالشباب المثقف، و في فترة وجيزة استطاع ان يستقطب ثلة مؤمنة من الشباب المسلم والمسيحي، و قدحول كل هذه المراكز الى متاريس مرصوصة و منيعة لمقارعة الحرمان الثقافي و استرجاع الهوية الانسانية والاسلامية" . وقام بانشاء المراكز التعليمية و التربوية والاقتصاديةالمتنوعة من حوزات ومؤسسات مكافحة للأمية واندية رياضية وتعليمية التي كان لها الأثر المحسوس في تحسين الاوضاع المعيشية ، والخطوة الأساسية هي تأسيس « المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى» للقيام بدور الدفاع عن الحقوق المهدورة أو المنسيّة . الأمر الثاني هي القضية الفلسطينية " بعد أن تخلى حكام العرب عن الفلسطينيين وتراجعوا امام الكيان الصهيوني برغبة منهم او طلب من اسيادهم واهمال القضية الفلسطينية و نسيانها و اهلها وبعد واقعة أيلول الاسود عام ١٩٧٠م والتي أدت الى قتل الآلاف من الفلسطينيين في مخيمات الاردن ونزوح ما تبقى منهم الى لبنان، تصدى الامام الصدر لاستقبالهم واحتضانهم في الجنوب اللبناني و وضع كل الامكانات اللازمة للحفاظ عليهم و دعم مقاومتهم الباسلة ضدالكيان الصهيوني الغاصب للارض الفلسطينية". قائلاً "ما كان موقف الامام الصدر الاّ الدفاع عن المشرّدين في كل لقاءاته وخطبه لتفويت الفرصة امام العدو الاسرائيلي وفسح المجال للقادة الفلسطينيين لمواصلة السعي في طرح قضيتهم امام العالم للاعتراف بها". كذلك عمل على ترشيد مشروع المقاومة التي هي مشروع اسلامي وانساني وقيمة وسلوك وفكر وتطبيق وجهاد واجتهاد لدى الامام الصدر و لايمكن العيش في عالم يسعي فيه الاقوياء والمستكبرون للسيطرة على مقدرات الامة دون ان ينصتوا الى صوت العدل والانسانية .وقال "لقد سطر ابناء الامام موسى الصدر وتلامذته ملاحم لم يشهد التاريخ العربي والانساني مثلها، وهم اليوم وتحت لواء سيد المقاومة وامين عامها ينتهجون مسيرة التحرير ويطردون الغزاة المحتلين من ارض لبنان الإباء كما كانت هي أُمنية الامام الصدر ويساندون المقاومين المؤمنين في فلسطين الإباء في انتفاضتهم العارمة المتقدمة نحو القدس شيئاً فشئ لسحق الكيان الصهيوني المتغطرس، وقد لقنوا الصهاينة درساً لاينسى وعلموا العالم دروساً اصبحت مناراً لكل المقاومين في العالم العربي وأسسوا لصحوة اسلامية شاملة اخذت تطيح بطواغيت العصر وفراعنتها و تتقدم لمحاصرة اسرائيل جرثومة الفساد والغدة السرطانية المزروعة في الجسد الاسلامي وازالتها كليّاً" .


خاتماً بالقول :" ان انتفاضة الشعوب العربية في الوطن العربي والحشود المليونية التي تجتاح الشوارع وميادين البلاد العربية في تونس و مصر واليمن والبحرين و ليبيا. ليست الاّ ثمرة من ثمار مقاومة الأباة والرواد الذين ضحوا بكل مالديهم من اجل استعادة الامة الاسلامية موقعها الطبيعي لتكون الاسوة بصناعة حضارة اسلامية معاصر ومتعددة الشُعب والاتجاهات والمذاهب، تؤمن بالتعايش السلمي بين ابناء المذاهب الاسلامية و الديانات السماوية".

اخبار مرتبطة